الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.
فقد نقل النووي –رحمه الله-في رياض الصالحين في باب زيارة أهل الخير ومجالستهم ومحبتهم حديث أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن النَّبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((أنَّ رَجُلاً زَارَ أخاً لَهُ في قَرْيَةٍ أخْرَى، فَأرصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً …)) وذكر الحديث إِلَى قوله: ((إنَّ الله قَدْ أحبَّكَ كَمَا أحْبَبْتَهُ فِيهِ)) رواه مسلمأخرجه مسلم (2567) وقد سبق بالباب قبله.
هذا الحديث يبين عظيم الفضل المترتب على الحب في الله، وأنه من الأعمال الصالحة والقروبات التي يبلغ بها الإنسان منزلة سامية ويدرك بها فضيلة عظمى، وهي محبة الله –عز وجل-فإنها الله ـ تعالى ـ أكرم هذا الرجل بالأمور وجاءت النتيجة والثمرة التي أخبر بها في قوله: "فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" فبلغ مرتبة من الصلاح واستقامة القلب وذكائه وصلاحه أن الله أحبه.
والسبب في بلوغ هذه المنزلة بينه بقوله –صلى الله عليه وسلم-فيما أخبر "إني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" كما أحببت هذا الرجل فيه وكانت هذه المحبة موجبة لهذه المنزلة العالية ولا شك أيها الإخوة أن محبة الله –عز وجل-من المراتب العالية التي يدرك بها الإنسان خير الدنيا والآخرة فإنه من أحبه الله –عز وجل-كان سمعه الذي يسمع به، من أحبه الله –عز وجل-كان بصره الذي يبصر به، من أحبه الله –عز وجل-كان يده التي يبطش بها، من أحبه الله –عز وجل-كان رجله التي يمشي بها، من أحبه الله ـ تعالى ـ نصره إذا استنصره، من أحبه الله –عز وجل-أعاذه إذا استعاذ، فكان ذلك ثمرة لهذا العمل الصالح.
والحب في الله حقيقته هو أن تحب الرجل لما فيه من الصلاح، ولما يظهر عليه من الاستقامة، فأنت تحبه لا لدنيا ولا لنسب ولا لمصلحة ولا لمنفعة ولا لإدراك شيء عاجل، إنما تحبه لقربه من الله تحبه لاستقامته تحبه لقيامه بما يحب الله ـ تعالى ـ حقيقة هذه المحبة أنها محبة لله ؛ لأن من أحب شيئًا لله، فإنما يخبر وينبأ أنه يحب ذلك المحبوب الذي من أجله أحب هذا الشيء.
ولهذا حقيقة المحبة في الله أنها براهين ودلائل دالة على محبة العبد لربه، ولهذا كان الثمرة أن الله ـ تعالى ـ يحب من أحب ما يحبه جل في علاه.
في هذا الحديث جملة من الفوائد من فوائده:
عظيم فضل المحبة في الله عز وجل.
من فوائده:أن المحبة لله –عز وجل-تثمر هذه الدرجة العالية، وهذه الفضيلة العظمى وهي حب الله عز وجل.
من فوائده:أن حب ما يحبه الله هو من حب الله –عز وجل-الذي يوجب محبة الله للعبد.
فنسأل الله –عز وجل-أن يرزقنا محبته، وأن يجعلنا من أوليائه، وأن يعيننا على ذكره وشكره، وأن يجعل لنا في قلوب المؤمنين ودا، كما قال ـ تعالى ـ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾[مريم: 96] اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.