(والأُضحِيَةُ: سُنَّةٌ) مؤكَّدَةٌ على المسلِمِ، وتجِبُ بنَذرٍ (وذَبحُهَا: أفضَلُ من الصَّدَقَةِ بثَمَنِها). كالهَدي والعَقيقَةِ؛ لحديثِ: «ما عَمِلَ ابنُ آدمَ يَومَ النَّحرِ عَمَلًا أحبَّ إلى اللَّهِ مِن إراقَةِ دَمٍ».
(وسُنَّ: أن يأكُلَ) من الأُضحِيَةِ (ويُهدِيَ، ويَتصدَّقَ أثلاثًا) فيأكُلُ هو وأهلُ بيتِه الثُّلُثَ، ويُهدِي الثُّلثَ، ويَتصدَّقُ بالثُّلثِ، حتى مِن الواجِبَةِ.
وما ذُبِحَ ليَتيمٍ ومُكاتَبٍ: لا هَديَّةَ ولا صَدَقَةَ منه. وهَديُ التَّطوُّعِ والمتعَةِ والقِرَانِ كالأُضحِيَةِ. والواجِبُ بنذرٍ أو تَعيـينٍ: لا يأكُلُ مِنهُ.
(وإن أكلَهَا) أي: الأُضحِيَةَ (إلَّا أوقيَّةً تصدَّقَ بها، جازَ) لأنَّ الأمرَ بالأكلِ والإطعامِ مُطلَقٌ. (وإلَّا) يتصَدَّقَ مِنها بأوقيَّةٍ؛ بأنْ أكَلَهَا كُلَّهَا: (ضَمِنَهَا) أي: الأوقيَّةَ بمثلِها لحمًا؛ لأنَّه حقٌّ يجبُ عليه أداؤهُ معَ بقائِه، فلزِمَتْه غرامَتُه إذا أتلَفَه، كالوديعَةِ.
(ويحرُمُ على مَن يُضحِّي) أو يُضحَّى عنه: (أن يأخُذَ في العَشرِ) الأُوَلِ مِن ذي الحِجَّةِ (مِن شَعرِه) أو ظُفُرِه (أو بَشَرَتِه شَيئًا) إلى الذَّبحِ؛ لحديثِ مسلم، عن أمِّ سلَمَةَ مرفوعًا: «إذا دخَلَ العشرُ، وأرادَ أحدُكُم أن يُضحِّي، فلا يأخُذْ من شَعرِه، ولا مِن أظفَارِه شيئًا حتى يُضحِّي».
وسُنَّ: حَلقٌ بعدَهُ.
(فصلٌ)
(تُسنُّ: العَقيقَةُ) أي: الذَّبيحَةُ عن المولودِ، في حقِّ أبٍ ولو مُعسِرًا، ويَقتَرِضُ. قال أحمدُ: العَقيقَةُ سُنَّةٌ عن رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قد عَقَّ عن الحسَنِ والحُسينِ، وفَعَلَهُ أصحابُه.
(عن الغُلامِ: شَاتَانِ) مُتقاربتَانِ سِنًا وشَبَهًا، فإن عُدِمَ فواحِدَةٌ (وعن الجاريَةِ: شَاةٌ) لحديثِ أمِّ كَرْزٍ الكَعبيَّةِ، قالت: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: «عن الغُلامِ شاتانِ مُتكافِئَتَانِ، وعن الجاريةِ شَاةٌ».
(تُذبَحُ يَومَ سَابِـعِه) أي: سابِـعِ المولودِ، ويُحلَق فيه رأسُ ذَكَرٍ، ويُتصدَّقُ بوزنِه وَرِقًا، ويُسمَّى فيه.
ويُسَنُّ: تحسينُ الاسمِ. ويَحرُمُ بنَحوِ: عبدِ الكعبَةِ، وعبدِ النبيِّ. ويُكرَهُ بنَحوِ: حَربٍ، ويَسَارٍ. وأحبُّ الأسماءِ: عَبدُ اللَّهِ، وعبدُ الرحمن.
(فإن فاتَ) الذَّبحُ يومَ السابِـعِ: (ففي أربَعَةَ عَشَرَ، فإن فاتَ: ففِي إحدَى وعِشرين) مِن وِلادَتِه. يُروَى عن عائِشَةَ. ولا تُعتَبَرُ الأسابيعُ بعدَ ذلك، فيَعُقُّ في أيِّ يَومٍ أرادَ.
(تُنزَعُ جُدُولًا): جَمعُ جِدلٍ، بالدَّالِ المهملَةِ، أي: أعضَاءً (ولا يُكسَرُ عَظمُهَا) تَفاؤلًا بالسَّلامَةِ. كذلك قالَت عائشَةُ رضي اللَّه عنها. وطبخُهَا أفضَلُ، ويكونُ مِنه بحُلْوٍ.
(وحُكمُهَا) أي: حُكمُ العَقيقَةِ فيما يُجزِئُ ويُستحبُّ ويُكرَهُ، والأكلِ، والهديَّةِ، والصَّدَقَةِ: (كالأُضحِيَةِ) لكِنْ يُباعُ جِلدٌ، ورأسٌ، وسَواقِطُ، ويُتصدَّقُ بثمنِه.
(إلَّا أنَّه لا يُجزئُ فيها) أي: في العَقيقَةِ (شِركٌ في دَمٍ) فلا تُجزئُ بدَنَةٌ، ولا بَقرةٌ إلَّا كامِلَةً. قال في «النهاية»: وأفضَلُهُ شاةٌ.
(ولا تُسنُّ: الفَرَعَةُ) بفتح الفاءِ والرَّاءِ: نحرُ أوَّلِ ولَدِ النَّاقَةِ (ولا) تُسنُّ: (العَتيرَةُ) أيضًا، وهي: ذَبيحَةُ رَجبٍ؛ لحديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: «لا فَرَعَ ولا عَتيرَةَ». متفق عليه. ولا يُكرَهَان. والمرادُ بالخَبرِ: نَفيُ كونهِمَا سُنَّةً.