المقدم:بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحييكم تحية طيبة في بداية هذه الحلقة المتجددة لبرنامج "الدين والحياة"، عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة.
نحييكم أنا محدثكم في بداية هذه الحلقة، وأنقل لكم تحايا مخرج هذه الحلقة عادل السلهبي، باسمكم جميعًا مستمعينا الكرام أرحب بضيف حلقات برنامج "الدين والحياة" فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم.
فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا.
الشيخ:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك أخي وائل، وحيا الله بالإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.
المقدم: أهلا وسهلًا فضيلة الشيخ بمشيئة الله تعالى سيكون حديثنا في هذه الحلقة حول موضوع مختلف، سنتحدث فيه بمشيئة الله تعالى، أو هو لا نقول مختلفًا، ولكن هو في سياقات حديثنا وفي سياقات مواضوعينا التي سنتحدث فيها في برنامج "الدين والحياة"، والتي تهم المسلم في أمور دينه ودنياه، ويتقرب ويتعبد بها إلى الله –تبارك وتعالى-.
سنتحدث في هذه الحلقة فضيلة الشيخ عن فضائل الأعمال الصالحة قواعد وضوابط، سنتحدث حولها بمشيئة الله تعالى، لكن ابتداء حديثنا فضيلة الشيخ ماذا نقصد بفضائل الأعمال التي سنتحدث عنها في ثنايا هذه الحلقة بحول الله –تبارك وتعالى-؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييك وأحيي جميع الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، وأسأل الله تعالى لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح.
فيما يتعلق بالأعمال الصالحة وفضائلها، الأعمال الصالحة هي كل ما أمر الله تعالى به ورسوله من الطاعات والعبادات الظاهرة والباطنة، الواجبة والمستحبة، فالعمل الصالح اسم لكل ما أمر الله تعالى به من الواجبات كالمكتوبات في الصلوات، ومن المستحبات كالنوافل والتطوعات في الصلوات، وأيضًا مما يتعلق بالعمل الظاهر والعمل الباطن، العمل الظاهر ما تقع عليه الأعين والأسماع ما يدرك بالحواس من رؤية المصلي، وسماع تلاوة التالي للقرآن، والباطن هو ما يقوم في قلبه من الإخلاص لله –عز وجل-والرغبة فيه.
كل هذا يندرج في العمل الصالح، فالعمل الصالح منه ما هو ظاهر ومنه ما هو باطن، العمل الصالح منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، وهذه الأعمال الصالحة لها فضائل جاءت بها النصوص، فضائل تبين منزلتها وتبين مكانتها وتظهر شريف قدرها والأجور المترتبة عليها، فالفضائل هي ما رتبه الله تعالى فضائل الأعمال الصالحة هو ما رتبه الله تعالى على تلك الأعمال من الأجور العاجلة والآجلة، من الثواب الدنيوي والأخروي.
فالأعمال الصالحة منها ما يدرك أجره في الدنيا، وما يدخره الله في الآخرة أعلى وأعظم، ومنها ما يكون أجره في الآخرة، ففضائل الأعمال هي الأجور التي رتبت على العمل، وإذا كان كذلك فإن جميع العمل الصالح له فضل، فكل عبادة يتبعد بها الإنسان لربه –عز وجل-يؤجر عليها الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾[الزلزلة: 7-8] لكن عندما نتكلم عن الفضائل الأعمال فنحن نتحدث عن الأعمال التي جاء فيها ذكر فضل خاص.
وبالتالي فضائل الأعمال هي أجورها وثوابها، وما وعد الله تعالى العاملين بها من الأجور والعطايا والهبات في الدنيا وفي الآخرة.
المقدم: أيضًا بحديثنا عن فضائل الأعمال، بالتأكيد ورد في كتاب الله تعالى الكثير من الفضائل المتعلقة بالأعمال، وأيضًا في سنة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، نريد أن نتحدث عن الفضائل التي وردت في الأعمال في كتاب الله تعالى، وفي سنة المصطفي عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: الفضائل في الأعمال كما تقدم أن الفضائل في الكتاب والسنة هي الأجور والثواب المرتب على العمل، وقد جاء هذا في كلام الله وكلام رسوله –صلى الله عليه وسلم-على نحوين، على قسمين:
فضل العمل الصالح إجمالًا، وهذا في نصوص كثيرة في الكتاب والسنة، يبين الله تعالى ثواب وأجر من عمل صالحًا ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾[النحل: 97]، والآيات التي ذكر الله تعالى فيها الأجر على العمل الصالح وثوابه أكثر من أن تحصر، وكلها تبين عظيم الأجر المرتب على الصالحات، من ذلك على سبيل المثال قول الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾[البقرة: 25]، ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[البقرة: 82]، ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾[النساء: 124]، الإشادة وبيان الأجر المرتب على العمل الصالح إجمالًا كثير في كتاب الله –عز وجل-، وسمي النبي –صلى الله عليه وسلم-آية في كتاب الله بالجامعة الفذة التي جمعت الأجور المرتبة على صالح العمل، القليل منه والكثير، فيما جاء في الصحيح من قوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عندما سئل عن الأجر على بعض الأعمال؟ فقال«ما أنزل الله علي فيها شيء إلا الآية الفاذَّة الجامعة، ثم قرأ قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾[الزلزلة: 7-8]. [صحيح البخاري:ح1371، وصحيح مسلم:ح987/24]
فهذه الآية الكريمة بينت عظيم الأجر المرتب على كل عمل صالح، ولو كان أدقَّ ما يكون، وأقل ما يكون، فإن النبي سئل عن الأجر على جملة من الأعمال الصالحة، ثم جاء قال –صلى الله عليه وسلم-في عمل من أعماله أنه لم ينزل عليه شيء، يعني لم يوح إليه في فضله شيءٌ خاص، إنما الأجر والثواب الذي يعلمه في ذلك هو ما دلت عليه هذه الآية الجامعة الفاذة كما سماها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-كما في الصحيح.
هذا قسم من أقسام فضائل الأعمال في كتاب الله –عز وجل-، وكذلك جاء ذكر فضل بعض الأعمال على وجه الخصوص، قال تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾[البقرة: 271]، فذكر –جل وعلا-، هنا فضل العمل بالصدقة المعلنة، والعمل بالصدقة الخاصة، وهي صدقة السر، صدقة الخفاء ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾[البقرة: 271]، فالقرآن مليء بذكر فضائل الأعمال عامة وفضائل الأعمال خاصة، وأما السنة فالسنة جاءت ببيان القرآن، وهي على نحو ذلك في بيان الأجور المرتبة على الأعمال الصالحة، جاءت مبينة للأجر في العمل الصالح على وجه العموم، وجاءت مبينة في أحاديث كثيرة مفصلة للأجر على الأعمال الصالحة الخاصة، بمعنى يعني أعمال ورد فيها فضل خاص في الصلاة، وفي الصوم، وفي سائر أنواع القربات، وصنوف الطاعات والأعمال الصالحات.
فالأجور المرتبة على العمل الصالح في السنة كثيرة، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما سئل عن «أيُّ العملِ أفضلُ؟ قالَ إيمانٌ باللَّهِ ورسولِهِ، قيلَ ثمَّ ماذا؟ قالَ: الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، قيلَ ثمَّ ماذا؟ قالَ حجٌّ مبرورٌ»[صحيح البخاري:26، صحيح مسلم:ح83/135] فالنبي –صلى الله عليه وسلم-بين فضل هذه الأعمال، وأنها من أفضل الأعمال، وسئل –صلى الله عليه وسلم- «أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا»[صحيح البخاري:ح527]، وسئل في حديث آخر «أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قالَ: تُطعمُ الطَّعامَ، وتُقرئُ السَّلامَ على من عرفتَ ومن لم تعرِفْ»[صحيح البخاري:ح12، صحيح مسلم:ح39/63]، وبيَّن فضل الذكر، فقال كما في حديث أبي الدرداء في السنن: «ألَا أُخبِرُكم بخيرِ أعمالِكم وأَزكاها عِندَ مَليكِكم ، وأَرفَعِها في دَرَجاتِكم ، وخيرٍ لكم مِن إنفاقِ الذهَبِ والفِضَّةِ ، وخيرٍ لكم مِن أنْ تَلقَوا عَدُوَّكم فتَضرِبوا أعناقَهم ، ويَضرِبوا أعناقَكم ؟ قال: بلَى. قال: ذِكرُ اللهِ عزَّ وجَلَّ»[سنن الترمذي:ح3377، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه]، أي الاشتغال بذكره –سبحانه وبحمده-، فالنصوص في السنة في بيان صالح العمل وفضائل الأعمال كثيرة، ومنه قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»[صحيح البخاري:ح37، صحيح مسلم:ح729/173] و «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، ومَن قامَ لَيلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ»[صحيح البخاري:ح2014] فكل هذه نصوص وهي متنوعة كثيرة في ذكر فضائل الأعمال في كلام خير الورى وخاتم المرسلين صلوات الله وسلامه عليه.
والخلاصة: أن فضائل الأعمال في الكتاب والسنة جاءت على نوعين:
جاءت ببيان الفضل العام لكل عمل صالح، وجاءت ببيان فضل أعمال خاصة يتقرب بها العبد إلى ربه جل في علاه.
فنسأل الله أن يستعملنا وإياكم في الصالحات، وأن يجعلنا ممن وفِّق إلى الطاعات، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
المقدم: اللهم آمين، فضيلة الشيخ اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده -بمشيئة الله تعالى- نستكمل حديثنا عن الفضائل الخاصة لبعض الأعمال، نريد أن نتحدث عن هذا المحور، ومن ثم سنتحدث حول نقاط تتحدث عن هذا الموضوع، اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده نكمل الحديث بمشيئة الله تعالى، مستمعينا الكرام فاصل قصير نكمل الحديث بعده، ابقوا معنا.
حياكم الله مستمعينا الكرام نجدد الترحيب بكم، ونرحب بضيفنا الكريم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، أهلا وسهلا فضيلة الشيخ مجددًا، حياك الله.
الشيخ: حياكم الله، أهلا وسهلا بك وبالإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، حياكم الله.
المقدم: أهلا وسهلا فضيلة الشيخ بعد أن تحدثنا إجمالًا عن فضائل الأعمال التي جاءت في كتاب الله –عز وجل-وفي سنة المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وتحدثنا عن المقصود بفضائل الأعمال أيضًا، نريد أن نتحدث عن الفضائل الخاصة التي وردت لبعض الأعمال.
الشيخ: الفضائل الخاصة التي وردت لبعض الأعمال متنوعة وعديدة، منها ما يتعلق بأصل الديانة، وهو توحيد الله –عز وجل-في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «من كان آخرَ كلامِه من الدنيا لا إلهَ إلا اللهُ دخل الجنةَ»[سنن أبي داود:ح3116، وقال الحاكم:صحيح الإسناد ولم يخرجاه]، هذه فضيلة تتعلق بأصل التوحيد: «من مات لا يشركُ باللهِ شيئًا دخل الجنةَ»[صحيح البخاري:ح1237]، هذه فضيلة ثانية تتعلق بتحقيق التوحيد «يا ابنَ آدَمَ، إنَّك ما دَعَوْتَني ورَجَوْتَني غَفَرْتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابنَ آدَمَ، لو بَلَغَتْ ذُنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثم استَغفَرْتني غَفَرْتُ لك ولا أُبالي، يا ابنَ آدَمَ، إنَّك لو أَتَيْتَني بقُرابِ الأرضِ خَطايا، ثم لَقيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا، لأَتَيْتُكَ بقُرابِها مَغفِرةً»[سنن الترمذي:ح3540، وحسنه]، وهذا كله يبين فضيلة هذا الأصل وهو توحيد الله –عز وجل-.
وفضائل التوحيد وهو رأس الإسلام وأساسه وأصله الذي يبنى عليه، وهو ألا يعبد إلا الله لا حصر لها في كلام الله –عز وجل-، وفي كلام النبي –صلى الله عليه وسلم-، من ذلك قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء: 48]، جعل الله المغفرة تحت المشيئة لكل صاحب ذنب إلا المشرك فإنه لا ينال هذا، بل هو ممنوع من مغفرة الله –عز وجل-.
إذًا الفضائل الخاصة متنوعة، جاءت مفرقة على أركان الإسلام، فجاء فضل التوحيد ففي الصلاة «مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ»[صحيح البخاري:ح574 ] جاء في الصدقة والزكاة فما من صاحب صدقة يخرجها إلا يبارك له الله تعالى فيما أعطاه، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ما من صباحٍ إلا وملكان يناديان اللهمَّ أعطِّ منفقًا خلفًا وأعطِّ ممسكًا تلفًا»[صحيح البخاري:ح1442] وهذا يدخل فيه فضل الإنفاق بالزكاة وإخراج ما أوجب الله تعالى في المال، وقد قال الله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾[التوبة: 103] فالزكاة طهرة.
الصوم فيه من الفضائل ما ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-«مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»[سبق]، الحج فيه من الفضل قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَع كما ولَدَتْه أمُّه».[صحيح البخاري:ح1521]
وبعد أركان الإسلام كل الأعمال الصالحة من جهة الأجناس جاء فيها فضائل وأجور وهِباتٌ وعطايا تدل على فضلها عظيم الأجر المرتب عليها، ولنا أن نسأل سؤالًا أمام هذه الفضائل الكثيرة التي في الكتاب والسنة فضائل الأعمال الصالحة ما أهمية العلم بفضائل الأعمال؟ ما الذي يؤثره العلم بفضيلة الأعمال التي ندب الله تعالى إليها ورسوله –صلى الله عليه وسلم-؟
أولًا: تبرز أهمية العلم بفضائل الأعمال أن الله تعالى ذكرها في كتابه في مواضع عديدة، فذكر أعمالًا وذكر فضائلها، والسنة النبوية كذلك في أحاديث كثيرة كما تقدم في بيان فضائل الأعمال.
ولا شك أن لفت القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لفضائل الأعمال إنما هو لعظيم مكانتها وكبير أهميتها.
ثم إن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كانوا عظيمي الاهتمام فضائل الأعمال سؤالًا وبحثًا وطلبًا، ولهذا ما أكثر الأسئلة التي وجهت للنبي –صلى الله عليه وسلم-والمتصلة بفضائل الأعمال!
فهذا أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: إن النبي –صلى الله عليه وسلم-«أيُّ العملِ أفضلُ؟ قالَ إيمانٌ باللَّهِ ورسولِهِ، قيلَ ثمَّ ماذا؟ قالَ: الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، قيلَ ثمَّ ماذا؟ قالَ حجٌّ مبرورٌ»[سبق] وهذا في حديث عبد الله بن مسعود يقول: سئل النبي –صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ تنوعت العبارات والمضمون واحد، فإن الأحب هو الأفضل، والأفضل هو الأحب قال: «أي العملِ أفضلُ، قال: الصلاةُ في وقتها، قال: ثم ماذا؟ قال: برُّ الوالدَينِ، قال: ثم ماذا؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ»[صحيح البخاري:ح2782]، وكذلك في حديث مسروق عن عائشة قالت: هي تخبر أنها سألت النبي –صلى الله عليه وسلم-أو أن مسروقًا سألها فقال: "أي العمل كان أحب إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فقالت: أدومه"[صحيح ابن حبان:ح2444]، وسئل النبي –صلى الله عليه وسلم-ففي صحيح الإمام مسلم قالت: سئل النبي –صلى الله عليه وسلم-«أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: أَدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ».[صحيح البخاري:ح6465]
أبو ذر يسأل رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فقال يا رسول الله: أي الأعمال أفضل؟ ثم يجيبه، فيقول: أي الرقاب أفضل؟ ثم يجيبه، فيقول: فإن لم أفعل، كل هذا يدل على حفاوة الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- بالعمل الصالح، وبفضائل الأعمال، وبأي الأعمال أفضل، وأحب، وأسبق، وأكثر أجرًا؛ لأجل أن يأخذوا بذلك ويسابقوا إليه.
أيضًا العلماء -رحمهم الله- اعتنوا بطبائع الأعمال فخصُّوها بمؤلفات بعنوان "فضائل الأعمال" على وجه العموم، أو فضائل العمل بعينه، كفضائل الصوم، أو فضائل الصلاة، أو ما أشبه ذلك مما خص بالأعمال الصالحة ببيان فضائله، وما جاء في الكتاب والسنة من مزاياه وخصائصه، وما رتب عليه من الأجر والفضل في الدنيا والآخرة.
السؤال الذي يتلو هذا السؤال بعد بيان واتضاح أهمية العلم بفضائل الأعمال، لماذا كانت هذه النصوص كثيرة في الكتاب والسنة؟ يعني ما الأثر المرجو الذي يحصل من العلم بفضائل الأعمال؟
الأثر يتضح مما يترتب على العلم، فإن العلم بفضائل الأعمال يحرك النفوس وينشطها للعمل الصالح وللإقبال على الطاعة والإحسان، فمن علم أن من صام رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه، وأن من قام رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه، وأن من قام ليلة القدر غفر له ما تقدم من ذنبه، نشطت نفسه للإقبال على هذه الأعمال.
فالعلم بفضائل الأعمال ينشِّط النفوس ويشحذ الهمم للإقبال على الطاعة، العلم بفضائل الأعمال يهون مشاق الأعمال التي فيها مشقة وكلفة، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم-ذكر أن الأجر على قدر المشقة في بعض الأحيان فيما ذكر –صلى الله عليه وسلم-:«أجرُك على قَدْر نَصَبِك ونفقتك»[صحيح البخاري:ح1787] فيما يتعلق بالحج، فالحج عبادة فيها مشقة بدنية، ومشقة نفسية، ومشقة مالية، ولذلك جاءت النصوص بالحث عليه، وبيان فضله «مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَع كما ولَدَتْه أمُّه»[صحيح البخاري:ح1521] الصوم فيه مشقة بين النبي –صلى الله عليه وسلم-الأجر المرتب على القيام بالصوم، وقد قال بعض العلماء:" من لاح فجر الأجر له هانت عليه مشقة التكليف".
فالذي ينظر إلى الأجور المرتبة على الأعمال يهون في سبيل تحصيل تلك الأجور ما يلقاه من عناء ومشقة وكلفة في بعض الأحيان فيما يتعلق بالقيام للعمل الصالح، الذي يمشي إلى المسجد في الظلم يأنس عندما يسمع قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«بَشِّرِ المَشَّائِين إلى المساجدِ في الظُّلَمِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القِيامةِ»[سنن أبي داود:ح561، وقال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. ووافقه الذهبي]، يأنس، وتنشرح نفسه، ويقدم على الإقبال على المسجد الذي يشق عليه الوضوء، إما لبرد يمنعه، أو حرارة ماء تضايقه إذا سمع قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ألا أدلُّكم على ما يمحو اللهُ به الخطايا ويرفعُ به الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ قال: إسباغ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخُطا إلى المساجدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعد الصلاةِ»[صحيح مسلم:ح251/41] تنشط نفسه لهذه الأعمال، ويهون عليه ما يلقاه في سبيل القيام بها.
مما يدرك به الإنسان أهمية العلم بفضائل الأعمال أن يعرف أين يشتغل، وفي أي باب من أبواب الخير يعمل، فإن العمل والطاعة والعبادة تجارة مع الله تعالى، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾[فاطر: 29]، فهي تجارة مع الله –عز وجل-.
ومعلوم أن التاجر يصطفي من التجارات أرفعها مكسبًا وأكثرها عائدًا، فلذلك العلم بفضائل الأعمال يدل الإنسان على العمل الأكثر الذي يدرك به الأجر، فيقبل عليه.
إذًا العلم بفضائل الأعمال طريق لزيادة الحسنات، وكثرة الأجور المرتبة على العمل.
ينتج عن العلم بفضائل الأعمال أيضًا -وهو من آثار معرفتها- أن يجتهد الإنسان في الأعمال التي تكفر الخطايا، وتزيل الذنوب، وتمحو السيئات؛ فإن العناية بهذا الأمر من أهم ما ينبغي أن يعتني به العامل، لماذا؟
لكثرة ما يحيط بالإنسان في حياته من أسباب الخطأ والزلل والتجاوز، وهو بحاجة إلى أن يعرف ما يتطهر به من تلك اللوثات وتلك السيئات التي تلطخ بها، وأحاطت به خطاياه؛ ولذلك قال الله تعالى منبهًا إلى أهمية العناية بالحسنات: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[هود: 114].
كل هذه الأمور تبرز أهمية العلم بفضائل الأعمال، وأثر معرفة فضائل الأعمال، فنسأل الله أن يستعملنا وإياكم في طاعته، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
المقدم: اللهم آمين، فضيلة الشيخ اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده -بمشيئة الله تعالى- سنتحدث عن طرق إثبات هذه الفضائل التي تحدثت عنها قبل قليل، وأهمية معرفتها وبعد ذلك سنتحدث عن نقاط متعلقة أيضًا بهذا الموضوع، اسمح لي أن نذهب إلى فاصل الحديث بعده نكمل الحديث مستمعينا الكرام فاصل قصير.
حياكم الله مستمعينا الكرام نرحب بكم ونرحب بضيفنا الكريم مجددًا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، أهلا وسهلا فضيلة الشيخ.
الشيخ: أهلا وسهلا بك، مرحبا بك وبالإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.
المقدم: فضيلة الشيخ! نكمل حديثنا حول طرق إثبات هذه الفضائل، ما هي طرق إثبات هذه الفضائل التي تحدثت عنها في بداية هذه الحلقة؟
الشيخ: طيب هو أخي الكريم في ختم هذا الموضوع وهو ما يتعلق بفضائل الأعمال نحتاج إلى ذكر جملة من الضوابط والقواعد لمعرفة ما ينبغي أن يلاحظه المؤمن ويراعيه فيما يتصل بفضائل الأعمال، من ذلك ما تفضلت به وهو ما هي الطرق التي تثبت بها الفضائل؟ يعني ثبوت فضيلة لعمل معين ما سبيله؟ ما طريقه؟ من أي جهة يثبت؟
الجواب: أن فضائل الأعمال توقيفية، بمعنى أن فضائل الأعمال ليست شيئًا يُقترح ولا شيئًا يبتدئه الإنسان من نفسه، إنما فضائل الأعمال تعرف من كلام الله –عز وجل-، ومن كلام رسوله، فمثلا فيما يتعلق برمضان كما تكرر الحديث قوله –صلى الله عليه وسلم-: «مَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»[سبق] هذا الحديث يبين فضل صيام رمضان، هل يمكن أن يأتي أحد ويثبت هذه الفضيلة لصيام رمضان لو لم يرد ذلك من قول النبي –صلى الله عليه وسلم-؟
الجواب: لا.
إذًا الطريق الذي تثبت به فضائل الأعمال هو الوحي، وخبر من لا ينطق عن الهوى –صلى الله عليه وسلم-، الكتاب والسنة، فكل من قال في عمل من الأعمال أنه فضيل، فلابد أن يأتي بدليل، وإلا فإن كلامه لا يثبت.
على سبيل المثال ما يذكر في فضائل ليلة النصف من شعبان، كل هذا يستند إلى أحاديث فيها ضعف، لا تثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، فإذا كان كذلك فإنها ليلة كسائر الليالي، لا يثبت فيها فضل، ولا يثبت لقيامها أجر خاص، ولا لصوم يومها أجر خاص، وهلمَّ جرًّا بكل ما يكون من فضائل الأعمال، لابد من أن يكون هناك نص.
هل يمكن أن تثبت الفضائل بالقياس؟ أي هل تثبت الفضائل بالنظر إلى أمثال الأعمال؟ فبما أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»[سبق]، نقول مثلا من قام الليالي العشرة الأولى من ذي الحجة إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، الجواب: لا.
الأجور والفضائل وما رتب الله تعالى على الأعمال الصالحة ليست مما يثبت بالقياس، ليس شيئًا يثبت بالقياس، إنما هو شيء يثبت بالنص والخبر الذي يأتي عمن لا ينطق عن الهوى –صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
إذًا هذه هي القاعدة الأولى والضابط الأول الذي يتبين به كيف يثبت فضل عمل من الأعمال، فضل زمن من الأزمان، مكان من الأماكن، وهكذا سائر الفضائل لابد أن يثبت ذلك بدليل، إما من كتاب الله تعالى، وإما من قول النبي –صلى الله عليه وسلم-الذي لا ينطق عن الهوى، أما ما عدا هذا فإنه ليس سبيلًا لإثبات الفضائل، هذا أمر.
هنا سؤال يطرحه بعض الناس، هل تثبت الفضائل للأعمال بالأحاديث الضعيفة؟ وذلك أن كثيرًا من الفضائل تذكر في أحاديث ضعيفة، فهل يصلح الاحتجاج بالحديث الضعيف في إثبات فضيلة من فضائل الأعمال الصالحة؟
الجواب: الحديث الضعيف درجات، الضعف فيه درجات وليس على درجة واحدة، فما كان من الأحاديث الضعيفة مكذوبًا يعني العلماء قالوا: مكذوب، موضوع، وليس من قول النبي –صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز نسبته إليه لكونه موضوعًا مكذوبًا على النبي –صلى الله عليه وسلم-، فهذا لا يجوز الاحتجاج به، ولا يجوز ذكره إلا على وجه بيان ضعفه، وعدم الاحتجاج به.
فهذا باتفاق العلماء لا يجوز الاستناد إلى حديث شديد الضعف، لكون راويه كاذبًا أو متروكًا، فإنه لا يجوز الاحتجاج به في شيء من فضائل الأعمال.
هذا نوع من أنواع الأحاديث الضعيفة، من الأحاديث الضعيفة ما ضعفة ليس شديدًا، فهذا أكثر العلماء على صحة الاستئناس به في فضائل العمل، يعني أن يذكر في سياق الحث على العمل الصالح، لكن يشترطون مع ذلك ألا يعتقد نسبته إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-، وألا يعتقد ثبوت الأجر الذي تضمنه الحديث، إنما يعمل به استئناسًا، فإن ثبت فقد نال ما نال من الفضل المذكور في الحديث، لأن الحديث ليس بالضعيف شديد الضعف، وإن لم يثبت فهو قد اشتغل بعمل صالح قد دل عليه عموم أدلة الكتاب والسنة.
إذًا الحديث الضعيف الذي ليس بشديد الضعف يصح الاستئناس به في فضائل الأعمال، إذا كان لا يعتقد نسبته إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-، وقد دل عليه أصل عام في كلام الله –عز وجل-، وكلام رسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
هذا ما يتصل بهذه القاعدة الأولى، وهي أن فضائل الأعمال توقيفية لا ينبغي لأحد أن يقترح، ولا أن يقيس، بل يتبع النص وما جاء من فضائل الأعمال في الكتاب والسنة وافي وكافي، ولو اشتغل به الإنسان لكان في ذلك من الشغل المغني للإنسان عن أن يشتغل بالضعيف، أو الموضوع، أو المكذوب عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
القاعدة الثانية والضابط الثاني الذي يتعلق بهذا الموضوع هو: ما يتصل بشرط تحصيل هذه الفضائل، ذكر في فضائل الأعمال أحاديث كثيرة وهذه الأحاديث الكثيرة التي ذكر فيها هذه الفضائل مثلا حديث قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «من توضأَ نحو وضوئي هذا، ثم صلَّى ركعتينِ، لا يُحَدِّثُ فيهما نفسَه بشيءٍ، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه»[صحيح البخاري:ح159]، مثلا قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا»[صحيح البخاري:56] هذه الفضائل في النفقة، وفي الصدقة، وفي الصلاة، وفي الصوم، وفي الحج، وفي أداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام وغير ذلك.
هذه الفضائل والأجور المرتبة على هذه الأعمال ما شرط تحصيل الثواب المرتب عليها؟ هل لتحصيل الثواب المرتب عليها شرط؟
الجواب: نعم شرط تحصيل الثواب المرتب على تلك الأعمال هو الإخلاص بالدرجة الأولى، وهو ما أشار إليه النبي –صلى الله عليه وسلم-في قوله: «من صام رمضان إيمانًا»[سبق]،من شرط قبول العمل أن يكون صادرًا عن إيمان، ولذلك قال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾[النحل: 97]، الإيمان يتعلق بالإقرار والتصديق بفرض ذلك، وبمشروعيته، وبألا يبتغى بذلك العمل إلا الله –عز وجل-.
شرط تحصيل هذه الفضائل التي جاءت في الأعمال في أحاديث فضائل الأعمال: الإيمان المتضمن للإخلاص، المتضمن لإخلاص العمل لله –عز وجل-، بألا يبتغي بالعمل إلا وجه الله –عز وجل-.
الشرط الثاني الذي لابد منه لتحصيل الأجور المرتبة على الأعمال الفاضلة هو: احتساب الأجر عند الله، الاحتساب ومعنى الاحتساب ألا يطلب ثواب هذا العمل إلا الله، أن يطمع في إثابة العمل من الله، وهذا يقطع عن قلبه النظر إلى الخلق أو الطمع في مجازاته على صالح عمله، بل لا ينظر في مجازاته على صالح العمل إلا بالنظر إلى الله –عز وجل-، دون ما سواه –سبحانه وبحمده-، هذان شرطان أو ثلاثة شروط بالتفصيل فيما يتعلق بنيل الأجر.
الشرط الرابع هو: أن يكون الإنسان في عمله على نحو هدي النبي –صلى الله عليه وسلم-، أي أن يتبع ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما يتصل بعمله، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾[الأحزاب: 21]، وقال تعالى:﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر: 7]، وقال تعالى:﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾[التغابن: 12]، وقال –جل وعلا-أيضًا: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواوَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾[النور: 54]
هذه الآيات كلها تدل على أنه لابد من اتباع النبي –صلى الله عليه وسلم-لتحصيل الأجور.
خلاصة هذا الضابط أو هذه القاعدة فيما يتعلق بتحصيل الأجر على فاضل العمل:
- أن يكون العمل خالصًا.
- أن يكون صادرًا عن إيمان.
- أن يرجو الثواب من الله باحتساب.
- أن يكون على وفق ما كان عليه عمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
المقدم: عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، شكر الله لك وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح، شكرا جزيلًا فضيلة الشيخ.
الشيخ: وأنا أشكركم، وأسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يوفقنا إلى صالح العمل، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وأن ييسر لنا اليسر، وأن يبلغنا رمضان، ويرزقنا فيه صالح الأعمال، وأن يوفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده إلى ما يحب ويرضى، ويسددهم في القول والعمل، وأن يجعل لهم من لدنه سلطانًا نصيرًا، وأن يحفظ جنودنا المرابطين، وأن يعم الأمن بلادنا، وأن يدفع عنا كيد الكائدين، وأن ينشر الخير على بلاد المسلمين، وأن يرفع البلاء عن البشر وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.