(وَالنيَّةُ) لغةً: القصدُ، ومحلُّها القلبُ، فلا يضُرُّ سبْقُ لسانِه بغيرِ قصدِه، ويُخلِصُها للهِ تعالى، (شَرْطٌ) هو لغةً: العلامةُ، واصطلاحاً: ما يَلزمُ مِن عدمِه العدمُ، ولا يلزمُ مِن وجودِه وجودٌ ولا عدمٌ لذاتِه، (لِطَهَارَةِ لحَدَثِ كُلِّهَا)؛ لحديثِ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فلا يصحُّ وضوءٌ وغُسلٌ وتيمُّم - ولو مستحباتٍ- إلا بها.
(فَيَنْوِي رَفْعَ الحَدَثِ، أَوْ) يقصدُ (الطَّهَارَةَ لِمَا لَا يُبَاحُ إِلَّا بِهَا)، أي: بالطَّهارةِ؛ كالصَّلاةِ، والطوافِ، ومسِّ المصحفِ؛ لأنَّ ذلك يَستلزِمُ رفعَ الحدثِ.
فإنْ نوى طهارةً، أو وضوءاً وأطلق، أو غَسَل أعضاءَه ليُزِيلَ عنها النجاسةَ، أو ليُعلِّمَ غيرَه، أو للتبرُّدِ ؛ لم يُجْزِئْه.
وإنْ نوَى صلاةً معينةً لا غيرَها؛ ارتفع مُطلقاً.
وينوي مَنْ حَدَثُه دائمٌ استباحةَ الصلاةِ، ويَرتفعُ حَدَثُه، ولا يَحتاجُ إلى تعيينِ النيةِ للفرضِ، فلو نوى رفعَ الحدثِ لم يَرتفعْ في الأقْيَسِ، قاله في المبدعِ .
ويُستحبُّ نُطْقُه بالنيةِ سرًّا
تَتِمَّةٌ:
يُشترطُ لوضوءٍ وغسلٍ أيضاً: إسلامٌ، وعقلٌ، وتمييزٌ، وطَهوريَّةُ ماءٍ، وإباحتُه، وإزالةُ ما يَمنعُ وصولَه، وانقطاعُ موجِبٍ.
ولوضوءٍ: فراغُ استنجاءٍ أو استجمارٍ، ودخولُ وقتٍ على مَنْ حدثُه دائمٌ لفَرْضِه.
(فَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهارَةُ؛ كَقِرَاءَةِ) قرآنٍ، وذِكرٍ، وأذانٍ، ونومٍ، وغضبٍ، ارتفع حدثُه.
(أَوْ) نوى (تَجْدِيدَاً مَسْنُوناً)، بأنْ صلَّى بالوضوءِ الذي قبلَه (نَاسِياً حَدَثَهُ؛ ارْتَفَعَ) حدَثُه؛ لأنَّه نوى طهارةً شرعيةً.
(وَإِنْ نَوَى) مَنْ عليه جنابةٌ (غُسْلاً مَسْنُوناً)؛ كغُسلِ الجمعةِ، قال في الوجيزِ: (ناسياً) ؛ (أَجْزَأَ عَنْ وَاجِبٍ)، كما مرَّ فيمن نوى التجديدَ، (وَكَذَا عَكْسُهُ)، أي: إن نَوى واجباً أجزأَ عن المسنونِ، وإنْ نواهُما حصَلَا، والأفضلُ أن يَغتسلَ للواجبِ ثم للمسنونِ كاملاً.
(وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ) متنوعةٌ ولو متفرقةً، (تُوجِبُ وُضوءاً أَوْ غُسْلاً، فَنَوْى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا)، لا على أنْ لا يَرتفعَ غيرُه؛ (ارْتَفَعَ سَائِرُها)، أي: باقيها؛ لأنَّ الأحداثَ تتداخَلُ، فإذا ارتفع البعضُ ارتفع الكلُّ.
(وَيَجِبُ الإِتْيَانُ بِهَا)، أي: بالنيةِ (عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبَاتِ الطَّهَارةِ، وَهُوَ التَّسْمِيَةُ)، فلو فَعَل شيئاً مِن الواجباتِ قبلَ النيةِ؛ لم يُعْتَدَّ به، ويجوزُ تقديمُها بزمنٍ يسيرٍ كالصلاةِ، ولا يُبْطِلُها عملٌ يسيرٌ.
(وَتُسَنُّ) النيةُ (عِنْدَ أوَّلِ مَسْنُونَاتِهَا)، أي: مسنوناتِ الطهارةِ؛ كغَسلِ اليدين في أولِ الوضوءِ، (إِنْ وُجِدَ قَبْلَ وَاجِبٍ)، أي: قبلَ التسميةِ.
(وَ) يُسنُّ (اسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا)، أي: تذَكُّر النيةِ (فِي جَمِيعِهَا)، أي: جميعِ الطَّهارةِ، لتكونَ أفعالُه مقرونةً بالنيةِ.
(وَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا)، أي: حُكْمِ النيةِ، بأن لا يَنويَ قطعَها حتى يُتِمَّ الطهارةَ، فإن عَزَبَتْ عن خاطِرِه لم يؤثّرْ.
وإن شكَّ في النيةِ في أثناءِ طهارتِه؛ استأنَفَها، إلا أنْ يكونَ وَهماً كالوسواسِ، فلا يَلتفتُ إليه، ولا يضُرُّ إبطالُها بعدَ فراغِه، ولا شكُّه بَعدَه.