(فصلٌ)
(ثمَّ) بعدَ الصلاةِ: يعودُ و(يستلمُ الحجَرَ) لفعله عليه السلام. ويُسنُّ الإكثارُ مِنَ الطَّوافِ كلَّ وقتٍ.
(ويخرجُ إلى الصَّفا من بابِه) أي: بابِ الصَّفا؛ ليَسعَى (فيَرقَاه) أي: الصَّفا (حتى يرَى البيتَ) فيستَقبِلُه (ويُكبِّرُ ثلاثًا، ويقولُ ما ورَدَ) ثلاثًا، ومنه: «الحمدُ للَّه على ما هدَانا، لا إلهَ إلَّا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، يحيـي ويميتُ، وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدِه الخيرُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا إلهَ إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، صدَقَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ وحدَه». ويدعو بما أحبَّ، ولا يُلبِّي.
(ثمَّ ينزِلُ) من الصَّفا (ماشيًا إلى) أن يبقَى بينَه وبينَ (العَلَمِ الأوَّلِ) وهو: الميلُ الأخضَرُ في رُكنِ المسجدِ- نحوُ ستَّةِ أذرُعٍ (ثمَّ يسعَى) ماشٍ، سَعيًا (شديدًا إلى) العَلَمِ (الآخَرِ) وهو: الميلُ الأخضَرُ بفناءِ المسجِد، حذاءَ دارِ العبَّاس. (ثمَّ يمشي ويرقَى المروَةَ. ويقولُ ما قالَه على الصَّفا، ثمَّ ينزِلُ) مِن المروةِ (فيمشي في موضعِ مَشْيه، ويسعَى في موضِعِ سَعْيه، إلى الصَّفا. يفعلُ ذلك) أي: ما ذُكِرَ من المشيِ والسعيِ (سَبعًا. ذهابُه: سَعْيَةٌ، ورُجُوعُه: سَعْيَةٌ) يفتَتِحُ بالصَّفا، ويَختِمُ بالمروَةِ. ويجبُ استيعابُ ما بينَهُما في كلِّ مرَّةٍ، فيُلْصِقُ عَقِبَهُ بأصلِهِما، إنْ لم يَرْقَهُما. فإن ترَكَ مما بينَهُما شيئًا، ولو دُونَ ذِراعٍ: لم يصِحَّ سعيُه.
(فإنْ بدأَ بالمروةِ: سقَطَ الشوطُ الأوَّلُ) فلا يَحتَسبُه.
ويُكثِرُ مِنَ الدُّعاءِ والذِّكرِ في سَعيه. قال أبو عبد اللَّه: كانُ ابنُ مسعود إذا سعَى بين الصَّفا والمروةِ قال: ربِّ اغفِرْ وارحَمْ، واعفُ عمَّا تعلَمُ، وأنتَ الأعَزُّ الأكرَمُ.
ويُشتَرطُ له: نيَّةٌ، ومُوالاةٌ، وكونُه بعدَ طوافِ نُسُكٍ، ولو مَسنونًا.
(وتُسنُّ فيه: الطهارَةُ) من الحدَث، والنَّجَس (والسِّتَارَةُ) أي: سترُ العورَة. فلو سعَى مُحدِثًا، أو نجِسًا، أو عُريانًا، أجزأه. (و)تُسنُّ (الموالاةُ) بينَه وبينَ الطوافِ.
والمرأةُ لا تَرقَى الصَّفا ولا المروَةَ، ولا تَسعَى سَعيًا شديدًا.
وتُسنُّ مُبادَرةُ معتَمرٍ بذلك.
(ثمَّ إنْ كانَ مُتمتعًا لا هَديَ معَه: قصَّرَ من شَعْرِه) ولو لبَّدَه. ولا يَحلِقُه ندبًا؛ ليوفِّرَه للحجِّ (وتَحلَّلَ) لأنَّه تمَّت عُمرَتُه (وإلَّا) بأنْ كانَ معَ المتمتِّع هَديٌ: لم يُقصِّرْ، و(حلَّ إذا حجَّ) فيُدْخِلُ الحجَّ على العمرة، ثمَّ لا يَحِلُّ حتى يَحِلَّ منهُما جميعًا.
والمعتمِرُ غيرُ المتمتِّع: يَحِلُّ، سواءٌ كان معَه هديٌ أو لم يكن، في أشهُرِ الحجِّ أو غيرِها.
(والمتمتِّعُ) والمعتمرُ (إذا شرَعَ في الطوافِ: قطَعَ التلبيَةَ) لقول ابن عباس يرفَعُه: كان يُمسِكُ عن التلبيةِ في العُمرةِ إذا استلَمَ الحجَرَ. قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ولا بأسَ بها في طوافِ القُدومِ سِرًّا.