قالَ سُحْنُونُ أَخْبَرَنِي سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي طُوالَةَ قالَ: اشْتَكَى رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غَيْرَةَ امْرَأَتِهِ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي لأَخْرُجُ لِحاجَةٍ فَيُقالُ لِي إِنَّما خَرَجْتُ إِلَى فَتاةِ بَنِي فُلانٍ، فَقالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَوَما عَلِمْتَ أَنَّ إِبْراهِيمَ قَدْ شَكا إِلَى اللهِ ما كانَ يَجِدُ مِنْ غَيْرَةِ سارَةَ، فَأَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ أُلْبِسَها عَلَى ما كانَ فِيها إِلَّا أَنْ تَجِدَ جَرْحَةً في دِينِها.
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: في هَذا أَنَّ النِّساءَ يُدْرِكُهُنَّ مِنَ الغَيْرَةِ عَلَى الرَّجالِ ما يُدْرِكُ الرِّجالَ مِنَ الغَيْرَةِ عَلَى النِّساءِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ النِّساءُ فِيما يُدْرِكُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ، إِذْ هُوَ أَمْرٌ يَغْلِبُهُنَّ وَلا يُثَرِّبُ عَلَيْهِنَّ فِيهِ، كَما كانَ يَفْعَلُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيما كانَ يُقالَ لَهُ في ذَلِكَ عَلَى جَزالَتِهِ وَمَهابَتِهِ، وَعَلَى ما أَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ إِلَى إِبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيما شَكا إِلَيْهِ مِنْ غَيْرَةِ سارَةَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقِ البَيانُ وَالتَّحْصِيلِ» (18/ 593):