×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة : الرفق من محاسن الأخلاق

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:7324

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أمَّا بَعد:

فاتقوا الله عباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران: 102].

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: تَحَلَّوْا بِمَحَاسِنِ اَلْأَخْلَاقِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلَ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ رَوَىَ اَلْإِمَامُ أَحْمَدُفِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما مِنْ شيءٍ أثقلُ في الميزانِ مِن حُسنِ الخُلُقِ»أخرجه أبو داود (4799) بإسنادٍ صحيحفَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي حُسْنِ اَلْخُلُقِ، فَقَدْ زَادَ عَلَيْكَ فِي اَلدِّينِ وَالْأَجْرِ.

جَاءَ فِي مُسْنَدِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قاَلَ: «إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ» أخرجَهُ أحمدُ(8952) بإسنادٍ صحيحٍ

فَتَحَلَّوْا بِمَحَاسِنِ اَلْأَخْلَاقِ وَصَالِحِهَا تُؤَجِّرُوا وَتَنَالُوا خَيْرًا عَظِيمًا فِي دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اَلتَّخَلُّقَ بِصِفَاتِ اَلْإِيمَانِ مِنْ مُوجِبَاتِ اَلْفَلاحِ، مِنْ أَسْبَابِ اَلْفَلاحِ أَنْ يَتَخَلَّقَ الإِنْسَانُ بِخِصَالِ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ وَصَفَاتِهِمْ فَقَدْ جَعَلَهَا اَللَّهُ تَعَالَى سَبَبًا لِنَيْلِ اَلْأَجْرِ وَالسَّبْقِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبي طالبٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالىَ عَنْهُ ـ: "صِفَةُ الْمُؤْمِنِ قُوَّةٌ فِي دِينِهِ، وَجُرْأَةٌ فِي لِينٍ، وَإِيمَانٌ فِي يَقِينِهِ، وَحِرْصٌ فِي فِقْهٍ، وَنَشَاطٌ فِي هُدًى، وَبِرٌّ فِي اسْتِقَامَةٍ، وَكَيْسٌ فِي رِفْقٍ، وَعِلْمٌ فِي حِلْمٍ، لَا يَغْلِبُهُ فَرْجُهُ، وَلَا تَفْضَحُهُ بَطْنُهُ، نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ، لَا يَغْتَابُ وَلَا يَتَكَبَّرُ" أخرجه ابن بطة في الإبانة ح(861) .

أُصُولٌ فِي مَحَاسِنِ الأَخْلَاقِ وَطِيِبِ اَلسَّجَايَا خُذُوا بِهَا وَاعْلَمُوا وَاحْتَسَبُوا اَلْأَجْرَ عِنْدَ اَللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّمَا اَلْعَلَم بِالتَّعَلُّمِ وَالِحلْمُ بَالَتَحَلُّمِ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اَلرِّفْقَ مِنْ جَمِيلِ اَلسَّجَايَا وَمِنْ مَحَاسِنِ اَلْأَخْلَاقِ، فَهُوَ خُلُقٌ رَفِيعُ المَقَامِ، جَمِيلُ اَلْعَوَاقِبِ، كِرِيمُ اَلثِّمَارِ، وَهُوَ مِنْ خِصَالِ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ، فَصَالِحُ اَلْأَخْلَاقِ يَنْدَرِجُ فِيهَا وَمِنْ أُسُسِهَا وَأُصُولِهَا اَلرِّفْقُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي كُلِّ شَأْنٍ، فَالرِّفْقُ زِينَةُ كُلِّ شَيْءٍ وَجَمَالُهُ جَاءَ ذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ»مسلم(2594).

اَلرِّفْق أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: لِينٌ فِي الجَانِبِ، فِي المَقَالِ والفِعَالِ فَهُوَ لِينٌ وَسُهُولَةٌ وَيُسْرٌ وَلُطْفٌ، عَطْفٌ وَمُدَارَةٌ، حِكْمَةٌ وَرَحْمَةٌ فَتَحَلَّوْا بِالرِّفْقِ فِي شَأْنِكُمْ كُلِّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اَلرِّفْقَ مِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - فَهُوَ رَفِيقٌ يُحِبُّ أَهْلَ اَلرِّفْقِ يُعْطِيهِمْ بِالرِّفْقِ فَوْقَ أَمَانِيهمْ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: جَاءَ فِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَىَ عَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ – صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى العُنْفِ» مسلم(2593)

فَتَحَلَّوْا بِالرِّفْقِ وَخُذُوا بِخِصَالِهِ وَأَسْبَابِهِ وَسِمَاتِهِ تَكُونوا مِنَ اَلْمُفْلِحِينَ المَحْبُوبِينَ لِرَبِّ اَلْعَالَمَينِ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اَلرِّفْقَ سَبَبٌ لِكَرِيمِ العَطَاءِ مِنْ جَزِيلِ الإِحْسَانِ وَعَظِيمِ المَنِّ وَالكَرَمِ وَالِامْتِنَانِ إِنَّهُ مُوجِبٌ لِعَطَاءِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - فَاَللَّهُ يُعْطِي عَلَى اَلرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى غَيْرِهِ، قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ«إنَّ اللَّهَ لَيُعْطِيِ عَلَىَ الرِّفْقِ ما لا يُعْطِيِ عَلَىَ الخَرَقِ» أَيْ عَلَىَ الحُمْقِ «وإذا أَحَبَّ اللَّهُ عبدًا أَعْطاهُ الرِّفقَ,مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يُحْرَمُونَ الرِّفْقَ إِلَّا قَدْ حُرِمُوا» أَخْرَجَهُ الطبَّرانِيُّ فيِ مُعْجَمِهِ الكبيِرِ (2/306)ح(2274), وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (2592) مُخْتَصَرًا:«مَنْ يُحْرَمُ الرِّفْقَ، يُحْرَمُ الخَيْرَ» أَيْ حُرِمُوا الخَيْرَ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: بِالرِّفْقِ يَنَالُ العَبْدُ الخَيْرَ العَمِيمَ وَيُدْرِكُ الفَضْلَ الكَبِيرَ، فَقَدْ قَالَ اَلنَّبِيُّ – صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «يا عائشةُ، ارْفُقي؛ فإنَّ اللهَ إذا أرادَ بأهلِ بيتٍ خَيرًا، دَلَّهُمْ عَلَىَ بابِ الرِّفقِ» أخرجهُ أحْمَدُ ح(24734), بإسناد صحيح .

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اَلرِّفْقَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ جَمَالُ كُلِّ أَمْرٍ، نَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَى اَلرِّفْقِ فِي تَعَبُّدِنَا لِلَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - وَفِي إِقَامَتِنَا لِشَعَائِرِهِ وَفِي أَخْذِنَا بِدِينِهِ فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إنَّ هذا الدِّينَ مَتينٌ، فأوْغِلوا فيه برِفقٍ» أخرجه أحمد(13052)، وَحَسَّنَهُ مُحَقِّقُهُ لِشَواهِدِهِأَيْ سَيِروا فِيهِ بِرِفْقٍ وَابْلِغُوا الغَايَةَ القُصْوَىَ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ وَيُسْرٍ دُونَ أَنْ تَشَقُّوُا عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُضِيِّعُوا الحُقُوقُ، فَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقاًّ وَلِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطَىَ كُلَّ ذِيِ حَقٍّ حَقَّهُ، فَإِنَّهُ قَدْ هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقَدْ قَالَ: «عليْكُمْ هَديًا قاصِدًا، عليْكُمْ هَدْيًا قاصِدًا، عَليْكُمْ هَدْيًا قاصِدًا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبُهُ»مُسْندأحمد(22963), بإسناد صحيح .

هَكَذَا بَيَّنَ رَسُولُ اَللَّهِ –صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دُخُولُ اَلرِّفْقِ فِي اَلدِّيَانَةِ، وَلِذَلِكَ نَهَىَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنِ اَلْغُلُوِّ فِِي اَلدِّينِ لِمَا فِيهِ مِنَ الخُرُوجِ عَنَ اَلرِّفْقِ وَالصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ.

اَللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا رُشْدَنَا وَقِنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا، حَلِّنَا بِطَيِّبِ الأَخْلَاقِ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا؛ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ.

أَقُولُ هَذَا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمِ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَهُ اَلْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةُ وَلَهُ اَلحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنَ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَىَ يَوْمِ اَلدِّينِ، أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوُ اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، وَالْزَمُوا أَمْرَهُ فِي اَلسِّرِّ وَالعَلَنِ، وَاتَّقَوُهُ فِي الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ؛ تَنَالُوا رِضَاهُ فَإِنَّهُ مِنْ يَتَّقِ اَللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، فَقَدْ قَالَ اَللَّهُ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[الطلاق: 4].

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اَلرِّفْقَ مِنْ خِلَالِ اَلتَّقْوَى وَمِنْ صِفَاتِ اَلْمُتَّقِينَ، فَكُونُوا عَلَى غَايَةِ الحِرْصِ فِي اَلِاتِّصَافِ بِهَذِهِ اَلخَصْلَةِ المُبَارَكَةِ فِي مُعَامَلَةِ اَلنَّاسِ، فَإِنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ نَجَاحِ اَلْعَلَاقَاتِ وَصَلَاحِ اَلصِّلَاتِ وَذَهَابِ العَدَاوَاتِ اُرْفُقُوا بَأهْلَيِكِمْ وَبِجِيرَانِكُمْ وَبِكُلّ مَنْ تُخَالِطُونَهُ؛ فَبِالرِّفْقِ يَحْصُل اَللُّطفْ، بِالرِّفْقِ تَحْصُلُ اَللُّيُونَةُ، بِالرِّفْقِ تَحْصُلُ اَلسَّمَاحَةُ، بِالرِّفْقِ يَحْصُلُ اَلْيُسْرُ، بِالرِّفْقِ تَتَآلَفُ اَلْقُلُوبُ، بِالرِّفْقِ تَجْتَمِعُونَ عَلَىَ الخَيْرِ، بِالرِّفْقِ تُغْلِقُونَ أَبْوَابَ اَلشَّيْطَانِ وَمَدَاخِلَهُ، بِالرِّفْقِ تَنَالُ اَلْأَجْرَ اَلْعَظِيمَ مِنْ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ-.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ اَلرِّفْقَ لَا يَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَىَ اَلْأَحْيَاءِ مِنَ اَلنَّاسِ، بَلْ أَمْرَ بِهِ اَلنَّبِيُّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى فِي مُعَامَلَةِ اَلْأَمْوَاتِ، (ماتَ صَحابِيٌّ بالمدينَةِ فَفَرَغُوُا مِنْ جَهازِهِ فَحَمَلُوا نَعْشَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ –صّلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ارْفُقُوا بِهِ، رَفَقَ اللَّهُ بِهِ، إِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أَخْرَجَهُ ابنُ ماجةَ(1559), وضَعَّفَهُ ُالبوصيري، وَكَذَلِكَ قَالَ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وعَلَىَ آلهِ وَسَلَّمَ «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ»مُسْلِمٌ(2594).

فَيَشْمَلُ كُلَّ أَمْرٍ فِي مُعَامَلَةِ اَلْخَلْقِ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، ذُكُورًا وَإِنَاثًا.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِن آكَدَ صِفَاتِ اَلنَّجَاحِ فِيمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِهِ سَوَاءُ أَكَانَتْ وِلَايَةً عَامَّةً أَوْ وِلَايَةٍ خَاصَّةً أَنْ يَتَحَلَّى بِالرِّفْقِ فِي وِلَايَتِهِ سَوَاءُ أَكَانَ مُدِيرًا أَوْ مُوَظَّفًا أَوْ وَالِدَاً أَوْ مُعَلِّمًا مَهْمَا كَانَتْ جِهَةُ وِلَايَتِهِ إِذَا كَانَ رَفِيقًا نَالَ خَيْرًا عَظِيمًا يَكْفِيهِ فِي الفَضْلِ وَالأَجْرِ وَالمَثُوبَةِ دُعَاءَ اَلنَّبِيِّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ«اللَّهمَّ مَن وَلِيَ مِن أمرِ أمَّتي شيئًا فشَقَّ عليهم فاشقُقْ عليه, ومَن وَلِيَ مِن أمرِ أمَّتي شيئًا فرفَق بهم فارفُقْ به» مسلم(1828)فَالْأَبُ فِي بَيْتِهِ، وَالْأُمُّ فِي بَيْتِهَا، وَالْأَخُ اَلْكَبِيرُ فِي بَيْتِه، وَالْمُدِيرُ فِي عَمَلِهِ، وَالْمُوَظَّفُ فِي مَكْتَبِهِ، كُلُّ أُولَئِكَ يَحْتَاجُونَ إِلَى اَلرِّفْقِ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَمِنْ يَكُونُ تَحْتَ وِلَايَتِهِمْ.

كَذَا أَنْتَ فِي عَلَاقَتِكَ بِجَارِكَ، وَفِي صِلَتِكَ بِذَوِي أَرْحَامِكَ، وَفِي صِلَتِكَ بِأَقَارِبِكَ كُنْ رَفِيقًا تَكُنْ فَائِزًا بِالأَجْرِ وَالمَثُوبَةِ مِنَ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - يُبْعِدَ اَللَّهُ عَنْكَ كُلَّ شَقَاءٍ وَعَنَاءٍ، فَمَنْ رَفَقَ رَفَقَ اَللَّهُ بِهِ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: رَوَىَ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ كَانَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّ الْأُمُورِ إِلَى اللَّهِ الْقَصْدَ فِي الجِدَّةِ). أي الاقتصاد في حال الغنى والعَفْوَ في المقْدِرَةِ (وَالرِّفْقَ فِي الْوِلَايَةِ).

سواءٌكانتْ وِلايةً صَغيِرِةً أَوْ كَبيِرةً (وَمَا رَفَقَ عَبْدٌ بِعَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا رَفَقَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة) مُصَنَّفُ ابْنِ أبِي شيْبَةَ ح(35088).

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: اَلرِّفْقُ نَحْتَاجَهُ فِي مَقَامِ اَلتَّعْلِيمِ وَفِي مَقَامِ اَلنُّصْحِ، وَفِي مَقَامِ اَلتَّوْجِيهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الخَيْرِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ اَلشَّرِّ، فَإِنَّ اَلرِّفْقَ مِنْ دَوَاعِي اَلْقَبُولِ، وَلِذَلِكَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي اِمْتِنَانِهِ عَلَىَ رسوُلِهِ ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ[آل عمران: 159] وَقَدْ جَاءَ فِي اَلْبُخَارِي مِنْ حَدِيثِ ظهير بن رَافِع قَالَ: «لقَدْ نَهَانَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أمْرٍ كانَ بنَا رَافِقًا» البخاري(2339)، ومسلم(1548)أيْ كانَ بِنَا رفَيقًا –صَلَّىَ الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنْ موَاطِنِ اَلرِّفْقِ فِي مُعَامَلَةِ الخَلْقِ اَلرِّفْقَ بِالضُّعَفَاءِ مِنْ اَلْفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ وَالعُمَّالِ مِنَ اَلْخَدَمِ وَكُّلِّ ذِيِ حَالَةٍ ضَعِيفَةٍ، فَاسْتَعْمِلُوا اَلرِّفْقَ فِي مُعَامَلَتِهِمْ فَأَكَرِمُوهُمْ وَأَعَيِنُوهُمْ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مِنَ اَلعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ اِقْضُوا حَوَائِجَهُمْ اِصْبِرُوا عَلَىَ أَخْطَائِهِمْ قَوَّمُوهُمْ بِرِفْقٍ وَرَحْمَةٍ، فَكُلُّ هَذِهِ المَعَانِي تَنْدَرِجُ فِيمَا جَاءَتْ بِهَا اَلشَّرِيعَةُ مِنْ اَلْحَثِّ عَلَى اَلرِّفْقِ وَاللِّينِ فِي مُعَامَلَةِ اَلْخَلقِ، وَعَدَمِ اَلْغِلْظَةِ وَالْعُنْفِ وَالْجَفَاءِ حَتَّى مِمَّنْ كَانَ ذَا خَطَأٍ أَوْ إِسَاءَةٍ.

جاءَ فيِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جابرٍ أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ نَشَرَ اللهُ عَليْهِ كَنفَهُ، وأَدْخَلَهُ جنَّتَهُ: رِفقٌ بالضَّعيفِ، وشَفقةٌ عَلَىَ الوالدَيْنِ، وإحسانٌ إلى المَمْلُوكِ»  التِّرْمِذِيُّ ح(2494), وقالَ غَريبٌ. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ ذَوِيِ حَاجَةٍ فَالرِّفْقُ فِيهِمْ يَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ سِتْرِ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- عَلَىَ العَبْدِ وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ اَلْجَنَّةِ.

اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ طَيِّبِ الخِصَالِ، خُذْ بِنَوَاصِينَا إِلَىَ مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى مِنَ الأَعْمَالِ، اَللَّهُمَّ اِهْدِنَا إِلََى أَحْسَنِ اَلْأَخْلَاقِ وَزِيِّنَا بِهَا يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ العَالَمَينَ، اَللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ إِلَى اَلْبِرِّ وَالتَّقْوَىَ، سَدِّدَهُمْ فِي اَلْأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ، وَاجْعَلْهُمْ لِأَهْلِ اَلْحَقِّ ظَهِيرًا وَنَصِيرًا، اَللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنَّا كُلَّ سُوءٍ وَشَرٍّ، اَللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَّا اَلوَبَاءَ وَاكْفِنَا شَرَّ اَلْغَلَاءِ وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ شَرٍّ وَدَاءٍ وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ اَلْأَتْقِيَاءِ وَاحْشُرْنَا فِيِ زُمْرَةِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ – صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّوُا عَلَىَ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ – صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ فِي هَذَا اليَوْمِ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيَتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَعَلَىَ آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدُ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94000 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف