×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / دروس منوعة / رسالة ذم قسوة القلب / الدرس 6 من شرح رسالة ذم قسوة القلب لابن رجب الحنبلي

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2118

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:  (والأصل في إزالة قسوة القلوب بالذكر قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾([1]).وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾([2])، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾([3]).وفي حديث عبد العزيز بن أبي روَّاد مرسلاً، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد))، قيل: فما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: ((تلاوة كتاب الله، وكثرة ذكره))([4])).

قال: (والأصل في إزالة قسوة القلوب بالذكر) يعني الدليل على أن ذكر الله تعالى من أعظم أسباب إزالة قسوة القلب، (قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾([5])) اللهم اجعلنا منهم.

﴿تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ طمأنينة القلب هي حالة تغشى القلب تكسبه سكوناً وهدوءاً ورقة، ولذلك قال جلّ وعلا: ﴿الَّذِينَ آمَنُوافهم عندهم إيمان؛ لكن هذا الإيمان يتأكد ويثبت بطمأنينة قلوبهم، فقال: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، تسكن وينقشع عنها الخوف، وتطمئن ويزول عنها الوجل والتعلق بالدنيا وسائر المنغِّصات التي تكسبها غلظة ويبساً وقسوة.

(وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾([6])) تلين بذكر الله جلّ وعلا، وهذا نص في أن ذكر الله تعالى مما يليّن القلب، لكن انظر إلى الذكر المذكور هنا، ما هو الذكر المذكور في الآية؟

القرآن: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا فلا أعظم من القرآن في شفاء القلوب، وطبها، وصلاحها، واستقامتها، وفي علاجها من الشبهة والشهوة.

يحدثني أحد الإخوان  وله اعتناء بتدبر القرآن، وعناية بتفهّمه والمعالجة به، يقول: شكا إلي أحد الشباب شدّة الشهوة، أو عظيم ثأثيرها عليه، فقلت له: سأصف لك علاجاً لكن الزمه، علاجي داوم قراءة سورة النور، تدبر هذه السورة مع القراءة، اقرأ تفسير هذه السورة ، وارجع لي بعد أسبوع. فأخذ هذا الأخ العلاج، يحدثني من وصف له هذا العلاج يقول: فجاءني بعد أسبوع وقد تغيرت حاله، هو يقول: لقد تغيرت حالي، زال ما في قلبي مما كنت أجده من شدة الشهوة والغلمة والميل إلى الشهوات والنساء وما أشبه ذلك.

ينبغي للمؤمن أن يعالج قلبه بالقرآن، الله تعالى جعل هذا القرآن شفاء لما في الصدور، وبشر به العالمين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ([7])، ﴿مَّوْعِظَةٌ﴾، ﴿وَشِفَاء، موعظة تحرك القلب، والشفاء هو الثمرة لهذه الموعظة، بالاستقامة، والصلاح، والهداية، والنور الذي يكسبه الله تعالى من أقبل على هذا الكتاب.

لكن إشكالنا أننا نظن أن القرآن بمجرد قراءة حروفه ستستقيم قلوبنا، لا. قراءة الحروف لا تثمر استقامة للقلب كما ينبغي، بقدر ما يكون هناك تأمل ونظر في المعنى.

والنظر في المعاني له أثر بالغ في تحريك القلوب، حتى إنه في بعض الأحيان الإنسان يقرأ الآية فلا يستطيع أن يجوزها، ولا يعقبها إلى غيرها، لما فيها من عظيم التأثير، وذُكر في سيرة عمر بن عبد العزيز، أن رجلاً قال: كنت في مسجد في دمشق، فدخل رجل المسجد أول الليل، فقام يصلي فافتتح صلاته بقراءة  الفاتحة، ثم افتتح سورة الواقعة، فقرأ قول الله تعالى: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ (3)([8]) فوقف عند قوله تعالى: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ يردد هذه الآية إلى أن جاء السحر، ثم ختم صلاته فخرج، يقول المحدث بهذه القصة: فتبعته لأنظر ما شأن هذا الذي أمضى الليل كله يقرأ: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ، فإذا هو رجل يدخل دار الإمارة، فإذا هو عمر بن عبد العزيز.

 يا إخواني القرآن شفاء، لكننا في غفلة عنه، ولذلك العلماء يكررون أن الذي يريد علاج قلبه نثراً ونظماً فليقبل على القرآن:

وحافظ على درس القران فإنه *** يلين قلباً قاسياً مثل جلمد

ما هو أقسى من الصخر، ومع ذلك يلينه هذا القرآن.

فينبغي أن نقبل على القرآن، لكن ينبغي أن نأخذ بأسباب التأثر بالقرآن، أما مجرد القراءة اللفظية، وختمنا ختمة، ختمتين، وثلاثاً، وأربعاً، وعشراً، ثم لا نجد لهذا القرآن أثراً في قلوبنا، فإنه لا ينفع، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله: قراءة آية بتدبر خير من ختمات. آية واحدة بتدبر، خير من ختمات متوالية لا تثمر زكاءً للقلب ولا استقامةً، ولا صلاحاً، ولا هدىً، ولا نوراً، ولا يتذوق بها الإنسان طعم كلام رب العالمين، وما فيه من الخير والهدى.

بعد ذلك قال: (وفي حديث عبد العزيز بن أبي روَّاد مرسلاً، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد)))؛ يعني تتأثر وتقسو  (قيل: فما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: ((تلاوة كتاب الله، وكثرة ذكره)))  هذا الكتاب ليس من واعظ لا يدرك مراتب الأحاديث، ولا يحسن الاحتجاج بها، وما يحتج به وما لا يحتج به؛ إنه ابن رجب، صاحب كتاب العلل، الإمام المحدث، الجهبذ رحمه الله.

ولذلك ينبغي أن لا يقال: هذا يستدل بأحاديث ضعيفة، ونترك هذا الكتاب، ولا نستفيد منه، هم يذكرون بعض الآثار التي في أسانيدها مقال، يشيرون أو لا يشيرون إلى ضعفها؛ لصحة ما فيها من المعاني، القلوب تصدأ، وتقسو، وتغفل، وعلاجها ما دلت عليه النصوص من كتاب الله.

فهذا الحديث فيه الإشارة إلى أن من علاج القلوب، تلاوة كتاب الله تعالى، وكثرة ذكره، وهذا ما دلت عليه النصوص قبل ذلك.

قال رحمه الله تعالى:

(ومنها: الإحسان إلى اليتامى والمساكين؛ روى ابن أبي الدنيا قال: ثنا علي بن الجعد، حدثني حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن أبي هريرة: أن رجلاً شكا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسوة قلبه، فقال: ((إن أحببت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم، وأطعم المساكين))، إسناده جيد.([9])

وكذا رواه ابن مهدي عن حماد بن سلمة. ورواه جعفر بن مسافر قال: ثنا مؤمل، نا حماد، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهذا كأنه غير محفوظ عن حماد.

ورواه الجوزجاني، ثنا محمد بن عبد الله الرّقاشي، ثنا جعفر،  ثنا أبو عمران الجوني مرسلاً، وهو أشبه، وجعفر أحفظ لحديث أبي عمران من حماد بن سلمة.

وروى أبو نعيم، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن صاحبٍ له، أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان: ارحم اليتيم وأدنه منك، وأطعمه من طعامك، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وأتاه رجل يشتكي قساوة قلبه فقال: ((أتحب أن يلين قلبك؟)) فقال له: نعم. قال: ((أدن اليتيم منك، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين قلبك، وتقدر على حاجتك)).

قال أبو نعيم: ورواه ابن جابر والمطعم بن المقدام، عن محمد بن واسع: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان...، مثله.

ونقل أبو طالب أن رجلاً سأل أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل- فقال له: كيف يرق قلبي؟ قال: ادخل المقبرة، وامسح رأس اليتيم).

قال رحمه الله: (ومنها: الإحسان إلى اليتامى والمساكين)؛  والحقيقة أن ذكر الإحسان إلى هذين الصنفين، ليس حصراً لصلاح القلب في هذين النوعين من الإحسان؛ بل إن الإحسان عموماً هو من أعظم ما تصلح به القلوب، قال تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)([10])، والله تعالى يقول: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ (60)([11])، لكن هؤلاء فيهم من الرقة والضعف والضعة والخضوع، ما يناسب القلب القاسي الذي فيه من العلو، والكبر، والجفاء، ما يحتاج أن يروَّض، فيعاشر هؤلاء ويجالسهم، ويكون قريباً منهم، حتى يلين قلبه؛ لأن القلب القاسي قسوته من علوه، ونبوه، وارتفاعه عن الهدى، وغلظه عن ذكر الله تعالى، وكبره، وما يصيبه من الآفات.

فتواضعه في معاشرته للمساكين الذين أسكنتهم الحاجة والفاقة، واليتامى الذين أصابهم من فقد الأصول ما يتقوون به من أسباب صلاحه وزكائه، وذكر في ذلك أثرين وهما:

حديث: ((إن أحببت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم، وأطعم المساكين)) وأشار إلى أن إسناده جيد.

ثم تكلم عن إسناده، وطرقه، ولعله قوى إسناده، بتوافر طرق هذا الحديث، وإلا فإسناده ضعيف؛ لكن تعدد المخارج مما يقوي الحديث فيما إذا سلمت الطرق من ضعف شديد.

قال رحمه الله: (وروى أبو نعيم) وذكر الحديث الآخر (أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان: ارحم اليتيم وأدنه منك، وأطعمه من طعامك، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وأتاه رجل يشتكي قساوة قلبه فقال: ((أتحب أن يلين قلبك؟)) فقال له: نعم. قال: ((أدن اليتيم منك، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين قلبك، وتقدر على حاجتك))) أي تدرك طلبتك وغرضك.

ثم السر في قوله: (وتقدر على حاجتك)  أن الله تعالى في حاجة العبد إذا كان العبد في حاجة أخيه، كما جاء ذلك فيما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسلم وغيره، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).([12])


([1]) سورة: الرعد الآية (28).

([2]) سورة: الزمر الآية (23).

([3]) سورة: الحديد الآية (16).

([4]) أخرجه ابن عدي في الكامل (1/259)، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الشعب برقم (2014)، وابن الجوزي في العلل المتناهية، قال: هٰذا حديث مشهور بعبد العزيز، معروف برواية عبد الرحيم بن هارون الغساني عنه، وقد سرقه منه إبراهيم.

([5]) سورة: الرعد الآية (28).

([6]) سورة: الزمر الآية (23).

([7]) سورة: يونس الآية (57).

([8]) سورة: الواقعة الآيات (1-3).

([9]) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر، حديث رقم (7566)، قال أحمد شاكر: إسناده ضعيف.

([10]) سورة: البقرة الآية (195).

([11]) سورة: الرحمـٰن الآية (60).

([12]) مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل الاجتماع على قراءة القرآن وعلى الذكر، حديث رقم (2699).

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93876 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89754 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف