×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة : السيارات نعمة فاشكرها

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:8901

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ؛ شَهَادَةَ حَقٍّ تُنْجِي قَائِلَهَا مِنَ اَلنَّارِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِه، وَمَنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّين 

أمَّا بَعد:

فَاتَّقُوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، اِتَّقُوُهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ حَقَّ تَقْوَاهُ، تَفُوزُوا بِكُلِّ مَا تُؤَمِّلُونَهُ مِنْ عَطَايَا: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًاالطلاق: 4، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُالطلاق: 2- 3 أَلاَ وَإِنَّ مِنْ تَقْوَىَ اَللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَشْكُرَ اَلْعَبْدُ اَللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى نِعَمِهِ، فَاُشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ اَلْجَزِيلَةِ وَأَثْنُوا عَلَيْهِ بِهَا خَيْرًا، وَاعْلَمُوا أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّكُمْ بِفَضَائِلَ دُونَ سَائِرِ خَلقِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ الإسراء: 70 ؛ فَضَّلَ اَللَّهُ اَلْإِنْسَانَ وَكَرَّمَهُ وَأَعْطَاهُ وَخَصَّهُ، وَأَجْزَلَ مِنَنَهُ عَلَيْهِ؛ فَحَقُّهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ أَنْ يُشْكَرَ عَلَى نِعَمِهِ.

وَكَانَ مِمَّا عَدَّدَ مِنْ أَوْجُهِ اَلتَّكْرِيمِ وَالْإنْعَامِ أَنْ حَمْلَكُمْ فِي اَلْبَرِّ وَالْبَحْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِالإسراء: 70؛ فَمِنْ أَوْجُهِ تَكْرِيمِ اَللَّهِ لِعِبَادِهِ مَا يَسَّرَهُ لَهُمْ مِنْ اَلْمَرَاكِبِ اَلَّتِي يَنْتَقِلُونَ بِهَا إِلَى سَائِرِ اَلْجِهَاتِ، وَيْبلُغُونَ بِهَا اَلْغَايَات، وَيُدْرِكُونَ بِهَا مَصَالِحَ اَلْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ؛ قَالَ اَللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا -: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَالزخرف: 12- 14 .

جَاءَ فِي صَحِيحِ اَلْإِمَامِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بنِ عُمَرْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَوَىَ عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُون»مسلم ح(1342)ثُمَّ ذَكَرَ دُعَاءَهُ - صَلَّى الله عليه وسلم - في السَّفَرِ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنْ اَلنِّعَمِ اَلَّتِي يَسَّرَهَا اَللَّهُ تَعَالَى لِأَهْلِ هَذَا اَلْعَصْرِ، مَا يَسَّرَهُ لَهُمْ مِنْ وَسَائِلِ اَلنَّقْلِ اَلْحَدِيثِ مِنَ اَلسَّيَّارَاتِ وَالطَّائِرَاتِ وَغَيْرِهَا اَلَّتِي يَبلُغُونَ بِهَا غَايَتَهُمْ وَتَنقِلُهُمْ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، يَنْتَقِلُونَ بِهَا وَيَحْمِلُونَ أَثْقَالَهُمْ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ.

لَمْ يَكُونُوا لِيُدْرِكُوا ذَلِكَ إِلَّا بِفَضْلِ اَللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَإِنْعَامِهِ وَتَيْسِيرِهِ، فَحَقُّ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ أَنْ تُشْكَرَ وَأَنْ تُسَخَّرَ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَمَا يَنْفَعُ اَلْعِبَادَ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنْ اَلنَّاسِ مَنْ أَسَاءَ اِسْتِعْمَالَ هَذِهِ اَلْمَرَاكِبَ، فَسَخَّرَهَا فِيمَا يُلْحِقُ اَلضَّرَرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَمْ يُحْسِنْ اَلتَّصَرُّفَ فِيهَا، مِنْ اَلنَّاسِ مَنْ يَقُودُ هَذِهِ اَلْمَرَاكِبِ وَالسَّيَّارَاتِ بِسُرْعَةٍ فَائِقَةٍ دُونَ مُرَاعَاةٍ لِحُقُوقٍ وَلَا حِفْظٍ لِأَنْظِمَةٍ، وَلَا مُرَاعَاةٍ لِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحِفْظِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَسَائِرِ شَأْنِه، فَلِذَلِكَ يَقَعُ بِهَذَا اَلتَّفْرِيطِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَشَرٌّ كَبِيرٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُودُ هَذِهِ اَلسَّيَّارَاتِ غَيْرِ مُبَالٍ بِأَنْظِمَةِ اَلْمُرُورِ وَالسَّيْرِ، وَهُوَ غَيْرُ مُبَالٍ بِأَرْوَاحِ اَلنَّاسِ وَمُمْتَلَكَاتِهِمْ، تَهَوُّرًا وَاسْتِهْتَارًا، طَيْشًا وِخْبَالَا، يَنْتُجُ عَنْهُ مَآسٍ فَادِحَةٌ وَفَوَاجِعُ مُتَوَاصِلَةٌ وَحَوَادِثُ مُرَوِّعَةٌ، ذَهَبَ بِسَبَبِهَا كَثِيرٌ مِنَ اَلْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ، ضَرَرٌ عَلَى اَلْأَفْرَادِ وَعَلَى اَلْأُسَرِ وَعَلَى اَلْمُجْتَمَعِ وَعَلَى اَلدَّوْلَةِ.

فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ وَاحْفَظُوا هَذِهِ اَلنِّعْمَةَ بِشُكْرِ اَللَّهِ عَلَيْهَا وَوَضْعِهَا فِيمَا يُرْضِي اَللَّهَ تَعَالَى عَنْكُمْ، وَارْعَوْا هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ حَقَّ رِعَايَتِهَا، خُذُوا أَسْبَابَ اَلنَّجَاةِ مِنْ اَلْمَخَاطِرِ، فَهَذِهِ اَلسَّيَّارَاتُ فِيهَا مِنَ اَلْمَهَالِكِ وَالْمَعَاطَبِ إِذَا لَمْ يُحْسَنْ اِسْتِعْمَالُهَا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ.

وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا نَفَرَ بِأَصْحَابِهِ وَهُمْ عَلَى إِبِلٍ وَدَوَابٍ تَمْشِي عَلَى اَلْأَرْضِ، خَطَرُهَا مَحْصُورٌ مَحْدُودٌ كَانَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «السَّكِينَةَ، السَّكِينَةَ»مسلم ح(1218),وَيُشيُرُ بيَدِهِ ثُمَّ يَقُوُلُ: «إِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاع»البخاري ح(1671), والإيضاع: هُوَ حَمْلُ اَلدَّابَّةِ عَلَى إِسْرَاعِهَا فِي اَلسَّيْرِ وَكَانَ هَذَا فِي تَوْجِيهِهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرِهِ.

وَأَمَّا فِي نَفْسِهِ فَكَانَ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمْسَكَ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ لِئَلَّا تَنْطَلِقَ فَتُؤْذِي أَحَدًا.

فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اَلْمُؤْمِنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقِيَادَتِهِ لِمَرْكَبَتِهِ أَوْ سَيَّارَتِهِ؛ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا اَلنَّحْوِ مِنْ اَلتَّحَوُّطِ وَالِاحْتِيَاطِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِه، بِالْتِزَامِ أَنْظِمَةِ اَلسَّيْرِ وَالْمُرُورِ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ خَيْرًا عَظِيمًا، فِيهِ حِفْظُ اَلْأَنْفُسِ، فِيهِ حِفْظُ اَلْأَمْوَالِ، فِيهِ تَوَقِّي اَلْأَخْطَارِ، فِيهِ طَاعَةُ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ بِطَاعَةِ وُلَاةِ اَلْأَمْرِ اَلَّذِينَ سَنُّوا تِلْكَ اَلْأَنْظِمَةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى اَلْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ.

فَاتَّقُوا اَللَّهَ أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ، وَاشْكُرُوهُ -جَلَّ فِي عُلَاهُ- بِالسَّيْرِ عَلَى نَحْوِ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ، سِيرُوا عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْنًا غَيْرَ مُتَكَبِّرِينَ وَلَا مُتَعَدِّينَ وَلَا خَارِجِينَ عَمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ اَلْمُؤْمِنُ مِنْ عِبَادِ اَللَّهِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْنًا لَا يَبْغُونَ اِعْتِدَاءً وَلَا ظُلْمًا.

اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، خُذْ بِنَوَاصِينَا إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، أَقِمْنَا عَلَى اَلْجَادَّةِ، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ سَيِّئَةٍ، أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ، وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ.

 

***

الخطبة الثانية:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدَ اَلشَّاكِرِينَ، لَهُ اَلْحَمْدُ كُلُّهُ أَوْلُهُ وَآخِرُهُ، ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ.

أمَّا بَعد:

فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقَوُا اَللَّهَ تَعَالَى حَقَّ اَلتَّقْوَىَ كَمَا أَمْركُمْ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَآل عمران: 102 .

أَيُّهَا اَلْمُسْلِمُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ قَائِدَ اَلْمَرْكَبَةِ مَسْؤُولٌ مَسْؤُولِيَّةً كَامِلَةً عَنْ مَرْكَبَتِهِ فِي سَيْرِهَا وَمَا يَنْجُمُ عَنْهَا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْذِيَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ، وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَعْيٍ تَامٍّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَرْكَبَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِدًا أَوْ كَانَ مَالِكًا، فَإِنْ كَانَ مَالِكًا فَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ اَلْمَرْكَبَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِالْقِيَادَةِ وَمِمَّنْ يُحْسِنُ اِسْتِعْمَالَ هَذِهِ اَلْمَرْكَبَةِ، وَأَمَّا إِنَّ كَانَ قَائِدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ اَلْأَنْظِمَةَ، وَأَنْ يَكُونَ بَعِيدًا عَنْ كُلِّ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ أَدَاءِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي قِيَادَتِهِ؛ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى وَعْيٍ تَامٍّ فِي قِيَادَتِهِ لِمَرْكَبَتِهِ، وَأَلَّا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ يُؤَثِّرُ عَلَى رُؤْيَتِهِ وَتَرْكِيزِهِ أَثْنَاءَ اَلْقِيَادَةِ؛ فَإِنَّ اِنْشِغَالَهُ سَيُؤَثِّرُ حَتْمًا عَلَى قِيَادَتِهِ، وَقَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾الأحزاب: 4 .

وَأَثْبَتَتْ اَلدِّرَاسَاتُ وَالتَّجَارِبُ أَنَّ نِسْبَةَ اَلْحَوَادِثِ، عِنْدَمَا يَنْشَغِلُ اَلْإِنْسَانُ بِاسْتِخْدَامِ اَلْهَاتِفِ اَلْجَوَّالِ عَلَى سَبِيلِ اَلْمِثَالِ تَتَضَاعَفُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عَمَّن

من لَا يَسْتَخْدِمُهُ، وَأَنَّ اَلْقِيَادَةَ أَثْنَاءاِسْتِخْدَامِ اَلْهَاتِفِ تُعَادِلُ اَلْقِيَادَةَ تَحْت تَأْثِيرِ اَلْمُسْكِرِ وَالْكُحُولِ، وَالسَّبَبُ وَاضِحٌ وَهُوَ غِيَابُ اَلْعَقْلِ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ قِيَادَةٍ، وَعَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ سَيْرٍ فَلَا يُرَاعِي أَنْظِمَةً وَلَا يَحْفَظُ أَنْفُسًا وَلَا يَتَوَقَّى ضَرَرًا، فَهُوَ مَشْغُولٌ بِجِهَازٍ قَدْ حَنَا رَأْسَهُ عَلَى جَوَّالِهِ لَا يَرَى طَرِيقًا وَلَا يُبْصِرُ سَبِيلاً؛فَاسْتِخْدَامُ اَلْهَاتِفِ أَثْنَاءَ اَلْقِيَادَةِ يَنْتُجُ عَنْهُ عَدَمُ اِنْتِبَاهِ اَلسَّائِقِ لِمَا يُحِيطُ بِهِ أَثْنَاءَ اَلْقِيَادَةِ.

وَقَدْ أَثْبَتَتْ اَلدِّرَاسَاتُ وَالتَّجَارِبُ أَنَّ اَلسَّائِقَ عِنْدَمَا يَتَحَدَّثُ فِي اَلْهَاتِفِ بِأَيِّ طَرِيقَةٍ كَانَتْ، فَإِنَّهُ يَغِيبُ عَنْ اَلسَّيْطَرَةِ اَلتَّامَّةِ عَلَى اَلْمَرْكَبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثِيرٍ مِنَ اَلْأَضْرَارِ وَالْحَوَادِثِ، إِذْ لَا يُحْسِنُ اَلْإِنْسَانُ اَلتَّصَرُّفَ فِيمَا يَجْرِي مِنْ اَلْحَوَادِثِ اَلطَّارِئَةِ فِي حَرَكَةِ اَلْمُرُورِ وَالسَّيْرِ فِي اَلشَّوَارِعِ.

فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ اَلضَّرَرِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَقَعُ هَذَا اَلضَّرَرُ حَتَّى فِي اَلِاشْتِغَالِ اَلْقَصِيرِ، فَبَعْضُ اَلنَّاسِ يَقُول: إِنَّمَا هِيَ نَظْرَةٌ أَوْ هِيَ اِلْتِفَاتَةٌ أَوْ هُوَ شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا يَتَجَاوَزُ اَلثَّوَانِيَ، وَكَم حَادِثٍ وَكَم مِنْ اَلْحَوَادِثِ جَرَتْ فِي ثَوَانٍ أَزْهَقَتْ أَرْوَاحًا وَأَذْهَبَتْ أَمْوَالاً وَأَسْقَمَتْ أَبْدَانًا وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنْ اَلضَّرَرِ اَلشَّيْءُ اَلْكَبِيرُ، فَاتَّقَوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ.

فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعرِّضَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ اَلْهَوَاتِفِ، أَثْنَاءَ قِيَادَتِهِ لِمَرْكَبَتِهِ لِلْخَطَرِ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ اَلضَّرَرِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ اِتِّصَالٍ أَوْ إِرْسَالٍ أَوْ تَصَفُّحٍ أَوْ قِرَاءَةٍ ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَنْتِجُ عَنْهُ مَا لَا تُحْمَدُ عُقْبَاهُ مِنَ اَلْحَوَادِثِ اَلْمُهْلِكَةِ لِلْأَبْدَانِ وَالْأَمْوَالِ وَالْمُضيِّعَةِ لِلْأَنْظِمَةِ وَالْمُوُقِعَةِ فِي اَلشَّرِّ اَلْعَظِيمِ، وَقَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًاالنساء: 29  وقالَ - جَلَّ وعلا -: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِالبقرة: 195 .

وَيَنْبَغِي أَنْ نَتَوَاصَىَ وَأَنْ يَنْصَحَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ عَامٍ فِي قِيَادَتِنَا وَفِي جُلُوسِنَا وَفِي سَائِرِ أَحْوَالِنَا، أَنْ نَتَنَاصَحَ فِي هَذَا اَلْأَمْرِ لِتَحْقِيقِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ اَلسَّلَامَةِ فِي أَنْفُسِنَا وَأَهْلِينَا وَأَمْوَالِنَا وَبِلَادِنَا.

نَسْأَلُ اَللَّهُ اَلْعَظِيمَ رَبَّ اَلْعَرْشِ اَلْكَرِيمِ أَنْ يَحْفَظَنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَمِنْ خَلْفِنَا وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلنَا وَمِنْ تَحْتِنَا وَمِنْ فَوْقِنَا وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ نَعْلَمَهُ أَوْ نَجْهَلَهُ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَبْوَابِ اَلْخَيْرِ وَمَفَاتِيحِهِ، وَأَنْ يُغْلِقَ عَنَّا كُلَّ شَرٍّ وَسُوءٍ، وَأَنْ يَصْرِفَ عَنَّا كُلَّ ضَرَرٍ وَمَكْرُوهٍ.

اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمينَ، اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ اَلْهُدَىَ وَالْتُّقَىَ وَالْعَفَافَ وَالرَّشَادَ وَالْغِنَى، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ، اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلٍّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، مَنْ أَرَادَ بِنَا وَبِالْمُسْلِمِينَ شَرَّاً أَوْ فَسَادًا فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

اَللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِنَا إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، سَدِّدَهُمْ فِي اَلْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَاجْعَلْهُمْ مَفَاتِيحَ خَيْرٍ مَغَالِيقَ شَرٍّ، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنَّ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرَحمنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ اَلْخَاسِرِينَ.

اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد؛ كَمَا صَلَّيَتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَىَ آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدُ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94000 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف