(وَأَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ)، وهو دمٌ تُرْخِيه الرَّحمُ للولادةِ وبعدَها، وهو بقيَّةُ الدَّمِ الذي احتُبِسَ في مدَّةِ الحملِ لأجلِه، وأصلُه لغةً: مِن التَّنَفسِ، وهو الخروجُ مِن الجوفِ، أو مِن: نفَّسَ اللهُ كُرْبتَه، أي: فرَّجَها، (أَرْبَعُونَ يَوْماً)، وأوَّلُ مدَّتِه مِن الوضعِ.
وما رأته قبلَ الولادَةِ بيومينِ أو ثلاثةٍ بأمارةٍ؛ فنفاسٌ، وتقدَّم .
ويَثبتُ حُكمُه بشيءٍ فيه خَلْقُ الإنسانِ.
ولا حدَّ لأقلِّه؛ لأنه لم يَردْ تحديدُه.
وإن جاوَز الدمُ الأربعين، وصادَف عادةَ حيضِها ولم يَزدْ، أو زاد وتكرَّر؛ فحيضٌ إن لم يُجاوِزْ أكثرَه.
ولا يَدخُلُ حيضٌ واستحاضةٌ في مدَّةِ نفاسٍ.
(وَمَتَى طَهُرَتْ قَبْلَهُ)، أي: قبلَ انقضاءِ أكثرِه (تَطَهَّرتْ)، أي: اغتسلت، (وَصَلَّتْ)، وصامت؛ كسائرِ الطاهراتِ؛ كالحائضِ إذا انقطعَ دمُها في عادتِها.
(وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الأَرْبَعِينَ بَعدَ) انقطاعِ الدمِ و (التَّطْهِيرِ)، أي:
الاغتسالِ، قال أحمدُ: (ما يُعجبني أن يأتِيَها زوجُها، على حديثِ عثمانَ بنِ أبي العاصِ) .
(فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ) في الأربعين (فَمَشْكُوكٌ فِيهِ)، كما لو لم تَرَهُ ثم رَأَتْهُ فيها، (تَصُومُ، وَتُصَلِّي)، أي: تَتعبَّدُ؛ لأنَّها واجبةٌ في ذمَّتِها بيقينٍ، وسقوطُها بهذا الدمِ مشكوكٌ فيه، (وَتَقْضِي الوَاجِبَ) مِن صومٍ ونحوِه؛ احتياطاً، ولوجوبِه يقيناً، ولا تقضي الصلاةَ كما تقدَّم.
(وَهُوَ)، أي: النفاسُ (كَالحَيْضِ):
(فِيمَا يَحِلُّ)؛ كالاستمتاعِ بما دونَ الفرجِ.
(وَ) فيما (يَحْرُمُ) به؛ كالوطءِ في الفرجِ، والصومِ، والصلاةِ، والطلاقِ بغيرِ سؤالِها على عوضٍ.
(وَ) فيما (يَجِبُ) به؛ كالغُسْلِ، والكفارةِ بالوطءِ فيه.
(وَ) فيما (يَسْقُطُ) به؛ كوجوبِ الصلاةِ، فلا تقضيها.
(غَيْرَ العِدَّة)، فإن المُفارَقَةَ في الحياةِ تَعتدُّ بالحيضِ دونَ النفاسِ.
(وَ) غيرَ (البُلُوغِ)، فيثبتُ بالحيضِ دونَ النفاسِ؛ لحصولِ البلوغِ بالإنزالِ السَّابقِ للحَمْلِ.
ولا يُحْتَسبُ بمُدَّةِ النفاسِ على المُولي، بخلافِ مدَّةِ الحيضِ.
(وَإِنْ وَلَدَت) امرأةٌ (تَوْأَمَيْنِ)، أي: وَلَدَين في بطْنٍ واحدٍ؛ (فَأَوَّلُ نِفَاسٍ وَآخِرُهُ مِنْ أَوَّلِهِمَا)؛ كالحملِ الواحدِ، فلو كان بينَهما أربعون فأكثرَ، فلا نفاسَ للثاني.
ومَنْ صارت نُفساءُ بتعدِّيها بضربِ بطنِها أو شُرْبِ دواءٍ؛ لم تَقْضِ.