ومَن باع الماءَ، أو وَهَبه بعد دخولِ الوقتِ ولم يَترُكْ ما يتطهَّرُ به؛ حَرُم، ولم يصحَّ العقدُ، ثم إنْ تيمَّم وصلَّى لم يُعِد إنْ عجَز عن ردِّه.
(فَإِنْ) كان قادراً على الماءِ، لكن (نَسِيَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ)، أو جَهِله بموضعٍ يُمْكِنُ استعمالُه، (وَتَيَمَّمَ) وصلى؛ (أَعَادَ)؛ لأنَّ النسيانَ لا يُخرِجُه عن كونِه واجِداً.
وأما مَن ضلَّ عن رحْلِه وبه الماءُ وقد طَلَبه، أو ضلَّ عن موضِعِ بئرٍ كان يعرِفُها، وتيمَّم وصلَّى؛ فلا إعادةَ عليه؛ لأنَّه حالَ تيمُّمِه لم يَكُن واجداً للماءِ.
(وَإِنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ أَحْدَاثاً) متنوعةً تُوجِب وضوءاً أو غُسلاً؛ أجزأه عن الجميعِ، وكذا لو نوى أحدَها، أو نوى بتيمُّمِه الحدثين، ولا يَكفي أحدُهما عن الآخرِ.
(أَوْ) نوى بتيمُّمِه (نَجَاسَةً عَلَى بَدَنِهِ تَضُرُّهُ إِزَالَتُهَا، أَوْ عَدِمَ مَا يُزِيلُهَا) به، (أَوْ خَافَ بَرْداً) ولو حضَراً مع عدمِ ما يُسَخِّنُ به الماءَ بعدَ تخفيفِها ما أمْكَن وجوباً؛ أجزأه التيممُ لها؛ لعمومِ: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» .
(أَوْ حُبِسَ فِي مِصْرٍ) فلم يَصِل للماءِ، أو حُبِس عنه الماءُ (فَتَيَمَّمَ)؛ أجزأه.
(أَوْ عَدِمَ المَاءَ وَالتُّرَابَ)؛ كمَن حُبِس بمحلٍّ لا ماءَ به ولا ترابَ، وكذا مَن به قُروحٌ لا يَستطيعُ معها لَمْسَ البشَرة بماءٍ ولا ترابٍ؛ (صَلَّى) الفرضَ فقط على حسَبِ حالِه، (وَلَمْ يُعِدْ)؛ لأنَّه أتى بما أُمِر به، فَخَرَج مِن عُهدتِه.
ولا يزيدُ على ما يُجزِئُ في الصلاةِ، فلا يَقرأُ زائداً على الفاتحةِ، ولا يُسبِّحُ غيرَ مرَّةٍ، ولا يَزيدُ في طمأنينةِ ركوعٍ أو سجودٍ وجلوسٍ بين السجدتين، ولا على ما يُجزئُ في التشهدين.
وتَبطلُ صلاتُه بحَدثٍ ونحوِه فيها.
ولا يَؤُمُّ مُتطهراً بأحدِهما.
(وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ): (بِتُرابٍ)، فلا يجوزُ التيمُّمُ برملٍ، وجِصٍ، ونَحْتِ الحجارةِ ونحوِها.
(طَهُورٍ)، فلا يجوز بترابٍ تُيُمِّمَ به؛ لزوالِ طَهوريَّتِه باستعماله.
وإن تيمَّم جماعةٌ مِن موضعٍ واحدٍ جاز؛ كما لو توضؤوا من حوضٍ يَغترفون منه.
ويُعتبر أيضاً: أن يكونَ مباحاً، فلا يصحُّ بترابٍ مغصوبٍ.
وأنْ يكونَ غيرَ محترقٍ، فلا يصحُّ بما دقَّ مِن خَزَف ونحوِه.
وأن يكونَ (لَهُ غُبَارٌ)؛ لقولِه تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المائدة: ٦]، فلو تيمَّم على لِبَدٍ، أو ثوبٍ، أو بساطٍ، أو حصيرٍ، أو حائطٍ، أو صخرةٍ، أو حيوانٍ، أو بَرْذَعَتِهِ، أو شجرٍ، أو خشبٍ، أو عِدْلِ شعيرٍ ونحوِه مما عليه غبارٌ؛ صحَّ.
وإن اختلط الترابُ بذي غبار غيرِه؛ كالنُّوَرَةِ، فكماءٍ خالطَه طاهرٌ.
(وَفُرُوضُهُ)، أي: فروضُ التيمُّمِ:
(مَسْحُ وَجْهِهِ)، سِوى ما تحتَ شعرٍ ولو خفيفاً، وداخلِ فمٍ وأنفٍ، ويُكره.
(وَ) مَسْحُ (يَدَيْهِ إِلى كُوعَيْهِ ؛ لقولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمَّارٍ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا»، ثُمَّ ضَرَب بيديه الأرضَ ضربةً واحدةً، ثُمَّ مَسَح الشِّمالَ على اليمينِ، وظاهِرَ كَفَّيْهِ ووَجْهِهِ. متفقٌ عليه .
(وَكَذَا التَّرتِيبُ) بين مسْحِ الوجهِ واليدين، (والمُوالاةُ) بينَهما، بألَّا يؤخِّرَ مَسْحَ اليدين بحيثُ يَجِفُّ الوجهُ لو كان مغسولاً، فهما فرضان (فِي) التيمُّمِ عن (حَدَثٍ أصْغَرَ) لا عن حدثٍ أكبرَ أو نجاسةٍ ببدنٍ؛ لأنَّ التيمُّمَ مبنيٌّ على طهارةِ الماءِ.