×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / رسالة العبودية / الدرس(19) من شرح رسالة العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2618

الدرس(19) من شرح رسالة العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية

(فمن أحب شيئاً أو رجاه أو خافه التفت إليه، وإذا لم يكن في القلب محبة له ولا رجاء له ولا خوف منه ولا بغض له ولا غير ذلك من تعلق القلب به لم يقصد القلب أن يلتفت إليه، ولا أن ينظر إليه ولا أن يراه،وإن رآه اتفاقاً رؤية مجردة،كان كما لو رأى حائطاً ونحوه مما ليس في قلبه تعلق به.

والمشايخ الصالحون -رضي الله عنهم-يذكرون شيئاً من تجريد التوحيد وتحقيق إخلاص الدين كله، بحيث لا يكون العبد ملتفتاً إلى غير الله ولا ناظراً إلى ما سواه، لا حبًّا له ولا خوفاً منه ولا رجاءً له، بل يكون القلب فارغاً من المخلوقات خالياً منها، لا ينظر إليها إلا بنور الله، فبالحق يسمع وبالحق يبصر وبالحق يبطش وبالحق يمشي، فيحب منها ما يحبه الله، ويبغض منها ما يبغضه الله، ويوالي منها ما والاه الله، ويعادي منها ما عاداه الله،ويخاف الله فيها ولا يخافها في الله، ويرجو الله فيها ولا يرجوها في الله.

فهذا هو القلب السليم الحنيف الموحد المسلم المؤمن المحقق العارف بمعرفة الأنبياء والمرسلين وبحقيقتهم وتوحيدهم.

فهـٰذا النوع الثالث: الذي هو الفناء في الوجود هو تحقيق آل فرعون ومعرفتهم وتوحيدهم، كالقرامطة وأمثالهم.

وأما النوع الذي عليه أتباع الأنبياء فهو الفناء المحمود الذي يكون صاحبه به ممن أثنى الله عليهم من أوليائه المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين).

لفناء المحمود هذا النوع الأول الذي تقدم، وهو إخلاص العمل لله-عز وجل- بأن لا يحب إلا هو، ولا يرجو إلا هو، ولا يخاف إلا هو، ولا يريد إلا هو، سُبْحَانَهُ ـ وَتَعَالَى.

(وليس مراد المشايخ والصالحين بهذا القول أن الذي أراه بعيني من المخلوقات هو رب الأرض والسماوات، فإن هذا لا يقوله إلا من هو في غاية الضلال والفساد، إما فساد العقل وإما فساد الاعتقاد، فهو متردد بين الجنون والإلحاد).

إما أن يكون مجنوناً لا عقل له، وهذا مرفوع عنه التكليف.

وإما أن يكون ملحداً كابن عربي وأشباهه نعم.

وكل المشايخ الذين يقتدى بهم في الدين متفقون على ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها من أن الخالق سبحانه مباين للمخلوقات، وليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.وأنه يجب إفراد القديم عن الحادث، وتمييز الخالق عن المخلوق، وهذا في كلامهم أكثر من أن يمكن ذكره هنا).

وهذا مما أجمع عليه أهل السنة والجماعة واتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، ولا خلاف فيه بين الأمم أن الله -جل وعلا- بائن من خلقه سُبْحَانَهُ ـ وَتَعَالَى ـ ليس فيه شيء من خلقه، ولا في خلقه شيء منه، إلا من انحرف عن سبيل الأنبياء والمرسلين من النصارى ومن شابههم من أهل الحلول والاتحاد الذين جعلوا الله -جل وعلا- يحلّ في المخلوقات، أو تحل فيه بعض المخلوقات، بل الله -جل وعلا- بائن من خلقه ليس فيه شيء منهم، ولا فيهم شيء منه سُبْحَانَهُ ـ وَتَعَالَى ـ نعم.

(وهم قد تكلموا على ما يعرض للقلوب من الأمراض والشبهات، فإن بعض الناس قد يشهد وجود المخلوقات، فيظنه خالق الأرض ؛ لعدم التمييز والفرقان في قلبه، بمنزلة من رأى شعاع الشمس فظن أن ذلك هو الشمس التي في السماء، وهم قد يتكلمون في الفرق والجمع، ويدخل في ذلك من العبارات المختلفة نظير ما دخل في الفناء).

يعني المشتبه، الذي يشتبه فيحتمل معنىً صحيحاً ومعنىً فاسداً،(في الفرق والجمع ) يعني: في الفرق بين الخالق والمخلوق، والجمع بين الخالق والمخلوق.

فيشتبه على هؤلاء هذا الكلام، وهم في أصل قولهم أهل فساد، وإلا لما اشتبه عليهم هذا الاشتباه الذي لا يقوله أحد، ولا يقره عقل، ولا يعتقده قلب سليم تلقى عن الكتاب والسنة، لكن {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[سورة: الصف (5)]

(فإن العبد إذا شهد التفرقة والكثرة في المخلوقات يبقى قلبه متعلقاً بها متشتتاً ناظراً إليها متعلقاً بها، إما محبةً، وإما خوفاً، وإما رجاءً،فإذا انتقل إلى الجمع اجتمع قلبه على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، فالتفت قلبه إلى الله بعد التفاته إلى المخلوقين، فصارت محبته لربه وخوفه من ربه ورجاؤه لربه،واستعانته بربه، وهو في هذا الحال قد لا يسع قلبه النظر إلى المخلوق ليفرق بين الخالق والمخلوق، فقد يكون مجتمعاً على الحق معرضاً عن الخلق، نظراً وقصداً، وهو نظير النوع الثاني من الفناء).

الجمع والفرق، المراد بالجمع أن يجمع قلبه على أن الخير كله في يد الله -عز وجل-، وأنه ما من فضل ولا بر ولا إحسان ولا نعمة ولا رحمة تصل إليه إلا من قبل الله -عز وجل-، ويغيب بهذا عن الأسباب التي قدّرها الله -جل وعلا- توصل إلى المقصود ويحصل بها هذه المقدرات، فيلغي النظر إلى الأسباب ويجمع نظره فيما عند الله -جل وعلا-، وهذا كما قال الشيخ -رحمه الله-: (نظير النوع الثاني من الفناء) الذي هو نوع نقص. والكمال أن يعتقد العبد أنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وأن الخير كله في يديه، وأنه -جل وعلا- قد قدّر الأشياء بأسبابها، فلابد من أخذ الأسباب في تحصيل المطالب والمقدَّرات نعم.

(ولكن بعد ذلك الفرق الثاني:وهو أن يشهد أن المخلوقات قائمة بالله ومدبرة بأمره، ويشهد كثرتها معدومة بوحدانية الله -سبحانه وتعالى-،وأنه سبحانه-رب المصنوعات وإلهها وخالقها ومالكها، فيكون مع اجتماع قلبه على الله إخلاصاً ومحبةً وخوفاً ورجاءً واستعانةً وتوكلاً على الله وموالاةً فيه ومعاداةً فيه، وأمثال ذلك،ناظراً إلى الفرق بين الخالق والمخلوق، مميزاً بين هذا وهذا.

ويشهد تفرق المخلوقات وكثرتها،مع شهادته أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، وأنه هو الله لا إله إلا هو، وهذا هو الشهود الصحيح المستقيم، وذلك واجب في علم القلب وشهادته وذكره ومعرفته،وفي حال القلب وعبادته وقصده وإرادته ومحبته وموالاته وطاعته.

وذلك تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، فإنها تنفي عن قلبه ألوهية ما سوى الحق، وتثبت في قلبه ألوهية الحق، فيكون نافياً لألوهية كل شيء من المخلوقات، ومثبتاً لألوهية رب العالمين رب الأرض والسماوات.

وذلك يتضمن اجتماع القلب على الله وعلى مفارقة ما سواه،فيكون مفرّقاً -في علمه وقصده، في شهادته وإرادته، في معرفته ومحبته- بين الخالق والمخلوق، بحيث يكون عالماً بالله تعالى ذاكراً له عارفاً به، وهو مع ذلك عالم بمباينته لخلقه وانفراده عنهم،وتوحده دونهم، ويكون محبًّا لله معظماً له،عابداً له،راجياً له، خائفاً منه، محبًّا فيه، موالياً فيه، معادياً فيه،مستعيناً به، متوكلاً عليه، ممتنعاً عن عبادة غيره،والتوكل عليه،والاستعانة به،والخوف منه،والرجاء له،والموالاة فيه،والمعاداة فيه،والطاعة لأمره،وأمثال ذلك،مما هو من خصائص إلهية الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-وإقراره بألوهية الله تعالى دون ما سواه يتضمن إقراره بربوبيته، وهو أنه رب كل شيء ومليكه وخالقه ومدبره،فحينئذ يكون موحداً لله).

الشيخ -رحمه الله- في هذا المقطع يرد على المبتدعة من الصوفية الذين جعلوا الغاية في تحقيق توحيد الربوبية، جعلوا الغاية والمنتهى مما يطلب من العبد أن يحقق توحيد الربوبية، وذلك بأن يشهد أن الله هو الخالق وأنه هو الصانع، وأنه ما من شيء إلا بخلقه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

لاشك أن هذا يجب اعتقاده، لكن هذا ليس هو الغاية، بل هذا هو المنطلق الذي انطلق منه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والرسل في دعوتهم إلى إفراد الله بالعبادة.

يقول الشيخ -رحمه الله-:(وإقراره بألوهية الله تعالى دون ما سواه) أي: بأنه المستحق للعبادة دون غيره(يتضمن إقراره بربوبيته، وهو أنه رب كل شيء ومليكه)؛ لأنه لا يستحق أن يُعبد إلا من كان ربًّا مالكاً خالقاً مدبِّراً، فالإيمان بأنه لا إله إلا الله، لا معبود حق إلا الله يثمر ماذا؟ يثمر، بل يتضمن الإيمان بأنه سُبْحَانَهُ ـ وَتَعَالَى ـ خالق كل شيء، لكن لا يجوز أن نجعل الوسيلة أو مبدأ الطريق هو المنتهى،بل المنتهى تحقيق العبادة لله-عز وجل-،فالمأمور به هو إخلاص العمل له–جل وعلا-نعم.

يقول -رَحِمَهُ اللهُ-:

(ويبين ذلك أن أفضل الذكر "لا إله إلا الله" كما رواه الترمذي وابن أبي الدنيا وغيرهما مرفوعاً إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أنه قال: «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله»[أخرجه الترمذي في (3383)، وحسنة]

وفيالموطأ وغيره عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قال:«أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير[أخرجه مالك في الموطأ(32)، والطبراني في الدعاء(874)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع(513)]

هذه الكلمة لها تأثير عجيب إذا استحضر الإنسان معناها وصدق في طلب فضلها، فإنه لا يعدلها شيء؛ لأنها تتضمن إثبات منتهى الكمال وغايته للرب -جل وعلا- ففيها من الخير والفضل ما لا يعدله شيء، ولذلك كانت أفضل الذكر كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أفضل الذكر لا إله إلا الله».

(ومن زعم أن هذا ذِكرالعامة، وأن ذِكر الخاصة هو الاسم المفرد، وذِكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر فهم ضالون غالطون.

واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله:﴿قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ[سورة: الأنعام (91)]مِن أبين غلط هؤلاء، فإن الاسم (الله) مذكور في الأمر بجواب الاستفهام في الآية قبله، وهو قوله:﴿قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِتَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواأَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ[سورة : الأنعام (91) ]أي: الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى،فالاسم﴿اللهمبتدأ، وخبره قد دل عليه الاستفهام كما في نظائر ذلك، تقول: من جاره؟ فيقول: زيد).

سبحان الله! هؤلاء إنما أتوا من جهلهم وقلة علومهم، وإلا واضح: كل من قرأ الآية علم أنه جواب سؤال، وأن لفظ الجلالة (الله) مبتدأ لخبر محذوف علم من الاستفهام السابق المتقدم، لكن سبحان الله: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)[سورة: الحج (46)]  وهؤلاء إنما أتوا من قبل جهلهم، وإلا لو كان عندهم أدنى علم لما وقعوا في هذا، حيث يستدلون بقوله:﴿قُلِ اللّهُأن الأفضل في الذكر الاسم المجرد، وهو أفضل من "لا إله إلا الله"، الله الله الله ماذا يعني؟ لو خاطبك أحد وقال لك: علي علي علي محمد محمد محمد زيد زيد وكرر عليك، لا يقدم طلباً، ولذلك من البدع ذكر الله بالاسم المفرد، نص على هذا شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأنه لا معنى له، ماذا تريد؟ لا تثبت كمالاً ولا تثبت ثناءً ومدحاً، إنما تذكر اسماً مجرداً دون طلب ولا سؤال ودون ثناء ولا مدح، هذا عبث، أشد منه الذي عقبه:

(وأما الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة، ولا يتعلق به إيمان ولا كفر، ولا أمر ولا نهي).

الاسم المفرد: (الله)، والمضمر: (هو)، ومراد الشيخ بالاسم المفرد لفظ الجلالة اسم الله والمضمر (هو)، وبعدها يصل بهم الحال إلى التأوهات التي سمعتم.

فليس بكلام تام، إذاً رد ذِكر الله -جل وعلا- بالاسم المفرد المظهر أو المضمر من أوجه:

واحد أنه ليس بكلام تام، ولا جملة مفيدة، ولا يتعلق به إيمان ولا كفر، ليس فيه إشكال، لا يثبت به الإيمان ولا يثبت به الكفر، ولا أمر ولا نهي، فلم يأمر الله به ولم ينه عنه، لم يتعلق به أمر؛ يعني المقصود أي أن(إن) الله -جل وعلا- لم يعلق به شيئاً من الشرع أمراً أو نهياً، بخلاف لا إله إلا الله، فإنه علق عليها أحكاماً شرعية أوامر ونواهي.

قال أيضاً في أوجه رد هذا:

(ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالاً نافعاً، وإنما يعطيه تصوراً مطلقاً لا يحكم عليه بنفيولا إثبات، فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه،وإلا لم يكن فيه فائدة، والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه، لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره).

هذه قاعدة مهمة في الأذكار الشرعية: أنها تفيد بنفسها تفيد معنى يحصل به زكاء القلب، ويحصل به نماء الإيمان، ويحصل به المعنى الكامل والمعنى الصالح، بذات اللفظ لا بأمر خارج.

فإن هؤلاء الذي يقولون: نجد سعادة وانشراحاً بقول: الله الله الله أو هو هو هو، فهذا ليس من اللفظ نفسه، إنما مما يقارن هذا اللفظ من التصورات التي في أذهانهم التي قد تفيدهم، لكن نفس اللفظ لا يحصل به فائدة سوى التصور العام.

(وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد وأنواع من الاتحاد، كما قد بسط في غير هذا الموضع.

وما يذكر عن بعض الشيوخ من أنه قال:أخاف أن أموت بين النفي والإثبات.حال لا يُقتدى فيها بصاحبها).

يعني يخاف أن يموت بعد (لا إله) يعني يخاف بعد النفي وقبل الإثبات. لكن ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ[سورة: النساء (100)] أنت لا تتعامل مع من لا يعلم الخفايا؛ بل هو -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، هذه من الشبه، ثم إنه  لو قال: الله ليلاً ونهاراً ما دخل في الإسلام، لا يدخل في الإسلام إلا بقول:أشهد أن لا إله إلا الله، أو قول: لا إله إلا الله.

يقول -رَحِمَهُ اللهُ-:

(فإنّفي ذلك من الغلط ما لا خفاء به، إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه، إذ الأعمال بالنيات،وقد ثبت أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أمر بتلقين الميت "لا إله إلا الله"[أخرج مسلم في صحيحه(916)]وقال:«من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»[أخرجه أبو داود في سننه(3116)، وقال الحاكم في المستدرك: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ]ولو كان ماذكره محذوراً لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتاً غير محمود؛ بل كان يلقَّن ما اختاره من ذكر الاسم المفرد.

والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة،وأقرب إلى ضلال الشيطان، فإن من قالهو يا هو أو هو هو ونحو ذلك، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل).

بخلاف الذِّكر بالجملة التامة المفيدة: لا إله إلا الله، لا معبود حق إلا الله، فيها من التعظيم والتبجيل والإجلال لله -جل وعلا- ما يملأ القلب نوراً ويقيناً وتوحيداً.

أما هذه الكلمات فإنها لا تنفع صاحبها، بل قد يقذف الشيطان في قلبه ما يوقعه في الشرك؛ إذ إن (هو) لا تعود إلى معلوم، فقد يصور الشيطان في قلبه ما يرجع إليه الضمير فيقع في الشرك والكفر والتعظيم لغير الله سُبْحَانَهُ ـ وَتَعَالَى ـ هذا معنى كلام الشيخ رحمه اللهم نعم.

(وقد صنف صاحب الفصوص كتاباً سماه كتاب الهو).

صاحب الفصوص هو ابن عربي، وهو رأس في الضلالة، له من الشطحات والضلالات ما الله به عليم، قيل: إنه رجع، الله أعلم ، لكن المحفوظ من كتبه في الفصوص وفي الفتوحات المكية وفي غيرها، فيه من الكفر الشيء الكثير.نعم.

(وزعم بعضهم أن قوله: ‏﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ‏[سورة: آل عمران (7)]معناه: وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو الهو، وإن كان مما اتفق المسلمون بل العقلاء على أنه من أبين الباطل فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء،حتى قلت مرة لبعض من قال شيئاً من ذلك:لو كان هذا كما قلته لكتبت الآية: وما يعلم تأويل هو منفصلة).

واضح، يقول: وما يعلم (تأويلَ هُو) إلا الله يعني: جعل تأويل يعني لا يعلم تفسير ومعنى قوله: (هو) الذي هو اسم الله الأعظم عند هؤلاء إلا الله، فكذبه الشيخ -رحمه الله- وقال:(وإن كان مما اتفق المسلمون ؛ بل العقلاء على أنه من أبين الباطل، فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء). وردّ عليهم -رَحِمَهُ اللهُ- في بيان أنه لو كان كذلك لوجب فصل الضمير، لكن الضمير في قوله:﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُماذا؟ يعود إلى المتشابه، الذي ذكره الله -جل وعلا- في قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْـزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُأي المتشابه والمحكم﴿إِلاَّ اللّهُ[سورة: آل عمران (7)] ،لكن المقصود بالذي انفرد الله بعلمه هو حقائق هذه الإخبارات في القرآن العظيم، وليس ما زعم هذا المبطل الدجال.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91683 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87301 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف