إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُه،ُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنَ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ. أمَّا بَعد:
فَاتَّقُوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ وَجِدُّوا فِي تَحْقِيقِ تَقْوَاهُ وَأدِيمُوا ذَلِكَ إِلَى مَمَاتِكُمْ فَقَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾آل عمران: 102 .
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ لَا تَحْقِيقَ لِلتَّقْوَىَ إِلَّا بِالْعِلْمِ اَلنَّافِعِ اَلَّذِي يُبْصِرُ اَلْإِنْسَانُ مَوَاقِعَ اَلْهُدَى، وَيُدْرِكَ بِهِ مَا يَنْفَعُ وَمَا يَضُرُّ، وَيَعْرِفُ بِهِ اَلْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَاتُّقُوا اَللَّه تَعَالَى وَقُوُمُوا بِمَا أَمَرَكُمْ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ اَلتَّزَوُّدِ بِالتَّقْوَى فِي قَوْلِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾البقرة: 197 وَجِدُّوا فِي سُؤَالِ اَللَّهِ اَلْمَزِيدَ مِنْ اَلْعِلمِ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ أَعْلَمَ اَلنَّاسِ بِرَبِّهِ أَنْ يَسْأَلَهُ اَلْمَزِيدَ مِنْ عِلْمِهِ ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾طه: 114 فَتَعْلَمُوا مَا يَنْفَعُكُمْ فِي دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، فَبِالْعِلْمِ يَرْفَعُ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْمَقَامَاتِ وَيُدْرِكُ بِهِ اَلنَّاسُ اَلسَّعَادَاتِ لَاسِيَّمَا إِذَا سَخَّرُوهُ فِي تَحْقِيقِ غَايَةِ خَلْقِهِمْ مِنْ عِبَادَةِ اَللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾المجادلة: 11 وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ» صحيح مسلم (817)
اِتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ وَتَزَوَّدُوا مِنْ اَلْعِلمِ اَلنَّافِعِ مَا يُبلِّغُكُمْ رِضَاهُ، وَتَزَوَّدُوُا مِنْ عُلُومِ اَلدُّنْيَا مَا تَسْتَقِيمُ لَكُمْ بِهِ حَيَاتُكُمْ وَيُصْلِحُ بِهِ مَعَاشَكُمْ فَكُلُّ سَبْقٍ فِي اَلدُّنْيَا، وَكُلُّ فَوْزٍ فِي اَلْآخِرَةِ مَبْدَأُهُ اَلْعِلمُ وَإِتْقَانُهُ، مَبْدَأُهُ اَلْعِلمُ وَالْإِحَاطَةُ بِهِ، ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾الرعد: 19 وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾فاطر: 28 أَيْ إِنَّمَا يَخْشَاهُ حَقَّ خَشْيَتِهِ وَيَقُومُ بِطَاعَتِهِ عَلَى اَلْوَجْهِ اَلَّذِي يُرْضِيهِ اَلْعُلَمَاءُ اَلْعَارِفُونَ بِهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَمُلَتْ اَلْمَعْرِفَةُ بِهِ -جَلَّ فِي عُلَاهُ- كَمُلَ اَلْعِلمُ وَكَمُلَتْ اَلْخَشْيَةُ وَكَمُلَ مَا يَقُومُ بِهِ حَالُ اَلْإِنْسَانِ فِي مُعَامَلَتِهِ لِرَبِّهِ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ اَلنَّبِيَّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» صحيح البخاري (71)، ومسلم (1037) فَجِدُّوا فِي اَلتَّفَقُّهِ فِي اَلدِّينِ وَمَعْرِفَةِ اَلْأَحْكَامِ اَلَّتِي تُعِينُكُمْ عَلَى تَحْقِيقِ اَلطَّاعَةِ لَهُ وَجِدُّوا فِي مَعْرِفَةِ مَا تُقَيِّمُونَ بِهِ مَعَاشَكُمْ وَلَا تَكُونُوا بِهِ عَالَةً عَلَى غَيْرِكُمْ، فَإِنَّ سَبْقَ اَلْأُمَمِ إِنَّمَا هُوَ بِمَعْرِفَةِ مَا يَبْلُغُ طَيِّبُ اَلْمَعَاشِ وَصَلَاحِ اَلْحَيَاةِ.
أَيُّهَا اَلنَّاسُ: إِنَّ طُرُقَ اَلتَّعَلُّمِ لَا تَنْحَصِرُ فِي سَبِيلٍ، وَلَا تُحَدُّ فِي طَرِيقٍ، بَلْ طُرُقُ اَلتَّعَلُّمِ مُتَنَوِّعَةٌ وَمِمَّا يَسَّرَّهُ اَللَّهُ تَعَالَى لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ اَلْأَيَّامِ مَا يَكُونُ مِنْ تَعَلُّمٍ عَبْرَ اَلْوَسَائِلِ اَلَّتِي تَنْقُلُ اَلْعِلمَ وَلَوْ كَانُوا فِي بُيُوتِهِمْ وَلَوْ كَانُوا فِي أَمَاكِنِهِمْ وَلَوْ كَانُوا أَيْنَمَا كَانُوا مِنْ بِلَادِ اَلدُّنْيَا، وَذَاكَ مِنْ تَيْسِيرِ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- وَقَدْ يَسَّرَ اَللَّهُ تَعَالَى لَكُمْ فِي هَذِهِ اَلْبِلَادِ اَلْمُبَارَكَةِ قِيَادَةً حَرِيصَةً عَلَى اَلْعِلمِ وَإِشَاعَتِهِ بَيْنَ اَلنَّاسِ، فَتَيَسَّرَ لَهُمْ مِنْ تَحْصِيلِ اَلْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ مَا يَكُونُ خَيْرًا لَهُمْ فِي مَعَاشِهِمْ وَخَيْرًا لَهُمْ فِي مِيعَادِهِم، وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَشْهَدُهُ مِنْ عَوْدَةِ اَلطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِ اَلتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَبْدَأُ خَيْرٍ كَثِيرٍ لِلْمُجْتَمَعِ بِهِ تَزْكُو اَلنُّفُوسُ وَتَصْلُحُ، وَبِهِ تَرْتَقِي اَلْمُجْتَمَعَاتُ وَتَنْمُو.
فَجِدُّوا فِي تَحْصِيلِ اَلْعُلُومِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى اَلطَّرِيقَةِ اَلَّتِي اِقْتَضَتْهَا اَلْحَالَةُ اَلِاسْتِثْنَائِيَّةُ اَلَّتِي يَعِيشُهَا اَلنَّاسُ فِي هَذَا اَلْوَبَاءِ اَلَّذِي نَسْأَلُ اَللَّهُ –عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُعَجِّلَ بِرَفْعِهِ عَنْ اَلنَّاسِ ، وَهُوَ اَلتَّعَلُّمُ عَنْ بُعْدِ فَإِنَّ اَلتَّعَلُّمَ مِنْ طَرِيقِ وَسَائِلِ اَلتَّعَلُّمِ وَمَا يَسَّرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَسْبَابٍ وَقَنَوَاتٍ يُدْرِكُونَ بِهِ اَلْمَعَارِفَ هُوَ تَعْوِيضٌ عَنْ حُضُورٍ بَدَنِيٍّ إِلَى أَمَاكِنِ اَلتَّعَلُّمِ وَدَوْرِ اَلتَّعْلِيمِ وَمَسْئُولِيَّةِ اَلْقِيَامِ بِذَلِكَ لَا تَنْحَصِرُ فِي جِهَةٍ وَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى شَرِيحَةٍ مِنْ شَرَائِحِ اَلْمُجْتَمَعِ بَلْ هِيَ مَسْئُولِيَّةُ اَلْجَمِيعِ ، مَسْئُولِيَّةُ اَلْمَدْرَسَةِ ، وَمَسْئُولِيَّةُ اَلْأُسْرَةِ، وَمَسْئُولِيَّةُ اَلْمُتَعَلِّمِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نُحَقِّقَ مَا نُؤَمِّلُ مِنْ اِكْتِمَالِ هَذَا اَلْعَمَلِ وَنَجَاحِهِ، إِلَّا بِتَضَافُرِ اَلْجُهُودِ وَالتَّعَاوُنِ مِنَ اَلْجَمِيعِ فِي تَحْقِيقِ اَلْمَأْمُولِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْ هَذَا اَلتَّعَلُّمِ عَنْ بُعْدٍ.
فَرَاعُوا أَوْلَادَكُمْ وَحُثُّوهُمْ وَشَجِّعُوهُمْ وَأَعْلِمُوهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي إِجَازَةٍ، إِنَّمَا هُمْ فِي عَمَلٍ وَتَعَلُّمٍ يَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى خُرُوجٍ عَنْ اَلْمَأْلُوفِ فِي أَيَّامِ اَلْإِجَازَاتِ مِنْ نَوْمٍ وَسَهَرٍ، أَوْ ذَهَابٍ وَمَجِيءٍ، فَلِيُقْبَلْ عَلَىَ اَلتَّعَلُّمِ قَدْرَ اَلْإِمْكَانِ وَابْذُلُوا جُهْدَكُمْ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ اَلتَّوْفِيقِ، وَمَنْ جَدَّ وَجَدَ وَمَنْ زَرَعَ حَصَدَ وَمَنْ صَارَ عَلَى اَلطَّرِيقِ وَصَل.
اَللَّهُمَّ عَلِّمنَا مَا يَنْفَعُنَا وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمَتْنَا وَزِدْنَا عِلْمًا يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيم.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، لَهُ اَلْحَمْدُ فِي اَلْأُولَى وَالْآخِرَة، وَلَهُ اَلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ. أمَّا بَعدُ.
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقَوُا اَللَّهَ تَعَالَى وَجِدُّوا فِي اَلتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِمَا يَنْفَعُكُمْ يَوْمَ لِقَائِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ اَلْحَيَاةَ اَلدُّنْيَا سَبِيلٌ لِلتَّزَوُّدِ بِطَاعَةِ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- وَالتَّزَوُّدُ بِصَالِحِ اَلْعَمَلِ اَلَّذِي تَنْجوْنَ بِهِ فِي مَعَاشِكُمْ وَتُدْرِكُونَ بِهِ فَوْزَ مَعَادِكُمْ.
أَيُّهَا اَلنَّاسُ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ شَهْرَ مُحَرَّمٍ شَهْرٌ فَضَّلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ اَلصِّيَامِ عَنْ أَيِّ اَلصِّيَامَ أَفْضَلَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانْ؟ قال: «شهر الله المحرم» صحيح مسلم (1163) فَأَضَافَ اَلشَّهْرَ إِلَيْهِ وَهَذَا لِتَشْرِيفِهِ وَبَيَانِ عَظِيمِ مَكَانَتِهِ وَمَنْزِلِهِ، فَجِدُّوا فِيهِ بِصَالِحِ اَلْعَمَلِ وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنِ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ اَلَّذِي نَدَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اَلنَّاسَ إِلَيْهِ كَثْرَةُ اَلصِّيَامِ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ اَللَّهُ تَعَالَى وَيُجْزِل اَلْعَطَاءُ فِيهِ.
وَمِنْ آكَّدَ مَا يَكُونُ مِنْ صِيَامٍ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ صَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ اَلْيَوْمُ اَلْعَاشِرُ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَوْمٌ صَالِحٌ نَجَّى اَللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، وَهُوَ أَيْضًا يَوْمٌ فِي ثَوَابِهِ وَأَجْرِ صِيَامِهِ قَالَ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» صحيح مسلم (1162)
فَجِدُّوا فِي اَلتَّقْرِيبِ إِلَيْهِ بِصَالِحِ اَلْعَمَل، وَمِنْ ذَلِكَ صِيَامُ هَذَا اَلْيَوْمِ حُثُّوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَارْجُوا اَلْعَاقِبَةَ مِنْ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- يَحُطُّ اَللَّهُ بِهِ تَعَالَى خَطَايَاكُمْ وَيَرْفَعُ دَرَجَاتِكُمْ وَتُدْرِكُونَ بِهِ شُكْرَ نِعْمَةِ اَللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَصْرِ عِبَادِهِ وَأَوْلِيَائِهِ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ صِيَامُ عَاشُورَاءَ يَتَحَقَّقُ فَضْلُهُ وَيُدْرِكُ ثَوَابُهُ بِصِيَامِ يَوْمِ اَلْعَاشِرِ وَيَسُنُّ أَنْ يُضِيفَ اَلْإِنْسَانُ إِلَى ذَلِكَ اَلْيَوْمِ اَلْيَوْمِ اَلتَّاسِعِ؛ فَإِنَّ ذَاكَ مَا هَمَّ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث قال: «لئِن عِشتُ إلى قابل لأصُومنَّ التاسع» صحيح مسلم (1134) ثُمَّ اِسْتَكْثِرُوا مِنَ اَلصِّيَامِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ مَا اِسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ اَلصِّيَامِ فِي اَلسَّنَةِ فَإِنَّ اَلنَّبِيَّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيِّن لَمِنْ سَأَلَهُ عَنْ أَفْضَلِ اَلصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ قَالَ: شَهْرُ اَللَّهِ اَلْمُحَرَّمِ أَيْ اَلصَّوْمُ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ.
فَاَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، وَاسْتَعْمِلَنَا فِيمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، خُذْ بِنَوَاصِينَا إِلَى اَلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، أَعِنَّا عَلَى طَاعَتِكَ أَعِنَّا عَلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى مِنْ اَلْقَوْلِ وَالْعَمَلِ فِي اَلسِّرِّ وَالْعَلَنِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ، اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا وَفِّقَ وَلِيِّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، خُذْ بِنَوَاصِيهِمَا إِلَى اَلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَهَيَّءْ لَهُمْ اَلْبِطَانَةَ اَلرَّاشِدَةَ وَسَدَّدَهُمْ فِي اَلْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَاكْتُبْ مِثلَ ذَلِكَ لِسَائِرِ وُلَاةِ اَلْمُسْلِمِينَ وَاجْمَعْ كَلِمَتَنَا عَلَى اَلْحَقِّ وَالْهُدى، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ سُوءٍ وَشَرٍّ وَرَدًى، صَلُّوْا عَلَى نَبِيِّكُم مُحَمَّدٍ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَمْركُمْ اَللَّهَ تَعَالَى بِذَلِكَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ الأحزاب: 56 اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيَتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.