(فَصلٌ)
(ويَتعَيَّنَانِ) أي: الهَديُ والأُضحِيَةُ (بقولِه: هذا هَديٌ، أو: أُضحِيَةٌ) أو: للَّه. لأنَّه لفظٌ يَقتَضي الإيجابَ، فتَرتَّبَ عليه مُقتَضَاهُ. وكذا: يتعيَّنُ بـإشعَارِه، أو تَقليدِه بنيَّتِه (لا بالنيَّةِ) حالَ الشراءِ أو السَّوقِ، كإخراجِه مالًا للصَّدَقَةِ به.
(وإذا تعيَّنَت) هَديًا أو أُضحَيَةً: (لم يجُزْ بيعُها، ولا هِبَتُها) لتعلُّقِ حقِّ اللَّهِ بها، كالمنذورِ عِتقُهُ نذرَ تبرُّرٍ (إلَّا أن يُبدِلَها بخيرٍ مِنها) فيجوزُ. وكذا: لو نَقَلَ المِلكَ فِيها، واشتَرَى خَيرًا منها، جازَ نصًّا. واختارَه الأكثرُ؛ لأنَّ المقصودَ نَفعُ الفُقرَاءِ، وهو حاصِلٌ بالبَدَلِ.
ويَركَبُ لحاجَةٍ فقَط بلا ضَرَرٍ (ويَجُزُّ صُوفَهَا ونحوَه) كشَعرِها ووَبَرِها (إن كانَ) جَزُّهُ (أنفَعَ لها، ويَتصدَّقُ به) وإن كانَ بَقاؤهُ أنفَعَ لها: لم يَجُزْ جَزُّهُ. ولا يَشرَبُ مِن لَبَنِها إلَّا ما فَضَلَ عن ولَدِها.
(ولا يُعطي جازِرَهَا أُجرَتَه مِنها) لأنَّه مُعاوَضَةٌ. ويجوزُ أن يُهدِيَ له، أو يتصدَّقَ عليه مِنها.
(ولا يبيعُ جِلدَها، ولا شَيئًا مِنها) سواءٌ كانت واجِبَةً أو تطوُّعًا؛ لأنها تعيَّنَت بالذَّبح (بل يَنتَفِعُ به) أي: بجلدِها، أو يَتصدَّقُ به استِحبابًا؛ لقوله عليه السلام: «لا تبيعُوا لحومَ الأضاحِي والهَديِ، وتَصدَّقُوا، واستَمتِعُوا بجُلُودِهَا». وكذا: حُكمُ جُلِّهَا.
(وإن تعيَّبَت) بعدَ تَعْيينِهَا: (ذبَحَهَا وأجزَأته) وإن تَلِفَت أو عَابَت بفعلِه أو تَفريطِه، لزِمَه البدَلُ، كسائِرِ الأمَانَاتِ (إلَّا أن تكونَ واجبَةً في ذمَّتِه قبلَ التَّعيـينِ) كفِديَةٍ ومَنذورٍ في الذمَّةِ عَيَّنَ عنه صَحيحًا، فتَعيَّبَ، وجَبَ عليه نَظيرُه مُطلَقًا. وكذا: لو سُرِقَ أو ضَلَّ ونحوُه.
وليسَ له استرجَاعُ مَعيبٍ وضَالٍّ ونحوِه وجَدَه.