(شُرعَ التَّيمُّمُ)، أي: وَجَب لما يجبُ الوضوءُ أو الغُسلُ له، وسُنَّ لما يُسنُّ له ذلك، وهو جواب (إِذَا) مِن قولِه: (إِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ).
ويَلزمُ شراءُ ماءٍ وحَبْلٍ، ودلْوٍ بثمنِ مِثْلٍ، أو زائدٍ يسيراً، فاضِلٍ عن حاجتِه، واستعارةُ الحبْلِ والدلْوِ، وقَبولُ الماءِ قَرضاً وهبةً، وقَبولُ ثمنِه قرضاً إذا كان له وفاءٌ، ويجبُ بَذْلُه لعطشانَ، ولو نجساً.
(ومَنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ طُهْرِهِ) مِن حدثٍ أكبرَ أو أصغرَ؛ (تَيَمَّمَ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ)، ولا يتيممُ قبلَه، ولو كان على بدنِه نجاسةٌ وهو محدِثٌ؛ غَسَل النجاسةَ، وتَيمَّم للحدثِ بعدَ غسلِها، وكذلك لو كانت النجاسةُ في ثوبِه.
(وَمَنْ جُرِحَ)، وتضرَّر بغَسْلِ الجُرحِ أو مسْحِه بالماءِ؛ (تَيَمَّمَ لَهُ) ولما يتضرَّرُ بغَسلِه مما قَرُب منه (وَغَسَلَ البَاقِيَ)، فإن لم يَتضرر بمسْحِه؛ وَجَب وأجزأ.
وإذا كان جُرحُه ببعضِ أعضاءِ وضوئِه؛ لزِمه إذا توضَّأ مراعاةُ الترتيبِ؛ فيتيمَّمُ له عندَ غَسْلِه لو كان صحيحاً، ومراعاةُ الموالاةِ؛ فيُعيدُ غَسْلَ الصحيحِ عندَ كلِّ تيمُّمٍ، بخلافِ غُسْلِ الجنابةِ، فلا ترتيبَ فيه ولا موالاةَ.
(وَيَجِبُ) على مَن عَدِمَ الماءَ إذا دَخَل وقتُ الصلاةِ، (طَلَبُ المَاءِ فِي رَحْلِهِ)، بأن يفتِّشَ مِن رَحْلِه ما يُمْكِنُ أن يكونَ فيه، (وَ) في (قُرْبِهِ)، بأن يَنْظُرَ وراءَه وأمامَه، وعن يمينِه وعن شمالِه، فإنْ رأى ما يشُكُّ معه في الماءِ قَصَده فاستبرأه، ويطلُبُه مِن رفيقِه.
فإن تيمَّم قَبل طلَبِه؛ لم يصحَّ ما لم يتحقَّقْ عدمُه.
(وَ) يَلزمُه أيضاً طلبُه (بِدِلَالَةِ) ثقةٍ إذا كان قريباً عُرفاً ولم يَخف فوتَ وقتٍ ولو المختارُ، أو رُفْقةٍ، أو على نفسِه أو مالِه.
ولا يتيمَّمُ لخَوفِ فَوْتِ جنازةٍ، ولا وَقْتِ فَرْضٍ، إلا إذا وَصَل مُسافرٌ إلى ماءٍ وقد ضاق الوقتُ، أو عَلِم أنَّ النَّوْبة لا تصِلُ إليه إلا بعدَه، أو عَلِمه قريباً وخاف فوتَ الوقتِ إن قصده.