المقدم:بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحييكم تحية طيبة عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة في بداية هذه الحلقة مستمعينا الكرام، تقبلوا تحياتي محدثكم وائل حمدان الصبحي، ومن الإخراج مصطفي مستنطق، وتقبلوا تحيات الزملاء من استديوهات إذاعة "نداء الإسلام" مصطفي الصحفي الهواء لؤي حلبي.
نحييكم أيها الكرام في بداية هذه الحلقة المتجددة لبرنامج "الدين والحياة" ونرحب في بدايتها بضيفنا الكريم ضيف حلقات برنامج "الدين والحياة" فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح حياك الله فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك، حياك الله أخي وائل، وأرحب بالإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، حياكم الله.
المقدم: أهلا وسهلًا فضيلة الشيخ مستمعينا الكرام في حلقات برنامج "الدين والحياة" نناقش موضوعات نسلط الضوء عليها من خلال كتاب الله –جل وعلا-، ومن خلال سنة المصطفي -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- يطيب بها معاش الإنسان، وتطيب بها حياته في هذه الحياة الدنيا.
من هذه الموضوعات التي نتحدث عنها ما سنتحدث عنه في هذه الحلقة، وهو حول "إياكم ومحدثات الأمور".
سنتحدث -بمشيئة الله تعالى- عن هذا الموضوع تحديدًا وعن معنى هذا الجزء من كلام نبينا الأكرم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لكن ابتداء فضيلة الشيخ نريد أن نتحدث عن نعمة كمال الدين، هذه النعمة التي منَّ الله –تبارك وتعالى-بها على أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة للجميع، وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المباركين، وأن يملأ أوقاتنا وأعمارنا بما يحب ويرضى جل في علاه.
الله تعالى بعث محمدًا –صلى الله عليه وسلم-بالهدى ودين الحق، وكان قد بعثه على حين فترة من الرسل، وانقطاع من الهدايات، وظلمة عمَّت البشر، فبعث الله تعالى محمدًا –صلى الله عليه وسلم-ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وكان أول ما أمره به أمره بالدعوة إليه وحده لا شريك له بعبادته وحده لا شريك له، وأمره بسائر الأمور الأخرى التي بها أصول صلاح الناس، فأمره بالصلاة والصدق والعفاف والصلة، وهذه كلها قواعد تصلح بها دنيا الناس في صلتهم بربهم، ويصلح بها ما بينهم من العلاقات والصِّلات، ثم تتابع الوحي على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-في بيان الشرائع وإيضاح الدين على وجه امتدَّ مدة حياته –صلى الله عليه وسلم-، حتى بلغ الغاية في كمال هذه الشريعة وإتمامها، فكان أن أنزل الله تعالى على رسوله ممتنًّا عليه وعلى هذه الأمة بل على البشر جميعًا بإكمال الدين، قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة: 3]، وقد نزلت هذه الآية الكريمة المشتملة على بيان عظيم مِنَّة الله تعالى على البشر ببعثة النبي –صلى الله عليه وسلم-، وإكمال الدين له ورضاه –جل وعلا-عن جميع ما في هذا الدين من العقائد والأعمال والشرائع والحدود، كان ذلك في يوم عرفه أنزل الله تعالى هذه الآية على رسوله –صلى الله عليه وسلم-وهو واقف بعرفه، كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أن رجل من اليهود قال له: "يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا هذا اليوم عيدًا"؛ لعظيم ما تضمنته من البشارة لهذه الأمة ولسائر البشر، قال عمر -رضي الله تعالى عنه- لهذا اليهودي: أي أية؟ قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة: 3]، قال عمر -رضي الله تعالى عنه-: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي –صلى الله عليه وسلم-وهو قائم بعرفه يوم الجمعة[صحيح البخاري:ح45، صحيح مسلم:ح3017/5] فلما تضمنت هذه الآية العظيمة الخبر عن كمال الدين، وعن تمام النعمة، وعن رضا رب العالمين -جل في علاه- على هذه الأمة بما شرعه لها من أحكام الدين، كان ذلك من دلائل تمام النعمة على أمة الإسلام، وعلى البشر، وأنه لا سبيل لكمالٍ يصبو إليه الناس ويؤملونه إلا بالوقوف عند هذه الشريعة وما جاءت به من الهدى ودين الحق.
فكان إنزال هذه الآية إيذان بأنه لا سبيل لأحد أن يأتي ويقترح على دين الله –عز وجل-وعلى شرعه ما يقرِّب الناس إلى الخير، ما ترك النبي –صلى الله عليه وسلم-خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّا إلا حذرنا منه –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
فقد استوعب بيانه –صلى الله عليه وسلم-كل خير يخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى سبل الرشاد، وإلى طرق الهداية، وإلى السبيل الذي يصلون به إلى مرضاته جل في علاه.
ولهذا كان بيانه –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في غاية الوضوح وفي غاية الجلاء، فلم يترك –صلى الله عليه وسلم-من الخير خيرًا إلا دل الأمة عليه وبينه لها، وهذا من كمال نصحه –صلى الله عليه وسلم-، ولم يترك شرًّا إلا حذر الأمة منه وبين خطورته لها –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقد أخبر الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- عن كمال بيان النبي –صلى الله عليه وسلم-لهذه الأمة، فما ترك –صلى الله عليه وسلم-شيئًا يقرِّب إلى الله، ويدل عليه، ويهدي إلى الصراط المستقيم، ويباعد عن النار، ويقي شرها إلا بينه للأمة بيانًا جليًّا واضحًا صلوات الله وسلامه عليه.
وبالتالي الكمال الذي يُنشد، ويُصبى إليه، ويُعمل على تحصيله ليس أن يزيد الإنسان في دين الله ما لم يشرع؛ فإن ذلك عمل أهل الجاهلية ممن خالف الملة الحنيفية التي جاء بها النبي –صلى الله عليه وسلم-، فقد قال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾[الشورى: 21]، فعاب الله تعالى عليهم أن زادوا في دينه ما لم يشرعه، وما لم يأذن به، فإنه –جل وعلا- هو الذي يرجع إليه ويصدر عنه -جل في علاه- في معرفة الهدى والطريق الموصل إليه –سبحانه وبحمده-، والعقول لا تستقل ولا تهتدي لمعرفة ذلك على وجه التفصيل، بل لابد من الرجوع إلى كتاب الله –عز وجل-وإلى ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم-من الوصول إلى طريق الهداية.
المقصود: أنه ليس ثمة زيادة في دين الله، إنما لم يترك الله تعالى الدين لآراء الناس وأهوائهم وما يشتهون، وما يحبون، إنما شرع لهم أكمل دين وأوفاه، وأمرهم بطاعته وطاعة رسوله، ولزوم الصراط المستقيم الذي كان عليه سيد الورى صلوات الله وسلامه عليه.
ولهذا ينبغي أن يعلم الإنسان أن الوظيفة التي ينبغي أن يشغل نفسه بها هو السير على ما كان عليه –صلى الله عليه وسلم-والاهتداء بهديه ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب: 21]، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر: 7]، وكل هذا تقرير لما ينبغي أن يشتغل به المؤمن الذي يريد نجاته، وأن شغله هو في اتباع النبي –صلى الله عليه وسلم-، وفي السير على هديه، وفي لزوم سنته هو في اتباعه –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ذلك هو المطلوب وهو الواجب على كل من أراد الهداية، وطمع في النجاة فإنه لا سبيل إلى الرحمة، ولا سبيل إلى نيل محبة الله –عز وجل-، والوصول إلى مرضاته ورضاه جل في علاه، إلا بسلوك هذا السبيل، قال الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[آل عمران: 132]، وقال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[آل عمران: 31].
قال الحسن البصري في هذه الآية: "زعموا قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية"[تفسير ابن كثير:2/32]، أي اختبرهم بهذه الآية، وهي أنهم إن كانوا صادقين في محبة النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فميزان حبه ودليله ومعيار صدق ذلك هو اتباعه –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
ولهذا ينبغي للناس أن يتركوا كل طريق يخرج بهم عن هذا السبيل، وقد كانت الوصية في هذا الأمر على غاية الوضوح والجلاء والظهور على نحو لا يلتبس على من عرف النصوص، وطالع ما جاء به النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقد حذر النبي –صلى الله عليه وسلم- من الخروج عن هديه، بل الله تعالى حذر من ذلك، فقال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور: 63]، وهذا التحذير الكريم من الله –عز وجل- بيان وإيضاح خطورة مجافاة ما كان عليه –صلى الله عليه وسلم-، وترك ما كان عليه من الهدى ودين الحق، فإن الله تعالى يقول محذرًا المخالفين لما كان عليه –صلى الله عليه وسلم-: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾[النور: 63]، بسبب هذه المخالفة أو يصيبهم عذاب أليم.
فبقدر ما يكون مع الإنسان من المخالفة لهديه –صلى الله عليه وسلم-، ولما جاء به من الهدى ودين الحق يكون على خطر من إصابة الفتنة وإدراك العذاب له، ولهذا قال مالك –رحمه الله-في تفسير هذه الآية:"هي شأن أهل البدع وقاعدتهم"[الاعتصام:ص174] لذلك قال الشاطبي –رحمه الله-وهذه الفتنة التي ذكرها الله تعالى في الآية بينها الإمام مالك –رحمه الله-فقال في ذلك: أن مالك بن أنس أتاه رجل فقال يا أبا عبد الله: من أين أُحرم؟ قال: من ذي الحليفة ميقات أهل المدينة من حيث أحرم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فقال الرجل: إني أريد أن أحرم من المسجد، يعني رغبة في الزيادة يحرم من مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فقال له مالك بن أنس إمام دار الهجرة: لا تفعل، قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل، ثم ذكر له تفسير وتسبيب هذا النهي في قوله: "لا تفعل" قال: فإني أخشى عليك من الفتنة، قال الرجل: أي فتنة هذه؟ يعني: ما الذي يصير؟ ما هناك إلا عدة أميال زدتها؟
قال له الإمام مالك: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، إني سمعت الله تعالى يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور: 63]، حذر الله –عز وجل-من مخالفة أمره –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، بزيادة أو نقص والخروج عن هديه، وفهم ذلك سلفنا الصالح وأدركوه.
المقدم: حياكم الله مستمعينا الكرام، نجدد الترحيب بكم ونرحب بضيفنا الكريم مجددًا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، حياك الله فضيلة الشيخ.
الشيخ: حياك الله مرحبا بك، أهلا وسهلا.
المقدم: فقدنا الاتصال بك قبل الفاصل، كنت تتحدث في معرض حديثك حول تعبدنا لله –تبارك وتعالى-بالاتباع، وأنه لا يكون إلا بالاتباع.
جاءت تحذيرات في النصوص كثيرة من كتاب الله –جل وعلا-، ومن سنة المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تحذر عن مخالفة أمر النبي عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: نعم، ومن ذلك ما جاء في السنة؛ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم-كان يوصي أصحابه -صلوات الله وسلامه عليه- في الحذر من البدعة، وجاء ذلك في سياق خطبته –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فكان يقول في خطبته:" «أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».[يأتي تخريجه]
هذا البيان النبوي الذي صدر به النبي –صلى الله عليه وسلم-خطبه، حيث قرر ما يُبنى عليه قوام الديانة، وطريق التعبد لله –عز وجل-، وكيف يحقق الإنسان لزوم الصراط المستقيم، والبعد عن طريق الضلالات في كلمات موجزات، فإنه –صلى الله عليه وسلم- قال: «أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله»وهذا هو المصدر الأول لتلقي الدين، وبعد ذلك عطف عليه ما جاء به –صلى الله عليه وسلم-من الهدي القويم الذي هو ترجمة للقرآن وبيان، فإن الله أنزل الكتاب على محمد –صلى الله عليه وسلم-ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويبين لهم ما نزل إليهم من الهدى ودين الحق.
فكان يقول –صلى الله عليه وسلم-:«وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-»، بعد أن بين هذين الأصلين اللذين يرجع إليهما الدين، ويكمل بهما معرفة الصراط المستقيم والطريق القويم ذكر –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ما ينافي ذلك وهو الخروج عن ذلك بالمحدثات.
ولهذا قال –صلى الله عليه وسلم-«إيَّاكم ومحدثاتِ الأمورِ»، ومحدثات الأمور هن الأمور التي اخترعت واقترحت للوصول إلى مرضات الله –عز وجل-، وإلى ما يظن أنه يوصل إلى رحمته.
ولهذا قال -صلوات الله وسلامه عليه-: «إيَّاكم ومحدثاتِ الأمورِ وشرُّ الأمورِ محدثاتُها، وَكُلُّ مُحدثةٍ بدعةٌ وَكُلُّ بدعةٍ ضلالةٌ»[صحيح مسلم:867/43]، هكذا كان يقول كما في صحيح الإمام مسلم يقول –صلى الله عليه وسلم-في خطبه:«فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة»، وفيه وصيته –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-التي ذكرها العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، وكانت وصية جامعة قال –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لأصحابه: «عليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدِين المهدِيِّينَ مِن بعدي عَضُّوا عليها بالنواجِذِ».[سنن الترمذي:ح2676، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»]
يعني الزموها واستمسكوا بها، واحذروا الخروج منها، وكونوا كما هي حال المستمسك بالشيء على وجه وثيق، «عَضُّوا عليها بالنواجذ»يعني بالأضراس «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة»هكذا يحذر النبي –صلى الله عليه وسلم-أمته من البدع، يبين لهم الطريق الموصل إلى الله، ويبين لهم خطورة الخروج عن ذلك بالمحدثات والمتقرحات مما يقترحه الناس في الوصول إلى مرضات الله –عز وجل-، وإلى الهدى الذي جاء به –صلى الله عليه وسلم-.
لهذا من المهم أن يعرف المؤمن أن النبي –صلى الله عليه وسلم-أكد ضرورة لزوم هديه، والبعد عن كل ما يكون من أسباب الضلال الذي يخرج به الإنسان عن الصراط المستقيم، ومما يتبين به هذا على وجه واضح هو بيان أن كل طريق يسلكه الإنسان ليصل به إلى الله –عز وجل-غير الطريق الذي سلكه النبي –صلى الله عليه وسلم-، فإنه لا يصل إلى هدف، ولا يدرك نتيجة بل يسعي في ضلالة، وهي السبل التي حذر الله تعالى من اتباعها، فقال تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾[الأنعام: 153]، فإن السبل هي الطرق الكثيرة التي يزينها الشيطان ليسلكها الناس، فلا يصلون إلى هدف ولا إلى غاية بل يعودون للخيبة والخسارة، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-كما جاء في الصحيح من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قال –صلى الله عليه وسلم-: «من أحدث في أمرِنا ما ليس منه فهو رَدٌّ».[صحيح البخاري:ح2697]
أي: مردود، وكل من أحدث شيئًا من العبادات أو العقائد مخالفًا لما كان عليه نبينا –صلى الله عليه وسلم-فإنه لا يصل إلا إلى رد، لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:«فهو ردٌّ»أي مردود على صاحبه.
ولهذا ينبغي للإنسان أن يعي هذه المعاني، وأن يدرك أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قد بلَّغ البلاغ المبين، وأكمل الله تعالى به وله الدين، فليس ثمة أكمل من هديه، ولا أخير من طريقه، ولا أحسن من سبيله، فهو الصراط المستقيم وهو الوصل الذي امتن الله تعالى به على هذه الأمة في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾[البقرة: 143]، فإذا تقرر هذا علمنا أنه لا مجال للزيادة في الديانة، وأن النبي –صلى الله عليه وسلم-قد حذرنا غاية التحذير من المحدثات التي تقترحها العقول، وتدعو إليها الآراء، وهي في الحقيقة لا توصل إلا إلى ظلال وهدم للديانة، فكل من ظن أن المحدثات يزيد بها دينه ويصلح بها إيمانه ويستقيم بها شأنه فهو خاطئ، فإن المحدثات لا تزيد الإنسان من الله إلا بعدا.
والإحداث في الدين على نوعين:
- إحداث يتعلق بالعقائد.
- وإحداث يتعلق بالأعمال، وكلاهما خطر على دين الإنسان ومشمول بالتحذير الذي جاء به كتاب الله –عز وجل-، وجاءت به سنته –صلى الله عليه وسلم-، فإن كل ما جاء من التحذير من البدع في الكتاب والسنة شامل لبدع العقائد، وبدع الأعمال.
ولهذا ينبغي أن يحذر الإنسان غاية الحذر من التورط في شيء من البدع صغير أو كبير، دقيق أو جليل، في العقائد أو في الأعمال، فإن التمسك بالسنة نجاة، ولهذا لا يتحقق للمؤمن السلامة من الضلال إلا بلزوم هدي سيد الأنام صلوات الله وسلامه عليه.
نحتاج إلى أن نقف بعد أن ذكرنا أنواع البدع في الجملة: وأنها تنقسم إلى قسمين:
بدع تتعلق بالعقائد، وبدع تتعلق بالأعمال أن نعرف ما هو معنى البدعة؟
البدعة هي ما أحدث في دين الله –عز وجل- مما ليس له أصل يستند إليه في كلام الله، أو في كلام رسوله فهي أمر محدث، فالمحدثات هي البدع وقد تنوعت كلمات العلماء في بيان معنى البدعة، فقال الشاطبي –رحمه الله-: "البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله –عز وجل-"[الاعتصام:1/50]
فعرف البدعة بأنها طريقة مخترعة تجعل في إذاء ومقابل ما شرعه النبي –صلى الله عليه وسلم-هذا توصيفها، ما الغرض منها؟
يقصد بالسلوك عليها: المبالغة في التعبد لله –عز وجل-، وبعبارة أوضح في تعريف البدعة ما ذكره ابن تيمية –رحمه الله-حيث قال:" البدعة هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا أمر استحباب، فهي التعبد لله –عز وجل-بما لم يشرع الله –عز وجل-، ولم يأت بهدي النبي –صلى الله عليه وسلم-، وهنا يتبين معنى البدعة سواء في الاعتقاد، وفي العمل هو أن يسعى الإنسان إلى التقرب إلى الله –عز وجل-بشيء لم تأت به سنة النبي –صلى الله عليه وسلم-، وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به في قوله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر: 7]، ومخالف لما أمر به من اتخاذه أسوة –صلى الله عليه وسلم-في قوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب: 21]، ومخالف لطاعته التي أمر بها ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[آل عمران: 132]، وما إلى ذلك من الآيات التي فيها الأمر باتباعه ولزوم هديه، وما جاء في السنة في هذا الشأن.
فلذلك البدعة باختصار هي: أن تسلك طريق غير طريق النبي –صلى الله عليه وسلم-في الوصول إلى الله سواء كان ذلك في عقيدة أو في عمل، سواء كان ذلك في أمر باطني يتعلق بالقلب، أو كان ذلك في أمر عملي يتعلق بالقول أو بالجوارح من الأعمال.
فينبغي للمؤمن أن يحذر الإحداث في الدين، وأن يدرك أنه كلما زاد في دين الله ما لم يشرعه فقد أضاع الدين؛ لأن الزيادة على هديه –صلى الله عليه وسلم-نقص، فليس في الزيادة إلا النقص، ولهذا قال العلماء الاقتصار في السنة يعني لزوم السنة والاقتصار عليها خير من الاجتهاد في البدعة.
وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-في بيان خطورة البدعة:«كل بدعة ضلالة»أي: لا توصل الإنسان إلى هداية إنما توصله إلى خروج عن الصراط المستقيم، ومجافاة الهدى والخروج عن الطريق القويم الذي سلكه وسنه –صلى الله عليه وسلم-.
ولهذا تكرر في كلام الأئمة من الصحابة رضي الله عنه بعدهم هذا المعنى، هذا عبد الله بن مسعود يقول: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتُم"[سنن الدارمي:ح211، وقال الهيثمي في المجمع(ح853): رجاله رجال الصحيح.] يعني ليس من شأنكم أن تشرِّعوا ولا أن تخترعوا شيئًا من دين الله لم يأذن به الله، إنما عليكم بالاتباع أي لزوم السنة والاقتفاء لأثر النبي –صلى الله عليه وسلم-.
ثم يقول:«وكل بدعة ضلالة»،ويقول: "عليكم بالعلم" يعني بما جاء في القرآن والسنة، "وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق"[سنن الدارمي:145، وضعفه محقق السنن] وعبد الله بن عباس يقول:"إن أبغض الأمور إلى الله البدع"[سنن البيهقي:8573]، وعبد الله بن عمر يقول:" كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة"[أخرجه ابن بطة في الإبانة حديث :205]، وحذيفة -رضي الله تعالى عنه- يقول: "كل عبادة لا يتعبدها أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فلا تعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالًا"[ذكره السيوطي في الأمر بالاتباع: ص6، وعزاه لأبي داود في السنن]
وهذا الإمام أبو حنيفة يقول: عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة.[ذم اتباع الهوى5/207]. وما إلى ذلك من المقالات الشهيرة، هذا الإمام مالك يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[المائدة: 3]، فما لم يكن يومئذ دينًا أي ما لم يكن في زمن النبي –صلى الله عليه وسلم-دينًا فلا يكون اليوم دينًا.
وهذا الإمام الشافعي يقول: "يسقط كل شيء خالف أمر النبي –صلى الله عليه وسلم-، فلا يكون معه رأي ولا قياس، فإن الله قطع العذر عن الناس بقوله –جل وعلا-﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾[المائدة: 3]. [الأم:1/193]
والإمام أحمد يقول: "التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة ضلالة، هذا من الأصول التي تبنى عليها الديانة، وإذا سلم الإنسان دينه بلزوم سنة النبي –صلى الله عليه وسلم-فقد حاز الرضا من الله –جل وعلا-؛ لأنه من رضي فله الرضا، من رضي عن الله وعن رسوله وعن دينه فله الرضا.
والبدعة عدم رضًى بما رضي الله تعالى لنا، فقد رضي لنا الإسلام دينًا، ومن لم يرض الإسلام دينًا فلم يرض عن الله ولا عن رسوله، فليس له رضًى منه جل في علاه.
المقدم: جميل فضيلة الشيخ اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده -بمشيئة الله تعالى- نستكمل حديثنا ونبين في الجزء الأخير من هذه الحلقة بعض ما تبقى من حديثنا عن خطورة البدع بعد هذه الجملة الواسعة من هذا الحديث، نفع الله بك وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ، اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده -بمشيئة الله تعالى- نستكمل حديثنا في هذه الحلقة مستمعينا الكرام ابقوا معنا.
حياكم الله مستمعينا الكرام، في الجزء الأخير من هذه الحلقة لبرنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة نجدد الترحيب بضيفنا الكريم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، حياك الله فضيلة الشيخ أهلا وسهلا.
الشيخ: حياكم الله ومرحبا بكم، وأهلا وسهلا بالإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.
المقدم: أهلا وسهلا فضيلة الشيخ، ذكرت في معرض حديثك مجموعة واسعة من أقوال العلماء من سلف هذه الأمةن والتي تبين خطورة البدع على الإنسان على دينه، وعلى المجتمع أيضًا ككل، بودِّي أن نختم حديثنا فضيلة الشيخ في هذا الجزء الأخير من هذه الحلقة بيان ما تبقى حول خطورة البدع.
الشيخ: البدع خطيرة من جهة كونها مخالفة لأمر الله وأمر رسوله، فأمر الله تعالى وأمر رسوله بيِّنٌ واضح في لزوم ما كان عليه النبي –صلى الله عليه وسلم-، وما جاء به من الهدى ودين الحق، ولهذا كانت كلماته –صلى الله عليه وسلم-واضحة جلية في ضرورة لزوم الكتاب والسنة، والحذر من كل ما هو خروج عنهما، فقال: «فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور»يعني أشرُّها وأقبحها وأبعدها عن الهدى والخير «محدثاتها، وكل بدعة ضلالة».[تقدم]
فالمخالفة لأمر الله وأمر رسوله والخروج عن السنة بالإحداث والبدعة هو مما يفسد على الناس دينهم، ويفسد عليهم دنياهم، وينقصون به عما يؤمِّلونه من الهدى والخير، فإن البدعة لا تزيد أصحابها من الله إلا بعدًا.
ولهذا من خطورة البدعة أنها مخالفة لأمر الله ورسوله.
من خطورة البدعة أنها تفضي بأصحابها عن البعد عن الله –عز وجل-وخروج إلى طرق الضلال، والتورط في ألوان الانحرافات التي يستحوذ بها الشيطان على الناس، ولذلك تجد أن الشيطان ينشط الناس في البدع، سواء كانت بدع اعتقادية، أو عملية؛ لأنه يغريهم بالخروج أكثر عن صراط الله المستقيم، ولذلك إذا وجدت من يتعبد لله تعالى بغير الصراط المستقيم، بغير ما جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- يجد نشاطًا فيما هو فيه، لما يزينه الشيطان له، لما يدعوه لمزيد ضلال سواء كان ذلك في الاعتقاد كبدعة الخوارج، أو كان ذلك في العمل كبدعة الذين يخرجون عن هديه –صلى الله عليه وسلم- بأعمال وعبادات لم يشرعها الله –عز وجل-من خطورة البدعة أنها سبب لرد العمل، فالبدعة لا يقبل معها عمل.
ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في التحذير من بدعة الخوارج قال: «يمرقونَ من الدينِ كما يمرقُ السهمُ من الرَّمِيَّةِ»[صحيح البخاري:3344] أي أن البدعة تفضي بأصحابها إلى الخروج من الدين على نحو سريع، هذا معنى قوله: «يمرقون من الدين»أي يخرجون منه «كما يمرق السهم من الرمية»يعني سريعًا.
فالسهم يخترق الصيد سريعًا، ثم يخرج من الجهة الأخرى كأنه لم يصيبها.
وقد أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه لا يقبل منهم عمل مهما كان على الإتقان فيه من جهة الزيادة والنشاط لكونهم أفسدوا طريقهم بالخروج عن الصراط المستقيم «تحقِرونَ صلاتَكم معَ صلاتِهم وصيامَكم معَ صيامِهم وأعمالكُم مع أعمالهِم».[صحيح البخاري:ح5058]
ولهذا ابن عمر تبرأ من أصحاب البدع فقال: «إذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أني بريءٌ وهم منه برآءُ مني، فوالذي يحلف به عبد الله بن عمر لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا فأنفقه ما تقبله الله منه حتى يؤمن بالقدر»[صحيح مسلم:ح8/1]، قال ذلك في قوم ابتدعوا بدعة في شأن القدر، فقالوا: إن الله لا يعلم ما يكون قبل أن يكون، وأن الأمر أنف، وهذه كلها في شأن البدع الاعتقادية، كيف يبلغ بها الخطر إلى هذا النحو أنه لا يقبل معها عمل صاحبها، ثم إنه فيما يتعلق بالبدع العملية إذا أحدث الإنسان عبادة وعملًا يتقرب به إلى الله لم يشرعه النبي –صلى الله عليه وسلم-، ولم يأت به هديه –صلى الله عليه وسلم-، فهو مردود عليه كما جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «من أحدث في أمرِنا ما ليس منه فهو رَدٌّ»[سبق]، كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد، أي أنه مردود على صاحبه لا يقبل منه.
ولهذا يَتْعَب صاحب البدعة سواء كانت اعتقادية أو عملية ولا يدرك نتيجة، ولا يحصل ما يؤمل من رضى الله –عز وجل-وقبوله.
من خطورة البدع: أنها تتضمن اتهام النبي –صلى الله عليه وسلم-بعدم تبليغ الدين، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالاعتقاد، أو كان فيما يتعلق بالعمل، فإن كل من أحدث في أمر دين الله –عز وجل-ما لم يشرع فقد اتهم النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-بعدم البلاغ، وكأنه يستدرك عليه ويقول: لم يكمل النبي –صلى الله عليه وسلم-الدين على النحو الذي أُمر به.
ولذلك هو يكمل الدين بما يراه من إحداث في العقيدة أو في العمل، فينبغي للإنسان أن يحذر البدعة، وأن يعلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قد بلَّغ البلاغ المبين، واستشهد على ذلك خيار الناس: فقال: «إنَّكم مسؤولونَ عنِّي فما أنتم قائلونَ؟ قالوا نشهَدُ أنَّكَ قد بلَّغْتَ فقال: اللَّهمَّ اشهَدْ»[سنن أبي داود: 1905]، فيحذر الإنسان من أي نوع من أنواع التوهم أنه سيأتي بزيادة من الهدى لم يأت به النبي –صلى الله عليه وسلم-، فكل خير في اتباعه –صلى الله عليه وسلم-وكل شر في سلوك غير سبيله –صلى الله عليه وسلم-.
من خطورة البدع أيضًا: أنها سبب للوقوع في الفتنة، وإصابة الإنسان بعذاب أليم.
من خطورة البدع أيضًا أنها سبب لإبقاء العداوة والبغضاء بين الناس، ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾[الأنعام: 153]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[الأنعام: 159]، فينبغي للإنسان أن يحرص غاية الحرص على اتباع السنة.
وأنا أقول لإخواني وأخواتي: كل عمل لابد فيه أن ينظر الإنسان إلى أمرين:
الأمر الأول: إلى إخلاص النية وابتغاء ما عند الله بالعمل أحسن القصد، ابتغ ما عند الله، أخلص لله عملك.
الثاني: أن يكون على وفق هدي النبي –صلى الله عليه وسلم-هل فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-هذا الفعل؟ هل سنَّه؟ أين الدليل على هذا الفعل؟ فإن ذلك ضمانه تسلم بها من البدع، وبه يخرج الإنسان عن أي نوع من أنواع الضلالة.
نسأل الله أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت، وأن يسلك بنا السبيل القويم والصراط المستقيم، فكل عمل لابد فيه من إخلاص، ولابد فيه من متابعة النبي –صلى الله عليه وسلم-، فالصلاة قال: «صلُّوا كما رأيتُموني أصلِّي»[صحيح البخاري:631] وفي الحج قال: «خُذُوا عني مَناسِكَكم»[صحيح مسلم:1297/310، ولفظه: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»]وهكذا في كل العبادات والطاعات نكون فيها على نحو ما كان عليه؛ فإن النجاة في سلوك سبيله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
المقدم: الله يعطيك العافية فضيلة الشيخ، شكرًا جزيلًا شكر الله لك، وكتب الله أجرك، نسأل الله –عز وجل-أن ينفعنا بما نقول وبما نسمع إنه جواد كريم، بارك الله فيك شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ.
الشيخ: وأنا أشكركم، وأسأل الله تعالى لي ولكم القبول، وأن يوفقنا إلى لزوم السنة والعمل بها، والذب عنها، وأن يثبتنا على الحق، وأن يدفع عنا كل سوء وشر، وأن يوفق ولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده إلى ما يحب ويرضى، وأن يسددهم في الأقوال والأعمال، وأن يديم على بلادنا الأمن والأمان، ويدفع عنا كيد الأشرار، وأن يعجل بعافية الناس ورفع الوباء عنهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.