(وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ)، كصلاةٍ أو طوافٍ أو غيرِهما (مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ)؛ كنجاسةٍ على بدنِه.
فيَنوي استباحةَ الصلاةِ مِن الجنابةِ والحدثِ إن كانا، أو أحدُهما، أو عن غَسْل بعضِ بدنِه الجريح أو نحوِه ؛ لأنَّها طهارةُ ضرورةٍ فلم تَرفع الحدثَ، فلا بدَّ مِن التَعْيين؛ تقويةً لضعفِه، فلو نوى رَفْعَ الحدَثِ لم يَصحَّ.
(فَإِنْ نَوَى أَحَدَهَا)، أي: الحدثَ الأصغرَ، أو الأكبرَ، أو النَّجاسةَ بالبدنِ؛ (لَم يُجْزِئْهُ عَنْ الآخَرِ)؛ لأنَّها أسبابٌ مختلفةٌ، ولحديثِ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
وإنْ نوى جميعَها جاز؛ للخبرِ، وكلُّ واحدٍ يَدخلُ في العمومِ فيَكون منويًّا.
(وإِنْ نَوَى) بتيمُّمِه (نَفْلاً)؛ لم يُصَلِّ به فرضاً؛ لأنَّه ليس بمَنْويٍّ، وخالَفَ طهارةَ الماءَ؛ لأنَّها تَرفعُ الحدثَ.
(أَوْ) نوى استباحةَ الصلاةِ و (أَطْلَقَ)، فلم يُعيِّن فرضاً ولا نفلاً؛ (لَم يُصَلِّ بِهِ فَرْضاً) ولو على الكِفايةِ، ولا نَذراً؛ لأنه لم يَنْوِهِ، وكذا الطوافُ.
(وَإِنْ نَوَاهُ)، أي: نوى استباحةَ فرضٍ؛ (صَلَّى كُلَّ وَقْتِهِ فُرُوضاً وَنَوافِلَ).
فمن نوى شيئاً استباحه ومثلَه ودونَه؛ فأعلاه فَرْضُ عَيْنٍ، فَنَذرٌ، فَفَرضُ كِفايةٍ، فصلاةُ نافلةٍ، فطوافُ نَفْلٍ، فمَسُّ مصحفٍ، فقراءةُ قرآنٍ، فلُبْثٌ بمسجدٍ.
(وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ) مطلقاً:
(بِخُرُوجِ الوَقْتِ) أو دخولِه، ولو كان التيمُّمُ لغيرِ صلاةٍ، ما لم يَكُن في صلاةِ جمعةٍ، أو نوى الجَمْعَ في وقتِ ثانيةٍ مَن يُباحُ له؛ فلا يَبطُلُ تيمُّمُه بخروجِ وقتِ الأُولى؛ لأنَّ الوقتين صارا كالوقتِ الواحدِ في حقِّه.
(وَ) يَبطلُ التيمُّمُ عن حدثٍ أصغرَ (بِمُبطِلَاتِ الوُضُوءِ)، وعن حدثٍ أكبر بمُوجِباتِه؛ لأنَّ البدلَ له حكمُ المبدلِ، وإن كان لحيضٍ أو نفاسٍ؛ لم يَبطُلْ بحدثٍ غيرِهما.
(وَ) يَبطلُ التيمُّمُ أيضاً بـ (وُجُودِ المَاءِ) المقدورِ على استعمالِه بلا ضَررٍ إن كان تيمَّم لعدمِه، وإلا فَبِزوال مُبيحٍ مِن مرضٍ ونحوِه، (وَلَوْ فِي الصَّلاةِ)، فيتطهَّرُ ويستأنِفُها، (لَا) إن وُجِد ذلك (بَعْدَهَا)، فلا تجبُ إعادتُها، وكذا الطوافُ.
ويُغسَّلُ ميتٌ ولو صُلِّي عليه، وتُعادُ.
(وَالتَّيَمُّمُ آخِرَ الوَقْتِ) المختارِ (لِرَاجِي المَاءِ)، أو العالمِ
وُجُودَه، ولمن استوى عندَه الأمرانِ؛ (أَوْلَى)؛ لقولِ عليٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ في الجُنُبِ: «يَتَلَوَّمُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الوَقْتِ، فَإِنْ وَجَدَ الماءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ» .
(وَصِفَتُهُ) أي: كيفيةُ التيمُّمِ:
(أَنْ يَنْوِيَ) كما تقدَّم.
(ثُمَّ يُسَمِّيَ)، فيقولُ: بسم اللهِ، وهي هنا كوضوءٍ.
(ويَضرْبَ التُّرابَ بِيَدَيْهِ مُفَرَّجَتَي الأَصَابِعِ)؛ ليصِلَ الترابُ إلى ما بينَها، بعدَ نَزْعِ نحوِ خاتمٍ؛ ضربةً واحدةً، ولو كان الترابُ ناعماً فَوَضَع يديه عليه وعَلِق بهما؛ أجزأه.
(يَمْسَحُ وَجْهَهَ بِبَاطِنِهَا، أي: باطنِ أصابعِه، (وَ) يَمسحُ (كَفَّيهِ بِرَاحَتَيْهِ) استحباباً، فلو مسَحَ وجهَه بيمينِه ويمينُه بيسارِه، أو عكس؛ صحَّ.
واستيعابُ الوجهِ والكفين واجبٌ، سِوى ما يشُقُّ وُصولُ التُّرابِ إليه.
(وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ)؛ ليصِلَ الترابُ إلى ما بينها .
ولو تيمَّمَ بخِرْقَةٍ أو غيرِها؛ جاز.
ولو نوى وصَمَد للرِّيحِ حتى عمَّتْ محلَّ الفرض بالتراب، أو أمَرَّه عليه ومَسَحه به؛ صحَّ، لا إن سَفَتْهُ بلا تَصْميدٍ، فَمَسَحه به.