×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / لمعة الاعتقاد(الشرح الثاني) / الدرس (9) من شرح رسالة لمعة الاعتقاد للشيخ أد خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1408

الدرس (9) من شرح رسالة لمعة الاعتقاد للشيخ أد خالد المصلح

قال الإمام موفق الدِّين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى:

أرَاد ما العالَمُ فاعِلوهُ، وَلَوْ عَصَمَهُم لمَاَ خالَفوهُ، وَلَوْ شاءَ أنْ يُطِيعُوهُ جَمِيعًا لأَطاعُوهُ، خَلَقَ الخَلْقَ وأفعالَهم، وقَدَّرَ أرْزَاقَهُم وآجَالَهُم، يَهْدِي مَنْ يَشاءُبِرَحْمَتِهِ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشاءُبِحِكْمَتِه، قال اللهُ تعالىٰ: ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾،[ سورة : الأنبياء (23).]وقال اللهُ تعالىٰ: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ،[سورة : القمر (49).]وقال تعالىٰ: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾،[سورة : الفرقان (2).]وقال تعالىٰ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا،[سورة : الحديد (22).]وقال تعالىٰ: ﴿فَمَن يُرِدِاللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا.[سورة : الأنعام (125).]

ورَوَى عُمَرُ أنَّ جِبْرِيلَ عليه السلامُ قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما الإيمان؟ قال: ((أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ))،فقال جبريل: صَدَقْتَ. متفق عليه[البخاري: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإيمان..، حديث رقم (50).

    مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان.. حديث رقم (8). واللفظ له.]).

                                بسم الله الرحمـٰن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله: (أرَاد ما العالَمُ فاعِلوهُ) في صلة كلامه عما يتعلق بالقدر وما يجب من الإيمان به، يقول رحمه الله: (أرَاد ما العالَمُ فاعِلوهُ، وَلَوْ عَصَمَهُم لمَاَ خالَفوهُ، وَلَوْ شاءَ أنْ يُطِيعُوهُ جَمِيعًا لأَطاعُوهُ) هذا تكلمنا عليه في الدرس السابق، وذكرنا أن قوله: (أرَاد ما العالَمُ فاعِلوهُ) أن ما يكون في هذا الكون من خير وشر، من صلاح وفساد، من طاعة ومعصية، كله مراد لله جلّ وعلا يدخل في إرادته، لا يخرج شيء عن ما أراده جلّ وعلا، وهذه الإرادة هي الإرادة الكونية الخلقية القدرية؛ أي التي يصدر عنها خلق الله ويصدر عنها كل شيء، فهي تنتظم كل ما يكون في الكون.

وقوله -رحمه الله-: (وَلَوْ عَصَمَهُم لمَاَ خالَفوهُ) فيه بيان أن ما يكون من المعصية إنما هو بتقدير الله جلّ وعلا، ولو شاء لمنع العاصي من أن يعصيه؛ ولذلك قال رحمه الله: (وَلَوْ شاءَ أنْ يُطِيعُوهُ جَمِيعًا لأَطاعُوهُ)، وقد ذكر الله -جلّ وعلا- هذا في كتابه في مواضع عديدة أنه لو شاء جلّ وعلا لهدى الناس جميعاً كما قال الله -جلّ وعلا-: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا[سورة : السجدة (13).]وكما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا[سورة : يونس (99).]فكل هذه الأدلة تدل على أن الله جلّ وعلا لو شاء هداية أهل المعصية وأهل الكفر لهداهم؛ لكن هذه المشيئة ليست حجة لهم على ما هم عليه من كفر وعصيان كما سيأتينا -إن شاء الله تعالى- في كلام المؤلف.

الذي نريد أن نقرّره الآن أنه ما من شيء في الكون إلا بمشيئة الله عزّ وجل، وتعلمون أن الإيمان بالمشيئة أي بأن مشيئة الله أحاطت بكل شيء مرتبة من مراتب الإيمان بالقدر، وقد ذكرنا المراتب في الدرس السابق، قلنا: إن أولها علم الله، كتابته، مشيئته، خلقه.

قال رحمه الله: (خَلَقَ الخَلْقَ وأفعالَهم)، (خَلَقَ الخَلْقَ) أي الأعيان، (وأفعالَهم) أي ما يصدر عنهم من أعمال وأقوال وسائر ما يعُدّ من كسبهم ظاهر أو مستتر، فكله خلق الله جلّ وعلا، كما قال الله جلّ وعلا: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)[سورة : الصافات (96).]وسيأتي دليل ذلك في كلام المؤلف رحمه الله.

(وقَدَّرَ أرْزَاقَهُم وآجَالَهُم)، (قَدَّرَ أرْزَاقَهُم) أي أرزاق الخلق (وآجَالَهُم) أي أعمارهم، والتقدير تقدير الأرزاق والآجال على مراحل ومراتب، التقدير الكلي السابق هو الذي جرى به القلم لما قال له الله -جلّ وعلا-: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. كما في حديث عُبادة وغيره، فهذا تقدير سابق.

أيضاً ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في صحيح الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو:((أن الله قدر مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)).[مسلم: كتاب القدر ، باب حجاج آدم موسىٰ عليهما السلام، حديث رقم (2653).]

هناك أيضاً التقدير الذي يكون في الأرحام، وهو ما جاء به الخبر عن جماعة من الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم: أن الله يبعث ملكاً فيكتب أجل الإنسان وعمله وشقي أم سعيد ورزقه، كما في حديث ابن مسعود وحديث أبي هريرة وحديث حذيفة وغيرهم.

وقد اتفق سلف الأمة على أن الشقي من شقي في بطن أمه؛ أي: إن الشقاء يكتب قبل الخلق، وقد ذكر ذلك ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كما في صحيح الإمام مسلم، وهو يشير إلى مراحل وأطوار الخلق وما يكون من مجيء الملك لكتابة الأربع الكلمات التي تكون قبل خلق الإنسان.

يقول -رحمه الله-: (يَهْدِي مَنْ يَشاءُبِرَحْمَتِهِ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشاءُبِحِكْمَتِه) وهذا يدل على أن ما يكون من هداية المهتدين، ومن ضلال الضالين، إنما هو بمشيئة الله عز وجل، ومشيئته ليست مجردة عن حكمته، بل كل شيء شاءه فهو لحكمة، فهو الحكيم الخبير سبحانه وبحمده.

قال المؤلف -رحمه الله- في الاستدلال لما تقدم: ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾،[سورة : الأنبياء (23).]﴿لا يُسْأَلُ﴾أي الله -جلّ وعلا- لا يسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴿عَمَّا يَفْعَلُ﴾يعني عما يكون منه من خلق وتقدير، ﴿وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾أي: والخلق يسألون، وهذه الآية نفي السؤال فيها عن الله -عز وجل- لماذا؟ هل لكونه يفعل بغير حكمة؟ الجواب: لا، لا يُسأل عما يفعل، فهذا لكمال حكمته وعلمه جلّ وعلا، وأنه يضع الأشياء مواضعها، وأنه ليس في فعله خلل ولا عبث ولا فساد حتى يسأل عنه؛ بل فعله في غاية الحكمة، فله فيما يقضي ويقدِّر الحكمة البالغة، هذه الحكمة قد يدركها الإنسان بنظره وفكره وتأمله وتدبره، وقد يحال بينه وبين إدراكها؛ لكن امتناع الحكمة من أن تدرك وأن يعقلها الإنسان لا يدل على أنه ليس لهذا الفعل حكمة، أو ليس لهذا القضاء أو هذا القدر حكمة، بل لا بد له من حكمة؛ لكن هذه الحكمة قد تخفى ولا تدرك.

فقوله تعالى: ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾هذا لأي شيء ؟ لكمال حكمته وعلمه، وأن ما يفعله ليس فيه خلل ولا عبث، وأنه -جلّ وعلا- يضع الأشياء مواضعها.

خلافاً لمن استدل بهذه الآية على نفي التعليل قال: إن الله -جلّ وعلا- يفعل لا لحكمة، والدليل أنه لا يسأل عما يفعل. ففعله ما تحتاج أن تطلب له حكمة.

وهذا لجهلهم بكلام الله -عز وجل- وصفاته وما يجب له؛ لأن المؤمن يدرك أن الله -جل وعلا- حكيم كما وصف نفسه بذلك، وحكمته لا تقتصر على شيء من فعله جلّ وعلا أو من قضائه وقدره؛ بل هي منتظمة جميع أفعاله وجميع أقضيته وما يقدره سبحانه وبحمده.

وهذه الآية بدأ بها المؤلف رحمه الله، ذكر الأدلة الدالة على ما تقدم من الكلام؛ لبيان أنه يجب إذا عجز الإنسان عن إدراك الحكمة في قضاء الله عز وجل ألا يُعارض القدر؛ بل يجب أن يسلم للقدر، فالقدر سر الله في خلقه، لم يُطلع عليه ملكاً مقرباً ولا نبيًّا مرسلاً.

فإذا عجز الإنسان عن إدراك شيء مما يقضيه الله ويقدِّره، فالواجب عليه أن يسلم، وألا يتهم الله -جلّ وعلا- بظلم أو بشيء من ذلك؛ بل الواجب عليه أن يعتقد كمال الرب، وأن يتهم نفسه، وأنه -جلّ وعلا- من الحكمة والعلم ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾؛ ولذلك لما جاء ابن الديلمي لأبي بن كعب، وقال له: إن في نفسي شيئاً من القدر. قال له مبتدئاً الجواب: لو أن الله عذب أهل سماواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع لهم وأفضل لهم.

فالواجب على المؤمن فيما يتعلق بالقدر إذا وقع في قلبه شيء أن يطلب حله من كلام الله وكلام رسوله ومن سؤال أهل العلم، كما قال الله -جلّ وعلا-: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾،[سورة : النحل (43)، الأنبياء (7).]فإن لم يجد جواباً فالواجب عليه أن يرد هذا الاشتباه إلى ما يعلمه من عظيم صفات ربه وأنه الحكيم الحليم الخبير الذي لا يظلم الناس شيئاً، وأن يعلم أن قدر الله من جملة ما يدخل في قوله تعالىٰ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11)[سورة : الشورى (11).]، فإنه ليس كمثله شيء في شأن من شؤونه، وإذا اعتقد العبد أنه ليس كمثل ربه شيء، فإنه ينحلّ ما قد يورثه الشيطان أو يوسوس به الشيطان من انتفاء الحكمة أو وجود الظُّلم أو ما أشبه ذلك في شيء من أقضية الله وقدره،  وليكن على باله قول الله تعالى: ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾.[سورة : الأنبياء (23)]

ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- في الاستدلال لما تقدم من أن الله خالق كل شيء، وأنه ما من شيء إلا بقضاء وقدر (قال اللهُ تعالىٰ: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ،[سورة : القمر (49).]) ﴿إنّا﴾ الضمير يعود إلى الرب جلّ وعلا، وتكلم الله عز وجل بضمير الجمع ويريد نفسه تعظيماً لنفسه جلّ وعلا، ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾يشمل كل شيء في هذا العالم فقد خلقه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بقدر، ﴿خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾الباء هنا للسببية، ويمكن أن تكون للمصاحبة؛ يعني أنه بتقدير، مع تقدير وليس خالياً عن تقدير، فهو ملتبس بتقدير الله عز وجل، قدر الله محيط به.

وقد قال طاووس كما روى الإمام مسلم: أدركت ناساً من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: كل شيءٍ بقدر. وهذا حكاية إجماع الصحابة على هـٰذا، أو تكلم الصحابة بهذا.

ثم قال رحمه الله: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: كل شيء بقدر حتى العجز والكَيْس. يعني حتى الضعف وعدم إدراك ما تحب، والكيس أي: الفطنة والذكاء وإدراك المطلوب، فكل شيء بقضاء وقدر، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ،[سورة : القمر (49).]وهذا إجماع أهل الإسلام، فقد دلت الأدلة في الكتاب والسنة ودل أيضاً إجماع سلف الأمة على أنه ما من شيء إلا بقضاء وقدر.

على هذا مضى أهل العلم وأئمة الدين، ولم يقع خلاف في ذلك إلا لما تكلم معبد الجهني فيما يتعلق بالقدر وأن الأمر أنف، وقد رد الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ابن عمر وواثلة بن الأسقع وغيرهما ردوا على هذه الشبهة وبينوا خطرها، وأنه لا يبلغ الإنسان الإيمان إلا بأن يسلِّم لله عز وجل ويؤمن بالقدر.

قال -رحمه الله- في ذكر الأدلة: (وقال تعالىٰ: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾،[سورة : الفرقان (2).]) ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾أي: خلق مصاحب للقدر، فليس هناك شيء بلا تقدير، فقد خلق كل شيء وقدر كل شيء تقديراً، وأكد القدر بذكر المصدر؛ أكد تقدير الله بذكر المصدر تأكيداً له وتقريراً لمعناه وأنه ما من شيء إلا بقدر، وأما الخلق فإنه لم يؤكده قال: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ثم جاء في القدر فذكره مؤكداً لتقريره ونفي شبه المعارضين لهذا الذين يقولون: إن الله -جلّ وعلا- لم يقدر بعض أفعال الخلق، وليس كل شيء بقضائه وقدره.

ثم قال -رحمه الله-: (وقال تعالىٰ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا،[سورة : الحديد (22).]) هذه الآية من الأدلة الدالة على ما تقدم من أنه ما من شيء في الكون، ما من شيء من حركة وسكون يقع من الأنفس إلا بقضاء الله عز وجل وقدره.

يقول الله تعالىٰ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ويشمل كل ما يصيب الإنسان وينزل به مما يفرح به ويسر ومما يسوؤه ويكدره، فكل شيء بقضاء وقدر.

﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ﴾أي إنه مكتوب، وهذا يدل على شيئين: على علم الله بهذا المصاب وبهذا النازل، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد كتبه، فهذه الآية تدل على العلم وتدل على الكتابة.

قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾الضمير في قوله: ﴿نَبْرَأَهَا﴾للعلماء فيه أقوال:

منهم من قال: إنه يعود إلى المصيبة لقوله تعالىٰ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾أي: من قبل أن نبرأ المصيبة، من قبل أن نخلقها ونوجدها، وهذا يدل على الخلق والمشيئة.

فهذه الآية تضمنت إثبات جميع المراتب: الكتابة، العلم، المشيئة، الخلق، فجميع هذه المراتب مضمنة في هذه الآية.

قوله: ﴿نَبْرَأَهَا﴾قلنا: إن الضمير فيها يعود على أي شيء؟ على المصيبة.

وقيل: على الأرض ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾أي من قبل أن نبرأ الأرض، وهذا يدل له حديث عن عبد الله بن عمرو: ((أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)).[تم تخريجه صفحة (2).]

القول الثالث في ضمير ﴿نَبْرَأَهَا﴾: أنه يعود إلى الأنفس؛ أي من قبل أن نخلق الأنفس؛ أي من قبل أن نبرأ الأنفس، وهذا مطابق لحديث من؟ لحديث عبد الله بن عمرو ولحديث عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وغيره من الصحابة الذين أخبروا بالتقدير قبل الخلق، فيؤمر بأربع كلمات ثم ينفخ فيه الروح، هـٰذه الأربع الكلمات قبل الخلق؛ لأن نفخ الروح جاء بعدها.

فأي هذه الأقوال أرجح؟

من حيث النظر: أرجحها الأخير؛ لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وأقرب مذكور ما هو ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾أقرب مذكور الأنفس.

وقال ابن القيم رحمه الله: إنه يصلح أن يكون الضمير عائداً إلى كل ما تقدم. قال: وهو أحسن. فتكون الآية في قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾أي من قبل أن نخلق المصيبة، من قبل أن نخلق الأرض، من قبل أن نخلق الأنفس، وكل هذه المعاني صحيحة دل عليها الكتاب والسنة، فتحمل الآية على جميع هذه المعاني.

قال -رحمه الله-: (وقال تعالىٰ: ﴿فَمَن يُرِدِاللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا[سورة : الأنعام (125).]).

 هذه الآية فيها إثبات الإرادة لله جلّ وعلا، والإرادة هنا أي نوعي الإرادة؟ الإرادة الكونية الخلقية؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكر فيها إرادة الهداية وإرادة الضلال، وما الذي ينتظم هذه النوعين من الإرادة؟ الإرادة الكونية؛ لأن الإرادة الكونية هي التي تنتظم ويندرج تحتها ويصدر عنها كل شيء في الكون، من صلاح وفساد، من هداية وضلال، من خير وشر، ماذا يسمى هذا النوع من الإرادة؟ الإرادة الكونية وهي بمعنى المشيئة.

ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ،[سورة : الأنعام (39).]فإنه مطابق لمعنى هذه الآية؛ حيث ذكر الله مشيئته للهداية ومشيئته للإضلال، وهنا ذكر إرادته للهداية وإرادته للإضلال، فالإرادة هنا هي المشيئة هناك، فيكون المعنى: ما من شيء في الكون إلا بإرادة الله عز وجل، وهذه الإرادة هي الإرادة الكونية.

النوع الثاني من الإرادة: الإرادة الشرعية، مثالها: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾،[سورة : الأحزاب (33).]وأيضاً قوله تعالىٰ: ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ،[ سورة : النساء (27).]وقوله تعالىٰ: ﴿مَا يُرِيدُاللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ[سورة : المائدة (6).]. كل هذه الأنواع من الإرادة المذكورة في كلام الله عز وجل هي من الإرادة الشرعية.

طيب، ما الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية؛ لأن هذه المسألة هي الأساس الذي يسلم به الإنسان من الضلال فيما يتعلق بباب القدر، الإرادة الكونية والإرادة الشرعية ما الفرق بينهما؟ يعني الإرادة الشرعية تتعلق بالمحبة والرضا، فلا يريد الله إلا ما يحبه ويرضاه.

وأما الإرادة الكونية، فلا تتعلق بمحبة الله ورضاه؛ بل هي متعلقة بكل واقع في الكون، من خير وشر، من صلاح وفساد وغير ذلك، هذا فرق.

هناك فرق آخر بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية ما هو؟ الإرادة الشرعية غير لازمة الوقوع، يحتمل ألا تقع، يريد الله -عز وجل- من الناس عبادته أليس كذلك؟ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ﴾،[الذاريات:] فالعبادة مرادة من الله من جميع الناس هل حصلت هذه ؟ ما حصلت ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ،[سورة : التغابن (2).]﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)﴾[سورة : هود (118).]أي مؤمن وكافر.

فالإرادة الشرعية غير لازمة الوقوع، قد تقع وقد لا تقع.

طيب أمر الله -عز وجل- الناس بالصلاة من أي أنواع الإرادة؟ الإرادة الشرعية، كيف استدللت على أنها من الإدارة الشرعية؟ لأنه مما يحبه الله ويرضاه، لأنه قد لا يقع، كثير من الناس لا يصلي، من أهل الكفر وبعض من هو مسلم يترك بعض الصلوات، أو يترك الصلوات.

المراد أن الإرادة الشرعية تتميز بميزتين:

أولاً: أنها محبوبة لله عز وجل مرضية.

الثاني: أنها غير لازمة الوقوع.

أما الإرادة الكونية فهي لا تتعلق بالمحبة، تتعلق بأي شيء؟ تتعلق بكل شيء في الكون، بكل ما يكون.

والثاني: أنها لازمة الوقوع، لا بد أن تقع ما يمكن أن تتخلف، نعم.

ثم ذكر بعد ذلك قال: (ورَوَى عُمَرُ أنَّ جِبْرِيلَ عليه السلامُ قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما الإيمان؟ قال: ((أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ))).الشاهد في سياق هذا الحديث قوله: (وبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ)، (فقال جبريل: صَدَقْتَ).والحديث مشهور حديث عمر رضي الله عنه في الصحيحين وفي غيرهما، فيه وجوب الإيمان بالقدر في قوله: ( الإيمان أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ) وفيه أيضاً فائدة تدل لما تقدم من شمول التقدير لكل ما يكون في الكون قوله: ((خَيْرِهِ وَشَرَّهِ))، فالقدر يكون فيه خير ويكون فيه شر، القدر وهو ما يقضيه الله جلّ وعلا يكون فيه خير ويكون فيه شر؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ).

(وقال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( آمنْتُ بالقدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ ))[أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث، من طريق يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك، ويزيد الرقاشي ضعيف، كما في التقريب بل قال النسائي: متروك، وأحمد: منكر الحديث. وجاء في سنن ابن ماجه: كتاب المقدمة، باب في القدر، حديث رقم (87)، بلفظ: ((وتؤمن بالأقدار كلها خيرها وشرها وحلوها ومرها)). قال الشيخ الألباني: ضعيف جدّاً.]).هذا الحديث رواه الحاكم في كتاب معرفة علوم الحديث وهو مثال للحديث المسلسل؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بلحيته وقال: ((آمنْتُ بالقدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ))، وراوي الحديث أنس بن مالك أخذ بلحيته عند حكاية قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((آمنْتُ بالقدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ))، وهكذا تسلسل هذا الوصف في الرواة، إلا أن الحديث فيه ضعف فهو من رواية يزيد الرقاشي، وهو ضعيف.

على كل حال الشاهد من الحديث قوله: ((خَيْرِهِ وَشَرَّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ))، وهذا يفيد ما أفاده حديث  عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في الصحيحين وفيه قوله: ((وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ)).

ثم قال: (ومِنْ دُعَاءِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الّذي علَّمَهُ الحسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَدْعُو بِهِ في قُنُوتِ الوِتْرِ: ((وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ))[سنن الترمذي: كتاب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، حديث رقم (464).سنن أبي داوود: كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، حديث رقم (1425). سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، خديث رقم (1178). سنن النسائي: كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، حديث رقم (1745).قال الشيخ الألباني: صحيح.]).المقصود من سياق هذا الحديث هو الاستدلال على أن القدر ينتظم الشر، فالشر صادر عن تقدير الله عز وجل، فليس خارجاً عن قدر الله عز وجل؛ لعموم قول الله تعالىٰ: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ،[سورة : القمر (49).]وقوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾،[سورة : الفرقان (2).]وقوله:﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)﴾،[سورة : الحديد (22).]والآيات الكثيرة دالة على هـٰذا، وأن القدر يشمل الخير والشر.

لكن يبقى سؤال : هل الشر في فعل الله -عز وجل- أو في مفعوله؛ يعني في مقضيه وما يقدره؟

الجواب:ليس في فعله شر بالكلية، دليل هذا ما رواه الإمام مسلم من حديث علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في دعاء الاستفتاح الذي كان يقوله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته: ((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين)) وفيه: ((لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك)) فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الثناء على ربه: ((والشر ليس إليك)) أي لا ينسب إليك، يفهم هذا من قوله: ((والخير كله في يديك))[مسلم : كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعائه في الليل، حديث رقم (771).]فإذا كان الخير كله في يديه فإنه لا ينسب إليه الشر ولا يوصف به، ولذلك الشر في كلام الله عز وجل وكلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يضاف إلى الله جل وعلا؛ بل إما أن يضيفه الله عز وجل للمخلوق المقضي المقدر، من ذلك قول الله تعالىٰ في سورة الفلق: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2)[سورة : الفلق (1-2).]من شر الذي خلق، ﴿مَا﴾ موصولة فأضاف الشر للمخلوق. ومنه أيضاً هنا: ((وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ))فأضاف الشر للمخلوق في آية سورة الفلق، وفي هذا الحديث أضاف الشر للمقضي المقدر: ((وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ)).

يأتي ذكر الشر دون ذكر فاعله في كلام الله عز وجل مع التصريح بأن الخير من الله، فلا يضاف إليه الشر ومن ذلك قوله تعالىٰ: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾ثم ماذا قال في المغضوب عليهم والضالين؟ قال: ﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾[سورة : الفانحة (6-7).]ولم يذكر فاعل ذلك، ذكر المفعول والواقع وهو الغضب والضلال، ويذكر أيضاً الشر على وجه الإجمال؛ يعني يندرج في غيره وليس منصوصاً عليه، مثل قول الله تعالىٰ: ﴿اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾،[سورة : الرعد (16)، الزمر (62).]ومثل قوله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ،[سورة : القمر (49).]فلا يشكّ مؤمن يدرك معاني كلام الله عز وجل وما كان عليه السلف الصالح من فهم هـٰذه الآية أن الشر مندرج في هذه الآية؛ لعموم قوله: ﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾فإنه يشمل كل شيء من خلق الله عز وجل.

إذاً إضافة الشر إلىٰ الله -عز وجل- ليس في كلام الله، ولا في كلام الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إضافة الشر إلىٰ الرب جلّ وعلا، إنما يرد على هذه الأنحاء الثلاثة أو على هذه الصيغ والصور الثلاث التي ذكرناها قبل قليل.

فالشر ليس من فعله، إنما الشر الذي يكون في المقضي المقدر، وإنما أضفناه إلى المقضي المقدر لأنه شر، فالمرض شر والمعصية شر؛ ولكنها شر نسبي وليست شرًّا محضاً، فهي شر من جهة وخير من جهة: شر من جهة المخالفة أو من جهة ما يلحق الإنسان من ضرر، وخير باعتبار ما يترتب على وجود هذه الأشياء من الحكمة البالغة والرحمة الواسعة.

فقول المؤلف -رحمه الله- في سياق هذه الآيات والأحاديث كله لتقرير أن القدر يشمل هذا وذاك، يشمل الصلاح والفساد، يشمل الخير والشر، يشمل الطاعة والمعصية.

هذا الحديث حديث الحسن بن علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رواه الخمسة ونبه ابن حبان وابن خزيمة إلى أن زيادة في قنوت الوتر -يعني قول الحسن: علمني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاء أقوله في قنوت الوتر- تفرد بها أبو إسحاق السبيعي، وخالفه فيها شعبة وشعبة أحفظ من أبي إسحاق والبون بينهما شاسع؛ ولذلك رجح جماعة من العلماء رواية شعبة على رواية أبي إسحاق، ورواية شعبة ليس فيها ذكر القنوت: إنما علمني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاءً.

 وليس فيها أنه يقال في الوتر. لكن جاء عند النسائي من طريق ثانية أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه في دعاء الوتر فيعضد ما ذكره أبو إسحاق السبيعي عن بريد بن أبي مريم، فيصح ما ذهب إليه الجمهور من أن هذا الدعاء يقال في قنوت الوتر.

طيب هذه مسألة خارجة عن ما نحن فيه.

 يقول -رحمه الله-: (ولاَ نجعلُ قضاءَ اللهِ وقدَرَهُ حُجَّةً لنا في تَرْكِ أوامِرِهِ واجْتِناب نَوَاهِيه).

 

هذه المسألة تحتاج إلى وقفة نجعلها -إن شاء الله تعالى- في الدرس القادم غداً إن شاء الله تعالىٰ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93554 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89258 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف