×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة / ترشيد استهلاك المياه ضرورة حياتية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:7786

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مِنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أَمَّا بَعْد.

فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ فَبِتَقْوَى اَللَّه تَعَالَى يَخْرُجُ اَلْإِنْسَانُ مِنْ كُلِّ ضَائِقَةٍ وَمَكْرُوهٍ، وَبِتَقْوَى اَللَّهِ تَعَالَى يُدْرِكُ كُلُّ مَرْغُوبٍ وَمَأْمُولٍ، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[الطلاق: 2-3].

أَيُّهَا اَلمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ مِنْ آيَاتِ اَللَّهِ اَلظَّاهِرَةِ وَدَلَائِلِ قُدْرَتِهِ اَلْبَاهِرَةِ مَا أَنْزَلَهُ مِنْ اَلسَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ، فَالْمَاءُ أَعْظَمُ مَا أَنْزَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ اَلْأَرْزَاقِ عَلَى عِبَادِهِ ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ[العنكبوت: 62-63]، وَلَا عَجَبَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ فَقَدْ جَعَلَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْمَاءَ حَيَاةً لِكُلِّ شَيْءٍ، فَبِالْمَاءِ حَيَاةُ أَبْدَانِ اَلنَّاسِ وَصَلَاحُ مَعَاشِهِمْ، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ[الأنبياء: 30]، وَبِالمَاءِ اَلعَذْبِ حَيَاةُ اَلْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ، قَالَ –جَلَّ وَعَلَا-: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ المَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[فصلت: 39]، ﴿وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ[الحج: 5]، وقال –جلَّ وعَلَا-: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا[الروم: 50].

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَجْرَى إِنْزَالَ اَلْمَطَرِ مِنْ اَلسَّمَاءِ وَفْقَ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَيُنزِلُ -جَلَّ فِي عُلَاهُ- مِنْ اَلْمَاءِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ، قَالَ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ[الحجر: 21]، ثُمَّ يَنْتَفِعُ مِنْهُ اَلنَّاسُ بِأَنْوَاعٍ مِنْ اَلِانْتِفَاعِ، فَمِنْهُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ اَلْخَلْقُ فِي شُرْبِهِمْ وَسَقْيِهِمْ، وَفِي سَائِرِ مَنَافِعِهِمْ ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[النحل: 10-11]، وَمِنْ اَلْمَاءِ اَلنَّازِلِ مِنْ اَلسَّمَاءِ مَا يُخَزِّنُهُ اَللَّهُ تَعَالَى فِي بَاطِنِ اَلْأَرْضِ لِيَنْتَفِعَ مِنْهُ اَلنَّاسُ فِي مُسْتَقْبَلِ مَعَاشِهِمْ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ[الزمر: 21]، وقال -جلَّ في عُلَاه-: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ[الحجر: 22]، أَيْ لَسْتُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ مَنْ يَتَوَلَّى خَزْنَ هَذَا اَلْمَاءَ، فَمَلِكُهُ لِلَّهِ وَحِفْظُهُ لِلَّهِ ، فَهُوَ اَلَّذِي لَهُ خَزَائِنُ اَلسَّمَاوَاتِ والأرض ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ[الحجر: 21].

أَيُّهَا اَلنَّاسُ: إِنَّ حَاجَتَكُمْ إِلَى اَلْمَاءِ وَضَرُورَتكُمْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ عُظْمَى لَيْسَ فِي بُقْعَةٍ مِنْ اَلْبِقَاعِ، وَلَا فِي مَكَانٍ مِنَ اَلْأَمَاكِنِ، بَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ اَلْبُلْدَانِ وَفِي سَائِرِ اَلْأَمْصَارِ، فَإِنَّ حَاجَةَ اَلنَّاسِ إِلَى اَلْمَاءِ حَاجَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا مَنْ هُوَ فِي قَفْرٍ، أَوْ مَنْ هُوَ بِجِوَارِ نَهْرٍ.

فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعرَفُوا عَظِيمَ إِنْعَامِ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا اَلْمَاءِ، وَعَظِيمَ اَلْأَمَانَةِ اَلَّتِي أُلْقِيَتْ عَلَى كَوَاهِلِكُمْ فِي حِفْظِهِ لَاسِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ عَوَامِلِ قِلَّةِ اَلْمَاءِ، وَأَزْمَةُ تَحْصِيلِهِ، فَقَدْ اِرْتَفَعَ عَدَدُ اَلسُّكَّانِ وَزَادَ اَلطَّلَبُ عَلَى اَلْمِيَاهِ وَتَسَارَعَتْ وَتِيرَةُ اِسْتِخْدَامِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي اَلْعُمْرَانِ وَالصِّنَاعَةِ وَالتَّنْمِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهِ اَلِاسْتِعْمَالِ فَضْلاً عَنْ اَلشُّحِّ وَالتَّغَيُّرِ اَلْبِيئِيِّ اَلَّذِي أَفْضَى إِلَى قِلَّةِ مَوَارِدِ اَلْمَاءِ، فَاحْفَظُوا هَذَا اَلْمَاءِ فَإِنَّ اَلْعَالَمَ بِأَثَرِهِ يَتَدَاعَى إِلَى تَحْقِيقِ اَلْأَمْنِ اَلْمَائِيِّ بِحِمَايَةِ اَلْمَاءِ، وَتَوْفِيرِ مَوَارِدِهِ، وَتَخْفِيفِ أَوْجُهِ اِسْتِهْلَاكِهِ وَتَدْبِيرِ حِفْظِهِ، فَقُومُوا بِمَا يَسَّرَ اَللَّهُ لَكُمْ مِنْ أَسْبَابِ شُكْرِ نِعَمِهِ بِحِفْظِ هَذَا اَلْمَاءِ مِنْ اَلْإِضَاعَةِ وَالْإِهْدَارِ.

أَيُّهَا اَلنَّاسُ: إِنَّ أَزْمَةَ اَلمِيَاهِ أَزْمَةٌ عَالَمِيَّةٌ لَا تَخْتَصُّ بِبَلَدٍ دَوُنَ بَلَدٍ، بَلْ اَلْجَمِيعُ فِي كُلِّ اَلْبُلْدَانِ يَسْعَى إِلَى تَحْقِيقِ اَلْأَمْنِ اَلْمَائِيِّ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ بَلَدٌ عَنْ بَلَدٍ، بَلْ جَمِيعُ اَلْبُلْدَانِ عَلَى هَذَا اَلنَّحْوِ تَسْعَى لِتَأْمِينِ مَائِهَا، وَتَحْقِيقِ اَلكِفَايَةِ وَحِفْظِ مَوَارِدِهَا اَلْمَائِيَّةِ، كُلُّ ذَلِكَ لِعَظِيمِ حَاجَةِ اَلنَّاسِ إِلَى اَلْمَاءِ، وَأَنَّهُ لَا سَبِيل لِلْمَجِيءِ بِالْمَاءِ إِلَّا مِنْ قِبَلِ رَبِّ اَلْمَاءِ -جل في علاه- ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ[الملك: 30].

أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ إِلهُ اَلْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أمًّا بَعْدُ.

فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقَوُا اَللَّهَ تَعَالَى حَقَّ تَقْوَاهُ تُجْلَبْ لَكُمُ اَلْخَيْرَاتُ، وَتُدْفَعْ عَنْكُمُ اَلْمَسَاءَاتُ وَالْمَكْرُوهَاتُ، وَمِنْ يَتَّقِ اَللَّهُ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرَاً.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ اَللَّهَ جَعَلَ اَلْمَاءَ سَبَبًا لِحَيَاةِ اَلْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ، وَسَبَبًا لِقِيَامِ اَلْعُمْرَانِ وَصَلَاحِ اَلبُلْدَانِ، وَانْتِعَاشِ حَالِ اَلإِنْسَانِ، فَقَالَ تَعَالَى فِي أَوْجَزِ عِبَارِةٍ وَأَبْلَغِ بَيَانٍ: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ[الأنبياء: 30]، فَضَرُورَةُ اَلْبَشَرِيَّةِ إِلَى اَلْمَاءِ فَوْقَ كُلِّ ضَرُورَةٍ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ حَيَاةُ اَلنَّاسِ قَائِمَةً عَلَى اَلْمَاءِ، فَحَيْثُ وُجِدَ اَلمَاءُ وُجِدَتِ اَلْحَيَاةُ، فَلَا حَيَاةَ وَلَا نُمُوَّ وَلَا تَنْمِيَةً وَلَا صِنَاعَةً وَلَا زِرَاعَةً وَلَا اِزْدِهَارَ وَلَا عُمْرَانَ لِلْأَرْضِ إِلَّا بِالْمَاءِ.

