×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / الحديث وعلومه / رياض الصالحين / 30- باب الشفاعة / (2) حديث" شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمغيث"

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..

فقد روى الإمام البخاري في صحيحه من حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما في قصة بريرة وزوجها، قال: قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:« لو راجعته؟» قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: «إنما أشفع» قالت: لا حاجة لي فيه. رواه البخاري.

بريرة كانت مملوكة وعتقت عتقتها عائشة رضي الله تعالى عنها فأعانتها حتى افتكت من الرق وكانت مزوجة قبل عتقها برجل من الصحابة اسمه مغيث وهو لم يعتق كان عبدا أسود لم يعتق بقي في الرق، فلما عتقت خيرها النبي –صلى الله عليه وسلم- بين أن تبقى على زوجيتها مع مغيث وبين أن تختار نفسها فاختارت نفسها، وكان مغيث رضي الله تعالى عنه يحبه حبا شديدا وهي كارهة للبقاء معه، حتى إن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لعباس: «ألا تعجب من حب مغيث لبريرة ومن بغض بريرة مغيثا» فلما عتقت اختارت نفسها ففارقته، فوجد لذلك شيئا عظيما حتى أنه كان يسير ورائها في الأسواق يبكي يطلب منها أن ترجع وتبقي على زوجيتها.

فكانت تأبى رضي الله تعالى عنها، فرق له –صلى الله عليه وسلم- وشفع له عند بريرة فقال له: لو راجعته عرض عليها أن ترجع إلى مغيث بعقد نكاح فقالت: «أتأمرني» فهمت أو استفهمت من النبي –صلى الله عليه وسلم- من هذه الشفاعة أهي أمر ويلزمها طاعته ولو كرهت ولم ترضى، أم أنه شفاعة ورغبة دون أمر فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إنما أشفع يعني لست أمرا لك بذلك وإنما أتوسط في حصول مقصود مغيث من مراجعتك فقالت رضي الله تعالى عنها: لا حاجة لي فيه أي لم تقبل شفاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- واعتذرت وقالت: لا حاجة لي فيه يعني لا أرغب في الرجوع إليه.

هذا الحديث فيه جملة من الفوائد:

من فوائده أن الحب قد يكون من طرف واحد ولا يلام الطرف الآخر على أنه لا يجد ما يجده المحب، فالمغيث كان يحب بريرة وبريرة لم تجد له هذا الحب.

وفيه أيضا أن تصريح الرجل بمحبة زوجه ليس فيه منقصة، بل فعله سيد البشر –صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح حيث سأله عمرو بن العاص من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة قال من الرجال: قال أبوها، فأخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- بمحبته عائشة وهي زوجته، وهذا مغيث وجد هذا الوجد العظيم في حبه لبريرة وفيه أن التصريح بالحب فيما لا سوء فيه ولا شر ولا فتنة ولا فساد ولا إغراب سوء إنما لطلب الحل والإباحة لا حرج فيه، فإنه أخبرها بمحبته حتى بعد مفارقته لترجع إليه وعلم بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم ينهه عن ذلك لأن مقصده سليم وهو أنه يرغب في نكاحها وفي مراجعتها.

وفيه أيضا أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان بالمؤمنين رءوفا رحيما حيث أنه –صلى الله عليه وسلم- رق لحال هذا الرجل فشفع له وتوسط له مع أنه لم يظهر أنه جاء يطلب الشفاعة من النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما رحمه فشفع له في أن ترجع إليه بريرة.

وفيه أن الشفاعة تكون من الأعلى للأدنى ولا غضاضة في ذلك، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- كان سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، وكان في أعين أصحابه في الذروة من المكانة والمنزلة، ومع ذلك شفع.

وفيه أن المشفوع إليه ينبغي أن يستبين فيما إذا شفع إليه من هو أعلى منه مقاما أو من له عليه حق، أهذا على وجه الأمر اللازم أو هو على وجه التوسط والرغبة في حصول المقصود دون أمر وإلزام حيث سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت: أتأمرني؟ فقال: إنما أنا شافع.

وفيه أيضا من الفوائد أن رد الشفاعة لا حرج فيه إذا لم يكن في ذلك إسقاط حق أو منع واجب فإنها ردت الشفاعة لأنه طلب منها –صلى الله عليه وسلم- شيئا غير لازم لها وإنما هو على وجه الإحسان.

وفيه أن الإنسان ينبغي ألا يكره نفسه على شيء يبغضه، مهما كان الأمر فإن في ذلك من التأثير عليه ما قد يسوء به معاشه وفيه أن البغض قد يكون بين أهل الإيمان لتنافر الطباع وليس لأجل البغضة الدينية فإن مغيث وبريرة من الصحابة الكرام وكلاهما على خير، ولم يذكر في مغيث ما يعيبه وإنما قالت: لا حاجة لي فيه أي أنها كرهته كرها نفسيا، وليس ذلك لأجل نقص في دينه.

ومثله امرأة ثابت بن قيس وهو أحد المبشرين بالجنة، مع ذلك طلبت امرأته منه الفراق وخلعته وجاءت إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- تطلب منه المفارقة في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها.

المقصود أن التنافر في الطباع بين أهل الإسلام قد يورث مجانبة وعدم رغبة في المعاشرة والمقاربة لكن هذا لا يسقط الحقوق، وليس ذلك من البغض الديني الذي يذم عليه صاحبه، إنما هذا انفعال طبيعي إذا لم يسقط حقا ولم يوقع في محرم فإنه لا حرج فيه.

ولذلك لم يعاتبها النبي –صلى الله عليه وسلم- على ما تجد من بغض، ولم يعنفها أنها لم تقبل شفاعته، وفيه أن الشفاعة أجرها ثابت تم المطلوب أو لم يتم، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- ندب إلى ذلك وقال: اشفعوا تؤجروا وهذا إثبات للأجر في كل شافع في مباح أو صالح، ولو لم يحصل المطلوب من شفاعته.

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، علمنا ما ينفعنا وزدنا علما يا عليم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المشاهدات:4045

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..

فقد روى الإمام البخاري في صحيحه من حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما في قِصَّةِ برِيرَةَ وَزَوْجِهَا، قَالَ: قَالَ لَهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:« لَوْ رَاجَعْتِهِ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ تَأمُرُنِي؟ قَالَ: «إنَّمَا أَشْفَع» قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ. رواه البخاري.

بريرة كانت مملوكة وعتقت عتقتها عائشة رضي الله تعالى عنها فأعانتها حتى افتكت من الرق وكانت مزوجة قبل عتقها برجل من الصحابة اسمه مغيث وهو لم يعتق كان عبدًا أسود لم يعتق بقي في الرق، فلما عتقت خيرها النبي –صلى الله عليه وسلم- بين أن تبقى على زوجيتها مع مغيث وبين أن تختار نفسها فاختارت نفسها، وكان مغيث رضي الله تعالى عنه يحبه حبًا شديدًا وهي كارهة للبقاء معه، حتى إن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لعباس: «ألا تعجب من حب مغيث لبريرة ومن بغض بريرة مغيثًا» فلما عتقت اختارت نفسها ففارقته، فوجد لذلك شيئًا عظيمًا حتى أنه كان يسير ورائها في الأسواق يبكي يطلب منها أن ترجع وتبقي على زوجيتها.

فكانت تأبى رضي الله تعالى عنها، فرق له –صلى الله عليه وسلم- وشفع له عند بريرة فقال له: لو راجعته عرض عليها أن ترجع إلى مغيث بعقد نكاح فقالت: «أتأمرني» فهمت أو استفهمت من النبي –صلى الله عليه وسلم- من هذه الشفاعة أهي أمر ويلزمها طاعته ولو كرهت ولم ترضى، أم أنه شفاعة ورغبة دون أمر فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إنما أشفع يعني لست أمرًا لك بذلك وإنما أتوسط في حصول مقصود مغيث من مراجعتك فقالت رضي الله تعالى عنها: لا حاجة لي فيه أي لم تقبل شفاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- واعتذرت وقالت: لا حاجة لي فيه يعني لا أرغب في الرجوع إليه.

هذا الحديث فيه جملة من الفوائد:

من فوائده أن الحب قد يكون من طرف واحد ولا يلام الطرف الآخر على أنه لا يجد ما يجده المحب، فالمغيث كان يحب بريرة وبريرة لم تجد له هذا الحب.

وفيه أيضًا أن تصريح الرجل بمحبة زوجه ليس فيه منقصة، بل فعله سيد البشر –صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح حيث سأله عمرو بن العاص من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة قال من الرجال: قال أبوها، فأخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- بمحبته عائشة وهي زوجته، وهذا مغيث وجد هذا الوجد العظيم في حبه لبريرة وفيه أن التصريح بالحب فيما لا سوء فيه ولا شر ولا فتنة ولا فساد ولا إغراب سوء إنما لطلب الحل والإباحة لا حرج فيه، فإنه أخبرها بمحبته حتى بعد مفارقته لترجع إليه وعلم بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم ينهه عن ذلك لأن مقصده سليم وهو أنه يرغب في نكاحها وفي مراجعتها.

وفيه أيضًا أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان بالمؤمنين رءوفا رحيما حيث أنه –صلى الله عليه وسلم- رق لحال هذا الرجل فشفع له وتوسط له مع أنه لم يظهر أنه جاء يطلب الشفاعة من النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما رحمه فشفع له في أن ترجع إليه بريرة.

وفيه أن الشفاعة تكون من الأعلى للأدنى ولا غضاضة في ذلك، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- كان سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، وكان في أعين أصحابه في الذروة من المكانة والمنزلة، ومع ذلك شفع.

وفيه أن المشفوع إليه ينبغي أن يستبين فيما إذا شفع إليه من هو أعلى منه مقامًا أو من له عليه حق، أهذا على وجه الأمر اللازم أو هو على وجه التوسط والرغبة في حصول المقصود دون أمر وإلزام حيث سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت: أتأمرني؟ فقال: إنما أنا شافع.

وفيه أيضًا من الفوائد أن رد الشفاعة لا حرج فيه إذا لم يكن في ذلك إسقاط حق أو منع واجب فإنها ردت الشفاعة لأنه طلب منها –صلى الله عليه وسلم- شيئًا غير لازم لها وإنما هو على وجه الإحسان.

وفيه أن الإنسان ينبغي ألا يكره نفسه على شيء يبغضه، مهما كان الأمر فإن في ذلك من التأثير عليه ما قد يسوء به معاشه وفيه أن البغض قد يكون بين أهل الإيمان لتنافر الطباع وليس لأجل البغضة الدينية فإن مغيث وبريرة من الصحابة الكرام وكلاهما على خير، ولم يذكر في مغيث ما يعيبه وإنما قالت: لا حاجة لي فيه أي أنها كرهته كرهًا نفسيًا، وليس ذلك لأجل نقص في دينه.

ومثله امرأة ثابت بن قيس وهو أحد المبشرين بالجنة، مع ذلك طلبت امرأته منه الفراق وخلعته وجاءت إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- تطلب منه المفارقة في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها.

المقصود أن التنافر في الطباع بين أهل الإسلام قد يورث مجانبة وعدم رغبة في المعاشرة والمقاربة لكن هذا لا يسقط الحقوق، وليس ذلك من البغض الديني الذي يذم عليه صاحبه، إنما هذا انفعال طبيعي إذا لم يسقط حقًا ولم يوقع في محرم فإنه لا حرج فيه.

ولذلك لم يعاتبها النبي –صلى الله عليه وسلم- على ما تجد من بغض، ولم يعنفها أنها لم تقبل شفاعته، وفيه أن الشفاعة أجرها ثابت تم المطلوب أو لم يتم، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- ندب إلى ذلك وقال: اشفعوا تؤجروا وهذا إثبات للأجر في كل شافع في مباح أو صالح، ولو لم يحصل المطلوب من شفاعته.

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، علمنا ما ينفعنا وزدنا علمًا يا عليم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93876 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89754 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف