إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ. أمَّا بعدُ:
فَاتَّقُوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ حَافَظُوا عَلَى اَلصَّلَاةِ وَالصَّلَاةِ اَلْوُسْطَى وَقَوُمُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ اَلصَّلَاةُ مِن أَجْلِّ اَلْأَعْمَالِ اَلَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا اَلْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ بَعْدَ تَوْحِيدِهِ وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ فَهِيَ اَلرُّكْنُ اَلثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ اَلْإِسْلَامِ، وَهِيَ اَلَّتِي تَرْتَفِعُ بِهَا اَلْمَقَامَاتُ وَتَعْلُو بِهَا اَلدَّرَجَاتُ وَتُحَطُّ بِهَا اَلسَّيِّئَاتُ، وَهِيَ اَلَّتِي يَشْرَحُ اَللَّهُ بِهَا اَلصُّدُورَ وَيَحُطُّ بِهَا عَنِ اَلْعَبْدِ اَلْأَوْزَارَ فَأَقْبِلُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ عَلَى اَلْوَجْهِ اَلَّذِي يَرْضَى بِهِ عَنْكُمْ رَبَّكُمْ جَلَّ فِي عُلَاهُ، فَالصَّلَاةُ رِفْعَةٌ لِلْعَبْدِ فِي اَلدَّارَيْنِ يَغْفِرُ اَللَّهُ بِهَا اَلْخَطَايَا وَيَحُطُّ بِهَا اَلسَّيِّئَات فِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ»صحيح مسلم (233).
وَقَدْ جَاءَ في المُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِ قالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْهَا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَتْ وَرَقُهُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ أَلَا تَسْأَلُنِيَ لِمَ أَفْعَلُ هَذَا ؟ قَلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُهُ؟ قَالَ: هَكَذَا فَعلَ بِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا غُصْنًا يَابِسًا، فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتِّ وَرَقُهُ فَقَالَ: (يَا سَلْمَانُ: أَلَا تَسْأَلُنِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟ قُلتُ: وَلِمَ تَفْعَلُهُ؟ قَالَ: إِنَّ اَلْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ اَلْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى اَلصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسَ تَحَاتَتْ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ هَذِهِ اَلْوَرَقُ)مُسْندُ أحمد (23707)، وقالَ مُحَقِّقُوا المسْنَدِ: حَسَنٌ لِغَيْرِهِ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَثلٌ ضَرْبَهُ رَسُولُ اَللَّهِ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيَانِ تَطْهِيرِ اَلصَّلَاةِ لِلْمُصَلِّي قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا»صحيح مسلم (667).
فَهَذَا مَثَلٌ نَبَوِيٌّ لِمَحْوِ اَلْخَطَايَا بِالصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ كَالنَّهْرِ اَلْجَارِي فِي بَابِ أَحَدِنَا يَغْتَسِلُ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي اَلْيَوْمِ، فَلَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ.
وَفِي اَلصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَان رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ قَالَ: مَنْ توَضَّأَ نَحْوَ وُضوُئِي هذا، ثُمَّ قامَ فرَكَعَ رَكْعْتَيْنِ لا يُحدِّثُ فيهما نفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ ما تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»صحيح البخاري (159)، ومسلم (226).
وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَغْفِرَةَ اَلذُّنُوبِ بِالصَّلَاةِ لَا تَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَى اَلْفَرَائِضِ، بَلْ تَشْمَلُ اَلْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ فَلْيُبَادِرْ اَلْعَبْدُ إِلَى اَلِاسْتِكْثَارِ مِنْ هَذِهِ اَلْعِبَادَةِ اَلْجَلِيلَةِ اَلَّتِي يَحُطُّ اَللَّهُ تَعَالَى بِهَا اَلْخَطَايَا وَيُكَفِّرُ اَلسَّيِّئَاتِ، وَأَنَّ اَلصَّلَاةَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهَا وَفِي كُلِّ أَجْزَائِهَا وَفِي كُلِّ مُقَدَّمَاتِهَا وَمُلْحَقَاتِهَا مِمَّا يَغْفِرُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ اَلْخَطَايَا ، فَالنِّدَاءُ لِلصَّلَاةِ مُوجِبٌ لِمَغْفِرَةِ اَلذَّنْبِ فَفِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ قالَ حِينَ يَسْمَعُ المؤذِّنَ وأنا أشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عَبدُهُ ورسولُهُ رضيتُ باللَّهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ نبيًّا غُفِرَ لَهُ ذنبُهُ»صحيح مسلم (386).
فَهَذَا اَلنِّدَاءُ إِلَى اَلصَّلَاةِ إِذَا قَالَ اَلْمُؤَمَّنُ فِي إِجَابَتِهِ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، وَقَدْ قَالَ اَلنَّبِيُّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيَانِ عَظِيمِ مَغْفِرَةِ اَلذُّنُوبِ بِالصَّلَاةِ «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلىَ مَا يمْحُوُ اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلى يَا رسولَ اللَّهِ. قَالَ: إِسْباغُ الْوُضُوءِ عَلى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَى إِلىَ المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّباطُ، فَذلكُمُ الرِّباطُ»صحيح مسلم (251).
فَالصَّلَاةُ فِي مُقَدَّمَاتِهَا مِنْ اَلنِّدَاءِ وَالْوُضُوءِ، وَفِي فِعْلِهَا مِنْ اَلْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَفِي اَلْفَرَاغِ مِنْهَا بِالذِّكْرِ وَالْعُودِ إِلَى اَلْبَيْت، كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَحُط اَللَّهُ بِهِ اَلْخَطَايَا، بَلْ اِنْتِظَارُ اَلصَّلَاةِ بَعْدَ اَلصَّلَاةِ مِمَّا يَغْفِرُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ اَلْخَطَايَا.
جَاءَ فِي صَحِيحٍ اَلْإِمَامْ مُسْلِمْ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَان رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ، خَرَجَت خَطَايَاهُ مِنْ جسَدِهِ حتَّى تَخْرُجَ مِنْ تحتِ أَظفارِه»صحيح مسلم (245).
وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ»صحيح مسلم (649).
تِلْكَ هِيَ فَضَائِلُ هَذِهِ اَلْعِبَادَةِ، وَتِلْكَ هِيَ اَلْأُجُورُ وَالْخَيْرَاتُ اَلَّتِي يَجْنِيهَا اَلْإِنْسَانُ بِصِلَاتِهِ.
اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اِجْعَلْنَا مِمَّنْ يُحَافِظُ عَلَيْهَا وَيُقِيمُهَا عَلَى اَلْوَجْهِ اَلَّذِي تَرْضَاهُ، أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُِ.
اَلْحَمْد لِلَّهِ حَمَدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ اَلصَّلَاةِ وَأَتَمُّ اَلتَّسْلِيمِ. أمَّا بعدُ:
فَاتَّقُوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، اِتَّقَوُا اَللَّهَ تَعَالَى وَحَافِظُوا عَلَى هَذِهِ اَلْفَرِيضَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهَا بَابُ خَيْرٍ عَظِيمٍ فِي مَعَاشِكُمْ وَمَعَادِكُم، فَبِالصَّلَاةِ تَنْشَرِحُ اَلصُّدُورُ وَتَطْمَئِنُّ اَلْأَفْئِدَةُ وَتُقْضَىَ اَلْحَوَائِجُ وَتُرْفَعُ اَلدَّرَجَاتُ وَيُنَاجَىَ رَبُّ اَلْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي اَلصَّلَاةِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبُّهُ يُحَادِثُهُ جُلٌّ فِي عُلَاهُ وَيَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيُنْزِلُ بِهِ حَاجَتَهُ فَأَقْبِلُوُا عَلَىَ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- فِي كُلِّ حِينٍ وَوَقْتٍ وَأَمِِّلُوا مِنْهُ اَلْعَطَاءَ اَلْجَزِيلَ.
جَاءَ فِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ اَلنَّبِيَّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ» أَيْ في صلاةِ الجماعَةِ«إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»صحيح مسلم)780).
فَضْلٌ عَظِيمٌ وَجَزَاءٌ جَزِيلٌ عَلَى عَمَلٍ يَسِيرٍ، وَقَدْ قَالَ اَلنَّبِيُّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لله؛ فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ الله بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»صحيح مسلم (488).
فَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مُوجِبَةٌ لِفَضْلٍ عَظِيمٍ وَأَجْرٍ جَزِيلٍ، مِنْ حَطَّ اَلْخَطَايَا وَرَفْعَ اَلدَّرَجَاتِ وَالذِّكرُ بَعْدَ اَلصَّلَاةِ مِنْ أَسْبَابِ مَغْفِرَةِ اَلذُّنُوبِ أَيْضًا جَاءَ فِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ اَلنَّبِيَّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ اللَّه في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثينَ، وَحمِدَ اللَّه ثَلاثًا وثَلاثين، وكَبَّرَ اللَّه ثَلاثًا وَثَلاثينَ، وقال تَمامَ المِائَةِ: لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريك لهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحمْد، وهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرتْ خطَاياهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبدِ الْبَحْرَ»صحيح مسلم (597).
فَكَمْ مِنْ صَلَاةٍ فَرَّطْنَا فِيهَا فِي اَلْأَذْكَارِ اَلَّتِي تُوجِبُ هَذَا اَلْعَطَاءَ اَلْجَزِيلَ، وَتُوُجِبُ هَذَا اَلْفَضْلَ اَلْكَبِيرَ مِنْ رَبٍّ يُعْطِي عَلَى اَلْقَلِيلِ اَلْكَثِيرَ، فَأَقْبِلُوا عَلَى اَللَّهِ أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ؛ وَبَادَرُوا اَلْخَيْرَاتِ، وَسَارَعُوا إِلَى مَا فِيهِ حَطُّ اَلْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ، فَمَا أَكْثَرَ مَا نُذْنِبُ، وَمَا أَكْثَرَ مَا نُخْطِأُ، وَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى مَحْوِ تِلْكَ اَلْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَصَالِحِ اَلْأَعْمَالِ
اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اَللَّهُمَّ اِسْتَعْمِلْنَا فِي طَاعَتِكَ وَاصْرِفْ عَنَّا مَعْصِيَتَكَ، أَعَذِّنَا مِنْ اَلْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطن، رَبَّنَا لَا تَزُغْ قُلُوبُنَا بَعْد إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهَّاب، اَللَّهُمَّ مُقَلِّبَ اَلْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَىَ طَاعَتِكَ، اَللَّهُمَّ أَمِّنَا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلَحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَفِّقَ وَلِيِّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ وَبِرّ، خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاصْرِفْ عَنْهُمْ كُلَّ سُوءِ وَشَرِّ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ، وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيَتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.