×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فقد نقل النووي رحمه الله في باب زيارة أهل الخير ومجالستهم:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: ((حديث حسن))+++ أخرجه: أبو داود (4833)، والترمذي (2378)---.

هذا الحديث أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بانتقاء من يصاحبهم الإنسان، ويوادهم ومن يكون بينه وبينهم خلة ومودة ومحبة، فقوله صلى الله عليه وسلم : "الرجل على دين خليله" خبر، وهو مقدمة للأمر، وتعليل له، فقوله: "الرجل" أي الشخص وهو شامل لكل إنسان من رجل أو امرأة من صغير أو كبير  فالرجل على دين خليله يعني حاله تتأثر بحال خليله، فالدين هنا يشمل ما يكون من العمل وما يكون من الحال وما يكون من المقال، فالدين هنا شامل للعمل، فالدين يطلق ويراد به الجزاء لقوله تعالى : ﴿مالك يوم الدين﴾+++[الفاتحة: 4]--- أي: مالك يوم الجزاء ويطلق ويراد به العمل ﴿لكم دينكم ولي دين﴾+++[الكافرون: 6]--- لكم عملكم وعبادتكم ولي ديني وعبادتي، فقوله صلى الله عليه وسلم : "الرجل على دين خليله" أي على عمله وعلى طريقة وعلى حاله، وقوله: "خليله" أي: من يوده ومن يحبه، والخلة مرتبة من مراتب الحب وهي من أعلى ما يكون من مراتب الحب، فالخليل فعيل بمعنى مفعول أي: محبوب، والخليل مأخوذ من الخلة، وهي إما أن تكون بمعنى المودة والمحبة التي تخالط الروح وتسكن القلب، كما قال الشاعر:

تخللت مسلك الروح مني      وبذا سمي الخليل خليلا

يصف ما بلغ من محبته من يحب أنه تخلل روحه حتى خالطه  وبذلك سمي الخليل خليلا؛ لأنها تتخلل شغاف القلب وتسكن الفؤاد وتعمر الروح، وقيل: بل الخليل مأخوذ من الخلة للفتح، وهي الحاجة والافتقار، وذلك أن الشخص قد يفتقر إلى صاحبه، والذي يظهر أن المعنيين متقاربين، فإنه إذا بلغت المحبة مبلغا كبيرا كان الإنسان محتاجا إلى من يحب ويفتقر إليه وأعلى ما يكون من ذلك محبة الله عز وجل فإن محبته تستلزم الافتقار إليه جل في علاه.

فقوله صلى الله عليه وسلم : "الرجل على دين خليله" يعني الشخص يجري ويسير على طريقة وعمل من يحبه ويواده، ويعاشره معاشرة محبة ذاك أن المخالطة والموادة تقتضي الموافقة والمشاكلة، وتقتضي التناسب في الأقوال والأعمال، والطبع سراق هكذا يقولون، والصاحب ساحب، فالإنسان يتأثر بمخالطه ولابد بل حتى يتأثر بمخالطه من غير جنسه، فإذا كان يتأثر بمخالطته للحيوان، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في تأثير الغنم على أصحابها، أو تأثير الإبل على أصحابها في الجفاء والغلظة والسكون والبركة والهدوء فكيف بمخالطة الإنسان؟

لا شك أن مخالطة الإنسان لبني جنسه، والموافق له في الجنس أعظم تأثرا، ولا يلزم أن يكون التأثر ناتجا عن قول أو فعل؛ بل قد تكون من مجرد المخالطة والنظر إلى الشيء، فإن الإنسان بالنظر إلى الشخص يتأثر فالنظر إلى المسرور يسر مع الوقت والنظر إلى المحزون يحزن مع الوقت.

وإذا كانت الحيوانات في مخالطتها تتأثر في سلوكها وأخلاقها فكيف بالناس؟

فالجمل الشارد الذي يفر من أصحابه إذا خالط زلولا جملا مزللا ذل وأنس، فينبغي للإنسان أن يلحظ هذا المعنى، وألا يتهاون بالمخالطة بكل صورها حتى المخالطة التي لا يتكلم فيها الإنسان بكلام يؤثر عليك، أو يدعوك إلى سلوك، أو يعمل عمل أو يدعوك إلى عمل ينبغي لك أن تحرص على أن يكون سليما في ظاهره وباطنه فيما يظهر لك من سلامة نيته وقصده، وأن يكون مستقيما في قوله وعمله، فإن الإنسان على دين خليله، ولذلك يقاس الرجل بمن يخالط، والقرين بالمقارن يقتضي، وقيل: لا يسأل عن المرء واسأل عمن يصاحبه ويخالطه والله تعالى يقول: ﴿قل كل يعمل على شاكلته﴾+++[الإسراء: 84]--- يعني على ما يماثله ويناسبه ويشابهه، فينبغي للإنسان أن يحرص على مخالطة من تكمل حاله وتستقيم أموره ويرتقي لا ينزل، فإن مخالطة النازل تجذبك وتنزل بك، ومخالطة السليم العالي ترفعك وتسمو بك.

لهذا يقول صلى الله عليه وسلم بعد هذا التنبيه:" الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" أي: فلينتقي كل واحد منا من يخالطه ويصاحبه؛ ليتأثر منه التأثر الذي يرجوه, فمن كان يرجو صلاحا فليؤثر فليخالط من يؤثر عليه بالصلاح وهم الصالحون، لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي، ومن أهمل هذا وغفل وصاحب الأشرار وخالط أهل الفسق والفجور، فإن ذلك سينزل به ولابد ولا ينبغي للإنسان أن يقول: أنا لا أتأثر أو أنا لا يؤثر علي أحد، بل كلنا يتأثر إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق وأتمهم إيمانا وأعلاهم جاها صلوات الله وسلامه عند رب العالمين يتأثر بمجالسة الأخيار فكيف بغيره؟

فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة يدرسه القرآن، فلا رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة حين يلقاه جبريل، هذا تأثر منه صلى الله عليه وسلم بمخالطة الأخيار، والله تعالى يقول لرسوله ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا﴾+++[الكهف: 28]--- لهذا من الضروري أن ننتقي أصحابنا ونقول: اليوم الصاحب لا يقتصر على المخالط المباشر، بل يشمل المخالط عبر وسائل التواصل وعبر وسائل الاتصال المرئي والمسموع والمقروء، فينبغي للإنسان أن يحرص على انتقاء ما يسمعه، فإذا أكثرت من سماع الألفاظ الرديئة علقت بذهنك إذا أكثرت من سماع الكلام الطيب ضرب لسانك عليه، إذا أكثرت من سماع الخير سكن نفسك إليه ونشطت نفسك إليه والعكس كذلك.

لهذا ينبغي للإنسان أن يحرص حرصا بالغا على هذا المعنى، لا تقل لا تأثر تنظر إلى المقاطع القبيحة وتسمع المقاطع الرديئة، وتتابع من يثير الشبه ومن يزين الشهوات، فتقول لا تأثر ليس هناك أحد لا يتأثر كلنا نؤثر ونتأثر فليكن تأثيرنا إيجابيا، ولنحرص على تنقية من يؤثر علينا بأن نختار من نخالط، ومن نتابع ومن نسمع له ومن نصاحبه، فإن ذلك يؤثر علينا؛ ولذلك قال: "فلينظر أحدكم من يخالل" لا تتورط وتقول لا يضرني الدخول إلى المواقع الفلانية، والسماع لأصحاب الشبه، أو أصحاب الشهوات، بل احرص على نقاء قلبك وصفاء ذهنك، واسمع من يدلك على الخير، ويحثك عليه وينفعك في دينك ودنياك، هذا الحديث في حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث مهد للتعليم ثم عقب ذلك ببيان ما الذي ينبغي أن يكون من الحكم فقال: "الرجل على دين خليله" هذا تقديم، وأما المقصود من هذا الخبر هو ما بعده من النهي عن صحبة من لا يفيد، والحرص على انتقاء الصاحب.

فيه من الفوائد: تأثر الإنسان بمن يخالطه.

فيه من الفوائد: أن ينبغي للإنسان أن ينتقي الصحبة الطيبة.

فيه من الفوائد: أن خاصة الإنسان ومن يوده ويحبه ينبغي أن يكون على صلاح في دينه لأنه سيتأثر بذلك، ولهذا نهى الله تعالى عن مودة أهل الفجور والفسق والكفر وأمر بمودة أهل التقوى والإيمان.

قال الله تعالى : ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله﴾+++[التوبة: 71]--- وقال في أهل الفجور والفسق قال: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾+++[المجادلة: 22]--- فينبغي للمؤمن أن يحرص على صحبة أهل الخيار ومودتهم، فإن ذلك مما يستقيم به دينه.

وفيه من الفوائد: أن الحب في الله مما يؤجر عليه الإنسان، وإما يعينه على طاعة الرحمن ومما تستقيم به ديانته فالرجل على دين خليله فإذا أحب أهل الطاعة والإحسان كان ذلك حاملا له على سلوك سبيلهم وبه يستقيم دينه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» الهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المشاهدات:3194

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فقد نقل النووي ـ رحمه الله ـ في باب زيارة أهل الخير ومجالستهم:

عن أَبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النَّبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: ((الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَليَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ))رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، وَقالَ الترمذي: ((حديث حسن)) أخرجه: أبو داود (4833)، والترمذي (2378).

هذا الحديث أمر فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بانتقاء من يصاحبهم الإنسان، ويوادهم ومن يكون بينه وبينهم خلة ومودة ومحبة، فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الرجل على دين خليله" خبر، وهو مقدمة للأمر، وتعليل له، فقوله: "الرجل" أي الشخص وهو شامل لكل إنسان من رجل أو امرأة من صغير أو كبير  فالرجل على دين خليله يعني حاله تتأثر بحال خليله، فالدين هنا يشمل ما يكون من العمل وما يكون من الحال وما يكون من المقال، فالدين هنا شامل للعمل، فالدين يطلق ويراد به الجزاء لقوله ـ تعالى ـ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[الفاتحة: 4] أي: مالك يوم الجزاء ويطلق ويراد به العمل ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ[الكافرون: 6] لكم عملكم وعبادتكم ولي ديني وعبادتي، فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الرجل على دين خليله" أي على عمله وعلى طريقة وعلى حاله، وقوله: "خليله" أي: من يوده ومن يحبه، والخلة مرتبة من مراتب الحب وهي من أعلى ما يكون من مراتب الحب، فالخليل فعيل بمعنى مفعول أي: محبوب، والخليل مأخوذ من الخلة، وهي إما أن تكون بمعنى المودة والمحبة التي تخالط الروح وتسكن القلب، كما قال الشاعر:

تخللت مسلك الروح مني      وبذا سمي الخليل خليلًا

يصف ما بلغ من محبته من يحب أنه تخلل روحه حتى خالطه  وبذلك سمي الخليل خليلًا؛ لأنها تتخلل شغاف القلب وتسكن الفؤاد وتعمر الروح، وقيل: بل الخليل مأخوذ من الخلة للفتح، وهي الحاجة والافتقار، وذلك أن الشخص قد يفتقر إلى صاحبه، والذي يظهر أن المعنيين متقاربين، فإنه إذا بلغت المحبة مبلغًا كبيرًا كان الإنسان محتاجًا إلى من يحب ويفتقر إليه وأعلى ما يكون من ذلك محبة الله ـ عز وجل ـ فإن محبته تستلزم الافتقار إليه جل في علاه.

فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "الرجل على دين خليله" يعني الشخص يجري ويسير على طريقة وعمل من يحبه ويواده، ويعاشره معاشرة محبة ذاك أن المخالطة والموادة تقتضي الموافقة والمشاكلة، وتقتضي التناسب في الأقوال والأعمال، والطبع سراق هكذا يقولون، والصاحب ساحب، فالإنسان يتأثر بمخالطه ولابد بل حتى يتأثر بمخالطه من غير جنسه، فإذا كان يتأثر بمخالطته للحيوان، كما ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تأثير الغنم على أصحابها، أو تأثير الإبل على أصحابها في الجفاء والغلظة والسكون والبركة والهدوء فكيف بمخالطة الإنسان؟

لا شك أن مخالطة الإنسان لبني جنسه، والموافق له في الجنس أعظم تأثرًا، ولا يلزم أن يكون التأثر ناتجًا عن قول أو فعل؛ بل قد تكون من مجرد المخالطة والنظر إلى الشيء، فإن الإنسان بالنظر إلى الشخص يتأثر فالنظر إلى المسرور يسر مع الوقت والنظر إلى المحزون يحزن مع الوقت.

وإذا كانت الحيوانات في مخالطتها تتأثر في سلوكها وأخلاقها فكيف بالناس؟

فالجمل الشارد الذي يفر من أصحابه إذا خالط زلولًا جملًا مزللًا ذل وأنس، فينبغي للإنسان أن يلحظ هذا المعنى، وألا يتهاون بالمخالطة بكل صورها حتى المخالطة التي لا يتكلم فيها الإنسان بكلام يؤثر عليك، أو يدعوك إلى سلوك، أو يعمل عمل أو يدعوك إلى عمل ينبغي لك أن تحرص على أن يكون سليمًا في ظاهره وباطنه فيما يظهر لك من سلامة نيته وقصده، وأن يكون مستقيمًا في قوله وعمله، فإن الإنسان على دين خليله، ولذلك يقاس الرجل بمن يخالط، والقرين بالمقارن يقتضي، وقيل: لا يسأل عن المرء واسأل عمن يصاحبه ويخالطه والله ـ تعالى ـ يقول: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ[الإسراء: 84] يعني على ما يماثله ويناسبه ويشابهه، فينبغي للإنسان أن يحرص على مخالطة من تكمل حاله وتستقيم أموره ويرتقي لا ينزل، فإن مخالطة النازل تجذبك وتنزل بك، ومخالطة السليم العالي ترفعك وتسمو بك.

لهذا يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد هذا التنبيه:" الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" أي: فلينتقي كل واحد منا من يخالطه ويصاحبه؛ ليتأثر منه التأثر الذي يرجوه, فمن كان يرجو صلاحًا فليؤثر فليخالط من يؤثر عليه بالصلاح وهم الصالحون، لا تصحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي، ومن أهمل هذا وغفل وصاحب الأشرار وخالط أهل الفسق والفجور، فإن ذلك سينزل به ولابد ولا ينبغي للإنسان أن يقول: أنا لا أتأثر أو أنا لا يؤثر علي أحد، بل كلنا يتأثر إذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو أكمل الخلق وأتمهم إيمانًا وأعلاهم جاهًا ـ صلوات الله وسلامه عند رب العالمين ـ يتأثر بمجالسة الأخيار فكيف بغيره؟

فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة يدرسه القرآن، فلا رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة حين يلقاه جبريل، هذا تأثر منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمخالطة الأخيار، والله ـ تعالى ـ يقول لرسوله ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا[الكهف: 28] لهذا من الضروري أن ننتقي أصحابنا ونقول: اليوم الصاحب لا يقتصر على المخالط المباشر، بل يشمل المخالط عبر وسائل التواصل وعبر وسائل الاتصال المرئي والمسموع والمقروء، فينبغي للإنسان أن يحرص على انتقاء ما يسمعه، فإذا أكثرت من سماع الألفاظ الرديئة علقت بذهنك إذا أكثرت من سماع الكلام الطيب ضرب لسانك عليه، إذا أكثرت من سماع الخير سكن نفسك إليه ونشطت نفسك إليه والعكس كذلك.

لهذا ينبغي للإنسان أن يحرص حرصًا بالغًا على هذا المعنى، لا تقل لا تأثر تنظر إلى المقاطع القبيحة وتسمع المقاطع الرديئة، وتتابع من يثير الشبه ومن يزين الشهوات، فتقول لا تأثر ليس هناك أحد لا يتأثر كلنا نؤثر ونتأثر فليكن تأثيرنا إيجابيًا، ولنحرص على تنقية من يؤثر علينا بأن نختار من نخالط، ومن نتابع ومن نسمع له ومن نصاحبه، فإن ذلك يؤثر علينا؛ ولذلك قال: "فلينظر أحدكم من يخالل" لا تتورط وتقول لا يضرني الدخول إلى المواقع الفلانية، والسماع لأصحاب الشبه، أو أصحاب الشهوات، بل احرص على نقاء قلبك وصفاء ذهنك، واسمع من يدلك على الخير، ويحثك عليه وينفعك في دينك ودنياك، هذا الحديث في حسن تعليم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث مهد للتعليم ثم عقب ذلك ببيان ما الذي ينبغي أن يكون من الحكم فقال: "الرجل على دين خليله" هذا تقديم، وأما المقصود من هذا الخبر هو ما بعده من النهي عن صحبة من لا يفيد، والحرص على انتقاء الصاحب.

فيه من الفوائد: تأثر الإنسان بمن يخالطه.

فيه من الفوائد: أن ينبغي للإنسان أن ينتقي الصحبة الطيبة.

فيه من الفوائد: أن خاصة الإنسان ومن يوده ويحبه ينبغي أن يكون على صلاح في دينه لأنه سيتأثر بذلك، ولهذا نهى الله ـ تعالى ـ عن مودة أهل الفجور والفسق والكفر وأمر بمودة أهل التقوى والإيمان.

قال الله ـ تعالى ـ: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ[التوبة: 71] وقال في أهل الفجور والفسق قال: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[المجادلة: 22] فينبغي للمؤمن أن يحرص على صحبة أهل الخيار ومودتهم، فإن ذلك مما يستقيم به دينه.

وفيه من الفوائد: أن الحب في الله مما يؤجر عليه الإنسان، وإما يعينه على طاعة الرحمن ومما تستقيم به ديانته فالرجل على دين خليله فإذا أحب أهل الطاعة والإحسان كان ذلك حاملًا له على سلوك سبيلهم وبه يستقيم دينه، ولذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» الهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94004 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف