(بَابُ الآنِيَةِ)
هي الأوعيةُ، جمَعُ إناءٍ، لمَّا ذَكَر الماءَ ذَكَر ظَرْفَه.
(كُلُّ إِناءٍ طَاهِرٍ)؛ كالخشبِ والجلودِ والصُّفْرِ والحديدِ، (وَلَوْ) كان (ثَمِيناً)؛ كجوهرٍ وزُمُرُّدٍ؛ (يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ واستِعْمَالُه) بلا كراهةٍ، غيرَ جلدِ آدميٍّ، وعَظمِه؛ فيحرمُ.
(إلَّا آنِيَةَ ذَهَبٍ وفِضَّةٍ، ومُضَبَّباً بِهِما)، أو بأحدِهما غيرَ ما يأتي، وكذا المُمَوَّهُ، والمَطْلِيُّ، والمُطَعَّمُ، والمُكْفَتُ بأحدِهما؛ (فَإِنَّه يَحرُمُ اتِّخاذُها)؛ لما فيه مِن السَّرفِ والخُيلاءِ وكسرِ قلوبِ الفقراءِ، (وَاسْتِعْمَالُها) في أكلٍ وشربٍ وغيرِهما، (وَلَو عَلَى أُنْثَى)؛ لعمومِ الأخبارِ وعدمِ المخصِّصِ، وإنَّما أُبيح التحلِّي للنساءِ؛ لحاجتِهِنَّ إلى التزيُّنِ للزوجِ.
وكذا الآلاتُ كلُّها؛ كالدواةِ، والقلمِ، والمُسْعَطِ، والقِنديلِ، والمِجْمَرةِ، والمِدْخَنةِ، حتى المِيلِ ونحوِه.
(وَتَصِحُّ الطَّهارَةُ مِنْهَا)، أي: مِن الآنيةِ المحرَّمةِ، وكذا الطَّهارةُ بها، وفيها، وإليها، وكذا آنيةٌ مغصوبةٌ.
(إِلَّا ضَبَّةً يَسِيرَةً) عُرفاً، لا كثيرةً، (مِنْ فِضَّةٍ) لا ذهبٍ، (لِحَاجَةٍ)، وهي أنْ يتعَلَّقَ بها غرضٌ مِن غيرِ الزينةِ فلا بأس بها؛ لما روى البخاري عن أنسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: «أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سَلْسَلَةً مِنْ فِضَّةٍ» .
وعُلِمَ منه: أنَّ المُضبَّبَ بذهبٍ حرامٌ مُطلقاً، وكذا المُضبَّبُ بفضةٍ لغيرِ حاجةٍ، أو بِضبَّةٍ كبيرةٍ عُرفاً ولو لحاجةٍ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ: «مَنْ شَرِبَ فِي إِنَاء ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» رواه الدارقطني (وَتُكْرَهُ مُبَاشَرَتُها)، أي: الضبَّةِ المباحةِ (لِغَيرِ حَاجَةٍ)؛ لأنَّ فيه استعمالاً للفضةِ، فإن احتاج إلى مباشرتِها، كتَدفُّقِ الماءِ أو نحوِ ذلك؛ لم يُكره.