×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد...

فقد نقل النووي رحمه الله في باب النفقة على العيال:

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول»ثم قال:«وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله».+++البخاري (1428)---

هذا الحديث الشريف تضمن جملة من المعاني، قال صلى الله عليه وسلم : «اليد العليا خير من اليد السفلى» اليد العليا هي اليد المنفقة، وقد جاء ذلك في بعض الروايات مفسرا، وقيل: اليد العليا هي اليد المتعففة لأنها علت عن أن تسأل وتطلب من الغير، وتفسير الحديث بالمعنيين له وجه، فإن اليد العليا هي اليد المنفقة وعلوها بفضلها وبذلها، وليس العلو الذي بمعنى الاستكبار والارتفاع على الخلق على وجه البغي والاعتداء، فهذا ليس مما يثبت فيه خير، قال الله تعالى : ﴿تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين﴾+++[القصص:83]---، فالعلو هنا علو الفضل والبذل والسبق إلى الخير، وليس علو الاستكبار المذموم  ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾+++[آل عمران:139]---، فهو علو طاعة وسبق للخيرات.

والمعنى الآخر أنها اليد المتعففة، وهي التي علت عن أن تطلب من الناس حوائجها؛ بل امتلأ قلبها غنى بالله عز وجل فكفت يدها عن أن تطلب من غيره جل وعلا فكانت عليا من هذا الوجه، علت عن السؤال والطلب والتكفف، خير من اليد السفلى وهي الآخذة الطالبة، ولو كان ذلك على وجه يكون فيه الإنسان محتاجا، فإن التعفف أفضل من السؤال حتى مع الحاجة لكن من سأل ما يستحق لا يعاب، فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر مفاضلة هنا ولم يذكر ذما لليد السفلى؛ بل ذكر مفاضلة بين يدين: يد باذلة أو يد متعففة، بين يد باذلة أو يد متعففة وبين يد سائلة، فجعل الباذلة والمتعففة خيرا من السائلة وفي كلا خير.

ثم قال صلى الله عليه وسلم : «وابدأ بمن تعول» أي وابدأ في الإنفاق والعطاء والبذل بمن تعول قبل غيرهم، ومن تعول هم من يرقب حاجته منك سواء أن كان من الزوجات أو من الأولاد أو من الوالدين أو من ذوي القرابات أو ممن تجب نفقتهم عليك. ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» يعني أفضل ما يكون أجرا في الصدقة وفضلا فيها ما كان عن ظهر غنى، والغنى هنا المقصود به الكفاية لمن تلزمه نفقتهم من نفسه وغيره من زوجات وأولاد وغير ذلك، فإنه إذا كفى هؤلاء كان ذلك وتصدق بعد ذلك كان ذلك من خير الصدقة، وهذا تأكيد لمعنى قوله صلى الله عليه وسلم : «وابدأ بمن تعول» يعني فلا ينفق الإنسان شيئا ينقص من نفقته واجبة؛ لأنه يكون قد قدم تطوعا على فرض، وتقديم التطوع على الفرض مما لا يحمد عليه الإنسان بل يفوت ما يجب عليه ويشتغل بالأدنى عن الأعلى.

ثم قال صلى الله عليه وسلم : «ومن يستعفف يعفه الله» أي من يطلب العفاف، يعفه الله والعفاف معناه العام كف النفس عن المحرم، هذا بمعناه العام ويشمل كل أحوال الإنسان سواء أن كان تعففا عن المحرمات المتعلقة بالبطن، أو بشهوة الفرج، أو بشهوة اللسان والقول، أو بغير ذلك، فالتعفف هو أن يكف الإنسان نفسه عن المحرم. وإطلاقه على كف شهوة الفرج هو من باب تفسيره ببعض معناه أو من باب تفسيره بالمثال فقوله: «ومن يستعفف» أي يكف نفسه عن طلب المال من الناس في هذا السياق؛ لأنه ذكر في سياق مدح التعفف حيث قال: «اليد العليا» وهي اليد المتعففة كما تقدم خير من اليد السفلى. ثم قال صلى الله عليه وسلم : «ومن يستعفف يعفه الله» أي يعينه على العفاف، هذا معنى قوله: يعفه، يعينه على العفاف بتيسيره له، وتذليله وبحصول كفايته، فإنه يكفى بطلب العفاف، فطلب العفاف مما يحصل به للإنسان المقصود، وهذا في كل الأمور فإنه من يتعفف عن المحرم يعوضه الله تعالى عنه، ويبدله الله تعالى خيرا منه، ومن ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه.

«ومن يستغن»أي يطلب الغنى، والمقصود بالغنى هنا يستغني عن سؤال الناس، والنظر إلى ما في أيديهم، يغنه الله أي يرزقه الله تعالى الغنى، والغنى هنا يشمل معنيين: الغنى الذي لا عدل له وهو غنى النفس، ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والثاني أنه يكفيه بإعطائه ما يسد حوائجه، وهذا أيضا مما يدخل في المعنى، والمقصود أن هذا الحديث ندب فيه النبي صلى الله عليه وسلم من التعفف وبين مراتب الإنفاق، وأن الإنسان في الإنفاق يبدأ بنفسه وبمن يعول، ثم بعد ذلك ينتقل إلى من يكون من أهل النفقات، وأهل الإحسان في مرتبة والية ومرتبة تالية.

في الحديث عدة فوائد: فضل الإنفاق في سبيل الله وفي جميع أوجهه، فضل التعفف والاستغناء عن الناس، وعدم سؤالهم، فضل وجوب البداءة بالإنفاق على من تجب النفقة عليهم، أن الفضل في الصدقة إنما يكون فيما زاد على النفقات التي تجب على الإنسان حيث قال صلى الله عليه وسلم : «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى».

وفيه من الفوائد أن من طلب فاضلة من الخلق والحال يسره الله تعالى عنه، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغني يغنه الله، وهذا إشارة إلى أن الفضائل تكتسب التجشم، والتحمل لتحصيلها، فإنه من يتعلم يعلمه الله ومن يتحلم يحلمه الله،إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، رزقنا الله تعالى وإياكم الغنى بفضله، والاستغناء عن خلقه، ووهبنا ما يؤمل من كل خير في سر وعلن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد

المشاهدات:6241

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد...

فقد نقل النووي ـ رحمه الله ـ في باب النفقة على العيال:

عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ»ثم قال:«وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ».البخاري (1428)

هذا الحديث الشريف تضمن جملة من المعاني، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى» اليد العليا هي اليد المنفقة، وقد جاء ذلك في بعض الروايات مفسرًا، وقيل: اليد العليا هي اليد المتعففة لأنها علت عن أن تسأل وتطلب من الغير، وتفسير الحديث بالمعنيين له وجه، فإن اليد العليا هي اليد المنفقة وعلوها بفضلها وبذلها، وليس العلو الذي بمعنى الاستكبار والارتفاع على الخلق على وجه البغي والاعتداء، فهذا ليس مما يثبت فيه خير، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[القصص:83]، فالعلو هنا علو الفضل والبذل والسبق إلى الخير، وليس علو الاستكبار المذموم  ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[آل عمران:139]، فهو علو طاعة وسبق للخيرات.

والمعنى الآخر أنها اليد المتعففة، وهي التي علت عن أن تطلب من الناس حوائجها؛ بل امتلأ قلبها غنى بالله ـ عز وجل ـ فكفت يدها عن أن تطلب من غيره ـ جل وعلا ـ فكانت عليا من هذا الوجه، علت عن السؤال والطلب والتكفف، خير من اليد السفلى وهي الآخذة الطالبة، ولو كان ذلك على وجه يكون فيه الإنسان محتاجًا، فإن التعفف أفضل من السؤال حتى مع الحاجة لكن من سأل ما يستحق لا يعاب، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر مفاضلة هنا ولم يذكر ذمًا لليد السفلى؛ بل ذكر مفاضلة بين يدين: يد باذلة أو يد متعففة، بين يد باذلة أو يد متعففة وبين يد سائلة، فجعل الباذلة والمتعففة خيرًا من السائلة وفي كلًا خير.

ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ» أي وابدأ في الإنفاق والعطاء والبذل بمن تعول قبل غيرهم، ومن تعول هم من يرقب حاجته منك سواء أن كان من الزوجات أو من الأولاد أو من الوالدين أو من ذوي القرابات أو ممن تجب نفقتهم عليك. ثم قال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ: «وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً» يعني أفضل ما يكون أجرًا في الصدقة وفضلًا فيها ما كان عن ظهر غنى، والغنى هنا المقصود به الكفاية لمن تلزمه نفقتهم من نفسه وغيره من زوجات وأولاد وغير ذلك، فإنه إذا كفى هؤلاء كان ذلك وتصدق بعد ذلك كان ذلك من خير الصدقة، وهذا تأكيد لمعنى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ» يعني فلا ينفق الإنسان شيئًا ينقص من نفقته واجبة؛ لأنه يكون قد قدم تطوعًا على فرض، وتقديم التطوع على الفرض مما لا يحمد عليه الإنسان بل يفوت ما يجب عليه ويشتغل بالأدنى عن الأعلى.

ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ» أي من يطلب العفاف، يعفه الله والعفاف معناه العام كف النفس عن المحرم، هذا بمعناه العام ويشمل كل أحوال الإنسان سواء أن كان تعففًا عن المحرمات المتعلقة بالبطن، أو بشهوة الفرج، أو بشهوة اللسان والقول، أو بغير ذلك، فالتعفف هو أن يكف الإنسان نفسه عن المحرم. وإطلاقه على كف شهوة الفرج هو من باب تفسيره ببعض معناه أو من باب تفسيره بالمثال فقوله: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ» أي يكف نفسه عن طلب المال من الناس في هذا السياق؛ لأنه ذكر في سياق مدح التعفف حيث قال: «اليَدُ العُلْيَا» وهي اليد المتعففة كما تقدم خير من اليد السفلى. ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ» أي يعينه على العفاف، هذا معنى قوله: يعفه، يعينه على العفاف بتيسيره له، وتذليله وبحصول كفايته، فإنه يكفى بطلب العفاف، فطلب العفاف مما يحصل به للإنسان المقصود، وهذا في كل الأمور فإنه من يتعفف عن المحرم يعوضه الله ـ تعالى ـ عنه، ويبدله الله ـ تعالى ـ خيرًا منه، ومن ترك لله شيئًا عوضه الله خيرًا منه.

«وَمَنْ يَسْتَغْنِ»أي يطلب الغنى، والمقصود بالغنى هنا يستغني عن سؤال الناس، والنظر إلى ما في أيديهم، يغنه الله أي يرزقه الله ـ تعالى ـ الغنى، والغنى هنا يشمل معنيين: الغنى الذي لا عدل له وهو غنى النفس، ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والثاني أنه يكفيه بإعطائه ما يسد حوائجه، وهذا أيضًا مما يدخل في المعنى، والمقصود أن هذا الحديث ندب فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من التعفف وبين مراتب الإنفاق، وأن الإنسان في الإنفاق يبدأ بنفسه وبمن يعول، ثم بعد ذلك ينتقل إلى من يكون من أهل النفقات، وأهل الإحسان في مرتبة والية ومرتبة تالية.

في الحديث عدة فوائد: فضل الإنفاق في سبيل الله وفي جميع أوجهه، فضل التعفف والاستغناء عن الناس، وعدم سؤالهم، فضل وجوب البداءة بالإنفاق على من تجب النفقة عليهم، أن الفضل في الصدقة إنما يكون فيما زاد على النفقات التي تجب على الإنسان حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كانَ عن ظَهْرِ غِنًى».

وفيه من الفوائد أن من طلب فاضلة من الخلق والحال يسره الله ـ تعالى ـ عنه، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغني يغنه الله، وهذا إشارة إلى أن الفضائل تكتسب التجشم، والتحمل لتحصيلها، فإنه من يتعلم يعلمه الله ومن يتحلم يحلمه الله،إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، رزقنا الله تعالى وإياكم الغنى بفضله، والاستغناء عن خلقه، ووهبنا ما يؤمل من كل خير في سر وعلن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94004 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف