×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / استفهامات قرآنية / الحلقة (25) حول قول الله تعالى {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1069

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 مستمعينا الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وأهلا بكم إلى هذا اللقاء المتجدد من برنامجكم اليومي "استفهامات قرآنية"

 نرحب في مطلع هذه الحلقة بضيفنا الكريم صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح الأستاذ بقسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة القصيم، أهلا وسهلًا ومرحبًا بكم شيخنا الكريم.

الشيخ: حياكم الله أهلا وسهلا بك وبالإخوة والأخوات، وأسأل الله تعالى لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح.  

المقدم: اللهم آمين! شيخنا الكريم استفهامنا القرآني ورد في هذه الآية الكريمة ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَإِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ[البقرة: 130] شيخنا لو تحدثنا عن الاستفهام هنا، وعن أداته أحسن الله إليكم؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فأداة الاستفهام في هذه الآية هي (من)، وهو اسم من أسماء الاستفهام، يُسأل به عن العاقل، فقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَإِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ[البقرة: 130]

 استفهام عن من يكون منه هذا الفعل الذي ذكره الله –جل وعلا-.

المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا الكريم وما يتعلق بالغرض من هذا الاستفهام؟

الشيخ: الغرض من هذا الاستفهام هو: الإنكار والتقريع والتوبيخ وقيل: هو في معنى النفي، أي: لا يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، وقد تجتمع هذه المعاني، فيكون تقريعًا وتوبيخًا ونفيًا في بيان قبح عمل من رغب عن ملة إبراهيم عليه السلام.

المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا الكريم، ما يتعلق كذلك بهذا السياق القرآني الكريم الذي ورد فيه هذا الاستفهام من الله –عز وجل-؟

الشيخ: هذه الآية جاءت في ضمن ما ذكره الله تعالى من شأن إبراهيم -u- في سورة البقرة ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ[البقرة: 124]، وما قص من شأن تطهير البيت ورفعه ودعاء إبراهيم بالقبول والهداية، بعد كل ذلك قال –جل وعلا-: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَإِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ[البقرة: 130]

 من يرغب أي: من يترك، من يزهد، ومن يميل، ومن يحيد عن ملة إبراهيم؟ أي: ما جاء به من توحيد رب العالمين، فملة إبراهيم هي دينه الذي جاء به ودعا إليه، وهو عبادة الله وحده، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍوَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ[النحل: 120-122]، فملة إبراهيم قائمة على توحيد الله تعالى وعبادته وحده لا شريك له، وكل من رغب عن هذه الملة فخرج عن توحيد الله –عز وجل-فإنه يكون كما قال الله –عز وجل-: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ[البقرة: 130]، أي: لا يرغب عن طريق إبراهيم ودينه وما دعا إليه من التوحيد إلا الذي سفه نفسه، ومعنى سفه نفسه أي: خسرها وجهل صلاحها، فوضعها في موضع هلاك، فإن سفه النفس دائر على هذه المعاني.

 قد نسب الله تعالى الملة إلى إبراهيم؛ لأن النبوات بعده في ذريته، فهو أبو الأنبياء الثاني أو الثالث بعد نوح عليه السلام، فإن الله تعالى جعل الأنبياء في ذرية آدم، ثم نوح عليه السلام وهو أبو البشر الثاني، ثم بعد ذلك جعل الأنبياء في ذرية إبراهيم.

ولذلك كل الأنبياء والرسالات بعد إبراهيم تعظِّمه، وتعرف مقامه، وتقرُّ له بالفضل، ولهذا أضاف الله تعالى الملة إليه، وإن كان النبي –صلى الله عليه وسلم-محمد أعظم الموحدين، لكن النسبة جاءت في خطاب أهل الكتاب الذين كانوا يزعمون أنهم أتباع لإبراهيم عليه السلام، فجميع من ينتسب إلى الرسالات السماوية ينتسبون إلى إبراهيم u، ويرون أنه قدوة وأسوة، وأنهم يتبعونه.

فبيَّن الله تعالى ملة إبراهيم التي كان عليها -u- وهي توحيد الله تعالى، ولذلك قال: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا[البقرة: 130]، اخترناه ووفَّقناه للأعمال الصالحة التي صار بها من الموحدين كما جاء تفصيل ذلك في قوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً[النحل: 120]، أي: جامعًا للخير ﴿قَانِتًا[النحل: 120]، أي طائعًا لربه ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[النحل: 120]، أي مائلا عن الشرك فأكد معنى التوحيد بإثباته ونفي ما يقابله، وهذه هي الملة التي ينبغي أن يثبت عليها كل من أراد النجاة من بني البشر.

﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا[البقرة: 130]، هذه ميزته في الدنيا التي أثمرت ميزة في الآخرة، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ[النحل: 122]، أي: لمن الذين صلحوا وسلموا من الهلاك والفساد.

 والصالح من عباد الله هم من اشتغل بطاعة الله –عز وجل-وجانب معصيته، هم من حقق التوحيد له وانقاد لأمره جل في علاه.

وبهذا يتحقق الصلاح الذي وعد أهله الفلاح في الآخرة، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-في الحديث الإلهي في الصحيحين من حديث أبي هريرة: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ »[صحيح البخاري(3244)، ومسلم(2824)]

 فجدير بالمؤمن أن يعرف هذه الملة، وأن يعرف أنها سبيل النجاة، وأن الرغبة عنها والخروج عنها مُوقِع في صنوف الهلاك وأنواع الضياع والخسار للنفس.

وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ[البقرة: 130]، أي: أوقعها فيما أوقعها فيه من الخسار والضياع وسوء المآل، وبه يعلم أن كل من خرج عن الصراط المستقيم؛ فإنه قد أخذ بشعبة من السفه.

ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَإِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ[البقرة: 130]، وقال في المنافقين: ﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ[البقرة: 13]، وقال تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا[البقرة: 142]، فالسفه ملخصه وطريقه هو الخروج عن هدي القرآن وعن الصراط المستقيم، وقد قسم الله تعالى الناس إلى قسمين؛ أهل رشد، وهم: أهل الطاعة والإحسان، وأهل التوحيد والإيمان، وأهل سفه، وهم: أهل الكفر والشرك والعصيان.

أهل التوحيد لهم النجاة والفلاح، وأهل الشرك والكفر لهم الهلاك، ولهذا ينبغي لنا أيها الإخوة أن نتأمل ما كان عليه الرسل جميعًا، فإنهم كانوا على التوحيد، ولذلك قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ[المؤمنون: 51-52]، وجميعهم دعوا إلى توحيد الله –عز وجل-، وبه يتحقق لزوم ما كان عليه إبراهيم والسير على ملته عليه الصلاة والسلام.

وقد جعل الله تعالى إبراهيم أسوة لأهل الإيمان، فقال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ[الممتحنة: 4]، ثم ذكر إقامتهم للتوحيد وبراءتهم من الشرك وأهله.

ولهذا ينبغي لنا أن نحرص غاية الحرص على تحقيق التوحيد في قلوبنا، بأن يكون عملنا لله خالصًا، وأن يكون الله أحب إلينا من كل محبوب، وأن يكون معظمًا في قلوبنا فوق تعظيم كل عظيم، فإنه -جل في علاه- لا يتحقق التوحيد إلا بكمال المحبة له، وكمال الذل والخضوع له –سبحانه وبحمده-.

ثم ينعكس هذا على أعمالنا وأقوالنا صلاحًا واستقامة، استقامة في الأعمال، واستقامة وصلاحًا في الأقوال، وبذلك يحقق الإيمان، ويحقق لزوم ملة إبراهيم عليه السلام، اللهم تبعنا آثار نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم-، واسلك بنا سبيله، واحشرنا في زمرته، واجمعنا به في جنتك يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المقدم: إذًا كل الشكر والتقدير بعد شكر الله –عز وجل-مع عاطر الدعاء لضيفنا الكريم في هذه الحلقة صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة القصيم متحدثًا عن هذه الآية العظيمة وهذا الاستفهام القرآني الذي ورد فيها، الشكر يتواصل لأخي وزميلي مسجل هذا اللقاء عثمان بن عبد الكريم الجويبر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93793 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89655 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف