الحمدُ للهِ حَمْداً كَثيراً طيباً مُباركاً فيهِ كَما يحبُّ ربُّنا ويرْضَى، أَحْمدُهُ حقَّ حمْدِهِ، لا أُحْصِي ثَناءً علَيْهِ هُوَ كَما أثْنَى عَلَى نفْسِهِ، وأَشْهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ إِلهُ الأوَّلِينَ والآخِرينَ، لا إلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرحيمُ، وأَشهدُ أَنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرسولُهُ، صفيهُ وخليلُهُ، خيرتهُ مِنْ خلقهِ، صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصحبهِ وَمَنِ اتبعَ سُنتهُ بإحسانٍ إلى يَوْمِ الدينِ.
	أما بعدُ: 
	فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، وأَهْلاً وسهْلاً بكُمْ أُيها الإِخْوةُ والأَخواتُ في هذهِ الحلقةِ الجديدَةِ مِنْ برنامجكمْ فإنَّ قريبٌ، في هذهِ الحلْقَةِ نُواصِلُ الحديثَ عنِ الاعتداءِ في الدُّعاءِ، الاعْتداءُ في الدُّعاءِ خطرُهُ كَبيرٌ ذاكَ أَنَّ اللهَ تَعالَى لا يحبُّ المعتدينَ، فقدْ قالَ تَعالَى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾[الأعراف:55]، ولما كانَ اللهُ تَعالَى لا يحبُّ الاعتداءَ في الدُّعاءِ فَقدْ نَهَى رُسلَهُ صلواتُ اللهِ وَسلامُهُ عليهِمْ أَنْ يسأَلُوهُ ما ليسَ لهمْ بِهِ علمٌ، فاللهُ تعالَى نَهى نبيهُ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسلَّمَ والمؤمنينَ عنْ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلمشركينَ فَقالَ: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾[التوبة:113]، وقالَ جلَّ وَعَلا: ﴿ وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ﴾[التوبة:84].
	وقصَّ اللهُ تَعالَى ما قالهُ لِنوحٍ عِندما قالَ: ﴿ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴾[هود:45]، قالَ جلَّ وَعَلا: ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾[هود:46]، فكُلُّ مَنِ اعْتَدَى في الدُّعاءِ وتجاوزَ فإنهُ منَ الجاهِلينَ.
	وقدْ أَخْبرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ فَما في السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبي وقَّاصٍ رضِيَ اللهُ عنْهُ أَنَّهُ سَيكُونُ قومٌ يعتدُونَ في الدُّعاءِ، وقَدْ حذَّرَ الصَّحابَةَ رضِيَ اللهُ عنهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَما جاءَ ذلِكَ عَنْ سعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
	إنَّ الاعْتِداءَ في الدُّعاءِ يَكُونُ في صِيغتِهِ وَأُسلُوبِهِ وَصِفَتِهِ، وَيكونُ أَيْضاً في مضْمُونِهِ، بأَنْ يعْتَدِي الدَّاعِي في مَطْلُوبِهِ وَمَسْئُولِهِ، وَلِذَلِكَ صُورٌ عديدَةٌ يَنْبَغِي لِلمؤْمنِ أَنْ يحذَرها وأَنْ يتَوَقَّى شرَّها، فَمِنْ تلكَ الصُّورِ: أَنْ يَدْعُوا بِالمحالِ كأَنْ يدْعُوا مَثلاً: أَنْ يُدْخِلَ اللهُ تَعالَى إِبْلِيسَ الجنةَ، أَوْ أنْ يُدْخِلَ نبيًا مِنْ أنبيائِهِ النارَ، كلُّ هَذا مِنَ الدُّعاءِ بِالمحالِ، فإنَّ ذلِكَ ممتنِعٌ شرْعاً إِذْ إنَّ اللَه تَعالَى أخْبَرَ في كِتابهِ عَنْ مَصِيرِ أَعْدائِه ومآلِ أَوْلِيائهِ، فَلا يجوزُ أنْ يُضادَّ ذلِكَ بأَنْ يَسْأَلَ الدَّاعِي خلافَ ما أَخْبَرَ اللهُ تَعالَى بِهِ مِنْ مَصِيرِ أَهْلِ النَّارِ أَوْ مآل أَهْلِ الجنةِ.
	ومِنْ صُورِ الاعْتداءِ في الدُّعاءِ: أَنْ يَسْأَلَ اللهَ تَعالَى ما قَضَى أَنَّهُ لا يَفْعَلُهُ كَمَنْ يَسْأَلُ اللهَ تَعالَى أَنْ يخلُدَ أَوْ أَنْ لا يموتَ، أَوْ أَنْ لا يحتاجَ إِلَى ما يَحْتاجُهُ البَشَرُ مِنْ طَعامٍ وشرابٍ وَمَنامٍ، أَوْ أَنْ يَسْأَلَهُ أَنْ يجعَلَهُ مَعْصُوماً، أَوْ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلدًا مِنْ غيرِ زَوجةٍ، أَوْ نحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَدْعِيَةِ المحالةِ إِمَّا شَرْعاً وَإِمَّا قَدَرا.
	أَيُّها الإِخْوةُ والأَخواتُ إِنَّ مِنْ صُوَرِ الاعْتداءِ في الدُّعاءِ فِيما يتعلَّقُ بِمضْمُونِهِ: أَنْ يحُجَّرَ الدَّاعِي واسِعاً مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعالَى، وَمِثالُ ذَلِكَ: ما جَرَى بيْنَ يَدَيِ النبيِّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ فقَدْ رَوَى البُخارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في صَلاةٍ فقُمْنا مَعَهُ فَقالَ أَعْرابيٌ وَهُوَ في الصَّلاةِ: اللهُمَّ ارْحَمْني ومحمَّدا وَلا ترحمْ مَعَنا أَحَدًا، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلمَ صلاتهُ قالَ للأَعْرابيِّ: « لقدْ تحجَّرْتَ واسِعا »، يُريدُ رحْمَةَ اللهِ، فهَذا الأعرابيُّ جهلَ سِعَةَ رحْمَةِ اللهِ عزَّ وَجَلَّ وضيَّقَ واسِعاً حيثُ سأَلَ الرحمةَ لهُ، وللنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم لمْ يقتصِرْ عَلَى ذلِكَ التخصيصِ بلْ قالَ: وَلا ترحمْ مَعَنا أحَدا، وَهَذا مِنَ الاعْتِداءِ في الدُّعاءِ، لِذلكَ نبهَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم إِلَى غلطٍ ما قالَ فقالَ: « لقدْ تحجَّرْتَ واسِعا »، يريدُ رحْمَةَ اللهِ تَعالَى الَّتي وسِعَتْ كُلَّ شيءٍ.
	ومنْ صُورِ الاعْتِداءِ الدُّعاءُ: الدُّعاءُ علَى النفسِ والأَهْلِ وَالمالِ، فقدْ نهىَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَنْ ذَلِكَ كَما جاءَ فِيما رواهُ الإمامُ مسلمٌ في صَحِيحهِ مِنْ حَدِيثِ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ سمِعَ رَجُلاً لَعَنَ دابَّتَهُ فقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ هَذا اللاعنُ بعيرَهُ؟ قالَ: أَنا يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: انْزِلْ عنهُ فَلا تَصْحَبْنا بملْعُونٍ »، ثُمَّ قالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: « لا تدْعُوا علَى أنفُسِكُمْ، وَلا تدْعُوا عَلَى أَوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أَمْوالِكُمْ، لا توافقْ مِنَ اللهِ ساعةً يَسْأَلُ فِيها عَطاءً فيستجيبُ لَكُمْ »، فحذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ مِنَ الدُّعاءِ عَلَى النفسِ وَعَلَى المالِ والأَهْلِ، كُلُّ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ تُوافِقَ ساعاتُ إِجابَةٍ فَيكونُ بِذَلِكَ هَلاكُ الإِنْسانِ، وذَلِكَ أَنَّ دُعاءَ الدَّاعِي عَلَى نَفْسِهِ أوْ أَهْلِهِ أَوْ مالهِ قَدْ يُجابُ في ساعَةِ غَضَبٍ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم هَذا اللاَّعنَ بِأَنْ ينزلَ عنِ البعيرِ وأَنْ يسيبهُ لأَجْلِ ما حصَلَ مِنْهُ مَنْ لَعَنَ، ومثلهُ ما جاءَ في صَحِيحِ الإِمامِ مسلمٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرانِ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّهُمْ كانُوا مَعَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم في بعْضِ أَسْفارهِ وَامرأَةٌ مِنَ الأَنْصارِ علَى ناقةٍ فَضجرَتْ فَلعنَتْها فَسَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذَلِكَ فَقالَ: « خُذوا مَتاعَها وَدَعَوْها »، وكَمْ مِنْ إِنْسانٍ فارَ غضبهُ فادَّعَى علَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أهْلِهِ أَوْ عَلَى ولَدِهِ أَوْ عَلَى مالِهِ فَوافَقَ ذَلِكَ ساعَةَ إجابةٍ فنزلَ بِهِ ما دَعا فَكانَ بَذَلِكِ خُسْرانِهِ.
	أَيُّها الإخْوَةِ والأَخَواتِ! صُونُوا أَنْفُسِكُمْ عَنْ أَنْ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكِمْ أَوْ أَهْلِيكُمْ أوْ أَوْلادِكُمْ أَوْ أَمْوالِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ بابُ شَرٍ عَظِيمٌ.
	أسأَلُ اللهَ تَعالَى أَنْ يَحْمِيَنا وَإِيَّاكُمْ مِنْهُ.
	أَيُّها الإِخْوةُ وَالأَخَواتُ! إِنَّ مِنْ صُوَرِ الاعْتداءِ في الدُّعاءِ: أَنْ يَدْعُوا الإِنسانُ عَلَى نفسهِ بتعجيلِ العُقُوباتِ، جاءَ في صحيحِ الإمامِ مُسلمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عادَ رَجُلاً مِنَ المسلمينَ قَدْ خَفت فصارَ مثل الفرخِ أَي: أنَّه تضائلَ حتَّى أَصْبَحَ في حَجْمٍ صغيرٍ فَقالَ لهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: « هلْ كُنتَ تَدْعُوا بشيءٍ أوْ تسألَهُ إِيَّاهُ؟ قالَ: نعمْ، كنتُ أقُولُ: اللهمَّ ما كُنتَ مُعاقِبي بهِ في الآخِرةِ فَعَجِّلْهُ لي في الدُّنْيا، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: سُبْحانَ اللهِ لا تُطيقهُ أَوْ لا تستطيعُهُ، أَفَلا قلْتَ؟ اللهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حسنةً وفي الآخرةِ حسَنَةً وقِنا عَذابَ النَّارِ؟ »، فَدَعا لهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَشفاهُ اللهُ.
	إنَّ مِنْ صُوَرِ الاعْتداءِ في الدُّعاءِ: أَنْ يَدْعُوا الإنسانُ علَى نفْسِهِ بِالموتِ لضرٍ نزلَ بهِ، وَلذلِكَ نهىَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقالَ: « لا يتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الموتَ وَلا يدْعُوا بِهِ قبْلَ أَنْ يأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذا ماتَ أَحَدُكُمُ انقطَعَ عملهُ وإنهُ لا يزيدُ المؤمنَ عمرُهُ إِلَّا خَيْرا ».
	أيها الإخوةُ والأَخواتُ! هَذِه بعضُ صُوَرِ الاعتداءِ في الدُّعاءِ في مَضْمُونِهِ ومَوْضُوعِهِ، فَينبغِي لِلمؤْمِنِ أنْ يَكُونَ دُعائُهُ عَلَى نحْوِ ما أَمَرَ اللهُ تَعالَى بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾[الأعراف:55]، فإن الآية دلَّتْ عَلَى أَنَّ الدُّعاءَ نَوْعانِ: محبوبٌ للربِّ سُبحانَهُ وَتَعالَى وَهُوَ التضرعُ وَخُفْيَةً، والنوعُ الثاني: مَكْرُوهٌ لهُ مَسْخُوطٌ وهُوَ الاعْتداءُ في الدُّعاءِ، فأَمَرَ اللهُ تَعالَى بما يحبهُ وَندبَ إِلَيْهِ وَحَذَّرَ مِمَّا يُبْغِضُهُ وَزَجَرَ عَنْهُ بِما هُوَ أُبِلَّغُ طُرق الزجلِ والتحذيرِ، فحيْثُ أخبرَ سُبحانَهُ وَتَعالَى أَنَّهُ لا يحبُّ فاعِلَهُ، وَمَنْ لا يحبهُ اللهُ فَأَيُّ خَيْر يُنالُ!
	أَيُّها الإِخْوةُ والأَخواتُ! إِنَّ مِنْ شَرِّ أَنْواعِ الاعتداءِ  في الدُّعاءِ: التوجهُ إِلَى غيرِ اللهِ تعالَى، فالدُّعاءُ عِبادَةٌ، والعبادَةُ لَهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَقَدْ قالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾[الجن:18]، أيْ: لا تَدْعُوا مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لا مَلَكاً مقرَّباً، وَلا نبِيَّاً مُرْسلاً، وَلا ولِياً صالحاً، فكلُّ مَنْ دَعا غيرَ اللهِ تَعالَى فِيما لا يجوزُ فيه التوجهُ إِلَى غيرهِ سُبْحانَهُ وَبحمدِهِ كَمَنْ يَسْأَلُ شِفاءَ الأَمْراضِ، وَتفْرِيجَ الكُرباتِ، وَإِغاثَةَ اللَّهَفاتِ، وتَحْصِيلَ المطْلُوباتِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ المعْتَدِينَ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13] ، كَما أنهُ خائِبٌ لا يُدْرِكُ مطلوبَهُ، يَقُولُ اللهُ تَعالَى: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا ﴾ * ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾[الإسراء:56-57] ، قال ابنُ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهُ في سببِ نُزولِ هذهِ الآيةِ: نزلتْ فِيمنْ عَبَدُوا الملائِكَةَ وَالمسيحَ وَغيرَهُمْ مِنَ الصَّالحينَ كُلهُمْ عاجزٌ عنْ دَفْعِ الضُّرِّ أوْ تحويلهِ عنهُمْ، إِنَّهُمْ لا يَسْتطيعونَ جلْبَ نَفْعٍ وَلا دفعَ ضُرٍّ، لذلكَ ينْبَغِي لكلِّ مُؤْمِنٍ ومؤْمِنَةٍ أنْ يَكُونَ دُعائُهُ للهِ خالِصا فَلا يتوجَّهُ في دُعائِهِ إلَى غيرِ اللهِ عز وجلَّ فإنَّ الشِّرْكَ ظُلْمٌ عظيمٌ.
	وإِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في حلقةٍ قادمَةٍ منْ بَرْنامجكُمْ فإني قريبٌ، أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الَّذي لا تضيعُ ودائِعُهُ، وَالسلامُ عليكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ.





                            
