المقدم:بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحييكم في بداية هذه الحلقة لبرنامج "الدين والحياة"، والتي نستمر معكم فيها على مدى ساعة كاملة بمشيئة الله تعالى.
في بداية هذه الحلقة مستمعينا الكرام تقبلوا تحياتي محدثكم وائل حمدان الصبحي، ومن الإخراج خالد الزهراني، ومن استديو الهواء لؤي حلبي.
مستمعينا الكرام في حلقات برنامج "الدين والحياة"، نناقش موضوعات تهم المسلم في أمور دينه ودنياه ويتحصل بها على السعادة بمشيئة الله تعالى، ونستعرض رأي كتاب الله –عز وجل- وسنة المصطفي عليه الصلاة والسلام، ونستعرض ما جاء من النصوص الشرعية في كتاب الله –عز وجل- وفي سنة المصطفي أيضًا عليه الصلاة والسلام.
في موضوعاتنا التي نطرحها في هذه الحلقة سنتحدث تحت عنوان "نحو أسرة سعيدة"، سنتحدث عن أسباب السعادة التي يتحصلها الإنسان من نفسه، وأيضًا من خلال تعامله مع الآخرين في محيط أسرته.
ضيف حلقات برنامج "الدين والحياة" هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم.
فضيلة الشيخ! السلام عليكم وأهلًا وسهلًا بك معنا في بداية هذه الحلقة.
الشيخ:-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك أخي وائل وحياك الله.
المقدم:-أهلا وسهلًا فضيلة الشيخ مثل ما ذكرت سنتحدث تحت عنوان "نحو أسرة سعيدة"، سنتحدث عن السعادة وعن أسبابها، وكيف يتحصلها الإنسان في هذه الحياة الدنيا؟ عن تعامله مع زوجته ومع أبنائه، وكيف يصل بهذه الأسرة إلى السعادة وبما يرضي الله –عز وجل-؟
لكن قبل أن نتحدث عن السعادة تحديدًا، دعنا نتحدث عن الأسرة فضيلة الشيخ وأنها هي اللبنة الأولى من لبنات بناء المجتمع، وأيضًا أولاها الشارع الحكيم أولتها الشريعة الإسلامية أهمية كبيرة وبالغة.
الشيخ:- مرحبًا وأهلًا وسهلًا بكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم:-أهلًا وسهلًا، حياك الله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كنت أريد أن أسألك ابتداء فضيلة الشيخ ونحن نتحدث نحو أسرة سعيدة، لا نريد أن نتحدث عن السعادة أولا، نريد أن نتحدث عن الأسرة، وأنها هي اللبنة الأولى من لبنات بناء المجتمع، وأيضًا أعطاها ديننا الإسلامي أهمية وأولاها أهمية بالغة وكثيرة.
الشيخ:-الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..
فالأسرة هي من أعظم المقومات لاستمرار وصلاح البشرية، ولهذا كان أول ما منَّ الله تعالى به على آدم عليه السلام أن خلق له من نفسه زوجة، وذلك أن الأسرة هي الركيزة الأولى التي تنشأ عنها كل التجمعات البشرية.
ولهذا كان من رحمة الله تعالى بآدم -عليه السلام- أن جعل له من نفسه زوجًا، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾[النساء: 1] ثم بعد هذا التزاوج ووجود الزوجة جعل الله تعالى البشر ينتشرون في الأرض ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ﴾[النساء: 1]، وقد ذكر الله تعالى من آياته أن جعل لنا من أنفسنا أزواجًا، قال الله تعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾[النحل: 72]، وهذا يشير إلى الأسرة ابتداء بالزوجين ثم ما يتفرع عنهما من أولاد ذكورًا وإناثًا، وما يتفرع عنهم من ذرية ﴿وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾[النحل: 72].
فالله تعالى امتن على الإنسان بأن جعل له ما يسكن إليه ويجتمع به، ويلتئم معه وهو زوجه الذي خلقه من جنسه حتى يتحقق بذلك الائتلاف والسكن والطمأنينة والانسجام والراحة وتحقيق مصالح المعاش ومصالح المعاد.
ولهذا كان من آيات الله ودلائل عظمته وبيِّنات جميلِ خلقه أن خلق لنا من أنفسنا أزواجًا، يقول الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾[الروم: 21]، وهذا مبدأ تكوُّن الأُسر، والذي يتحقق بهذا الاجتماع ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الروم: 21]، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيَّن ما للأسرة من تأثير فيما ينتج عن هذه الأسرة من بنين وحفدة قال –صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ».[صحيح البخاري:ح1359، ]
أي أنهما في الدرجة الأولى والمرتبة العليا في تشكيل عقيدة وفكر وسلوك ما ينتج عنهما، لذا قال: «فأبواه»يعني الأب والأم «يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه»، فيحصل الخروج عن الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها من تحقيق العبودية له في تأثير الوالدين عليه.
وبه يتبين أن الأسرة هو المكوِّن الأساس لكل المجتمعات وبقدر عناية الناس لصلاح هذا المكون وعنايتهم بالمحافظة عليه ورعايته وتوجيهه وإزالة العوائق التي تحول دون نجاحه بقدر ما يتحقق وينعكس الأثر على المجتمع كله وعلى البشرية بأجمعها، فبقدر ما يتحقق صلاح الأسر يتحقق صلاح المجتمعات.
هذا الترابط وثيق وأكيد؛ ولهذا جعل الله –عز وجل- المسئولية على الوالدين وعلى أفراد الأسرة في الإصلاح والوقاية من الشرور والفساد مسئولية أساسًا، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم: 6]، فجعل الوقاية للأسرة من أسباب الهلاك والشر والفساد الأخروي والدنيوي من مسئولية المؤمنين رجالًا ونساء؛ لأن هذه المسألة لا تقتصر على ذكر أو على أنثي، بل هي مسئولية مشتركة، فخطاب الله –عز وجل- هنا يشمل الرجال والنساء، وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئولٌ عن رعيتِه»[صحيح البخاري:ح893] فالرجل راع في بيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها فالجميع مسئول بقدر ما أعطي من صلاحيات وأنيط به من واجبات، له أثر في تحقيق المطلوب الذي جعله الله تعالى منوطًا بوصف الإيمان ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[التحريم: 6].
فالأسرة إذا رعاها الإنسان وقام بحقها أنتجت الثمار الطيبة، وأنتجت النتاج الطيب وكان لها أثر بالغ في إصلاح المجتمع والمحافظة عليه، ووقايته من الانحرافات، وبعده عن الآفات وسلامته من الشذوذات، وتوجهه إلى الصالحات فيما يتعلق بأمر الدين، وفيما يتعلق بأمر الدنيا، فيتوجه أفراد الأسر الصالحة وأفراد الأسر السليمة إلى البناء وإلى التطوير وإلى المحافظة على المكتسبات وإلى زيادة كل ما يكون زيادةَ خير للمجتمع والأوطان.
ولهذا ينبغي لنا أن نحرص على هذا المكوِّن ونعزِّز ترابطه ونوثِّق صِلاتَه، فبقدر قوة اللحمة بين أفراد الأسرة وقوة الصلة بين المكوِّن الصغير واللبنة الأولى للمجتمع بقدر ما يتحقق للمجتمع ما يصبو إليه من سلامة وأمنٍ ورقيٍّ وطمأنينة وتنمية وسائر المرغوبات الدينية والدنيوية.
بهذا يتبين أن العناية بالأُسر من ضرورات إصلاح المجتمعات، العناية بالأسر وسلامتها من ركائز الأوطان السليمة والمجتمعات الصالحة، ولهذا نحن نبحث عما يحقق السعادة لهذه الأسر؛ لأن بقدر ما تتحقق هذه الأوصاف أوصاف السعادة في الأسر بقدر ما تكون الأسر محقِّقة للمنشود منها من نتاج مبارك وصالح، ولَبِنة قوية لها أثر في صلاح المعاش وصلاح المعاد، صلاح الدنيا وصلاح الدين.
نسير إلى الحديث عن كيف نحقق السعادة في الأسرة؟ وإنما نحن نتحدث عن طرف منها بل نتحدث عن المكوِّنَين الأساسين للأسرة وهما الزوجان، ثم بعد ذلك ما يتفرع عنهما من صِلات وعلاقات الآباء والأبناء والأمهات والأولاد ذكورًا وإناثًا.
المقدم:- اسمح لي فضيلة الشيخ أن نذهب إلى فاصل أول بعده -بمشيئة الله تعالى- نستكمل حديثنا هذا نحو الأسرة السعيدة فاصل مستمعينا الكرام وبعده نكمل الحديث -بمشيئة الله تعالى- ابقوا معنا.
حياكم الله مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة لبرنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، نرحب بكم مجددًا ونرحب أيضًا بفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، أهلًا وسهلًا فضيلة الشيخ مجددًا حياك الله.
الشيخ:- مرحبا بكم حياكم الله، وأهلا وسهلًا بالمستمعين والمستمعات.
المقدم:- أهلا وسهلا فضيلة الشيخ نستكمل حديثنا الذي ابتدأناه وهو تحت عنوان "نحو أسرة سعيدة"، وتحدثنا فضيلة الشيخ ابتداء عن الأسرة وأهميتها، وأنها هي اللبنة الأولى والأساس في بناء المجتمعات، وبصلاحها أيضًا تصلح المجتمعات، نريد أن ننتقل بالحديث فضيلة الشيخ إلى السعادة وأسباب السعادة، طبعا نريد أن نتحدث عن الأسرة بمفهومها الواسع، بمفهومها الكامل لا نتحدث فقط عن الزوجين، إنما نتحدث عن الزوجين والأبناء وعلاقة الأبناء أيضًا بالوالدين.
الشيخ:- أخي الكريم أولًا نحتاج إلى أن نعرف ما هي السعادة التي نسعى إلى أن تكون وصفًا في أُسَرنا؟
السعادة كثير من الناس يذهب إلى توصيفها ببعض ما يحققه، يعني بعض أسبابها، وبعض الناس قد يفسرها ببعض ثمارها ونتائجها، لكن الحقيقة أن السعادة هي أوسع من أن تُحصر في سبب أو أن تُفسَّر بظاهرة، السعادة ليست وَفرةَ مال ولا كثرة مكتسبات، ولا رغدًا في العيش، ولا رفاهية في المعاش، فإن ذلك كله قد يوجد ولا توجد السعادة.
قد يكون الإنسان من أثرى الناس مالًا، ومن أرفههم معاشًا ولكنه يفتقد إلى السعادة.
إذًا السعادة لا تفسر بشيء من هذا، قد تكون من أسباب السعادة وفرة المال، قد يكون من أسباب السعادة رغد العيش، قد يكون من أسباب السعادة تيسر أسباب المعاش، لكن لا يقال: إن السعادة لا تكون إلا بهذا، بل السعادة هي أمر أعظم من هذا كله، هي رضا يسكن النفوس وطمأنينة تغشى الأرواح وانسجام يعمُّ أفرادَ الأسرة، كما أنه لا يمكن أن يقال: إن من لوازم السعادة ألا يوجد ما يمكن أن يكون من عثرات أو إشكالات في الأسرة أو بين أفرادها، فلو كانت السعادة بهذا المعنى لما وصف بيت بسعادة؛ إذ إن البيوت لا تخلو مهما كانت مطمأنة ومهما كانت رضيَّة من مواقف ومن أحوال تعتريها قد يغيب فيها شيء من الطمأنينة، قد يزول عنها شيء من التراضي والغبطة، قد يصيبها شيء من التعثر والتشوش ونوع من الاضطراب.
لكن لما كانت هذه العوارض أو هذه الحوادث ليست هي السمة العامة في المعاش، ولا هي المظهر الدائم في الأسرة فإنه يفهم هذا على أنه من المصائب التي تنزل بالناس ليعرفوا عظيم إنعام الله عليهم بما هم فيه من طمأنينة وتراضي وسكن وراحة وود، فإن الله تعالى قد ذكر في محكم آياته ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾[الروم: 21]، فجعل المرأة سكنا للرجل يسكن قلبه إليها، وجعل بينهما خالصَ الحب وهو المودة وقرن ذلك بالرحمة حتى تكتمل أوجه الإحسان وجميل الصلة والعشرة بالمعروف بين الأزواج.
فليس هو الحب وفقط، قد يكون الحب أحيانًا وبالًا على أصحابه، إذا اقترن بالغيرة الشديدة، إذا اقترن بالعلو الأنا عند الشخص، قد يكون وبالًا على من يحب أحيانًا الشخصيات الحدِّية المزاج المضطرب قد يكون سببًا لأنواع من الاضطراب في المعاملات والعلاقات مع وجود الحب، لكن الله –جل وعلا- ذكر المودة، وذكر قبلها السكن وذكر مع المودة الرحمة ليزيل كلَّ ما يمكن أن يكون من أسباب التنغيص، من أسباب الكدر بين العلاقات وبعضها.
إذًا عندما نتحدث عن السعادة، فنحن نتحدث عن طمأنينة، عن سكن، عن حب، عن رحمة، فلا تخلو الحياة الزوجية السعيدة من مجمل هذه الأوصاف وإن كان يتفاوت القَدْر، يعني قد يزيد السكن وقد تزيد الرحمة وقد يزيد الحب، لكن مجموع هذه الخصال هي التي تحقق السعادة في الأسرة.
روى الطبري في كتابه "التهذيب" أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في شأن زوجها، وكانت قد سألها زوجها أتحبينني؟ فقالت: لا، فقال لها عمر -رضي الله تعالى عنه- ما الذي حملك على أن تقولي: لا؟ مع أنها لم تكن قد طلبت الطلاق أو الفراق، لكن أخبرته بأنها لا تحبه فقالت: إنه قد حلَّفني، يعني طلب مني اليمين على صدق ما أخبره به من أنني أحبه وهي لا تحبه، فكرِهْتُ أن أحلف كذبًا، فقال لها عمر -رضي الله تعالى عنه-: "لِتقلْ إحداكن ولْتَكذِبْ" يعني في هذا المقام "فليس كل البيوت يبنى على الحب إنما هو ولكن العشرة بالإحسان والإسلام".[تهذيب الآثار للطبري:ح236]
هذا التوجيه العمري رضي الله تعالى عنه لفت الأنظار إلى قضية مهمة، وهي ما أشرت إليه قبل قليل من أنه قد يغيب مرتكز من مرتكزات السعادة في درجتها العليا لكن لم يعدم البيت سعادة لتوافر أسباب أخرى من سكن ورحمة، ولو كانت المودة ليست بالمستوى العالي الرفيع، فإنك لم تجد من رحوم أو لم تجد من موصوف برحمة، من ذي رحمة وسكن، ما يؤذيك أو يقلقك أو يزيل عنك السعادة ويحلك الشقاء.
إذًا الخلاصة أن السعادة التي ننشدها في بيوتنا في علاقة الرجل بامرأته، في علاقة الولد بوالده، في علاقة الوالد بأولاده، في علاقة الأسرة بمحيطها وجميع أفرادها أن تكون علاقة منطلقة من الطمأنينة من الرضا من الراحة من السماحة من الرحمة من الحب ولو بقدره الأدنى الذي يتحقق به الانسجام ويتحقق به الائتلاف والالتئام.
هذا ما يتعلق بالسعادة الأسرية، لا يعني هذا أنه يكون الجميع في نسبة واحدة، السعادة درجات ومراتب المطلوب هو تحقيق الحد الأدنى الذي يضمن عدم تعثر هذه الأسرة، عدم تحولها من كونها سكنًا ورحمة ومودة إلى كونها شقاء وبغضة وتنافر وسعي بالإضرار وإلحاق ما يسوء بأطراف الأسرة.
هذا ما يتعلق بمعنى السعادة التي ننشدها في الأسرة، أما الأسباب التي توصل الإنسان إلى ذلك فهي أسباب يمكن أن تصنف عدة تصنيفات:
هناك أسباب عامة تتعلق بمعاش الإنسان، يعني متى يكون الإنسان سعيدًا في حياته؟
لاشك أن المرتكز الأول لتحقيق السعادة في حياة الإنسان هو أن يحقق ما من أجله خُلق، وهذه قضية أساس، أنت الآن عندما تشتري سيارة صغيرة لا يمكن أن تنعم وتسعد بهذه السيارة إذا استعملتها في نقل الأغراض وحولتها إلى سيارة نقليات؛ لأنك خرجت بها عما من أجله صنعت أو ما من أجله تستعمل في العادة وفي العرف، كذلك الإنسان عندما يخرج عما من أجله خلق يفتقد الحياة السعيدة سواء كان أبًا أو أمًّا أو ابنًا أو بنتًا أينما كان موقعه سواء كان متزوجا أو لا.
فالركيزة الأولى التي يحتاجها الإنسان حتى يكوِّن أسرة سعيدة أن نبني في داخلنا المرتكز الأساس لتحقيق السعادة وهو أن نحقِّق ما من أجله خُلقنا له، خُلقنا لعبادة الله فلنكن عبادًا له بقلوبنا، ولنكن عبادًا له بأقوالنا، ولنكن له عبادًا بمعاملاتنا وأفعالنا وأعمالنا، وعندما يتحقق ذلك فثق تمامًا أنك ستنال السعادة التي بها تحسن التعامل مع الخلق وتكوِّن الأسرة السعيدة.
الله –عز وجل- يقول: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾[النحل: 97]، الحياة الطيبة وهي الحياة السعيدة، الحياة الهنيئة لا يمكن أن تدرك إلا بتحقيق الإيمان والعمل الصالح، وهما الغاية من الخلق والأساس الذي يتحقق به مقصود الحياة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات: 56]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾[الملك: 1- 2]، هذا الكلام ليس تنظيرًا، وليس خروجًا عن المقصود من هذه الحلقة وهو تحقيق الأسرة السعيدة أو "نحو أسرة سعيدة"، بل هو إشارة إلى سبب قد يغفل عنه كثير من الناس قد يظن السعادة بأمور تكميلية وينسى أن السعادة مفتاحها الأساس هو تحقيق غاية الوجود، إصلاح ما بينك وبين الله –عز وجل-، فإنك إذا أصلحت ما بينك وبينه أدركت بذلك خير الدنيا والآخرة، هذا هو المرتكز الأول.
وتحقيق ذلك يكون كيف يعني نحقق الغاية من وجودنا؟ تحقيق ذلك بتحقيق العبودية لله، بتوحيده -جل في علاه-، بالعمل الصالح سواء الواجب منه، ما بعد الواجبات التطوعات وألوان القربات، وبذلك يدرك الإنسان ما يؤمله من الخير، ما يؤمله من السعادة في معاشه، ومنه السعادة في حياته.
من الأسباب التي تتعلق بالسعادة في الأسرة وفي معاملة الناس أن يعرف الإنسان مراتب الناس فيما يستحقونه من الإحسان وجميل الصلة، فالناس ليسوا على مرتبة واحدة، القاعدة في علاقة المؤمن بعموم الناس ما ذكره الله تعالى ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾[البقرة: 83]، هذا هو الأصل، وبقدر ما يحقق الإنسان هذا في معاملته لسائر الخلق يدرك السعادة وما يؤمل من الانشراح والبهجة والطمأنينة والراحة، والله –عز وجل- ذكر القول بأنه أيسر ما يكون من العمل الذي يدرك به الإنسان السعادة، وإلا المعاملة بالحسنى مع سائر الخلق أيضًا مندوب إليها؛ ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ».[صحيح البخاري:ح1417]
فمن لم يجد فبكلمة طيبة؛ لأن الكلمة الطيبة وهي الكلمة الحسنة وهي ما ذكره تعالى في قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾[البقرة: 83] لا يعجز عنها إلا عاجز، أما النفع المادي للآخرين وأيضًا إيصال المعاملة الحسنة قد لا يتمكن منها الإنسان، وقد لا تتهيأ له لكن القول الحسن لن يعدل عنه أحد، فهو متيسَّر مع كل أحد.
إذًا الإطار العام أن يعامل الإنسان جميع من يعامله بالحسنى، لكن مراتب الحسنى، مراتب الإحسان، مراتب جميل الصلة، وحسن العلاقة تتفاوت، ولهذا جاء الرجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله: من أبرُّ؟ قال:«أمَّك ثم أباك ثم أختَك وأخاك ثم أدناك فأدناك»[سنن أبي داود:ح5139، وسنن الترمذي:ح1897، وحسنه]، هذا الترتيب النبوي في بيان من أحق الناس بجميل الصحبة وحسن الصلة، يلفت الأنظار إلى أن كلما كانت الصلة أوثق كان الجهد المطلوب بذله بإحسان الصلة وفي البر وفي جميل التعامل أكبر من غيره، وهذا على عكس ما يقع من كثير منا، فكثير منا قد يعامل الأبعاد بشيء من اللطف ولا يجد هذا اللطف في معاملته لأقرب الناس إليه من زوج أو أب أو أم أو ابن أو بنت فبحكم أن علاقته بهم تستند إلى صلة دائمة لا يمكن أن تزول ولا يمكن أن تلغى فيستند إلى هذا الوصف وهو دوام الصلة في التقصير في بذل ما يطلب منه من حسن الصلة.
إذًا ينبغي أن يعرف الإنسان المراتب: حق الوالدين، حق الزوجة، حق الزوج، حق الأبناء، حق البنات.
فالخلاصة التي نريد أن نصل إليها: السعادة في الأسرة هي وصف يكون مستند إلى خصال وأخلاق وأعمال يتحلى بها الإنسان في خاصة نفسه من حسن صلته بالله –عز وجل- ومن منطَلَق وهو أن يعرف الإنسان أنه مأمور بحسن الصلة بالخلق على وجه العموم، ومن له حق ينبغي أن لا ينقص حقه بل ينبغي أن يحفظ حق من له حق من والدين وأزواج سواء المرأة مع زوجها، والرجل مع امرأته وكذلك في صلته بأولاده ذكورًا وإناثًا والعكس.
المرتكز الأساس الذي تطيب به الصلات هو أن يبادر الإنسان إلى أداء الحق الذي عليه وهذا معنى يبخل به كثير من الناس ويُقبِل عنه كثير من الناس أنهم لا يبحثون في معاملتهم مع الناس مع الخلق مع الأسرة معاملة الرجل مع امرأته، معاملة المرأة مع زوجها، معاملة الأب مع أولاده، معاملة الأولاد مع آبائهم وأمهاتهم لا يبحثون عن ماذا يجب عليه إنما يبحثون عما يجب له، وبناء العلاقات على هذا الأصل يجعل العلاقة موتورة وقابلة للانفصال والخصام والخلاف؛ ذلك أنا مجبولون على الكنود والجحود وضعف ما يمكن أن يكون من الحقوق، ولهذا نبه النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى هذا الأمر في علاقة الإنسان بمن له ولاية عليه.
قال –صلى الله عليه وسلم- لما أخبر قال: «إنَّكم ستَرَونَ بعدي أثَرَةً وأمورًا تُنْكِرونها. قالوا: فما تأْمُرُنا؟ قال: أدُّوا إليهم حقَّهم، واسْأَلوا اللهَ الَّذي لكم»[صحيح البخاري:ح7052] فجعل صلاح ما بين الراعي والرعية هو أن تبادر الرعية بأداء الحق الذي عليها، ألا توقف الحقوق التي عليها بالنظر إلى ما لها من حق، هذه علاقة في كل علاقة بشرية ينبغي الإنسان أن يبذل الحق الذي عليه، وأن يفتش عما يجب عليه تجاه الآخرين، وأما الآخرون وما يؤدونه إليك فهنا الله –عز وجل- يقول: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾[الأعراف: 199] أمر بعدم استقصاء لما يكون من الحقوق التي للإنسان على غيره.
إذًا من مرتكزات بناء الأسرة السعيدة هو أن ينطلق الإنسان في معاملته لغيره من منطلق أن أبحث ما الذي علي؟ ما الذي يُطلب مني؟ ما الذي يجب علي وأبادر لبذله بنفس رضية طيبة عند ذلك تصلح الصلات وتستقيم العلاقات.
المقدم:- فضيلة الشيخ قبل أن ننتقل إلى فاصل بعد الفاصل -بمشيئة الله تعالى- بودي أن نسمع إجابتك وكلامك على ما سنتحدث به وهو في قضية النصح والإرشاد للزوجة للأبناء في كثير من الناس قد يفتقد جانب الإحسان إليهم بالقول، الخطاب اللين الهين الذي فيه لين المعاملة معهم، هذا كثير من الناس يتفقده، الله –عز وجل- عندما أرسل نبيه موسى -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم- إلى فرعون الذي طغى قال له: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[طه: 44]، هذا الجانب قد يغفل عنه كثير من الأزواج تحديدًا في تعاملهم مع زوجاتهم ومع أبنائهم نريد أن نأخذ إضاءة في هذا فضيلة الشيخ لكن بعد فاصل قصير، اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده نكمل حديثنا بمشيئة الله تعالى.
أهلا وسهلا بكم مستمعينا الكرام في الجزء الأخير من هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة نرحب بضيفنا الكريم مجددًا فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم أهلا وسهلا فضيلة الشيخ.
الشيخ:- مرحبا بك حياك الله.
المقدم:-فضيلة الشيخ كنت أتحدث معك في جانب الإحسان في التعامل وهو من الأمور الجالبة للسعادة قضية الإحسان في النصح بالقول اللين والهين من خلال تعامل الزوج مع زوجته تحديدًا ومع الأبناء أيضًا.
الشيخ:-الرفق واللطف هو من السمات الجالبة لراحة الإنسان نفسه، وسعادة من يعامله ويعاشره ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم- «إذا أرادَ اللهُ بأهلِ بيتٍ خيرًا أدخلَ عليهمُ الرفقَ»[ مسند أحمد:ح24427، وصححه الألباني في الصحيحة:ح523] يعني رزقهم الرفق؛ إذ أنه لا يكون الرفق في شيء إلا ويجمِّله، ولا ينزع من شيء إلا ويشينه ولذلك مما يتحقق به السعادة في الأسر هو أن يسعى أفرادها إلى التحلي بهذه الخلصة الجميلة هذا الخلق الكريم الذي يدرك به الإنسان من الخير والسعة والطمأنينة وزين المعاش وطيبه ما لا يدركه بغيره.
ولهذا جعل النبي –صلى الله عليه وسلم- من صفات المؤمنين الليونة قال: «المؤمنون هيِّنون ليِّنون، كالجمل الأنِفِإن قِيد انقاد، وإذا أُنيخ على صخرة استناخ».[شعب البيهقي:ح7778، وحسنه الألباني بشواهده في الصحيحة:ح936 ]
الرفق في معاملة الأسرة واللطف في تقويم في المعاملة على وجه العموم وفي تقويم الأخطاء على وجه الخصوص مما يفتح آفاقًا واسعة للإصلاح وللاستقامة ويجلب السعادة؛ ولهذا كان من الصفات والسمات التي اتسم بها النبي –صلى الله عليه وسلم- وكانت من موجبات القبول ما ذكره الله تعالى من قوله: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾[آل عمران: 159]، وهو الممدود بالوحي من السماء، فكون الإنسان يدعو إلى ثواب ويقوِّم أسرته ويدعوهم إلى خير من أبناء وبنات لا يسوغ هذا أن يكون ذلك على وجه فيه غلظة أو فظاظة، فإن الغلظة والفظاظة تفضي إلى رد الحق وعدم قبوله ويجعل الإنسان بعيدًا عن امتثال ما يكون من الخير الذي يؤمله ويطمع فيه.
بهذا من الصفات الأساس التي ينبغي أن يتصف بها الإنسان في معاملته الرفق في كل معاملة، يكون سمحًا في كل معاملة، كن رفيقًا في كل معاملة، كن حليمًا وابذل ما استطعت في اكتساب هذه الخصال، هذه الخصال أحيانًا يمن الله تعالى بها على الشخص يكون ذا علم وأناة ورفق بطبيعة خِلقته، لكن كثير من الناس قد لا يكون كذلك ويحتاج إلى أن يروِّض نفسه وخلقه حتى يكون على هذا النحو من الرفق وعلى هذا النحو من السماحة التي تطيب بها المعاش.
الحياة الزوجية، الحياة الأُسرية يعتريها من التعثرات، يعتريها من العوارض والإشكالات ما قد يحصرها، لكن بقدر ما يكون الإنسان وسيع البال، رفيقًا، حليمًا، رحيمًا، يدرك من تجاوز هذه العثرات ويحقق ما يؤمله من الصلاح.
الله –عز وجل- يقول فيما يتعلق بالرفق بالوالدين ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾[الإسراء: 23- 24] فأمر بالقول الحسن ونهى عن القول الرديء، وأمر بالقول الكريم وهو أكثر من الحسن؛ لأن الحسن الكريم هو كثير الإحسان، وأمر بالإحسان الفعلي واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، حتى في حال الغيبة وهو بالدعاء ﴿وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.
وكذلك في معاملة الأبناء في تقويمهم أتي رجل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في معاملة لغلام طاشت يده في الصحفة قال: «يا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وكُلْ بيَمينِك، وكُلْ ممَّا يليكَ»[صحيح البخاري:ح5376] في رفق وفي رحمة وفي لطف يحقق ما يؤمل الإنسان من الرضا والطمأنينة وسعادة الأسرة.
المقدم:-شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ، شكر الله لك وكتب الله أجرك، أسأل الله –عز وجل- أن ينفعنا بما نقول وما نسمع.
وكان ضيفنا مستمعينا الكرام فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ.
الشيخ:-أنا أشكركم أيضًا وأسأل الله تعالى أن يمن علينا بالألفة والاجتماع، وأن يعيذنا من نزغات الشياطين، وأن يحقق السعادة لنا جميعًا في أُسَرنا وفي معاشنا، وأن يوفق ولاة أمرنا إلى ما يحب ويرضى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وأن يسددهم في الأقوال والأعمال، وأن ينصرنا على من عادنا وأن يحفظ وطننا وسائر الأوطان أوطان المسلمين من كل سوء وشر، وأن يرفع الوباء عن البشرية، وأن يعم الخير البشر وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المقدم:- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، مستمعينا الكرام وصلنا لختام هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة"، في نهايتها كل الشكر لضيفنا الكريم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم.