×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد...

فقد جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة».

ما تستقيم به أحوال الإنسان مع الخلق:

هذا الحديث الشريف حديث عظيم جليل في بيان ما تستقيم به أحوال الإنسان مع الخلق، مع الناس، فإن صلاح معاش الإنسان يكون بأمرين:

- الأمر الأول صلاح ما بينه وبين الله عز وجل.

- والأمر الثاني صلاح ما بينه وبين الخلق.

وهما مرتبطان فمن أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الخلق، ولهذا كل من كان مؤمنا تقيا كان صالحا في صلته بربه، وفي صلته بالخلق، تلازم لا ينفك، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في هذا الحديث عن الصلة بين أهل الإسلام فقال: المسلم أخو المسلم، كما قال الله تعالى: ﴿إنما المؤمنون إخوة+++[الحجرات:10]---.

الأخوة الإيمانية أعظم ما يجتمع به الخلق:

ثم هذه الإخوة أصلها الذي اجتمع عليه المتآخون هو الإسلام، وهذا أعظم ما يجتمع به الخلق، وأوثقه إذ إن نفعه يكون في الدنيا وفي الآخرة، وهو أوسع الدوائر التي تجمع الناس، الإخوة في النسب ضيقة محدودة، الإخوة في القبيلة كذلك، الإخوة في الموطن والمدن كذلك، الإخوة في الزمان كذلك، كلها محدودة لكن الإخوة في الدين واسعة فهي تشمل كل مؤمن ومسلم منذ أن خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من بني آدم، وأما غيرهم من الجن وسائر الخلق فهي أوسع وأوسع.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: «إذا جلس أحدكم فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض أو بين السماء والأرض»+++[صحيح البخاري (831)، ومسلم (402)]---، فالإخوة في الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم شاملة لجميع من في هذه الأمة، وفي الإسلام العام الذي جاء به الرسل شاملة لكل المؤمنين ﴿إنما المؤمنون إخوة+++[الحجرات:10]--- على مر العصور، وتعاقب الدهور، واختلاف الرسل والمرسلين.

حقوق الأخوة الإيمانية:

ثم بعد ذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم جملة من الحقوق التي تقتضيها هذه الإخوة فذكر أول ما ذكر لا يظلمه، أي لا يوقع عليه شيئا من الظلم لا في نفسه، ولا في أهله، ولا في ماله، ولا في ولده، ولا في دمه، ولا في سائر شأنه. لا يقع منه ظلم على أخيه وهذا الظلم يدور على أمرين: إما اعتداء وتجاوز الحقوق والحدود، وإما منع فكلاهما يسلم فيه المسلم في صلته بأخيه المسلم، فالمسلم سالم من أن يوقع ظلما على أخيه المسلم قريبا كان أو بعيدا، حاضرا كان أو غائبا، حيا كان أو ميتا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه بأي وجه من أوجه الظلم، ولا يسلمه أي ولا يتركه يقع عليه شيء من الظلم، فهو لا يباشر الظلم بنفسه، ولا يرضى أيضا أن يظلمه غيره بل يمنع أن يقع عليه شيء من الظلم أو الاعتداء، فإذا رآه مظلوما نصره، وإذا رآه واقع في هلكه بادر إلى إنقاذه سواء كانت هلكة في نفس، أو هلكه في مال، أو هلكة في ولد، أو هلكه في أهل، هلكة في دين، أو هلكة في دنيا لا يسلمه.

بل بمقتضى الإخوة والإيمان يبادر إلى دفع الضر عن أخيه فهو لا يوقع الضر على إخوانه، ولا يسمح فيما يقدر عليه ويستطيع من وقوع الظلم على أخيه المسلم.

معونة الله لمن أعان أخاه:

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمور وبين أجورها. قال صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته»، من كان في حاجة أخيه يعني يقضي حاجته، والحاجة هنا سواء كانت حاجة دينية، أو حاجة دنيوية، سواء كانت في مال أو في أهل، سواء كانت حاجة مادية أو حتى حاجة معنوية، من قضى لأخيه حاجة فسدها فإن الله تعالى يكون في حاجته.

ومن كان الله في حاجته أتقضى أو لا؟ تقضى على أكمل وجه فإن من تولاه الله دبره على أحسن تدبير، وأتم له الإنعام وأكمل له الفضل جل في علاه، ولذلك ينبغي أن يبادر الإنسان بأخذ هذه الأسباب التي يكون الله تعالى معه فيها على أكمل ما يكون، من كان في حاجة أخيه قريبا كان أو بعيدا، ذكرا أو أنثى، صغيرا أو كبيرا كان الله في حاجته أي قضى الله حاجته، وأتم له مراده، وبلغه مأموله.

فضل تفريج الكربات عن المؤمنين:

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا» فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، الحاجة قد لا تكون كربة، قد تكون مطلوبا ومرغوبا، لكن الكربة أمر يثقل النفوس، يشق عليها، يصيب الإنسان بها هم وضيق لا يستطيع أن تستقيم حياته إلا باندفاعها سواء كانت في نفسه، أو في ماله، أو في أهله، أو في ولده، أو في بلده، أو في سائر شأنه إذا نزلت به كربة فإن من حقه على إخوانه أن يسعوا في كشفها حسب الاستطاعة والطاقة، والأجر مذكور، وذكر الأجر بيان أن ثمة فضلا يدركه الإنسان بهذا العمل، من فرج عن مسلم كربة حسية، مادية، معنوية، نفسية، كلها سواء فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

لذلك ينبغي للإنسان أن يبادر إلى أخذ هذه الأسباب حتى يجد من الله تعالى العون، أنه كان الله في حاجته في الدنيا والآخرة، وفرج الله كربته وذكر يوم القيامة لكن أيضا يدرك تفريجه في الدنيا، فالمؤمن يعجل له الأجر والثواب في دنياه في بعض الأعمال، وما يكون في الآخرة خير وأبقى.

فضل الستر على المسلمين:

ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»، وفي بعض الروايات: «ومن ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة»، أي: يدرك الستر في الأمرين.

ما معنى من ستر مسلما؟

ستر المسلم هو إخفاء عيبه، وعدم التثريب عليه بالعيب وتعييبه به، وعدم غيبته، وعدم بهتانه، كل هذا مما يدخل في ستر المسلم، وكذلك ستر عورته الحسية إذا انكشفت، فالستر هنا يشمل كل ذلك، لكن هل معنى هذا أنه إذا رآه على منكر لا ينكر عليه؟

الجواب لا إنما المقصود من ستر مسلما في عيب قد انقضى وانتهى، أما العيب القائم: من رأى منكم منكرا فليغيره، قد يكون تغييره بتبليغ الجهات ذات الاختصاص لإزالته، فهذا لا يدخل في قوله: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة، إنما الستر في العيب الذي لا ينفع فيه الكشف، ولا يصلح فيه الإظهار، ومثله أيضا أصحاب الفجور الذين ظهر شرهم، وعظم أذاهم فإنهم لا يسترون لأن سترهم إعانة لهم على المضي في الشر، وفيه أيضا إغراء لغيرهم أن يشاركهم في الشر الذي هم فيه، فقوله: من ستر مسلما أي من ستره في عيب، ومعصية، وخلل وقع منه فيما مضى، أما ما كان قائما أو ما كانت المصلحة في أن لا يستره لكفه عن شر أو لتحذير غيره منه فإنه لا يدخل في هذا الحديث.

قوله: من ستر مسلما هل يدخل فيه أن يستر الإنسان على نفسه؟ الجواب نعم، يدخل فيه ستره على نفسه، قام رجلا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أصبت امرأة في بعض أطراف المدينة، وها أنا ذا فاقض في ما ترى، سكت النبي صلى الله عليه وسلم، عمر نظر إليه فقال: لقد سترك الله لو سترت نفسك، فالإنسان يستر نفسه إذا وقع في خطأ، وكل أمتي معافى إلا المجاهرين، والمجاهر هو من يظهر العيب بعد أن ستره الله تعالى فيه، فقوله: من ستر مسلما يشمل ستر الغير، طيب ستر النفس من باب أولى والأجر عليه أفضل.

فإنه من سعى في أن يخفي عيبه، وأن لا يظهر للناس ليس لأجل أن يمدحوه لكن إعظاما لله، وإجلالا له، وبعدا عن المجاهرة بالمعاصي فإنه مأمول أن يستره الله تعالى يوم القيامة. نسأل الله من فضله، وأن يعيننا وإياكم على طيب الخصال، وكريم الشيم، وطيب الأعمال، وأن يسترنا في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المشاهدات:6307

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد...

فقد جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لا يظْلِمُه، ولا يُسْلِمهُ، منْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّج عنْ مُسْلِمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يوْمَ الْقِيامَةِ، ومَنْ ستر مُسْلِماً سَتَرهُ اللَّهُ يَوْم الْقِيَامَةِ».

ما تستقيم به أحوال الإنسان مع الخلق:

هذا الحديث الشريف حديث عظيم جليل في بيان ما تستقيم به أحوال الإنسان مع الخلق، مع الناس، فإن صلاح معاش الإنسان يكون بأمرين:

- الأمر الأول صلاح ما بينه وبين الله عز وجل.

- والأمر الثاني صلاح ما بينه وبين الخلق.

وهما مرتبطان فمن أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الخلق، ولهذا كل من كان مؤمنًا تقيًّا كان صالحًا في صلته بربه، وفي صلته بالخلق، تلازم لا ينفك، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في هذا الحديث عن الصلة بين أهل الإسلام فقال: المسلم أخو المسلم، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات:10].

الأخوة الإيمانية أعظم ما يجتمع به الخلق:

ثم هذه الإخوة أصلها الذي اجتمع عليه المتآخون هو الإسلام، وهذا أعظم ما يجتمع به الخلق، وأوثقه إذ إن نفعه يكون في الدنيا وفي الآخرة، وهو أوسع الدوائر التي تجمع الناس، الإخوة في النسب ضيقة محدودة، الإخوة في القبيلة كذلك، الإخوة في الموطن والمدن كذلك، الإخوة في الزمان كذلك، كلها محدودة لكن الإخوة في الدين واسعة فهي تشمل كل مؤمن ومسلم منذ أن خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من بني آدم، وأما غيرهم من الجن وسائر الخلق فهي أوسع وأوسع.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: «إذا جلس أحدُكم فليقُلْ التَّحيَّات للهِ والصَّلواتُ والطَّيباتُ السَّلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ فإنكم إذا قلتُم ذلك أصاب كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ أو بين السماءِ والأرضِ»[صحيح البخاري (831)، ومسلم (402)]، فالإخوة في الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم شاملة لجميع من في هذه الأمة، وفي الإسلام العام الذي جاء به الرسل شاملة لكل المؤمنين ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات:10] على مر العصور، وتعاقب الدهور، واختلاف الرسل والمرسلين.

حقوق الأخوة الإيمانية:

ثم بعد ذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم جملة من الحقوق التي تقتضيها هذه الإخوة فذكر أول ما ذكر لا يظلمه، أي لا يوقع عليه شيئا من الظلم لا في نفسه، ولا في أهله، ولا في ماله، ولا في ولده، ولا في دمه، ولا في سائر شأنه. لا يقع منه ظلم على أخيه وهذا الظلم يدور على أمرين: إما اعتداء وتجاوز الحقوق والحدود، وإما منع فكلاهما يسلم فيه المسلم في صلته بأخيه المسلم، فالمسلم سالم من أن يوقع ظلمًا على أخيه المسلم قريبًا كان أو بعيدًا، حاضرًا كان أو غائبًا، حيًا كان أو ميتًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه بأي وجه من أوجه الظلم، ولا يسلمه أي ولا يتركه يقع عليه شيء من الظلم، فهو لا يباشر الظلم بنفسه، ولا يرضى أيضًا أن يظلمه غيره بل يمنع أن يقع عليه شيء من الظلم أو الاعتداء، فإذا رآه مظلومًا نصره، وإذا رآه واقع في هلكه بادر إلى إنقاذه سواء كانت هلكة في نفس، أو هلكه في مال، أو هلكة في ولد، أو هلكه في أهل، هلكة في دين، أو هلكة في دنيا لا يسلمه.

بل بمقتضى الإخوة والإيمان يبادر إلى دفع الضر عن أخيه فهو لا يوقع الضر على إخوانه، ولا يسمح فيما يقدر عليه ويستطيع من وقوع الظلم على أخيه المسلم.

معونة الله لمن أعان أخاه:

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمور وبين أجورها. قال صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته»، من كان في حاجة أخيه يعني يقضي حاجته، والحاجة هنا سواء كانت حاجة دينية، أو حاجة دنيوية، سواء كانت في مال أو في أهل، سواء كانت حاجة مادية أو حتى حاجة معنوية، من قضى لأخيه حاجة فسدها فإن الله تعالى يكون في حاجته.

ومن كان الله في حاجته أتقضى أو لا؟ تقضى على أكمل وجه فإن من تولاه الله دبره على أحسن تدبير، وأتم له الإنعام وأكمل له الفضل جل في علاه، ولذلك ينبغي أن يبادر الإنسان بأخذ هذه الأسباب التي يكون الله تعالى معه فيها على أكمل ما يكون، من كان في حاجة أخيه قريبًا كان أو بعيدًا، ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا كان الله في حاجته أي قضى الله حاجته، وأتم له مراده، وبلغه مأموله.

فضل تفريج الكربات عن المؤمنين:

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا» فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، الحاجة قد لا تكون كربة، قد تكون مطلوبا ومرغوبا، لكن الكربة أمر يثقل النفوس، يشق عليها، يصيب الإنسان بها هم وضيق لا يستطيع أن تستقيم حياته إلا باندفاعها سواء كانت في نفسه، أو في ماله، أو في أهله، أو في ولده، أو في بلده، أو في سائر شأنه إذا نزلت به كربة فإن من حقه على إخوانه أن يسعوا في كشفها حسب الاستطاعة والطاقة، والأجر مذكور، وذكر الأجر بيان أن ثمة فضلًا يدركه الإنسان بهذا العمل، من فرج عن مسلم كربة حسية، مادية، معنوية، نفسية، كلها سواء فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

لذلك ينبغي للإنسان أن يبادر إلى أخذ هذه الأسباب حتى يجد من الله تعالى العون، أنه كان الله في حاجته في الدنيا والآخرة، وفرج الله كربته وذكر يوم القيامة لكن أيضًا يدرك تفريجه في الدنيا، فالمؤمن يعجل له الأجر والثواب في دنياه في بعض الأعمال، وما يكون في الآخرة خير وأبقى.

فضل الستر على المسلمين:

ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة»، وفي بعض الروايات: «ومن ستر مسلمًا ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة»، أي: يدرك الستر في الأمرين.

ما معنى من ستر مسلمًا؟

ستر المسلم هو إخفاء عيبه، وعدم التثريب عليه بالعيب وتعييبه به، وعدم غيبته، وعدم بهتانه، كل هذا مما يدخل في ستر المسلم، وكذلك ستر عورته الحسية إذا انكشفت، فالستر هنا يشمل كل ذلك، لكن هل معنى هذا أنه إذا رآه على منكر لا ينكر عليه؟

الجواب لا إنما المقصود من ستر مسلمًا في عيب قد انقضى وانتهى، أما العيب القائم: من رأى منكم منكرًا فليغيره، قد يكون تغييره بتبليغ الجهات ذات الاختصاص لإزالته، فهذا لا يدخل في قوله: من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة، إنما الستر في العيب الذي لا ينفع فيه الكشف، ولا يصلح فيه الإظهار، ومثله أيضًا أصحاب الفجور الذين ظهر شرهم، وعظم أذاهم فإنهم لا يسترون لأن سترهم إعانة لهم على المضي في الشر، وفيه أيضًا إغراء لغيرهم أن يشاركهم في الشر الذي هم فيه، فقوله: من ستر مسلمًا أي من ستره في عيب، ومعصية، وخلل وقع منه فيما مضى، أما ما كان قائمًا أو ما كانت المصلحة في أن لا يستره لكفه عن شر أو لتحذير غيره منه فإنه لا يدخل في هذا الحديث.

قوله: من ستر مسلمًا هل يدخل فيه أن يستر الإنسان على نفسه؟ الجواب نعم، يدخل فيه ستره على نفسه، قام رجلًا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أصبت امرأة في بعض أطراف المدينة، وها أنا ذا فاقض في ما ترى، سكت النبي صلى الله عليه وسلم، عمر نظر إليه فقال: لقد سترك الله لو سترت نفسك، فالإنسان يستر نفسه إذا وقع في خطأ، وكل أمتي معافى إلا المجاهرين، والمجاهر هو من يظهر العيب بعد أن ستره الله تعالى فيه، فقوله: من ستر مسلمًا يشمل ستر الغير، طيب ستر النفس من باب أولى والأجر عليه أفضل.

فإنه من سعى في أن يخفي عيبه، وأن لا يظهر للناس ليس لأجل أن يمدحوه لكن إعظامًا لله، وإجلالاً له، وبعدًا عن المجاهرة بالمعاصي فإنه مأمول أن يستره الله تعالى يوم القيامة. نسأل الله من فضله، وأن يعيننا وإياكم على طيب الخصال، وكريم الشيم، وطيب الأعمال، وأن يسترنا في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93795 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89655 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف