الدرس (18) من شرح رسالة لمعة الاعتقاد للشيخ أد خالد المصلح
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام موفق الدِّين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسيرحمه الله تعالىٰ:
(ونَشْهَدُ للعشَرةِ بالجنّةِ، كما شَهِدَ لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((أبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وعُمَرُ فِي الجنَّةِ، وعُثْمَانُ في الجنَّةِ، وعَلِيٌّ في الجنّةِ، وطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، والزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وسَعْدٌ فِي الجنَّةِ، وسَعِيدٌ في الجنّةِ، وعبدُ الرّحمنِ بنُ عوفٍ في الجنّةِ، وأبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ في الجَنَّةِ)).[سنن أبي داوود: كتاب السنة، باب في الخلفاء، حديث رقم (4649، 4650). سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب عبد الرحمـٰن بن عوف الزهري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حديث رقم (3747، 3748).سنن ابن ماجه: باب في فضائل أصحاب رسول الله، فضل العشرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، حديث رقم (133).قال الشيخ الألباني: صحيح.]وكُلُّ مَنْ شَهِدَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَبالجنَّةِ شَهِدْنَا له بها،كقوله: ((الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ))،[سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب والحسين بن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، حديث رقم (3768). قال الشيخ الألباني: صحيح.]وقولِه لثابِتِ بنِ قيْسٍ: ((إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ)).[البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3613). مسلم: كتاب الإيمان، باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله، حديث رقم (119).]ولا نَجْزِمُ لأحدٍ مِنْ أهلِ القِبْلَةِ بجنَّةٍ ولا نَارٍ إلاَّ مَنْ جَزَمَ لَهُ الرّسولصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنَّا نَرجو للمُحْسِنِ ونَخَافُ على المُسيءِ).
بسم الله الرحمـٰن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسان إلىٰ يوم الدين.
أما بعد:
فَصِلَة ما تقدم فيما يتعلق بفضائل الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم الشهادة لمن شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ منهم بالجنة.
واعلم أن الشهادة بالجنة نوعان:
شهادة لأصحاب أوصاف، أو شهادة لموصوفين.
وشهادة لمعينين.
أما الشهادة التي تكون للموصوفين، فهي كثيرة في كتاب الله عز وجل وفي سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي فيها ذِكر أن من فعل كذا فله كذا أو له الجنة، كقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا،و لا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)).[مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون وأن محبة المؤمنين من الإيمان، حديث رقم (54).] فكل من أفشى السلام وحصل منه التحابّ لإخوانه المسلمين فإنه موعود بهذا الفضل، وهو دخول الجنة. هذه شهادة لمن اتصف بهذا الوصف، وهذا النوع لا إشكال فيه، وهو مجمع عليه.
النوع الثاني من أنواع الشهادات بالجنة: الشهادة لمعينين، كالشهادة لمن ذكر المؤلف رحمه الله.
وأول وأبرز من يشهد لهم بالجنة من خصوا بشهادة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عبدالرحمـٰن بن عوف وحديث غيره، وفيه قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وعُمَرُ فِي الجنَّةِ، وعُثْمَانُ في الجنَّةِ، وعَلِيٌّ في الجنّةِ، وطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، والزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وسَعْدٌ فِي الجنَّةِ، وسَعِيدٌ في الجنّةِ، وعبدُ الرّحمنِ بنُ عوفٍ في الجنّةِ، وأبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ في الجَنَّةِ))[تم تخريجه في الصفحة: (2).]. هذه الشهادة لهؤلاء المعينين هي أشهر الشهادات، وهم المعروفون بأنهم العشرة المبشرون بالجنة؛ لكون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع ذكرهم في حديث واحد.
يقول المؤلف رحمه الله: (ونَشْهَدُ للعشَرةِ) وهم من سيأتي ذكرهم في الحديث (بالجنَّةِ) أي نشهد ونوقن بأنهم من أهل الجنة، وهـٰذه الشهادة مبنية على خبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ، يقول رحمه الله: (كما شَهِدَ لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((أبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ))) وأبو بكر هو أبو بكر الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، (وعُمَرُ) هو عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء، (وعُثْمَانُ) وهو ثالث الخلفاء؛ عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمـٰن بن عوف، وأبو عبيدة عامر بن الجراح رَضِيَ اللهُ عَن الجميع.
هؤلاء كلهم شهد لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، فنشهد لهم بأنهم في الجنة، وأن خبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم صدق، فهم من أهل الجنة قبل أن يموتوا، بخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
كذلك شهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغيرهم من الصحابة، يقول المؤلف رحمه الله: (وكُلُّ مَنْ شَهِدَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنَّةِ شَهِدْنَا له بها) اتباعاً للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطاعة لأمره وتصديقاً لخبره.
يقول رحمه الله: (كقوله: ((الحَسَنُ والحُسَيْنُ)) الحسن بن علي والحسين بن علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُما سبطا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ((سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ)) أي لهما السيادة على شباب أهل الجنة، والسيادة هي العلو والشرف والارتفاع، فهـٰذه شهادة من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذين الصحابيين الجليلين بالجنة.
يقول رحمه الله: (وقولِه لثابِتٍ بنِ قيْسٍ: ((إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ)) فقد شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وقصة شهادته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثابت بن قيس بالجنة مشهورة معروفة، وسببها نزول قول الله تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾[سورة : الحجرات (2).]. فإن هـٰذه الآية لما نزلت اعتزل ثابت بن قيس بن شماس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في بيته وبكى ففقده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا له: إنه يبكي لقوله تعالىٰ: ﴿أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ فإنه كان رفيع الصوت جهوري الصوت فخشي أن يدخل في هـٰذه الآية، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ))، فكانت بشارة له بأنه من أهل الجنة.
كذلك شهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخديجة،[البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خديجة وفضلها رَضِيَ اللهُ عَنْها، حديث رقم (3819، 3820). مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة رَضِيَ اللهُ تعالىٰ عَنْها، حديث رقم (2431-2434).]وشهد لبلال،[البخاري: كتاب التهجد، باب فضل الطهور بالليل والنهار..، حديث رقم (1149).مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل بلال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حديث رقم (2458).]ولجماعة من الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم بأنهم من أهل الجنة.
فكل من شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ بالجنة فإنّ من تمام الإيمان به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نصدقه في ذلك، وأن نشهد لمن شهد له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يقول رحمه الله: (ولا نَجْزِمُ لأحدٍ مِنْ أهلِ القِبْلَةِ بجنَّةٍ ولا نَارٍ) بعد أن فرغ من بيان حكم من شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، وما الواجب تجاهه.
انتقل إلىٰ بيان المسكوت عنهم ما حكمهم؟ من سكت عنه ولم يبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل هو من أهل الجنة أو لا؟ هل نشهد له بالجنة أو لا؟
الجواب يقول: (ولا نَجْزِمُ لأحدٍ مِنْ أهلِ القِبْلَةِ بجنَّةٍ ولا نَارٍ) ففُهم من هـٰذا أننا لا نجزم لأحد كائناً من كان بأنه من أهل الجنة أو بأنه من أهل النار؛ بل الواجب التوقف حتى يأتي بيانٌ من الله أو بيان من رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه من أهل الجنة أو أنه من أهل النار.
وقوله: (ولا نَجْزِمُ) أي لا نقول ذلك على وجه الجزم والقطع.
هل نقوله على وجه الرجاء؟ الجواب: نعم، نقول فيمن قام فيه دليل الصلاح وعلامات الاستقامة: إننا نرجو أن يكون من أهل الجنة، فنرجو للمحسن ونخاف على المسيء؛ لكن الرجاء أمر دون الشهادة والجزم، فالبحث في الجزم فإننا (لا نَجْزِمُ لأحدٍ مِنْ أهلِ القِبْلَةِ بجنَّةٍ ولا نَارٍ)؛ لأن هـٰذا من الغيب، وهو من الخبر الذي لا يمكن أن يقبل إلا بقول الله أو بقول رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقول المؤلف رحمه الله: لأحد من أهل القبلة سواء كان من أهل الفضل والإحسان أو كان من أهل الإساءة والتقصير، وقوله رحمه الله: (مِنْ أهلِ القِبْلَةِ) يشمل كل من توجه إلى القبلة من أهل الإسلام، وأهل القبلة هم أهل الإسلام.
ويعبر العلماء رحمهم الله عن المسلمين بهذا الاسم لكونهم يجتمعون في هـٰذا الأمر، فالكل يجتمع، كل من ادعى الإسلام فإنه لا بد أن يتوجه إلىٰ القبلة، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الصحيح: ((من استقبل قبلتنا وذبح ذبيحتنا -أو نسك نسيكتنا- فهو المسلم الذي له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين))[البخاري: كتاب الصلاة، باب فضل استقبال القبلة، الحديث رقم (391-393).].وهـٰذا يبين أن كل من اتصف بهذا الوصف فإنه من أهل القبلة، فهـٰذا الوصف مأخوذ من هـٰذا الحديث ونظائره.
ويوصف أهل الإسلام بأنهم أهل الصلاة؛ ولذلك سمّى بعض من ألف في مقالات المسلمين قال: ومقالات المصلين. يريد بذلك أهل الإسلام، فقوله رحمه الله: (ولا نَجْزِمُ لأحدٍ مِنْ أهلِ القِبْلَةِ) يعني لأحد من أهل الإسلام (بجنَّةٍ ولا نَارٍ) أي لا نقول إنه في الجنة ولا نقول إنه في النار، (إلاَّ مَنْ جَزَمَ لَهُ الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فلا نجزم لمعين بأنه في الجنة إلا إذا جاءنا الخبر عن الله أو عن رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أنه في النار إلا إذا جاء الخبر عن الله أو عن رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يقول: (لَكِنَّا نَرجو للمُحْسِنِ ونَخَافُ على المُسيءِ).نرجو الإثابة والفضل والأجر والجنة للمحسن، والمحسن هو الذي حقق الإسلام بالعمل الصالح والنية الخالصة، هـٰذا هو المحسن، وأما المسيء فهو من خالف ذلك: إما فساد في العمل، وإما فساد في النية.
فالمحسن نرجو له فضل الله عز وجل ورحمته، وأما المسيء فإننا نخاف عليه، وذلك أن الحساب بين يدي الله عز وجل لا يجري على الظواهر فحسب؛ بل إنه يجري على ما يقوم في القلب.
وقد يظهر من الإنسان الاستقامة وحسن الحال والباطن على خلاف ذلك، فالعبرة بما يقوم بالقلوب وتصدِّقه الأعمال، كما في حديث أبي هريرة في صحيح الإمام مسلم قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلىٰ أجسادكم، ولكن ينظر إلىٰ قلوبكم)) وفي رواية: ((وأعمالكم))[مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم دم المسلم..، حديث رقم (2564).]. فالنظر والحساب والجزاء على ما يقوم في القلوب من الإيمان والتصديق وحسن الاعتقاد الذي يتبعه صلاح العمل، فإنه لا يمكن أن يستقيم القلب ويصلح وتكون الجوارح على خلاف ذلك ما لم يوجد مانع.
فهمنا من كلام المؤلف رحمه الله أن الشهادة والجزم بالجنة لا يمكن أن يكون إلا لمن شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبر، وكذلك الشهادة بالنار لا يمكن أن تكون إلا لمن أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه من أهل النار، وقد أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بل جاء في الكتاب الخبر عن جماعة أنهم من أهل النار.
من ذلك على وجه التعيين أبو لهب وامرأته، فقد شهد الله لهما بالنار: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)﴾[سورة : المسد.]. فهذان شهد لهما الله جل وعلا بأنهما من أهل النار. كذلك جاءت الشهادة لمعينين بالنار، كشهادة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن عامر الخزاعي أول من بدل دين إبراهيم عليه السلام من العرب بأنه في النار، حيث قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: ((رأيته يجر قصبه في النار)) وهـٰذا يدل على أنه في النار.
فالشهادة للمعينين جاءت في خبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كذلك شهد لأبي طالب بأنه في النار.
وجاء في صحيح مسلم الخبر عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أباه في النار، لما سأله الرجل عن أبيه فقال: ((أبوك في النار))؟ كأن الرجل وجد في نفسه واشتد عليه الأمر فهوَّن عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخبر فقال له: ((إن أبي وأباك في النار)).[مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار..، حديث رقم (203).]
فهـٰذه شهادة لمعينين؛ لكن هل هٰؤلاء من أهل القبلة؟ الجواب: لا، ليسوا من أهل القبلة؛ لأنهم ممن لم يبعث فيهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانوا قبله، أما أهل القبلة فإنه لا يجوز الشهادة لأحد منهم مهما بلغ عصيانه وساءت أحواله وكثرت سيئاته أن يشهد له بالنار، ما لم يرتكب مكفراً يخرج به عن ملة الإسلام ويخلع به عن رقبته ربقة الإيمان، فبهذه الحال يكون كافراً مرتدًّا.
أما ما مادام عصيانه لا يصل به إلىٰ حد الكفر، فإنه لا يحكم بكفره ولا يشهد له بالنار.
كذلك الشهادة بالنار للمرتد هـٰذه محل خلاف بين أهل العلم؛ لأن كلام المؤلف الآن في الناس عموماً أو في أهل القبلة؟ كلامه في أهل القبلة.
طيب غير أهل القبلة من الكفار هل يشهد لهم بالنار؟ اختلف في هـٰذا العلماء على قولين:
منهم من قال: إنه يشهد لمن علم موته على الكفر بأنه في النار.
وقال آخرون: إن عقد أهل السنة والجماعة أن لا نشهد لمعين بجنة ولا نار، ولو كان من أهل الكفر؛ لأننا ما نعلم حكم الله فيه؛ لكننا من حيث الحكم الدنيوي نحكم بكفره وأنه من أصحاب الجحيم على وجه العموم، أما على وجه التعيين فنحتاج إلىٰ نص ودليل.
فهـٰذه المسألة فيها قولان لأهل العلم، لكل قول ما يسنده ويعضده، والسلامة أن لا نشهد لمعين بنار حتى يقوم الدليل والنص والخبر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك.
ثم قال رحمه الله:
(ولاَ نُكفِّرُ أحدًا مِنْ أهلِ القِبلةِ بذَنْبٍ، ولاَ نُخْرِجُهُ عَنِ الإسلامِ بِعَمَلٍ.
ونَرَى الحَجَّ والجِهَادَ ماضيين مع طاعَةِ كلِّ إمامٍ بَرًّا كان أو فَاجِرًا، وصلاةُ الجمعةِ خلفَهم جائزةٌ.
قال أنَسٌ: قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((ثَلاَثٌ مِنْ أصْلِ الإيمَانِ: الكَفّ عن مَنْ قَالَ: لاَ إلَهَ إلاّ الله. وَلاَ تُكَفّرْهُ بِذَنْبٍ، وَلاَ تُخْرِجْهُ مِنَ الإسْلاَمِ بِعَمَلٍ. وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَني الله عزّ وجلّ حتّى يُقَاتِلَ آخِرُ أُمّتِي الدّجّالَ، لاَ يُبْطِلُه جَوْرُ جَائِرٍ وَلاَ عَدْلُ عَادِلٍ، وَالإيمَانُ بالأقْدَارِ)).[سنن أبي داوود: كتاب الجهاد، باب في الغزو مع أئمة الجور، حديث رقم (2531). قال الشيخ الألباني: ضعيف.]رواه أبو داود).
يقول رحمه الله: (ولاَ نُكفِّرُ أحدًا مِنْ أهلِ القِبلةِ بذَنْبٍ)، معنى قوله رحمه الله: (ولاَ نُكفِّرُ) أي لا نحكم بالكفر، على أحدٍ(مِنْ أهلِ القِبلةِ) أي من أهل الإسلام الذين ثبت إسلامهم بإقامة الصلاة واستقبال البيت، (بذَنْبٍ) أي بسبب ذنب، وقوله: (بذَنْبٍ) يشمل الصغير والكبير، الدقيق والجليل من الذنوب، ما عدا ما يحصل به الكفر والردة.
فمن كفر بالله عز وجل كفّرناه.
ومن سب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو كذّبه كفرناه.
ومن امتهن القرآن ودنسه كفرناه.
فقوله رحمه الله: (بذَنْبٍ) يعني من كبائر الذنوب التي لم يأت النص بأنها كفر؛ كشارب الخمر والزاني والسارق، وغير ذلك من أصحاب الكبائر والذنوب، فإنه (لاَ نُكفِّرُ أحدًا مِنْ أهلِ القِبلةِ بذَنْبٍ)؛ لأن الأصل أن من كان إسلامه ثابتاً بيقين فإنه لا ينقل عنه إلا بيقين، وهـٰذه قاعدة مهمة يستفيدها طالب العلم، لا سيما عند الاشتباه هل هـٰذا وقع في مكفر أو لا؟ الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن من حكم بإسلامه فهو باقٍ على هـٰذا الوصف، لا يرتفع عنه إلا بدليل.
فإذا اشتبه الإنسان هل هـٰذا يحصل به الكفر أو لا يحصل به الكفر؟ فالأصل أنه لا يحصل به الكفر، الأصل أنه باق على الإسلام.
(ولاَ نُكفِّرُ أحدًا مِنْ أهلِ القِبلةِ بذَنْبٍ) ينبغي أن تقيد هـٰذه الجملة بما عدا ما وقع الخلاف فيه بين أهل العلم من المسائل هل يكفر بها صاحبها أو لا.
فهناك من المسائل ما وقع فيها الخلاف بين العلماء وهي من جملة الذنوب، فمثلاً ترك الصلاة هـٰذا من الذنوب، اختلف فيه العلماء رحمهم الله من حيث الكفر على قولين: فمنهم من يرى التكفير بترك الصلاة ولو كانت صلاة واحدة إذا تركها عمداً دون عذر حتى خرج وقتها، فمن العلماء من يرى أنه يكفر بهذا؛ لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))[سنن الترمذي: كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، حديث رقم (2621). سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، حديث رقم (1079). سنن النسائي: كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، حديث رقم (463).قال الشيخ الألباني: صحيح.]. وللحديث الآخر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بين الرجل والشرك -أو الكفر- ترك الصلاة)).[سنن الترمذي: كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، حديث رقم (2619).
سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، حديث رقم (1078، 1080).سنن النسائي: كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، حديث رقم (464).قال الشيخ الألباني: صحيح.]فهـٰذا خارج عن قول المؤلف رحمه الله: (ولاَ نُكفِّرُ أحدًا مِنْ أهلِ القِبلةِ بذَنْبٍ) فما وقع فيه الخلاف بين أهل العلم من الذنوب هل يكفر به صاحبه أو لا؟ فإنه لا يدخل في هـٰذه الجملة؛ لوقوع الخلاف بين السلف فيه.
المقصود بالذنوب ما اتفق العلماء على أنه ذنب كالكبائر من الزنى وشرب الخمر وما أشبه ذلك، أما أركان الإسلام فقد اختلف العلماء رحمهم الله في تاركها يكفر أو لا، الصلاة والزكاة والصيام والحج، الخلاف فيها مشهور بين العلماء في تاركها هل يحكم بكفره أو لا، فهـٰذه خارجة عن بحثنا.
قوله -رحمه الله-: (ولاَ نُخْرِجُهُ عَنِ الإسلامِ بِعَمَلٍ) ما لم يكن هـٰذا العلم ينتقض به إسلامه، ويرتفع به عنه وصف الإسلام.
مثاله: الذبح لغير الله، هـٰذا عمل أو ليس بعمل؟ هل نخرجه من الإسلام بذلك؟ الجواب: نعم؛ لكن المقصود بالعمل يعني ما كان من كبائر الذنوب والخطايا والآثام، أما الشرك فإنه كفر، ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ﴾[سورة : المائدة (72).]فلا بد من الحكم بمقتضى ما قام بالإنسان من وصف، فإذا قام به وصف الكفر مع اعتقاده دون عذر، مع توفر الشروط وانتفاء الموانع فإنه يحكم بكفره.
ثم قال رحمه الله: (ونَرَى الحَجَّ والجِهَادَ ماضيينمع طاعَةِ كلِّ إمامٍ بَرًّا كان أو فَاجِرًا)، وهـٰذا بيان لعقد أهل السنة والجماعة في هذا الشأن، وهو ما يتعلق بنظر أهل السنة والجماعة للأئمة وهم ولاة الأمر الذين يتولون أمر أهل الإسلام.
يقول: (نَرَى الحَجَّ والجِهَادَ) لماذا ذكر الحج والجهاد؟ لأن الحج والجهاد من الأعمال التي لا بد فيها من الاجتماع، ولا بد لكل اجتماع من أمير يُصدر عن رأيه ويرجع إليه في تدبير شأنه، فذكر الحج والجهاد ليس قصْراً على هذين العملين؛ بل هو نموذج للأعمال التي تحتاج إلىٰ اجتماع.
فقوله رحمه الله: (نَرَى الحَجَّ والجِهَادَ) لأنها من العبادات التي يحتاج فيها الناس إلىٰ رأس وإلى أمير يأتمرون به ويقتدون بعمله ويسيرون خلفه يرتبهم وينظمهم ويدير شؤونهم ويصلح أمورهم:
ولا سراة إذا جهالهم سادوا |
|
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم |
فلا بد للناس في مثل هـٰذه الاجتماعات من تدبير، ولذلك نص العلماء رحمهم الله على مضيّ الجهاد و الحج مع كل أمير برّاً كان أو فاجراً.
(ونَرَى الحَجَّ والجِهَادَ ماضيين) أي قائمين، لا يجوز إبطالهما ولا التوقف عنهما لفساد من يتولاهما أو لتقصيره.
ولذلك قال: (مع طاعَةِ كلِّ إمامٍ بَرًّا كان أو فَاجِرًا).(برًّا) أي قائماً بالطاعة عاملاً بهاعادلاً بين الخلق، (أو فَاجِرًا) أي فيما يتعلق بنفسه أو فيما يتعلق بولايته.
فيما يتعلق بنفسه كأن يكون شارباً للخمر، أو زانياً، أو غاشًّا.
فيما يتعلق برعيته كالغاش أو الذي يظلم ويأخذ حقوق الناس، فإن هذا يجب له من الطاعة ما يجب لغيره من ولاة الأمر؛ لما أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوب الاجتماع والطاعة حتى ولو حصل التقصير من ولي الأمر. وهـٰذا مما تميز به أهل السنة والجماعة، وإنما تميزوا به لاستمساكهم بهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولاستمساكهم بما أرشد إليه الله عز وجل من الاعتصام بحبله والاجتماع على طاعته، وحذراً وتجنباً لما نهى عنه من الفرقة والاختلاف، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نهى عن الفرقة والاختلاف.
ولو أن كل أحد رأى من أميره أو إمامه أو وليه ما يكره من المعصية فيكون ذلك مسوغاً لنزع يده عنه وعدم طاعته لما استقام الأمر لأحد؛ لأنه ما من أحد إلا ويخطئ، وما من أحد إلا وعنده تقصير، يتفاوت التقصير؛ لكن ينبغي للمؤمن أن يصبر على الخطأ، وألا يوافق على المعصية، لكن ينبغي له ألا ينزع يداً من طاعة، كما دلت على ذلك النصوص المتضافرة.
يقول رحمه الله: (وصلاةُ الجمعةِ خلفَهم جائزةٌ) صلاة الجمعة وهي الاجتماع خلفهم مع فجورهم وتقصيرهم جائزة، أي تبرأ بها الذمة، وقوله: (جائزةٌ) رد على من يرى أنه لا يجوز الصلاة خلف أئمة الجوْر، ولا يعني أن الإنسان مخير بين أن يصلي أو لا يصلي؛ بل الواجب عليه أن يصلي خلفهم، وإنما ذكر الجواز هنا لا لاستواء الطرفين، إنما لرد قول من يقول: إنه لا يصلى خلفهم.
وقد صلى صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلف الحجاج، وحجوا مع الحجاج، مع ظلمه وظهور شره وقتله لأهل الفضل والعلم وتسلطه على عباد الله، مع ذلك لم ينزعوا يداً من طاعة؛ بل صلوا خلفه وحجوا معه، ولم يكن في ذلك تثريب عليهم؛ بل كانوا في ذلك مهتدين بهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متبعين لسنته.
ثم قال رحمه الله: (قال أنَسٌ: قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((ثَلاَثٌ مِنْ أصْلِ الإيمَانِ))). (ثَلاَثٌ) أي ثلاث خصال وصفات ((مِنْ أصْلِ الإيمَانِ)) أي من قواعده وأسسه التي يُبنى عليها، ((الكَفّ عن مَنْ قَالَ: لاَ إلَهَ إلاّ الله)). ثم بيّن قال: ((وَلاَ تُكَفّرْهُ بِذَنْبٍ وَلاَ تُخْرِجْهُ مِنَ الإسْلاَمِ بِعَمَلٍ)) ثم قال:((وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَني الله عزّ وجلّ حتّى يُقَاتِلَ آخِرُ أُمّتِي الدّجّالَ، لاَ يُبْطِلُه جَوْرُ جَائِرٍ وَلاَ عَدْلُ عَادِلٍ، وَالإيمَانُ بالأقْدَارِ)) فاجتمع لنا في هـٰذا الحديث ثلاث خلال:
الصفة الأولى قوله: ((الكَفّ عن مَنْ قَالَ: لاَ إلَهَ إلاّ الله)) ثم بين معنى (الكف) قال: ((وَلاَ تُكَفّرْهُ بِذَنْبٍ وَلاَ تُخْرِجْهُ مِنَ الإسْلاَمِ بِعَمَلٍ))، فهـٰذا معنى الكف عمن قال: لا إلـٰه إلا الله، ((لاَ تُكَفّرْهُ بِذَنْبٍ)) ما لم يكن هـٰذا الذنب مكفراً ودلت النصوص على أنه كفر ((وَلاَ تُخْرِجْهُ مِنَ الإسْلاَمِ بِعَمَلٍ)) ما لم تدل النصوص الأخرى على أنه من الكفر والشرك الذي يخرج به الإنسان عن ملة الإسلام.
ثم قال: (والحَجُّ والجِهَادَماضيان) ماضيان أي مستمران لا ينقطعان ولا يقفان (مُنْذُ بَعَثَني الله عزّ وجلّ حتّى يُقَاتِلَ آخِرُ أُمّتِي الدّجّالَ) وذلك بقيادة عيسىٰ بن مريم عَلَيْهِ َالسَّلاَمُ.
يقول: (لاَ يُبْطِلُه) أي لا يبطل الحج (جَوْرُ جَائِر) أي ظلم ظالم (وَلاَ عَدْلُ عَادِلٍ) ، بل هو ماضٍ باقٍ، إلىٰ قيام الساعة.
قال:(وَالإيمَانُ بالأقْدَارِ) هـٰذا ثالث ما يجب من الأصول التي ذكرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هـٰذا الحديث.
قال المؤلف رحمه الله: (رواه أبو داود) وهـٰذا الحديث أخرجه أبو داود وسكت عنه، وقد ذكر أبو داود في سننه أن ما رواه وسكت عنه فإنه حسن عنده؛ إلا أن هـٰذا الحديث في بعض رجاله بعض المقال الذي يقصر به عن درجة الصحة، وما جاء فيه من خلال هي خلال تشهد لها الأحاديث الأخرى، فلا إشكال فيما تضمنه من المعاني.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله ما يجب لأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأزواجه، نجعل هـٰذا إن شاء الله تعالىٰ في الدرس القادم، والله تعالىٰ أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.