×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة / أسباب قبول العمل وعلاماته

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:13467

إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أَمَّا بُعْدٌ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ اَلْحَدِيثِ كِتَابُ اَللَّهِ، وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وَكُلَّ مُحْدِثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18] .

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ، إِنَّ اَلْمُؤَمَّنَ اَلْعَامِلَ بِطَاعَةِ اَللَّهِ يَحْمِلُ فِي كُلِّ عَمَلٍ عِبَادِيٍّ، فِي كُلِّ طَاعَةٍ وَعِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ مُسْتَحَبَّةٍ، نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ، يَحْمِلَ هَمَّيْنِ:

اَلْهَمُّ اَلْأَوَّلُ: هَمُّ اِمْتِثَالِ أَمْرِ اَللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- هَمُّ طَاعَةِ اَللَّهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَدْبَ إِلَيْهِ مِنَِ اَلْعِبَادَاتِ، وَأَنْ تَكُونَ تِلْكَ اَلْعِبَادَةُ عَلَى أَحْسَنَ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لِيَكَونَ مِمَّنْ أَحْسَنَ عَمَلاً، إِخْلَاصًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَمَلِهِ إِخْلَاصًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادَتِه ، فَلَا يَرْجُو مِنْ أَحَدٍ مِنْ الخَلْقِ جَزَاءً ولَا شَكُورًا، بَلْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اَللَّهِ وَأَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ وَأَنْ تَكُونَ عِبَادَتُهُ عَلَى هَدْيِ رَسُولِ اَللَّهِ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَإِذَا وَفَّقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى قِيَامِهِ بِهَذَا اَلعَمَلِ فَاجْتَازَ هَذَا الهَمِّ سَكَنَ قَلْبُهُ هُمٌّ ثَانٍ، وَهُوَ هَمُّ قَبُولِ عَمَلِهِ، وَهَذَا اَلْهَمُّ لَا يَقِلُّ إِشْغَالاً لِقَلْبِ اَلْمُؤَمَّنِ مِنْ اَلْهَمِّ اَلْأَوَّلِ.

قال عليُّ بْنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهُأخرجهُ ابنُ أبي الدنيا في الإخلاصِ ح(10) :( كُونُوا لِقُبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ هَمًّا مِنْكُمْ بِالْعَمَلِ، أَلَمْ تَسْمَعُوا اللَّهَ يَقُولُ: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾) [المائدة: 27].  وَلَا عَجَبَ أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ فَمَا قِيمَةُ اَلْعَمَلِ بِلَا قَبُولٍ؛ إِنَّهُ هَبَاءٌ مَنْثُورٌ.

عِبَادَ اَللَّهِ: قَبُولُ اَللَّهِ تَعَالَى لِلْعَمَلِ غَايَةُ اَلْمُنَى، قَبُولُ اَللَّهِ تَعَالَى لِلْأَعْمَالِ مُنْتَهَى اَلْأَمَلِ، فَالْقَبُولُ مِفْتَاحُ اَلْعَطَاءِ وَالْهِبَاتِ، قَبُولُ اَللَّهِ تَعَالَى لَكَ وَمَا كَانَ مِنْ صَالِحِ عَمَلِكَ سَبِيلٌ تَنَالُ بِهِ اَلسَّعَادَاتِ مَتَى كَانَ اَلْعَبْدُ مِنْ اَلْمَقْبُولِينَ؛ كَانَ عِنْدَ اَللَّهِ مِنْ اَلْفَائِزِينَ.

قال أبو الدرداءِ:" لأنْ أَسْتَيْقِنَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي صَلَاةً وَاحِدَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] ، أخرجه ابن أبي حاتم فيما عزاه له ابن كثير في تفسيره(3/85) .

عِبَادَ اَللَّهِ: اِهْتِمَامُ اَلْمُؤَمَّنِ بِقَبُولِ عَمَلِهِ سُنَّةٌ جَارِيَةٌ كَانَتْ مِمَّا يَجْرِي عَلَيْهِ سَادَاتُ اَلدُّنْيَا وَأَئِمَّتُهَا مِنْ اَلنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنْ اَلصَّادِقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: خَلِيلُ اَلرَّحْمَنِ وَابْنُه إِسْمَاعِيلُ يَرْفَعَانِ اَلْقَوَاعِدَمِنْ اَلْبَيْتِ اِمْتِثَالاً لِأَمْرِ اَللَّهِ تَعَالَى وَقُلُوبهَمْ وَجِلَةٌ وَأَلْسِنَتُهُمْ لَاهِجَةٌ ضَارِعَةٌأَنْ يَتَقَبَّلَ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[البقرة: 127] وهذا رسول اللهِ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يذبحُ أُضحيتَه قائلًا: (بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد) مسلم(1967)، ويسأل اللهَ تعالىَ قبولَ توبتهِ فيقولُ: (رَبِّ تَقَبَّل تَوْبَتِي) الترمذي(3551)، وقال :(حَسَنٌ صَحِيح).

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ لِقَبُولِ اَلْأَعْمَالِ اَلصَّالِحَةِ أَسْبَابًا يُرْجَى مَعَهَا أَنْ يَتَفَضَّلَ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ بِقَبُولِ سَعْيِهِ؛ فَإِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورْ.

عِبَادَ اللهِ: بَيَّنَ اللهُ تعالى السَّبَبَ الجَامِعَ لِقَبُولِ الأعمَالِ قَاَلَ تعالى{إنَّما يَتَقَبْلُ اللهُ مِنْ المُتَّقِين} المائدة: 27 وَتَفْصِيلُ هَذَا اَلسَّبَبِ جَاءَ فِي كِتَابِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ فَعِبَادَةُ اَللَّهِ تَعَالَى لَا تُقْبَلُ إِلَّا مِنْ اَلْمُتَّقِينَ، وَلَا تَقْوَى إِلَّا بِإِيمَانٍ صَادِقٍ وَإِخْلَاصٍ رَاسِخٍ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ[التوبة: 54] وقالَ تعالى في أعمالِ أهلِ الكُفْرِ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان: 23] فَعَمَلٌ لَا يُرَافِقُهُ إِيمَانٌ بِاَللَّهِ حَابِطٌ بَائِنٌ.

فِي اَلصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ: اِبْنُ جُدْعَانَ تَقْصِدُ رَجُلاً مِنْ أَعْيَانِ اَلْجَاهِلِيَّةِ كَانَ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ اَلرَّحِمَ وَيُطْعِمُ اَلْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعَهُ؟ قَالَ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يَنْفَعُهُ، إنَّه لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ»  مسلم(214) فَلَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ عَنْ إِيمَانٍ فَلِمَ يَنْتَفِعْ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ اَلْعَالَمَيْنِ، عَمَلٌ يَقَعُ فِيهِ شِرْكٌ مَعَ اَللَّهِ تَعَالَى، عَمَلٌ يُبتَغىَ به غَيْرُ وَجْهِهِ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حَابِطٌ وَصَاحِبُهُ خَاسِرٌ؛ فَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْإِلَهِيِّ «أنا أغْنَى الشُّركاءِ عنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عملًا أَشْركَ فيه معِيَ تركتُهُ وشِركَهُ»  مسلم(2985) .

عِبَادَ اَللَّهِ: لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ عَمَلاً إِلَّا مِنْ اَلْمُتَّقِينَ، وَلَا تَقْوَى إِلَّا بِمُتَابَعَةِ سَيِّدِ اَلْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَسَلَامَهُ عَلَيْه، لَا تَقْوَى إِلَّا بِالِاسْتِمْسَاكِ بِهَدْيِ اَلنَّبِيِّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالسَّيْرِ عَلَى سُنَّتِهِ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب: 21] وقد قالَ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «من عمِل عمَلًا ليس عليه أمرُنا فهو رِدٌّ»  علقه البخاري في «الاعتصام»، ووصله مسلم (1718) وغيره أي غير مقبول.

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ تَعَالَى عَمَلاً إِلَّا مِنْ اَلْمُتَّقِين، وَلَا تَقْوَى إِلَّا بِبَرِّ اَلْوَالِدَيْنِ، وَذِكْرِ اَللَّهِ، وَشُكْرِهِ، وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا [الأحقاف: 15] ثم قالَ بعدَ أن ذكرَ سائرَ العملِ الصالحِ: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ[الأحقاف: 16] فَصَلَاحُ اَلْإِنْسَانِ فِي قِيَامِهِ بِحَقِّ اَللَّهِ وَحَقِّ وَالِدَيْهِ وَحَقِّ اَلْخَلقِ وَاشْتِغَالِهِ بِالصَّالِحِ مِمَّا يُوجِبُ قَبُولَ اَلْعَمَلِ.

عِبَادَ اَللَّهِ: لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ عَمَلاً صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَرْضًا أَوْ تَطَوَّعَا إِلَّا مِنْ اَلْمُتَّقِينَ، وَلَا تَقْوَى إِلَّا بِالْخَوْفِ مِنْ أَنْ يَرُدَّ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْعَمَلَ عَلَى اَلْعَبْدِ دُونَ قَبُولٍ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون: 57-61] .

سَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا رَسُولَ اَللَّهِ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -عَنْ هَذِهِ اَلْآيَةِ فَقَالَتْ: «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أهمُ الذين يشربونَ الخمرَ ويسرقونَ؟ قال لا يا ابنةَ الصديقِ! ولكنهم الذين يصومونَ ويصلون ويتصدقونَ وهم يخافون أن لا يُقبَلَ منهم أولئك الذين يُسارعونَ في الخيراتِ» الترمذي(3175)، وقواه الألباني في الصحيحة ح(162) جَعَلَنِي اَللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهُمْ، فَهُمٌ مَعَ إِحْسَانهِمْ وَإِيمَانِهِمْ وَصَالِحِ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ مِنْ اَللَّهِ خَائِفُونَ مِنْهُ أَلَّا يَكُونَ عَمَلُهُمْ مَقْبُولاً.

فلله درُّهم؛ جمعوا إحسَانًا وشَفَقَةً وغَيرُهُم جَمَعَ إسَاءةً وأمنًا.

عِبَادَ اَللَّهِ، لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ مِنْ اَلْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ اَلتَّقْوَى، وَلَا تَقْوَى لِلَّهِ تَعَالَى إِلَّا بِحُسْنِ اَلظَّنِّ بِهِ فَاَللَّهُ تَعَالَى عِنْد ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْإِلَهِيِّ البخاري(7405)، ومسلم (2675) ، فَأَحْسَنُوا اَلظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى، اِعْمَلُوا صَالِحًا، وَأَحْسِنُوا اَلظَّنَّ بِاَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - وَارْغَبُوا إِلَيْه، وَأعَظِمُوا اَلرَّغْبَةَ فِيمَا عِنْدهُ؛ فَإِنَّ رَبَّنَا غَفُورٌ شَكُورٌ بَرٌّ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ذُو فَضْلٍ وَإِحْسَانٍ يُعْطِي عَلَى اَلْقَلِيلِ اَلْكَثِيرَ.

قَاَلَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم-فيما يرويه عن ربه «من تقرَّب إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ومن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ومن أتاني يمشي أتيتُه هَرولةً» البخاري(7405)، ومسلم (2675) .

عِبَادَ اَللَّهِ : لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ تَعَالَى عَمَلاً إِلَّا مِنْ اَلْمُتَّقِينَ، وَلَا تَقْوَى لِلَّهِ تَعَالَى إِلَّا بِسُؤَالِهِ –جَلَّ وَعَلَا- وَدُعَائِهِ اَلْقَبُولِ، فَمَنْ دعَا ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ [إبراهيم: 40] , وهذه امرأةُ عمرانَ تنذرُ ما في بطنها وتقول: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [آل عمران: 35] فَيَنْبَغِي لِلْمُؤَمَّنِ إِذَا وُفِّقَ إِلَى عَمَلٍ صَالِحٍ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ، فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فِي سِرٍّ أَوْ عَلَنٍ أَنْ يَجْأَرَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ يَجِدَّ فِي سُؤَالِهِ – جَلَّ وَعَلَا - اَلْقَبُولَ؛ فَإِنَّمَا اَلْفَلَاحُ فِي قَبُولِ رَبِّ اَلْعَالَمَيْنِ .

رَبَّنَا تَقْبَل مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ، أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورْ اَلرَّحِيمِ.

الخطبةُ الثانيةُ:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ حَمَدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، أَحْمَدُهُ حَقَّ حَمْدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ، أَمَّا بُعْدٌ : فَاتُّقُوا اَللَّه عِبَادَ اَللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ أَنَّ قَبُولَ اَلْعَمَلِ أَمْرٌ غَيْبِيٌّ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنْ رَبِّ اَلْعَالَمَيْن، فَلَا سَبِيل إِلَى اَلْجَزْمِ بِقَبُولِ شَيْءِ مِنَ اَلْعَمَلِ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً.

قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ: (لأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ اَللَّهَ تَقَبَّل منِيَ عَمَلاً -أَيْ صَالِحًا -أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مَلْءُ اَلْأَرْضِ ذَهَبًا). أَخْرَجَهُ اِبْنْ عَسَاكِرْ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ (3 / 698)وَهَذَا اِبْن عُمَرْ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ لِابْنِهِ بَعْدَ أَنْ تَصَدِّقَ بِدِينَارٍ وَقَالَ لَهُ تَقَبَّلَ اَللَّهُ مِنْكَ يَا أَبَتَاهُ، قَالَ: (يَا بُنَيَّ لَوْ عَلِمَتُ أَنَّ اَللَّهَ تَقْبَّلَ مِنِّي سَجْدَةً وَاحِدَةً أَوْ صَدَقَةَ دِرْهَمٍ، لَمْ يَكُنْ غَائبٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ اَلْمَوْتِ تَدْرِي مِمَّنْ يَتَقَبَّلُ اَللَّهُ؟ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اَللَّهُ مِنْ اَلْمُتَّقِينَ) أَخْرَجَهُ اِبْنْ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ(31 / 146)

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: عِبَادَ اَللَّهِ، اَلْمُؤْمِنُ اَلصَّادِقُ يَعْمَلُ اَلصَّالِحَاتِ فَرْضًا وَنَفْلَّا وَيَشْتَغِلُ بِالطَّاعَاتِ، وَيُبَادِرُ إِلَى فِعْلِ اَلْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَيَتَزَوَّدَ بِنَوَافِلِ اَلطَّاعَاتِ، يَرْجُو مِنْ اَللَّهِ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالْقَبُولِ، يَلْتَمِسُ بَشَائِرَ اَلْقَبولِ فَقَدْ جَاءَتْ نُصُوصٌ فِي اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَضَمَّنَتْ عَلَامَاتٍ يَرْجُو مَعَهَا اَلْمُؤَمِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ اَلْمَقْبُولِينَ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنْ اَلْمَقْبُولِينَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

عِبَادَ اَللَّهِ، إِنَّ مِنْ بَشَائِرِ قَبُولِ اَلْعَمَلِ وَعَلَامَاتِهِ اَلَّتِي يَسْتَبْشِرُ بِهَا اَلْمُؤَمنُ وَيَقْوَى رَجَاؤُهُ فِي قَبُولِ اَللَّهِ تَعَالَى لِعَمَلِهِ أَنْ يُوَفَّقَ اَلْمُؤَمَّنُ لِلِاشْتِغَالِ بِالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ؛ فَالْحَسَنَةُ تَقُودُ إِلَى أُخْتِهَا وَالْإِحْسَانُ يَزِيدُ بِالْإِحْسَانِ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا [الشورى: 23] اللهم اجعلنا منهم قال تعالى: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى [مريم: 76] اَللَّهُمَّ اِهْدِنَا صِرَاطَكَ اَلْمُسْتَقِيمَ.

عِبَادَ اَللَّهِ، إِنَّ مِنْ بَشَائِرِ قَبُولِ اَلْعَمَلِ وَعَلَامَاتِهِ أَلَّا يُعْجَبَ اَلْإِنْسَانُ بِعَمَلِهِ مَهْمَا كَانَ عَظِيمًا فِي عَيْنِهِ، وَأَنْ يَشْهَدَ مِنَّة اَللَّهْ عَلَيْهِ؛ فُلُولا اَللَّهُ مَا قَامَ بِذَلِكَ اَلْعَمَلِ، وَاَللَّهِ لَوْلَا اَللَّهُ مَا اِهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَنِعْمَةٌ مِنْ اَللَّهِ عَلَيْكَ أَنْ يُوَفِّقَكَ إِلَى اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ، فَاعَمُر قَلْبكَ بِهَذَا اَلْمَعْنَى، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ عَظِيمٍ أَوْ كَثِيرٍ فِي حَقِّ اَللَّهِ قَلِيلٌ حَقِير لَا يَفِي حَقَّ رَبِّ اَلْعَالَمَيْنِ قَالَ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه «لن يدخُلَ الجنَّةَ أحدٌ منكم بعملٍ قالوا ولا أنتَ يا رسولَ اللهِ قال ولا أنا إلَّا أن يتغمَّدَني الله برحمةٍ منه وفضلٍ» البخاري (5673)، ومسلم(2816)، وأحمد(10010).

عِبَادَ اَللَّهِ: إِنَّ مِنْ بَشَائِرِ قَبُولِ اَلْعَمَلِ وَعَلَامَاتِهِ أَنْ يَضَعَ اَللَّهُ تَعَالَى مَحَبَّةَ اَلْعَبْدِ فِي قُلُوبِ اَلنَّاسِ وَأَنْ يَضَعَ لَهُ قَبُولاً وَذِكْرًا جَمِيلاً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَا نَسَبٍ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا[مريم: 96] أَيْ سَيَجْعَلُ لَهُمْ فِي قُلُوبِ اَلنَّاسِ مَحَبَّةً وَقَبُولاً مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ لَا لِأَجَلِ مَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ يَنَالُونَهَا وَلَا لِأَجَلِ أَمْرٍ يُحَصِّلُونَهُ وَلَا لِنِسَبِ وَغَيِْرهِ مِنْ اَلْأَسْبَابِ بَلْ كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَرَأَيْتَ اَلرَّجُلَ أَخْبَرَنِي أَرَأَيْتَ اَلرَّجُلَ يَعْمَلُ اَلْعَمَلَ مِنْ اَلْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ اَلنَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ –صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» مسلم(2642).

عِبَادَ اَللَّهِ: إِنَّ مِنْ بَشَائِرِ قَبُولِ اَلْعَمَلِ وَعَلَامَاتِهِ مَا يَجِدُهُ اَلْإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ مِنْ اَلطُّمَأْنِينَة والسَّكِينَةِ وَالِانْشِرَاحِ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28]،﴿ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[النحل: 96]،﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً[النحل: 97].

عِبَادَ اَللَّهِ: إِنَّ مِنْ بَشَائِرِ قَبُولِ اَلْعَمَلِ وَعَلَامَاتِهِ أَنْ يَتَوَسَّلَ اَلْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ بِعَمَلِهِ فَيَجِدُ مِنْهُ إِجَابَةً كَمَا جَرَى لِأَصْحَابِ اَلْغَارِ اَلثَّلَاثَةِ اَلَّذِينَ أَوَاهُمْ اَلْغَارُ وَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ فَسَأَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اَللَّهَ بِعَمَلٍ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ خَالِصًا، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ:"اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ " البخاري(2215)، ومسلم(2743) مِنْ هَذِهِ اَلصَّخْرَةِ، فَاسْتَجَابَ اَللَّهُ لَهُمْ وَكَشَفَ مَا بِهُمْ مِنْ كَرْبٍ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَمَلَهُمْ كَانَ مَقْبُولاً.

اَللَّهُمَّ تَقَبَّلْنَا فِي عِبَادِكَ اَلصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَوْلِيَائِكَ اَلْمُتَّقِينَ، وَاصْرِفْ عَنَّا كُلَّ سُوءٍ وَشَرٍّ يَا رَبَّ اَلْعَالَمَيْنِ.

اَللَّهُمَّ أمِّنًا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلَحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

اَللَّهُمَّ وَفْق وَلِيِّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، سَدِّدَهُمْ فِي اَلْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، أَعِنْهُمْ وَكُنْ لَهُمْ مُعَيَّنًا وَظَهِيرًا يَا حَيّ يَا قَيُّوم.

اَللَّهُمَّ وَانْصُرْ جُنُودَنَا اَلْمُرَابِطِينَ وَانْصُرْ كُلَّ مَنْ نَصَرَ اَلدِّين، وَاخْذُل كُلَّ مِنْ خَذَلَ اَلْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمَيْنِ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ، رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَل فِي قُلُوبِنَا غَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم، صَلَّوْا عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

اَللَّهُمَّ صِلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلَ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمْ وَعَلَى آلَ إِبْرَاهِيمْ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدْ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94000 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف