(فصلٌ)
(ثمَّ يُفيضُ إلى مكَّةَ، ويطوفُ القارِنُ والمُفرِدُ- بنيَّةِ الفَرْضِيَّةِ- طَوافَ الزِّيارَةِ) ويقالُ: طوافُ الإفاضَةِ. فيُعيِّنُه بالنيَّةِ. وهو رُكنٌ لا يَتمُّ حجٌّ إلَّا به.
وظاهِرُه: أنَّهُما لا يَطوفَان للقُدُومِ، ولو لم يَكونا دَخَلا مكَّةَ قبلُ. وكذا: المتمتِّعُ يطوفُ للزِّيارةِ فقَط، كمَنْ دخَلَ المسجِدَ وأُقيمَت الصلاةُ، فإنَّه يَكتَفي بها عن تحيَّةِ المسجِدِ. واختارَه: الموفَّقُ، والشيخُ تقيُّ الدِّين، وابنُ رجبٍ.
ونصُّ الإمامِ، واختارَه الأكثرُ: أنَّ القارنَ والمفرِدَ، إنْ لم يكونا دخَلاها قبلُ، يَطوفَان للقُدُوم برَمَلٍ، ثمَّ للزِّيَارَةِ. وأنَّ المتمتِّعَ يطوفُ للقُدُومِ، ثم للزِّيارَة بلا رَمَلٍ.
(وأوَّلُ وقتِه) أي: وقتِ طوافِ الزِّيارة: (بعدَ نِصفِ ليلَةِ النَّحر) لمن وقَف قبلَ ذلك بعَرفاتٍ، وإلَّا فبعدَ الوقوفِ (ويُسنُّ) فِعلُه (في يومِه) لقولِ ابن عمرَ: أفاضَ رسولُ اللَّه ﷺ يومَ النَّحر. متفق عليه.
ويُستحبُّ: أنْ يدخلَ البيتَ فيكبِّرَ في نَواحِيهِ، ويصلِّيَ فيه رَكعتين بينَ العَمُودَين تِلقاءَ وجهِه، ويدعو اللَّه عزَّ وجلَّ.
(وله تأخيرُه) أي: تأخيرُ الطوافِ عن أيَّامِ مِنى؛ لأنَّ آخرَ وقتِه غيرُ محدودٍ، كالسَّعي.
(ثم يسعَى بينَ الصَّفا والمروةِ، إن كانَ مُتمتِّعًا) لأنَّ سعيَه أوَّلًا كان للعمرةِ، فيجبُ أن يسعى للحجِّ (أو) كانَ (غيرَه) أي: غيرَ مُتمتِّعٍ؛ بأن كانَ قارِنًا أو مفرِدًا (ولم يكُنْ سَعَى مَعَ طوافِ القُدُوم) فإن كانَ سعَى بعدَه: لم يُعِدْه؛ لأنه لا يُستحبُّ التَّطوُّعُ بالسَّعي، كسَائرِ الأنساكِ غيرِ الطَّواف؛ لأنه صلاةٌ (ثمَّ قد حلَّ له كلُّ شيءٍ) حتى النِّساءُ. وهذا هو: التحلُّلُ الثاني.
(ثم يشربُ من ماءِ زمزمَ لما أحبَّ، ويتضلَّعُ منه) ويَرُشُّ على بدنِه وثوبِه، ويستقبلُ القِبلةَ، ويتنفَّسُ ثلاثًا (ويدعو بما ورَدَ) فيقولُ: «بسم اللَّه، اللهمَّ اجعَلْه لنا عِلمًا نافِعًا، ورِزقًا واسِعًا، ورِيًّا وشِبَعًا، وشفاءً من كلِّ داءٍ، واغسِل به قلبي، واملأهُ من خشيتِك».