×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3076

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

فقد نقل النووي –رحمه الله-في رياض الصالحين في باب فضل الحب في الله والحث عليه عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: ((قَالَ الله ـ عز وجل ـ: المُتَحَابُّونَ في جَلالِي، لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ)). رواه الترمذي، وَقالَ: ((حديث حسن صحيح))أخرجه الترمذي (2390).

هذا الحديث الشريف ذكره –رحمه الله-في سياق بيان فضل الحب في الله، وفيه خبر النبي –صلى الله عليه وسلم-عن الله حيث قال: يقول الله –عز وجل-وهذا حديث إلهي ويسميه كثير من أهل العلم حديث قدسي وهو ما تكلم به الله –عز وجل-ونقله النبي –صلى الله عليه وسلم-من غير القرآن فالحديث القدسي ما نقله النبي –صلى الله عليه وسلم-عن ربه –جل وعلا-من غير القرآن ما أضاف فيه القول إلى الله من غير القرآن.

ولهذا يسميه جماعة من أهل العلم الحديث الإلهي ؛ ليميزوه عن القرآن الكريم، الذي هو كلامه ـ جل في علاه ـ وقوله، وبين الحديث القدسي والقرآن فروقات، والمقصود أن النبي –صلى الله عليه وسلم-نقل هذا الحديث عن الله، يقول الله –عز وجل-: "المتحابون في جلالي" "المتحابون" أي: الذين قام بينهم حب، وذكر سبب الحب بأنه من أجل الله –عز وجل-ولله –عز وجل-بحيث قال: "في جلالي".

فالمتحابون هم من عمرت قلوبهم بمحبة بعضهم لبعض وهذا الحب سببه هو الله –جل وعلا-ولذلك قال: "في جلالي" في هنا بمعنى لأجل فهي في للسببية، وجلال الله –عز وجل-هو عظمته أي تعظيمًا له وإجلالًا له ومحبة له –سبحانه وبحمده-والمقصود بالتعظيم هنا العبادة أي: لأجل عبادته –جل وعلا-فهو يحب لله لا لمصلحة يدركها منه في مال أو غير ذلك من المنافع والمصالح الدنيوية، فهم يحبونهم لله –عز وجل-ومحبته بينهم هذا سببها، فذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-فيما يرويه عن ربه –جل وعلا-العمل الذي قام به هؤلاء، وهو الحب في الله الحب لأجل الله، وضابط الحب لأجل الله هو ألا يكون له سبب من أمر الدنيا إنما هو خالص لله –عز وجل-وذاك لما قام بالمحبوب من طاعة الله –عز وجل-ومن الأوصاف والأعمال التي يحبها، فأنت إذا أحببت شخص لله أنت تحبه لما قام فيه من الوصف الذي يحبه الله –عز وجل-تحبه لأجل أنه مصلين تحبه لأجل أنه منفق في سبيل الله، تحبه لأجل أنه سباق للخيرات، تحبه لأنه أمر بالمعروف ناه عن المنكر، تحبه لأجل عمل صالح قام به، فهذا هو الحب في الله.

فليس ثمة حب لأجل دنيا، ولا لأجل نسب، ولا لأجل بلد، ولا لأجل موافقة في أمر من الأمور الدنيوية، إنما لله –عز وجل-هذا معنى قوله –صلى الله عليه وسلم-في الحديث الإلهي المتحابون في جلالي لهم هذا ثوابهم وأجرهم منابر من نور أي: يمن الله ـ تعالى ـ عليهم يوم القيامة بمواضع عالية مرتفعة فالمنابر هي الأماكن البارزة الرفيعة العالية التي يبوئها الله ـ تعالى ـ هؤلاء، وهؤلاء جمعوا في الأجر الذي وهبهم الله ـ تعالى ـ إياه أمرين؛ العلو، والإشراق والإضاءة والنور، ولذلك قال: "لهم منابر" علو "من نور" ليس فيه ظلمة ولا فيه قطر ولا فيه ما يعكر بل هي مشرقة وضيئة جميلة بهية، وهذه المنازل العالية الرفيعة الوضيئة المتلألئة بأنوار يمن الله ـ تعالى ـ بها على أهلها يتبوءها ويستحقها من عمرت قلوبهم بمحبة عباد الله لأجل الله.

لهم منابر من نور هذه المنزلة العالية الرفيعة بلغ بها العلو والرفعة أن قال فيها ربنا –جل وعلا-يغبطهم أي على هذا الأجر وعلى هذا الثواب وعلى هذه المنازل المنورة بالله –عز وجل-يغبطهم النبيون والشهداء أي: يتمنى النبيون والشهداء أن يدركوا ذلك الفضل وتلك المنابر المنورة بفضل الله –عز وجل-وتبقى لأهلها فالغبطة هي تمني الخير الذي يمن الله تعالى به على الغير مع بقائه عندها يعني تمني المشاركة في الخير فإذا تمنيت أن تشارك أحدًا في وصف اتصف به من الخير، فقد غبطته.

ومنه قول النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فيما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال –صلى الله عليه وسلم-: «لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها»البخاري (7316)، ومسلم (73) وفي الحديث الآخر حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: «لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به يتلوه إناء الليل وإناء النهار ورجل أتاه الله مال فهو ينفقه إناء الليل وإناء النهار»البخاري (7529)، ومسلم (815) فهذه الأعمال يتمنه إدراكها إذا رآها الإنسان في غيره لما فيها من خير الدنيا والآخرة ؛ لكن لا يتمنى زوالها، إنما يتمنى المشاركة فيها وتسمية ذلك بالحسد في قول الله حسد إنما هو من باب التجوز، والمقصود به المشاركة ليس إلا.

والحسد المذموم: هو أن تتمنى زوال النعمة عن الغير، فإن هذا هو الحسد الذي وصفه النبي –صلى الله عليه وسلم-بالحالقة لا تحلق الشعر بل تحلق الدين وتفسده.

فقوله –صلى الله عليه وسلم-في الحديث الإلهي "يغبطهم النبيون" أي: يتمنون إدراك هذه الفضيلة مع بقائها لأهلها و"النبيون" جمع نبي وهم أعلى خلق الله منزلة ورفعة، فأعلى مراتب الناس وأرفع مراتب البشر هي النبوة، فلا فوقها إلا الرسالة، وهذا إذا قلنا الرسالة غير النبوة ؛ لكن هنا المقصود بالنبوة يشمل الأنبياء والرسل ؛ لأنها من الأسماء التي إذا أطلقت شملت المعنى الآخر إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، فالنبيون هنا المراد بهم الرسل صلوات الله وسلامه عليه.

قوله –صلى الله عليه وسلم-: "النبيون" أي: يغبطهم من بلغوا هذه المرتبة مرتبة النبوة برفعة ما يرونه من منزلتهم وعظيم ما هم فيه من المكانة والشهداء وهؤلاء هم المنزلة الثانية التي ذكرها النبي –صلى الله عليه وسلم-وهم في الرفعة والعلو في منزلة عالية رفيعة لجليل عملهم، وهو بذل نفوسهم في سبيل الله –عز وجل-ورغبة في إدراك فضله وخيره ومحبة له وتعظيمًا له وإجلالًا، والمقصود أن هؤلاء تبوئوا منزلة عالية وغبطة النبيين والشهداء لهؤلاء لا يعني أن هؤلاء خير من هؤلاء، فثبوت فضيلة لفئة أو ثبوت فضيلة في عمل لا يعني أن هذا العمل يفوق سائر الأعمال وأن أهله يفضلون سائر العمال، بل هو إثبات هذه الفضيلة لهذا العمل، وقد يكون غيرهم أفضل منهم في عمل آخر، فالنبوة أشرف وأعلى من هذا العمل وهو الحب في الله، ثم إن منزلة الحب في الله إنما عرفت من قبل الأنبياء، فلا شك أن هذا لا يفيد أن "المتحابين" في جلال الله المتحابين في الله أعلى منزلة من النبيين والشهداء، بل هذا بيان لفضل هذا العمل دون مفاضلة بين أصحاب هذا العمل ومن يغبطهم إنما هو بيان لشريف هذا العمل، وأن النبيين والشهداء تطوق نفوسهم للعمل الموجب لهذه الفضيلة، وهو التحاب في الله تطوق وتتشوف نفوسهم للعمل الذي أوجب هذه الفضيلة، وهي فضيلة أنهم على منابر من نور نسأل الله ـ تعالى ـ من فضله.

الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده:

بيان عظيم فضل الحب في الله.

ومن فوائده: أن الحب الذي يؤجر عليه الإنسان وينال به المثوبة في الآخرة هو ما كان لله، وأما ما كان لغيره فقد يكون على أصحابه طره ويكون سببًا للعداوة بين المتحابين، كما قال ـ تعالى ـ: ﴿الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[الزخرف: 67].

وفيه:أن الأجور تتفاوت بتفاوت الأعمال.

وفيه: أن الأعمال وإن علت مراتبهم وسمت منازلهم، فإنهم تطوق نفوسهم لبعض أنواع العمل الصالح الذي علت مرتبته، وهذا من المسابقة في الخيرات ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ[الواقعة: 10] فالنبيون والشهداء قد بلغوا منزلة عالية رفيعة، لكن لشدة حرصهم على الخير وكانت منهم هذه الغبطة التي ذكرها النبي في هذا الحديث الإلهي.

وفيه من الفوائد: أن الله ـ تعالى ـ يتكلم ـ جل في علاه ـ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: يقول الله –عز وجل-وهذا إثبات القول له، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم، فأهل الإسلام يثبتون صفة القول والكلام له –جل وعلا-على الوجه اللائق به سبحانه وبحمده.

هذا بعض ما في هذا الحديث من فوائد، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89960 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86964 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف