(ويحرمُ: صيدُ) حرمِ (المدينةِ) لحديث علي: «المدينة حرامٌ ما بينَ عَيرٍ إلى ثَورٍ، لا يُختَلى خلاها، ولا يُنفَّرُ صيدُها، ولا يَصلُحُ أن تُقطَع منها شجرةٌ، إلا أن يَعلِفَ رجلٌ بعيرَه». رواه أبو داود.
(ولا جزاءَ) فيما حرُم من صيدِها وشجرِها وحشيشِها. قال أَحمد في رواية بكر بن محمد: لم يبلُغْنا أن النبي ﷺ، ولا أحدًا من أصحابِه حكموا فيه بجزاء.
(ويباحُ: الحشيشُ) من حرَم المدينةِ (للعلَف) لما تقدَّم (و) يباحُ: اتخاذُ (آلةِ الحرثِ ونحوِه) كالمسانِد، وآلةِ الرَّحْلِ، من شجَرِ حرَمِ المدينة؛ لما روى أَحمدُ، عن جابر بن عبد اللَّه، أن النبي ﷺ لما حرَّمَ المدينةَ، قالوا: يا رسولَ اللَّه، إِنَّا أصحابُ عمَلٍ، وأَصحابُ نضْحٍ، وإِنَّا لا نستطيعُ أَرضًا غيرَ أرضِنا، فرخِّصْ لنا. فقال: «القائمتان، والوِسادَةُ، والعارِضَةُ، والمَسنَدُ، فأَمَّا غيرُ ذلك فلا يُعضدْ، ولا يُخبَطْ منها شيءٌ». والمَسنَدُ: عودُ البَكرَةِ.
ومن أدخلها صيدًا، فله إمساكُه، وذبحُه.
(وحرَمُها): بريدٌ في بريدٍ. وهو (ما بينَ عَيرٍ): جبلٍ مشهورٍ بها (إلى ثَورٍ): جبلٍ صغيرٍ، لونُه إلى الحُمرةِ، فيه تدويرٌ، ليس بالمستطيلِ، خلفَ أُحُدٍ من جهة الشَّمال. وما بينَ عَيرٍ إلى ثَورٍ هو ما بينَ لابتَيها. والَّلابةُ: الحَرَّةُ، وهي أرضٌ تركَبُها حِجارةٌ سودٌ.
وتُستحبُّ المجاورةُ بمكَّةَ، وهي أفضلُ من المدينة. قال في «الفنون»: الكعبةُ أفضلُ من مجرَّد الحُجرَةِ، فأمَّا والنبيُّ ﷺ فيها، فلا واللَّه، ولا العرشُ وحملتُهُ، والجنَّةُ؛ لأنَّ بالحجرَةِ جسدًا لو وزِنَ به لرجَحَ. انتهى.
وتُضاعَفُ الحسنةُ والسيِّئةُ بمكانٍ وزمانٍ فاضلٍ.