(ويطوفُ سُبُعًا، يَرْمُلُ الأُفُقِيُّ) أي: المحرمُ من بعيدٍ مِن مكَّةَ (في هذا الطَّواف) فقط، إن طافَ ماشيًا. فيسرِعُ المشيَ ويُقارِبُ الخُطَى (ثلاثًا) أي: في ثلاثةِ أشواطٍ (ثم) بعدَ أنْ يرمُلَ الثلاثةَ أشواطٍ (يَمشي أربَعًا) من غيرِ رَمَلٍ؛ لفعله عليه السلام. ولا يُسنُّ رَمَلٌ لحاملِ معذورٍ، ونساءٍ، ومُحرمٍ من مكَّةَ أو قُربِها. ولا يَقضِي الرَّمَلَ إن فاتَ في الثلاثةِ الأُوَلِ. والرَّمَلُ أَوْلى من الدُّنوِّ من البيت. ولا يُسنُّ رمَلٌ ولا اضطِباعٌ في غيرِ هذا الطوافِ.
ويُسنُّ: أن (يستلِمَ الحجَرَ والرُّكنَ اليمانيَّ كُلَّ مرَّةٍ) عندَ مُحاذَاتِهِما، لقول ابن عمر: كان رسول اللَّه ﷺ لا يدَعُ أن يَستلِمَ الركنَ اليمانيَّ والحَجَرَ في طوافِه. قال نافع: وكان ابنُ عمر يفعلُه. رواه أبو داود.
فإن شقَّ استلامُهُما، أشارَ إليهِما. لا الشاميَّ، وهو أوَّلُ ركنٍ يمرُّ به. ولا الغربيَّ، وهو ما يليه.
ويقولُ بين الركنِ اليمانيِّ والحجرِ الأسودِ: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [ البَقَرَة: 201]. وفي بقيَّةِ طوافِه: اللهمَّ اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، ربِّ اغفرْ وارحَم، واهدني السبيلَ الأقوَم، وتجاوَزْ عمَّا تعلَم، وأنتَ الأعَزُّ الأكرمُ. وتُسنُّ القراءةُ فيه.
(ومَن تركَ شيئًا من الطواف) ولو يسيرًا من شوطٍ مِن السبعة: لم يصح؛ لأنه ﷺ طافَ كامِلًا، وقال: «خذوا عني مناسكَكُم».
(أو لم يَنوِهِ) أي: ينوي الطوافَ: لم يصح؛ لأنه عبادةٌ أشبَهَ الصلاةَ. ولحديث: «إنما الأعمال بالنيات».
(أو) لم ينو (نُسُكَه) بأن أحرمَ مُطلقًا، وطافَ قبل أن يصرِفَ إحرامَه لنُسُكٍ معيَّنٍ: لم يصحَّ طوافُه.
(أو طافَ على الشَّاذَرْوَانِ) بفتح الذال، وهو ما فضلَ عن جدارِ الكعبةِ: لم يصحَّ طوافُه؛ لأنَّه من البيت، فإذا لم يطُفْ به، لم يطُفْ بالبيتِ جميعِه.
(أو) طافَ على (جِدارِ الحِجْرِ) بكسر الحاء المهملة: لم يصح طوافُه؛ لأنه ﷺ طافَ من وراءِ الحِجْرِ والشاذَرْوانِ، وقال: «خذوا عني مناسكَكم».
(أو) طافَ وهو (عُرْيانٌ، أو نَجِسٌ) أو مُحدِثٌ (لم يصح) طوافُه؛ لقوله عليه السلام: «الطوافُ بالبيتِ صلاةٌ، إلَّا أنكم تتكلَّمونَ فيه». رواه الترمذي، والأثرمُ عن ابن عباس. ويُسنُّ فعلُ باقي المناسِكِ كلِّها على طهارةٍ.
وإن طاف المحرمُ لابِسَ مخيطٍ: صحَّ، وفَدَى.
(ثم) إذا تمَّ طوافُه: (يُصلِّي ركعتَين) نفلًا، يقرأُ فيهما بـ«الكافرين»، و«الإخلاص» بعد «الفاتحة». وتجزئُ مكتوبةٌ عنهما، وحيثُ ركَعَهُما: جازَ، والأفضلُ: كونُهُما (خلفَ المَقَام) لقوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [ البَقَرَة: 125].