وَلِذَلِكَ مِنْ سَالِفِ اَلزَّمَانِ كَانَ مَعَاشُ اَلنَّاسِ بِالْقُرْبِ مِنْ مَوَارِدِ اَلْمِيَاهِ فِي اَلصَّحَارِي، أَوْ فِي اَلْأَمْصَارِ.

أَيُّهَا اَلنَّاسُ: نَحْنُ فِي هَذِهِ اَلْبِلَادِ فِي بُقْعَةٍ مِنْ اَلْأَرْضِ صَحْرَاوِيَّة اَلطَّبِيعَةِ، مَوَارِدُ اَلْمَاءِ فِيهَا قَلِيلَةٌ، فَحَاجَتُنَا إِلَى اَلتَّنَبهِ إِلَى حِفْظِ اَلْمَاءِ وَرِعَايَتِهِ وَتَحْقِيقِ اَلْأَمْنِ اَلْمَائِيِّ حَاجَةٌ ضَرُورِيَّةٌ، حَاجَةٌ مَصِيرِيَّةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- لِمَا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ اَلْبَلَدِ اَلْحَرَامِ، وَأَسْكَنَ ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ وَهَاجَرَ، مهاجراً إِلَى اَللَّهِ وَدَعَاهُ، قال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ[إبراهيم: 37]، يَعْنِي لَا حَرْثَ فِيهِ وَلَا مَاءَ، فَطَبِيعَةُ اَلْبِلَادِ اَلَّتِي نَعِيشُ فِيهَا عَلَى هَذَا اَلنَّحْوِ مِنْ قِلَّةِ اَلْمَوَارِدِ اَلْمَائِيَّةِ، وَذَاكَ يَتَطَلَّبُ جُهْدًا مُضَاعَفًا وَتَعَاوُنًا مِنْ اَلْجَمِيعِ فِي اَلتَّنَبهِ لِخُطُورَةِ أَزْمَةِ اَلْمَاءِ وَقِلَّةِ مَوَارِدِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُهَدِّدُ مَصَالِحَ اَلنَّاسِ وَمَعَاشَهُمْ، وَهَذَا اَلْوَاجِبُ وَاجِبٌ دِينِيٌّ شَرْعِيٌّ، وَوَاجِبٌ وَطَنِيٌّ يَتَحَقَّقُ بِهِ صَلَاحُ مَعَاشِ اَلنَّاسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى قَطَرَاتِ اَلْمَاءِ مِنْ أَوْجَبَ مَا يَكُونُ عَلَى اَلْإِنْسَانِ فِي مِثْلِ هَذِهِ اَلظُّرُوفِ، ذَلِكَ قِيَامًا بِالْوَاجِبِ اَلَّذِي أَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ صِيَانَةِ اَلنِّعَم، وَحِفْظَ اَلْأَمْوَالِ، وَصِيَانَةِ اَلثَّرْوَةِ اَلْمَائِيَّةِ مِنْ اَلضَّيَاعِ، فَإِنَّ اَلْمَاءَ أَنْفَسُ اَلْمَالِ، وَقَدْ نَهَى اَللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِضَاعَةِ اَلْمَالِ.

أَيُّهَا اَلنَّاسُ: لَا يَسْتَشْعِرُ كَثِيرُ مِنَّا خُطُورَةَ قِلَّةِ اَلْمِيَاهِ وَشُحِّهَا، وَضَرُورَةُ اَلْمُبَادَرَةِ إِلَى حِفْظِهَا، وَمُعَالَجَةُ أَسْبَابِ إِهْدَارِهَا وَضَيَاعِهَا، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِوَفْرَةِ مَا فِي أَيْدِينَا مِنْ اَلْمِيَاهِ، وَلِلَّهِ اَلْحَمْدُ، وَذَاكَ بِمَا يَسَّرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ اَلْبِلَادِ مِنْ تَوْفِيقِ وُلَاةِ أَمْرِهَا مُنْذُ تَأْسِيسِ هَذِهِ اَلْبِلَادِ حَيْثُ تَنَبَّهُوا إِلَى قِلَّةِ اَلْمَوَارِدِ وَشَّحَهَا، فَقَامُوا بِمَا يُكَوُنُ سَبَبًا لِحِفْظِهَا وَتَوْفِيرِ اَلْمِيَاهِ لَمِنْ عَلَى أَرْضِهَا، فَفَتَحَ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ اَلْمِيَاهِ اَلْمُحَلَّاةِ اَلَّتِي تُغَذِّي اَلْمُدُنَ وَالْقُرَى وَالْفَيَافِي وَالْقِفَارَ، حَتَّى غَدَتْ بِلَادُنَا اَلسُّعُودِيَّةُ -حَرَسَهَا اَللَّهُ- هِيَ اَلدَّوْلَةُ اَلْأَكْثَرُ إِنْتَاجًا لِلْمِيَاهِ اَلْمُحَلَّاةِ عَلَى مُسْتَوَى اَلْعَالَمِ، فَجَزَى اَللَّهُ وُلَاةَ أَمْرِنَا خَيْرًا عَلَى مَا يَبْذُلُونَهُ، وَنَسْأَلُهُ اَلْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

وَهَذِهِ اَلنِّعْمَةُ تَسْتَوْجِبُ شُكْرًا بِأَنْ نَحْفَظَ هَذِهِ اَلنِّعْمَةَ، فَلَا نَكْفُرُهَا بِإِضَاعَتِهَا وَالِاسْتِهَانَةِ بِهَا.

إِنَّ وَفْرَةَ اَلْمِيَاهِ اَلْمُحَلَّاةِ نِعْمَةٌ تَسْتَوْجِبُ شُكْرًا، وَمِنْ شُكْرِ هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ أَنْ نَبْذُلَ وُسْعُنَا فِي تَرْشِيدِ اِسْتِعْمَالِ اَلْمِيَاهِ عَلَى اَلْوَجْهِ اَلَّذِي يَقْضِي حَوَائِجَنَا دُونَ سَرَفْ وَلَا تَبْذِيرٍ وَلَا هَدْرٍ لِهَذِهِ اَلنِّعْمَةِ، فَالْمَاءُ ثَرْوَةٌ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءُ مِنْ اَلثَّرَوَاتِ، فَالْمَاءُ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَفَقْدُهُ مَوْتٌ لِلْإِنْسَانِ، وَخَرَابٌ لِلْعُمْرَانِ، وَهَلَاكٌ لِلْبُلْدَانِ فَاحْفَظُوا مَادَّةَ حَيَاتِكُمْ بِتَرْشِيدِهَا، وَاقْتَصَدُوا فِي اِسْتِعْمَالِ اَلْمِيَاهِ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُجْرِي اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْكُمْ خَيْرًا فِي مَعَاشِكُمْ وَمَعَادِكُمْ، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اَللَّهُمَّ اِحْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَاكِلْأنَا بِرِعَايَتِكَ، وَارْزُقْنَا شُكْرَ نِعَمِك، وَتَابَعْ عَلَيْنَا مِنَنِكَ وَأَفْضَالَكَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسُنَا وَإِنَّ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرَحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ اَلخَاسِرِينَ، اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلَحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمَيَنِ، اَللَّهُمَّ وَفْق وَلِيِّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ إِلَى اَلْبَرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرً، اَللَّهُمَّ اِحْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ، اَللَّهُمَّ عَجَّلْ بِرَفْعِ اَلْوَبَاءِ عَنْ اَلبِلَادِ وَالعِبَادِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ اَلْأَخْلَاقِ وَالأَهْوَاءِ وَالْأَدْوَاءِ، أَصْلِحَ قُلُوبَنَا وَبَلَّغْنَا مَرْضَاتِكَ فِي أَقْوَالِنَا وَأَعْمَالِنَا، فِي سَرَّنَا وَإِعْلَانِنَا يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

صَلَّوْا عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْلَ بِهِ دَرَجَاتُكُمْ، تَنَالَ بِهِ خَيْرًا وَبَرًّا، مِنْ صَلَّى عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ عَشْرًا، اَللَّهُمَّ صِلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلَ مُحَمَّد كَمَا صَلَّيَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلَ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدْ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93791 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89652 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف