إِنَّ اَلحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أَمَّا بَعْد: فَاتَّقُوُا اَللَّهِ عِبَادَ اَللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَا تَسْتَقِيمُ لَكُمْ تَقْوَى اَللَّهَ تَعَالَى إِلَّا بِأَنْ تَتَّقُوا اَلشُّحَّ؛ فَإِنَّ اَلشُّحَّ أَصْلٌ لِكُلِّ شَرٍّ وَمَنْبَعٌ لِكُلِّ فَسَادٍ وَرَذِيلَةٍ فِي اَلْقَلْبِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ؛ فَبِالشُّحِّ تُجْحَدُ اَلْحُقُوقُ، وَبِالشُّحِّ تُعَطُّل اَلْوَاجِبَاتُ، وَبِالشُّحِّ تُسْفَكُ اَلدِّمَاءُ، وَبِالشُّحِّ تُؤْكَلُ اَلْأَمْوَالُ، وَبِالشُّحِّ تُسْتَبَاحُ اَلْأَعْرَاضُ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ، وَبِالشُّحِّ تُرُوجُ سُوقُ اَلقَطِيعَةِ وَالْعُقُوقِ، وَبِالشُّحِّ تُتْرُكُ اَلْفَضَائِلُ وَيُقْعُدُ عَنِ المكرماتِ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ«اتقوا الشحَّ فإنَّ الشحَّ أهلكَ من كانَ قَبْلَكم حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِمائَهم، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم» مسلم(2578).
وفي السُّنَنِ من حديثِ عبد الله بن عمْروٍ قال – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«إيَّاكم والشُّحَّ؛ فإنَّه أهلَكَ مَن كان قَبلَكم، أمَرَهم بالبُخلِ فبَخِلوا، وأمَرَهم بالفُجورِ ففَجَروا» سنن أبي داود(1698) بإسناد صحيح .
وَلَا عَجَبَ عِبَادَ اَللَّهِ فَإِنَّ اَلشُّحَّ حِرْصٌ عَلَى اَلدُّنْيَا شَدِيدٌ، وَسْعيٌ فِي اَلِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا حَثِيثٌ يُصَاحِبُ ذَلِكَ جَشِعٌ فِي اَلنَّفْسِ وَهَلَعٌ وَخَوْفٌ مِنْ اَلْقِلَّةِ وَالْفَقْرِ، وَسُوءِ طَوِيَّةٍ وَسَيِّئِ عَمَلٍ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، اِحْذَرُوهُ وَاتَّقُوهُ؛ فَإِنَّ اَلشُّحَّ يُفْسِدُ اَلْقُلُوبَ وَيَحْمِلُهَا عَلَى اَلْبَغْيِ وَالظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَكَرَاهِيَةِ اَلْخَيْرِ لِلنَّاسِ وَالْبُخْلِ وَقَطْعِ مَا أَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يُوَصِّلَ، فَالشَّحِيحُ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، يَمْنَعَ مَا أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ اَلْحُقُوقِ، وَيُعَطِّلَ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ اَلْوَاجِبَاتِ.
وَلِذَلِكَ كَانَ ظُهُورُ اَلشُّحِّ وَشُيُوعُهُ فِي اَلنَّاسِ مِنْ عَلَامَاتِ قُرْبِ اَلسَّاعَةِ وَظُهُورِ اَلْفَسَادِ فِي اَلْأَرْضِ، فِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنْقُصُ العَمَلُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ» البخاري(6037)، ومسلم(2215) .
وَالْمُرَادَ بِقَوْلِهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَيَلْقَى اَلشُّحُّ أَيْ يَنْزِلُ اَلشُّحُّ فِي قُلُوبِ اَلنَّاسِ، فَيَحْمِلُهُمْ عَلَى مَنْعِ اَلْخَيْرِ وَالِاعْتِدَاءِ عَلَى اَلخَلْقِ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: اِتَّقَوُا اَلشُّحَّ؛ فَإِنَّ اَلشُّحَّ يَزْرَعُ اَلنِّفَاقَ فِي اَلْقُلُوبِ، كَمَا يَزْرَعُ اَلنَّدَى اَلْعُشْبَ، فَمِنْ أَبْرَزَ صِفَاتِ اَلْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ أَشِحَّةٌ عَلَى اَلْخَيْرِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِهِمْ ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: 19] فَالْمُنَافِقُونَ أَشِحَّةٌ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ بِكُلِّ خَيْرٍ وَفَضَّلٍ يَكْرَهُونَ أَنْ يُسَوُقَ اَللَّهُ تَعَالَى لِمُؤْمِنٍ خَيْرًا فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ.
أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورْ اَلرَّحِيمِ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ اَلْحَمْدُ فِي اَلْأُولَى وَالْآخِرَة وَلَهُ اَلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أمَّا بَعد:
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، وَاتَّقَوْا اَلشُّحَّ؛ فَمَا مِنَّا إِلَّا وَفِيهِ شَيْءُ مِنْ اَلشُّحِّ، فَالشُّحُّ مِنْ طِبَاعِ اَلنُّفُوسِ وَمَا مِنْ نَفْسٍ إِلَّا وَفِيهَا شُحٌّ حَاضِرٌ وَقَدْ أَخْبَرَ اَللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ شُحاً يَحْضُرُهَا فَقَالَ – جَلَّ وَعَلَا -: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء: 128] وَالْمُفْلِحُ اَلسَّعِيدُ وَالْفَائِزُ اَلرَّابِحُ مِنْ وُقِيَ شُحَّ نَفْسِهِ وَنَجَا مِنْ شَرِّ شُحِّهَا اَلْحَاضِرِ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9] وَلَا عَجَبَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ فَإِنَّ اَلسَّلَامَةَ مِنْ اَلشُّحِّ مَصْدَرُ كُلِّ فَضِيلَةٍ وَمَنْبَعُ كُلِّ حَسَنَةٍ بِهَا دَرْكُ كُلٍّ مَحْبُوبٍ، وَبِهَا اَلنَّجَاةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ.
عِبَادَ اَللَّهِ: لَا نَجَاةَ لَكَ أَيُّهَا اَلْمُؤَمَّنُ، عَبدَ اَللَّهِ لَا نَجَاةَ لَكَ مِنْ شُحِّ نَفْسِكَ إِلَّا بِأَنْ تُجَاهِدَ نَفْسَكَ، وَتُغَالِبَ هَوَاكَ وَتَأْخُذَ بِأَسْبَابِ اَلْوِقَايَةِ مِنْ اَلشُّحِّ، ألا وَإنَّ أَعْظَمَ مَا يَقِي اَلْإِنْسَانَ اَلشُّحَّ أَنْ يُعَمِّرَ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ مَحَبَّةً وَتَعْظِيمًا، وَالْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ اَلْآخَرِ يَقِينًا؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ –صلى الله عليه وسلم-«لا يجتمع الشحُّ والإيمانُ في قلب عبدٍ أبدًا» سنن النسائي(3110)بإسناد صحيح .
فَاعْمَلْ رَعَاكَ اَللَّهُ بِتَقْوَى اَللَّهِ تَعَالَى فِي شَأْنِكَ كُلِّهِ فِيمَا تَأْتِي وَتَذَر، فَبِالتَّقْوَى: تَمْلِكَ نَفْسَكَ، تَحْبِسُهَا عَنْ هَوَاهَا، تُذِلُّهَا لِمَوْلَاهَا، تَنْتَصِرُ عَلَيْهَا، تَتَوَقَّى شُحَّ نَفْسِكَ.
قال تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 128]
فَمَنْ يَتَّقِ اَللَّهَ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَتَسْمَحُ نَفْسُهُ وَتَطِيبُ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- فَيَعْمَلهَا طَائِعًا مُنْقَادًا مُنْشَرِح اَلصَّدْرِ لِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى، وَتَسْمَحُ نَفْسُهُ وَتَطِيبُ بِتَرْكِ مَا نَهَى اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنَّ كَانَ مَحْبُوبًا لِنَفْسِهِ، مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ تَسْمَحُ نَفْسُهُ وَتَطِيبُ بِأَدَاءِ اَلْحُقُوقِ فِي اَلْمَالِ، فَيَبْذُلهُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِهِ –جَلَّ وَعَلَا-.
مِنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ تَسْمَحُ نَفْسَهُ وَتَطِيبُ وَتَرْضَى بِمَا قَسَّمَ اَللَّهُ لَهُ، فَلَا حِقْد فِي قَلْبِهِ وَلَا غِلَّ وَلَا بَغِي وَلَا حَسَد، بَلْ يُحِبُّ لِغَيْرِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ عَبْدَ اَللَّهْ، لَا نَجَاةَ لَكَ مِنْ اَلشُّحِّ وَلَا وِقَايَةَ لَكَ مِنْ شُحِّ نَفْسِكَ إِلَّا بِالْإِحْسَانِ قَوْلاً وَعَمَلاً، سِرًّا وَعَلَنًا قال الله تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 128]
فَاحْمِلْ نَفْسَكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ عَلَى اَلإِحْسَانِ مَا اسْتَطَعْتَ جُدْ بِنَفْسِكَ وَمَالِكْ وَجَاهِكَ وَنُصْحِكَ وَطُهْرِ قَلْبِكَ مِنْ اَلْكِبَرِ وَالْغِلِّ وَالحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْعَجَبِ وَأُحِبُّ اَلْخَيْرَ لِكُلِّ أَحَدٍ تُوقَ شُحَّ نَفْسِكَ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ، إِنَّ أَعْلَى مَرَاتِبَ اَلإِحْسَانِ وَالجُودِ اَلَّذِي يَنَالُ بِهِ اَلْمَرْءُ اَلسَّلَامَةَ مِنِ اَلشُّحِّ وَيَتَوَقَّاهُ اَلْإِيثَارُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُؤثِرَ بِمَا تُحِبُّهُ نَفْسُكَ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ، مَعَ حَاجَتِكَ إِلَيْهِ، تُؤْثِرُ غَيْرَكَ بِذَلِكَ وَتَقُدِّمَ حَاجَتَهُ عَلَى حَاجَتِكَ قَالَ اَللَّهُ تعالى في وصفِ الأنصار ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].
عَبْدَ اَللَّهِ: لَا نَجَاةَ لَكَ وَوِقَايَةً مِنْ شُحِّ نَفْسِكَ إِلَّا بِأَنْ تَسْتَعِينَ اَللَّهَ تَعَالَى بِالتَّخَلُّقِ بِطِيبِ اَلْأَخْلَاقِ؛ فَالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالحلْمُ بَالَتَحَلُّمِ فَلَنْ تَنَالَ اَلْمَرَاتِبَ اَلْعَالِيَاتِ إِلَّا بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِكَ وَحَمْلهَا عَلَى اَلْفَضَائِلِ وَكَفِّهَا عَنْ اَلرَّذَائِلِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اَلصَّدَقَةُ فِي وَقْتِ اَلصِّحَّةِ وَالشُّحِّ مِمَّا يُعَظَّمُ بِهِ اَلْأَجْرُ فَهِيَ أَفْضَلُ اَلصَّدَقَاتِ أَجْرًا وَأَعْظُمُهَا مَثُوبَةً عِنْدَ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ اَلصَّدَقَةِ قَالَ: «أنْ تصدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقرَ وتأمُلُ الغِنى» البخاري(1419)، ومسلم(1032) فاستعنْ باللهِ؛ فإنهُ منْ يسْتعنْ بالله يُعنْه.
عَبْدَ اَللَّهِ ، لَنْ تَنَالَ مَا تَرْجُوهُ مِنْ طَيِّبٍ نَفْسَكَ وَسَلَامَتَهَا مِنْ اَلشُّحِّ وَوِقَايَتِهَا مِنْهُ إِلَّا بِفَضْلِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - فَسَلُّ اَللَّهِ أَنْ يَرْزُقَكَ طَيِّبٌ اَلنَّفْسِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ اَلشُّحِّ ، سَلْ اَللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ - صَادِقًا ؛ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَا يُخَيِّبُ مِنْ رَجَاهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِ اَلْأَخْلَاقِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا هُوَ فَأَلِحَّ عَلَى اَللَّهِ بِالدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ اَلدُّعَاءَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ تَحْصِيلِ اَلْمَطْلُوبَاتِ وَالْهِدَايَةِ إِلَى اَلْخِصَالِ اَلطَّيِّبَاتِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِ اَلْأَخْلَاقِ إِلَّا اَللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا اَللَّهُ تَعَالَى.
هَذَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ أَحَدَ اَلْمُبَشِّرِينَ بِالْجَنَّةِ يَدْعُو فِي طَوافَهِ وَيُكَرِّرُ: ( اَللَّهُمَّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي ) يُكَرِّرُ هَذَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ( إِنَّكَ إِنْ وُقِيَتْ شُحَّ نَفْسِكَ لَمْ تَسْرِقْ وَلَمْ تَزْنِ، وَإِنَّكَ إِنَّ وُقِيِتَ شُحَّ نَفْسِكَ فَقَدْ أَفْلَحَتَ كُلَّ اَلْفَلَّاحِ" أخرجه الطبري في تفسيره(3/286) .
اَللَّهُمَّ آتٍ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مِنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلَيُّهَا وَمَوِّلَاهَا، اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلَحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمينَ، اَللَّهُمَّ وَفِّق خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُ اَلْعِبَادِ وَالْبِلَادِ، أَعِنْهُمْ وَسَدَّدَهُمْ فِي اَلْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَاكْتُبْ مِثلَ ذَلِكَ لِسَائِرِ وُلَاةِ أَهْلِ اَلْإِسْلَامِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ، اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ، وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبِنَا غَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم.