×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / لمعة الاعتقاد(الشرح الثاني) / الدرس (20) من شرح رسالة لمعة الاعتقاد للشيخ أد خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1321

قال الإمام موفق الدِّين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقِدسي رحمه الله تعالىٰ:

(ومِنَ السُّنَّةِ السَّمْعُ والطاعَةُ لأئمةِ المسلمينَ وأُمَرَاءِ المؤمنينَ بَرِّهِمْ وفَاجرِهمْ، ما لم يأمروا بمعصيةِ اللهِ، فإنَّه لا طاعةَ لأحدٍ في معصيةِ اللهِ.

ومَنْ وَلِي الخلافةَ، واجتمعَ عليه النّاسُ ورَضُوا بِهِ، أوْ غلبَهُم بسيْفِهِ حتَى صَارَ خليفة، وسُمِّيَ أميرَ المؤمنينَ، وجبَتْ طاعتُهُ، وحَرُمَتْ مُخَالفَتُهُ والخُروجُ عَلَيهِ وشَقُّ عصَا المسلمينَ).

                                          بسم الله الرحمـٰن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدوعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فالمؤلف -رحمه الله- عاد إلىٰ ذكر ما يجب لولاة الأمر من أئمة المسلمين، يقول رحمه الله: (ومِنَ السُّنَّةِ)، بينا أن قوله رحمه الله: (ومِنَ السُّنَّةِ) أي من الطريقة التي سار عليها أهل السنة والجماعة وسلكها أئمة هـٰذا الدين من الصحابة فمن بعدهم، (السَّمْعُ والطاعَةُ لأئمةِ المسلمينَ). (السَّمْعُ) معناه القبول، (والطاعَةُ) معناها الامتثال، وليس المراد بالسمع إدراك الأصوات، إنما المراد بالسمع في مثل هـٰذا المقام القبول، والطاعة التنفيذ والامتثال، ومنه قول القائل في صلاته: سمع الله لمن حمده. أي أجاب الله من حمده، فالسمع ليس المراد منه -في مثل هـٰذه الموارد- إدراك الأصوات، بل المراد به ما هو أكثر من ذلك من قبول ما يقول وامتثال ما يأمر.

قال رحمه الله: (السَّمْعُ والطاعَةُ لأئمةِ المسلمينَ). (أئمةِ) جمع إمام والإمام هو من يؤتم به ويُقتدى ويجتمع عليه.

وقوله رحمه الله: (لأئمةِ المسلمينَ) أي: الذين يأتم بهم أهل الإسلام ويجتمعون عليهم.

قال: (وأُمَرَاءِ المؤمنينَ) أي من تأمّروا على أهل الإيمان، فحقّهم أن يُسمع لهم وأن يُطاع لهم، وأدلة هـٰذا أكثر من أن تحصر، قال الله تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ[سورة : النساء (59).]. فأمر الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر الذين لهم ولاية، وهـٰذه الآية لا تختص من له الولاية العليا فحسب؛ بل هي شاملة لمن له الولاية العليا ومن كان دونه من أصحاب الولايات، فإنه يطاع كل ولي فيما له فيه ولاية، هـٰذا هو الواجب، وهـٰذا الذي دلت عليه الآية.

وأما السنة فجاء ذلك في أحاديث كثيرة، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((على المرء المسلم السمعُ والطاعة)) ويمكن أن تقول: ((على المرء المسلم السمعَ والطاعة)) يعني يلزمه السمع والطاعة، ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة))[البخاري: كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، حديث رقم (7144). مسلم: كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، حديث رقم (1839).]. وهـٰذا يدل على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر.

وقد قال جرير بن عبد الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -في بيان ما بايع عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شهادة أن لا إلـٰه إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، والنصح لكل مسلم.

وفي حديث عبادة بن الصامت رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: بايعنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر، وعلى أثرة علينا، وأن نقوم أو نقول بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

كل هـٰذه الأدلة وغيرها كثير في سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تدل على السمع والطاعة؛ بل إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بوجوب السّمع والطاعة عند الاختلاف والتفرق، كما في حديث العرباض بن سارية: ((إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين))[ سنن الترمذي: كتاب العلم عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم (2676). وقال: حسن صحيح. سنن أبي داود: كتاب السنة، باب في لزوم السنة، حديث رقم (4607) .سنن ابن ماجه: باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، حديث رقم (42، 43) .قال الشيخ الألباني: صحيح.].وسنة الخلفاء ومن سنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السمع والطاعة، ولو كان المتأمر عبداً حبشيًّا، أي ممن لا يرى له العرب حقًّا في الولاية، هـٰذا المقصود من التمثيل بالعبد الحبشي، وليس ذمًّا له أو انتقاصاً له؛ لكن لما كانت العرب تأبى نفوسهم في ذلك الوقت أن يتأمّر عليهم مثل هـٰذا ذكره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعني حتى ولو كان على هـٰذه الصفة.

ولما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باختلاف الأمور بعده كما في صحيح الإمام مسلم قالوا: أفلا ننابذهم؟ قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)).[مسلم: كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، حديث رقم (1855).]

وفي حديث عبادة: أن لا ننازع الأمر أهله. قال: ((إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله سلطان أو برهان)).[البخاري: كتاب الفتن، باب قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سترون بعدي أموراً تنكرونها))، حديث رقم (7056).مسلم: كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير المعصية وتحريمها في المعصية، حديث رقم (1709).]

 فهـٰذا كله يدل على وجوب السمع والطاعة في المعروف، وفيما فيه مصلحة العباد والبلاد، أما إذا كان الأمر في معصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الله كائناً من كان؛ لأن الله فرض الطاعة، طاعة ولاة الأمر وجعلها فرعاً عن طاعته، وهـٰذا هو السر في أن الله لم يعد ذكر الأمر بالطاعة في ذكر طاعة ولاة الأمر؛ لأن طاعتهم ليست طاعة مستقلة، بل هي طاعة تابعة، قال الله تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾،ثم ماذا قال؟ وأطيعوا أولي الأمر منكم ؟ لا، ما قال كذا، قال: ﴿وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾،[سورة : النساء (59).]فلم يذكر وجوب الطاعة باللفظ في حق ولاة الأمر؛ لأنها تابعة لطاعة الله ورسوله، فجعلها تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله، أما طاعة الله فهي واجبة استقلالاً، وطاعة النبي واجبة استقلالاً: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا[ سورة : الحشر (7).].

 وهـٰذه مسألة تميز بها أهل السنة والجماعة عن غيرهم، وإذا راقبت وتأملت سيرة سلف الأمة من الصحابة فمن بعدهم وجدتها على هـٰذه السنة الظاهرة المشتركة بينهم رحمهم الله ورَضِيَ اللهُ عَنْهُم؛ لتضافر الأدلة عليها، ولا يعني هـٰذا أن لا يأمر الإنسان بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، لا؛ بل الواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن على ما تقتضيه الشريعة.

يقول رحمه الله: (بَرِّهِمْ وفَاجرِهمْ) أي تجب الطاعة لمن كان برًّا ولمن كان فاجراً، سواء كان برًّا في خاصة نفسه وولايته أو كان فاجراً في خاصة نفسه وولايته، ما لم يبلغ الفجور الكفر فلا طاعة لكافر، وهـٰذا مما حكى عياض إجماع المسلمين عليه، أنه لا طاعة للكافر إذا تولى على المسلمين.

قال رحمه الله: (ما لم يأمروا بمعصيةِ اللهِ، فإنَّه لا طاعةَ لأحدٍ في معصيةِ اللهِ).لا إشكال في هـٰذا والأدلة على هـٰذا الأمر واضحة وجلية.

قال رحمه الله: (ومَنْ وَلِي الخلافةَ) أي من تولى الأمر، و(الخلافةَ) المقصود بها الولاية، سواء كانت الخلافة متسعة الرقعة كخلافة الراشدين وخلافة بني أمية وبني العباس في أولها، أو كانت الخلافة ضيقة كالحال في أواخر الدولة الإسلامية، فإن حال الناس في آخر الخلافة الإسلامية خلافة بني العباس تقسّمت بلاد المسلمين وأصبح لكل جهة ولاية وولي؛ بل إن هـٰذا الأمر كان في عهد الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فكان معاوية على أهل الشام وكان علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على العراق والحجاز.

فهـٰذا التقسّم ليس أمراً حادثاً، ومع هـٰذا يجب طاعة كل من ولي أمر المسلمين في تلك الجهة التي هو فيها.

(ومَنْ وَلِي الخلافةَ، واجتمعَ عليه النّاسُ ورَضُوا بِهِ) وجبت طاعته، كذلك قال: (أوْ غلبَهُم بسيْفِهِ حتَى صَارَ خليفة) وجبت طاعته، وهـٰذا فيه بيان طريقة الولاية:

  • منها ما يكون عن اجتماع ورضاً.
  • ومنها ما يكون عن غلبة وظهور.

والواجب في الولايتين من حيث السمع والطاعة واحد، فإنه يجب السمع والطاعة لمن اجتمع عليه أهل الإسلام ورضوا به ونصبوه خليفة عليهم أو إماماً لهم، وكذلك يجب طاعة من تغلّب وظهر بقوة على المسلمين؛ جمعاً للكلمة ودفعاً للشر الحاصل بالفرقة والاختلاف والمنازعة وإراقة الدماء.

قال رحمه الله: (وسُمِّيَ أميرَ المؤمنينَ، وجبَتْ طاعتُهُ، وحَرُمَتْ مُخَالفَتُهُ والخُروجُ عَلَيهِ وشَقُّ عصَا المسلمينَ) .كل هـٰذا مما يجب لولاة الأمر، وبه تنتظم مصالح الدنيا ومصالح الآخرة، بهذا الأصل تنتظم مصالح الناس في دينهم وفي دنياهم، فإنه لا استقامة للناس في دنياهم بلا ولاة، ولا يمكن أن يقوم الدين بلا ولاية، وهـٰذا أمر لا إشكال فيه؛ ولذلك جاءت الشريعة بالتأمير في الاجتماع العارض، فإذا سافر ركب من ثلاثة أمّروا عليهم أميراً كما جاء ذلك في السنة، فكيف بالاجتماعات الدائمة القائمة؟ الإمارة فيها والولاية من باب أولى ومن باب آكد، ولا خلاف في هـٰذا، وقد قال الشاعر:

...............................

 

لا يصلح الناس فوضى لا سَراة لهم

 

 وأمثلة هـٰذا وشواهد هـٰذا في حال غياب الولاية ما يحصل من فساد قائمة في تاريخ الناس في التاريخ الحديث والتاريخ القديم؛ لأن الناس إذا لم يكن لهم سلطان يردعهم ويصلح شؤونهم ويدير أمورهم، ولو كان في سلطته جور وظلم وتعدٍّ ومعصية فسدت أمورهم.

يقول رحمه الله بعد أن فرغ من ذكر ما يتعلق بهذا الأصل: (ومِنَ السُّنّةِ هُجْرانُ أهْلِ البِدعِ). (من السنة)أي من طريقة السلف التي كان عليها صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن بعدهم من أئمة الدين، (هُجْرانُ أهْلِ البِدعِ). (هُجْرانُ) أي هجر، والهجر هو الترك والإعراض.

والهجر سنة في محله، وهو فيمن يستحق الهجر، فقد هجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثلاثة الذين تخلّفوا عنه في غزوة تبوك وأمر المسلمين بهجرهم، فالهجر يختلف حكمه باختلاف الباعث له وما يحققه؛ لكن ندرك أن الهجر مصلحة، أي الهجر مقصوده تحصيل المصلحة، كما هو الشأن في جميع أحكام الشريعة، فإذا كان الهجر يترتب عليه مفسدة فإنه لا يؤمر به وليس من الشرع، إنما يؤمر به ويعمل به إذا كان مصلحة.

يقول رحمه الله: (هُجْرانُ أهْلِ البِدعِ) المقصود بأهل البدع هنا من كانوا على طريقة مخالفة لطريق السلف ينافحون عنها ويدعون إليها ويعملون بها، وليس المراد بأهل البدع هم من وقع في مخالفة لطريق أهل السنة والجماعة في أمر من الأمور، إنما المقصود من كان طريقه مختلفاً عن طريق أهل السنة، يدعو إلىٰ غير هدي السلف الصالح ويعمل به وينافح عنه.

ومثّل المؤلف -رحمه الله- لأهل البدع الذين يقصدهم ويعنيهم بكلامه قال: (كالرافضةِ،والجهميةِ، والخوارِجِ، والقَدَريّةِ، والمرجئةِ، والمعتزلةِ، والكَرَّامية،والكُلاّبيّة، ونَظَائِرِهِم) أي ممن كان على مرتبتهم ودرجتهم، فالمقصود بأهل البدع الذين من السنة هجرهم هم من كان على طريق مخالف لطريق أهل السنة والجماعة في قوله وعقده وعمله ودعوته.

قال رحمه الله: (هُجْرانُ أهْلِ البِدعِ ومُبَايَنَتُهُم) مباينتهم أي عدم الاختلاط بهم، حتى لا يشتبه حالهم على الناس فيقبلوا منهم.

(وتَرْكُ الجِدَالِ والخُصُومَاتِ في الدّينِ). (وتَرْكُ الجِدَالِ) الجدال المقصود به المماراة والمناقشة التي لا مصلحة فيها ولا فائدة، وليس المراد بالجدال ما كان محققاً للمصالح، مبيناً للحق، ذابًّا عن السنة، فإن هـٰذا مأمور به، قال الله تعالىٰ فيمن هم أشد من أهل البدعة- أهل الكفر -: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[سورة : النحل (125).]فأمر الله بالمجادلة، وأمر بصفة هـٰذا الجدال بأن يكون بالتي هي أحسن، يعني بأحسن ما يحصل به بيان الحق وتوضيحه وإيصاله إلىٰ المقصود بالمجادلة.

 فقوله رحمه الله : (وتَرْكُ الجِدَالِ والخُصُومَاتِ في الدّينِ) المقصود الجدال الذي لا نفع فيه، الذي يقصد فيه المجادل إظهار قوة عقله وسرعة بديهته وعظيم حجته، لا يقصد منه إظهار الحق وبيانه، فإن هـٰذا لا يقبل، وليس من هدي السلف.

قال رحمه الله: (وتَرْكُ النَّظَرِ في كُتُبِ المبتدعةِ) لما في ذلك من الشّر، فإن القلوب إذا لم تتمكن من الحق يُخشى عليها أن تنصرف، وأن تزيغ وأن تضل وأن تفتتن، فكان حقًّا على أهل السنة أن يجتنبوا كتب المبتدعة على وجه العموم؛ لكن إذا دعت حاجة أن يطالع إنسان كلامهم ليرد عليهم، أو يبين باطلهم، أو يكشف زيف قولهم، فهـٰذا لا بأس به.

قال: (والإصْغاءُ إلى كلامِهِم) كذلك كمطالعة كتبهم، فإنه ينبغي أن لا يصغي لكلامهم.

قال: (وكلُّ مُحْدَثَةٍ في الدِّينِ بِدْعَةٌ).بعد أن بين هجر المبتدع بين ما هي البدعة، البدعة هي كل محدثة في الدين، أي كل محدثة في طريق التعبد لله عز وجل.

فالبدعة هي طريقة في الدين مخترعة يقصد بها صاحبها مضاهاة الشريعة. فهـٰذه هي التي عنى المؤلف رحم الله أهلها بقوله: (هُجْرانُ أهْلِ البِدعِ).

قال رحمه الله: (وكلُّ مُتَسَمٍّ بِغَيْرِ الإسلامِ والسُّنّةِ مبتدعٌ) أي كل من خلع على نفسه اسماً خلاف ما رضيه الله لأهل هـٰذه الملة من الأسماء فإنه مبتدع، قال الله تعالىٰ: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا[سورة : الحج (78).]. فالله -عز وجل- سمّى هـٰذه الملة وأهل هـٰذه الملة بالمسلمين، وقيل: إن الضمير يعود إلىٰ إبراهيم، فيكون هـٰذا من تسمية إبراهيم التي رضيها الله ورضيها رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فكل من تسمى بغير هـٰذا الاسم فهو مبتدع.

قال رحمه الله: (وكلُّ مُتَسَمٍّ بِغَيْرِ الإسلامِ والسُّنّةِ مبتدعٌ) أما السنة فالتسمي بها لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين))، فالمستمسك بالسنة مستمسك بهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالانتساب إلىٰ السنة مفخرة وفضيلة؛ لأنه انتساب إلىٰ ما أمر الله عز وجل ورسوله بالانتساب إليه ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا،[سورة : الحشر (7).]((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ))[ تم تخريجه في الصفحة (2).].

أما ما عدا هذين الوصفين فإنه ينبغي للمؤمن أن لا ينتسب إليه، حتى تلك الأوصاف التي يُقصد بها شيء من التمييز عن غير أهل السنة من الألفاظ الحادثة ينبغي أن يتجنبها الإنسان، ويكتفي بما اكتفى به سلف الأمة، فالانتساب الذي هو فضل ومفخرة الانتساب لكتاب الله عز وجل ولسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

يقول رحمه الله: (كالرافضةِ) مثّل لأسماء من أسماء الطرق المبتدعة التي سلك أهلها طريقاً مخالفاً لأهل السنة والجماعة وانتسبوا لها، (كالرافضةِ) والرافضة هم الاثنا عشرية الذين رفضوا زيد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فإنهم سموا رافضة؛ لأنهم سألوا زيداً عن أبي بكر وعمر فترضى عنهما وترحم عليهما فرفضوه، فسموا من ذلك الوقت رافضة، وهم لا يرضون بهذا الاسم، هم يتسمون بالشيعة؛ لكن هـٰذا الاسم قد علق بهم وعرفوا به، فلا مناص لهم من التخلي عنه إلا بالرجوع إلىٰ كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما كان عليه سلف الأمة الأبرار من أهل البيت وغيرهم، فإن الفضل والسبق لم يختص بأهل البيت؛ بل غير أهل البيت كأبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أفضل من كثير ممن هم من أهل البيت من حيث العموم، وإن كان أهل البيت لهم هـٰذه الخاصية والسبق بكونهم من بيت النبوة؛ لكنه ليس فضلاً مطلقاً يسقط كل فضل ويغيِّب كل منقبة.

قال -رحمه الله-: (والجهميةِ) والجهمية هم الذين ينتسبون إلىٰ الجهم بن صفوان، وهم أهل بدعة وضلال، وهم درجات: منهم الغلاة ومنهم دون ذلك، ويطلق هـٰذا الوصف على المعتزلة؛ لأن المعتزلة في كثير من أقوالهم جهمية.

قال: (والخوارِجِ) هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب وكفروه وكفروا من معه وكفروا من يقابله، فقد كفروا عليًّا وعثمان وكفّروا معاوية وسائر صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل الإسلام في ذلك الزمان.

وأما (القَدَريّةِ) فهم الذين قالوا بالقدر، وقالوا: إن الله جل وعلا لم يخلق أفعال العباد؛ بل العباد هم الذين يخلقون فعل أنفسهم.

(والمرجئة) هم الذين أرجؤوا العمل عن الإيمان فقالوا: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة.

قال: (والمعتزلةِ) والمراد بالمعتزلة هم الذين عطلوا الصفات، فلم يثبتوا صفة لله عز وجل، وهم أتباع واصل بن عطاء.

وأما (الكرّامية) فهم أتباع وهب بن كرام، وهم من الممثلة الذين غلوا في إثبات الصفات حتى قالوا: يد الله كأيدينا.

(والكلابية) هم أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب، وهو ممن حاول التقريب أو حاول أن يختط طريقاً يرد به على المعتزلة، فكان على طريق مخالف لطريق السلف وطريق المعتزلة، فلم يصب قول السلف فيما ذهب إليه، ومنه أخذ الأشعري كثيراً من أقواله.

وهـٰذه الفرق أُلف فيها مؤلفات وتكلم عليها العلماء رحمهم الله كلاماً ضافياً واسعاً، والمقصود إعطاء لمحة عن أصول هـٰذه الفرق، وإلا فالذي يطلب الزيادة يجدها في مظانها.

ثم قال رحمه الله:  (وَنَظَائِرِهِم، فَهَذِهِ فِرَقُ الضَّلالِ وطَوَائفُ البِدَعِ أعاذَنَا اللهُ منْها) .(هـٰذه) أي المذكورات (فِرَقُ الضَّلالِ) التي خالفت هدي سلف الأمة وما كان عليه الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم (وطَوَائفُ البِدَعِ أعاذَنَا اللهُ منْها)آمين، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من البدع ما ظهر منها وما بطن.

قال: (وأمَّا النّسْبَةِ إلى إمامٍ في فُروعِ الدِّينِ) النسبة أي الانتساب (إلى إمامٍ في فُروعِ الدِّينِ) أي في مسائل الأحكام العملية، المقصود بفروع الدين الأحكام العملية التي تكون في الصلاة والحج والزكاة والمعاملات، فالانتساب إلى إمام من الأئمة في هـٰذا يقول: (كالطَّوَائِفِ الأرْبَعِ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ)، كالذي ينتسب إلىٰ مذهب أبي حنيفة، أو ينتسب إلىٰ الإمام أحمد، أو ينتسب إلىٰ مالك، أو ينتسب إلىٰ الشافعي، فإنه لا بأس بهذه النسبة، وهـٰذه النسبة لا تخرجه عن أهل السنة والجماعة؛ لأن هٰؤلاء الأئمة هم أئمة أهل السنة والجماعة، فتقليدهم تقليد لإمام من الأئمة الذين أخذوا بقول من أقوال الصحابة أو بقول يسعه ويقبله مذهب أهل السنة والجماعة.

قوله رحمه الله: (كالطَّوَائِفِ الأرْبَعِ) المراد بالطوائف الأربع مذهب أبي حنيفة، مذهب مالك، مذهب الشافعي، مذهب الإمام أحمد.

وهل هـٰذا محصور في هٰؤلاء؟ الجواب: لا، إنما هو على وجه التمثيل، فمن اقتدى في قول من الأقوال بقول إمام من الأئمة من الصحابة فمن دونهم فإنه لا بأس به، وإن انتسب إليه فلا بأس به، وإنما ذكر الطوائف الأربع لأنها الأشهر في الانتساب، وهي المذاهب التي بقيت واشتهرت وظهرت وأصبح لها أتباع ومؤلفات.

قال رحمه الله: (فَإنَّ الاخْتِلافَ في الفُروعِ رَحْمةٌ) الاختلاف في الفروع رحمة، وقد جاء ما يشهد بهذا في كلام المؤلف رحمه الله قال: واختلافهم رحمة.

(الاخْتِلافَ في الفُروعِ) أي في العمليات (رَحْمةٌ) لما فيه من السعة، قال عمر بن عبد العزيز: لا يسوؤني أن أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختلفوا، فإن في اختلافهم رحمة. وقال غير واحد من السلف: الخلاف توسعة. والمقصود بالخلاف: الخلاف في مسائل العمل؛ لما فيه من التوسعة ورفع الحرج عن الناس.

يقول رحمه الله: (وَالمخْتَلِفونَ فِيهِ مَحْمُودُونَ) يعني هـٰذا الاختلاف لا يلحق المختلفين فيه ذم، بخلاف الاختلاف الذي يكون في أصول الدين، فإن أصحابه مذمومون، وهم الذين قال الله جل وعلا فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ[سورة : الأنعام (159).]فإن هٰؤلاء الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً هم الذين فرقوه في أصل الاعتقاد فتشعبت بهم الطرق وكانوا شيعاً، قال الله عز وجل: ﴿لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾أي ليسوا أتباعك، وقد برّأ الله عز وجل رسوله منهم، فكل من فرّق دينه ولم يعتصم بما جاء به الكتاب وما جاءت به السنة، فقد دخل في الاختلاف المذموم.

إذاً عندنا اختلاف مذموم واختلاف سائغ مقبول:

أما الاختلاف المذموم فهو الاختلاف الذي يكون في أصل الدين، الذي يخالف به الإنسان طريق السلف الصالح.

أما الاختلاف السائغ المقبول فهو الاختلاف في مسائل الأحكام الفرعية.

وقوله رحمه الله: (وَالمخْتَلِفونَ فِيهِ مَحْمُودُونَ) أي إنهم لا يذمُّون؛ لأنهم مجتهدون في ما وقع بينهم من اختلاف فلا يخرجون عن الأجر والأجرين: من أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ منهم فله أجر.

قال -رحمه الله-: (مُثَابُونَ في اجْتِهَادِهمْ) سواء أصابوا أو أخطؤوا.

ثم قال: (وَاخْتِلاَفُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ) هـٰذا جاء في كلام كثير من العلماء؛ لكن ليس له إسناد. (اختلاف أمتي رحمة) هـٰذا حديث مشهور، لكن ليس له إسناد يعتمد عليه، وتناقله بعض العلماء في كلامهم واستشهدوا به؛ لكن ليس له ما يستند إليه من حيث السند.

أما الذي جاء بسند ضعيف فهو ما رواه البيهقي من حديث ابن عباس: ((واختلاف أصحابي رحمة))[أخرجه الخطيب في الكفاية(ص:48)، والبيهقي في " المدخل " رقم (152)، وقال الألباني في الضعيفة:ضعيف جدا.]لكن الحديث ضعيف ففيه انقطاع، وأيضاً في سنده متروك.

قال رحمه الله: (وَاخْتِلاَفُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ) رحمة واسعة باعتبار الاختلاف ذاته، أو باعتبار ما حصل به من التوسعة على الناس؟ الجواب: باعتبار ما حصل به من التوسعة على الناس، طيب هل يعني هـٰذا أن الاتفاق عذاب؟ الجواب: لا، فكون (الاختلاف رحمة) لا يعني أن الاتفاق عذاب، بل الاتفاق مطلوب، ولذلك قال: (وَاتِّفَاقُهُمْ حُجَّةٌ) وإنما كان الاختلاف رحمة لما فيه من التوسيع على المجتهدين وعلى العاملين.

أما على المجتهدين فالتوسيع عليهم أنهم إذا أخطؤوا لا ينالهم ذنب باجتهادهم أو بخطئهم؛ بل ينالون الأجر لأجل اجتهادهم، وإن كانوا لم يصيبوا الصواب.

أما الناس الذين يقلدون ويسألون العلماء فهؤلاء أيضاً يحصل عندهم سعة إذا أخذوا بقول أحد العلماء فيما ذهب إليه.

ولذلك قال يحيى بن سعيد: لم يكن الخلاف سبباً للهلاك فيمن كان قبلنا، يعني من الصحابة، فإنهم كانوا يختلفون فيحلل أحدهم أمراً ويحرمه الآخر، فلا يرى من حلل أن المحرم قد هلك لتحريمه، ولا يرى من حرم أن المحلل قد هلك بتحليله، فالخلاف فيه رحمة وتوسعة للناس.

ولكن لا يعني أنه رحمة أن اتفاقهم عذاب، فكون الشيء رحمة لا يلزم منه أن يكون المقابل عذاباً،

فالمقصود بالرحمة هو ما يحصل به من الرفق بهم والإحسان إليهم، ولا يعني هـٰذا أن مضادّه ومقابله يكون عذاباً.

قال رحمه الله: (وَاتِّفَاقُهُمْ حُجَّةٌ قاطِعَةٌ) يشير بذلك إلىٰ الإجماع، فإن الإجماع حجة بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وبإجماع السلف؛ لكن الاتفاق الذي يكون حجة قاطعة هو ما اتفق عليه علماء الإسلام.

والإجماع المعتبر المنضبط هو ما كان عليه صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثم قال المؤلف رحمه الله في آخر هـٰذه العقيدة: (نَسْأَلُ الله أَنْ يَعْصِمَنا مِنَ الْبِدَعِ وَالْفِتْنَةِ، وَيُحْيينَا عَلَى الإسْلامِ وَالسُّنةِ، وَيَجْعَلنَا مِمَّنْ يَتَّبِع رَسُولَ اللهصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفي الحَياةِ، وَيَحْشُرَنَا في زُمْرَتِهِ بَعْدَ المَمَاتِ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ آمِينَ.

وَهَذَا آخِرُ المْعْتَقَدِ.وَالحَمْدُ لله وَحدهُ، وَصلَّى الله علىَ سَيِّدنَا مُحمدٍ وَآلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلََّمَ تَسْلِيمًا).

 ختم المؤلف رحمه الله هـٰذه الرسالة بالدعاء، بسؤال الله عز وجل العصمة من شرين: البدعة والفتنة، والبدعة من الفتنة؛ لكنه ذكرها لما لها من الخطورة، والفتنة تكون بالبدعة وتكون بالمعصية وتكون بغير ذلك.

ثم قال: (وَيُحْيينَا عَلَى الإسْلامِ وَالسُّنةِ) والحياة على الإسلام رحمة وفضل، ويكمل ذلك باتّباع سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثم سأل الله عز وجل مسألتين: المسألة الأولى في الدنيا وهي مقدمة ما يكون في الآخرة، فسأله أن يكون في الدنيا ممن يتبع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحياة في ظاهر الأمر وباطنه، في عقده وقوله وعمله، ونتيجة ذلك ما سأل الله عز وجل في الآخرة: (وَيَحْشُرَنَا في زُمْرَتِهِ بَعْدَ المَمَاتِ)؛ أي في جماعته وفي حزبه بعد الممات، فإن الحشر في حزبه من أسباب الفلاح والنجاة.

قال:(بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ) يعني لا بجهدنا وعملنا، إنما ذلك محض فضل الله ورحمته،(لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله) .

(آمِينَ) أي اللهم استجب، هـٰذا معنى قولنا: (آمِينَ) أي اللهم استجب.

ثم قال: (وَهَذَا آخِرُ المْعْتَقَدِ.وَالحَمْدُ لله وَحدهُ، وَصلَّى الله علىَ سَيِّدنَا مُحمدٍ وَآلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلََّمَ تَسْلِيمًا). ختم هـٰذه الرسالة بالحمد لله عز وجل علىٰ التوفيق إلىٰ هـٰذا العقد، وإلى كتابة هـٰذا العقد، لينتفع به من ينتفع.

نسأل الله سبحانه وتعالىٰ أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل ما تعلمناه نافعاً لنا يوم العرض عليه.

وبهذا نكون قد انتهينا من هـٰذه العقيدة المباركة متن لمعة الاعتقاد تأليف الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93554 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89258 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف