×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / مقالات / آداب متعلقة بالصيام

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4601
- Aa +

الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصوم غرضه وغايته هو تحقيق التقوى لله ـ جل وعلا ـ هذا هو الغرض والمقصود من الصوم؛ ولذلك قال ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183] .

وقد يقول قائل: ما معنى التقوى؟

التقوى هي الاشتغال بالطاعة والبعد عن المعصية رغبةً في ثواب الله ـ تعالى ـ وخوفًا من عقابه. هذا التعريف الميسور المختصر للتقوى، فالتَّقيُّ هو ذاك الذي يفعل الطاعات ويجتنب المحرمات، وهو في الفعل والترك بين خوف ورجاء، رغبة ورهبة، لا يتركه عادةً ولا يأتيه عادةً؛ لا يترك المحرَّم عادةً وحياءً من الناس، ولا يأتي الواجبَ عادةً وموافقةً للناس، بل يأتيه رغبةً ورهبةً؛ رغبةً فيما عند الله ـ تعالى ـ ورهبةً منه، وهذا هو المعنى العام الذي من أجله شرع الله ـ تعالى ـ الصيام، ولهذا ينبغي للصائم أن يفتش عن هذه الحكمة في نفسه وفي خُلقه وفي عمله حتى يفوز بأعظم الأجر.

فالصُّوَّام -وهم الممسكون عن الطعام والشراب- كُثر، لكن بين أجر صائم وصائم كما بين السماء والأرض؛ وذلك باختلاف ما يقوم في قلوبهم من الإخبات والإخلاص وصدق الإيمان والبرهان، ولاختلاف ما تترجم مما في القلوب من الأعمال، وهذا الذي قام في القلب ينبغي أن يُترجَم إلى الجوارح صلاحًا في المسلك، وصدقًا في العمل، وبعدًا عن السوء والشر، ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ»سنن الترمذي (2616). ومعنى «جُنَّة» أنه وقايةٌ يقي به الإنسانُ نفسَه الشرورَ والفسادَ، وهذا يفيد أنه ينبغي أن يكون الصوم على هذه الصورة وقاية؛ كما لو كان الإنسان داخلًا في حصن يمنعه من السوء والفساد والشر وسيِّئ الأخلاق.

ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَصْخَبْ، وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ سَابَّهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»صحيح البخاري (1894)، وصحيح مسلم (1151). أي: ممتنع عن مبادلتك بالإساءة لأني صائم.

وهذا يبيِّن أن الصوم سلوك في القلب يُترجَم إلى العمل، وهو بأن يكفَّ الإنسان نفسه عن كل سيِّئ من الأخلاق ولو كان ذلك في مقام الانتصاف للنفس، فالله ـ تعالى ـ يقول: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: 126]، ويقول: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: 40]، ومع هذا فالصائم مأمور بالترفُّع والاعتلاء على هذه النوازع وهذه الرغبة في المجازاة بالمِثل بأن يقول: إني امرؤٌ صائم. فيكفّ لسانه عن مجاراة السفهاء، ويكفّ عمله عن الوقيعة في السوء.

 ينبغي أن يكون صوم أحدنا ترجمة لإيمانه وصِدق يقينه بثواب الله ـ تعالى ـ ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»صحيح البخاري (38)، وصحيح مسلم (760). وهذا ما أشرتُ إليه قبل قليل أن الناس تتفاوت أجورهم بحسب ما قام في قلوبهم من التصديق والبرهان، ولهذا من الضروري أن نفتش عن هاتين الخصلتين في صيامنا: الإيمان والاحتساب.

والإيمان يتحقق بالإقرار؛ فإذا أقرَّ الإنسان بوجوب الصيام فقد آمن بشرعيته، والاحتساب هو أن يأمل العُقبى عند رب العالمين، فإن عاقبة الصوم عظيمة جليلة، فهي مما يدخل في قول الله ـ جل وعلا ـ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: 10]، ويكفي فيه ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»صحيح البخاري (1904)، وصحيح مسلم (1151).

ومما ينبغي أن يتنبه إليه الصائم ما ذكره جماعات من السلف: ينبغي أن يكون يوم صومك مختلفًا عن يوم فطرك. وهذا الاختلاف ليس في الكسل والضعف، والتواني عن الأعمال، والتأخر عن الواجبات، وسوء الأخلاق؛ كما هو شأن كثير ممن يُتبع نفسَه هواها ويجعل الصيام فرصة للتنفيس عن العادات الرديئة احتجاجًا بأنه صائم، وأنه مُنهَك وأنه مُرهَق، فهذا غلط، بل ينبغي أن يكون الصوم حاملًا للإنسان على طيِّب الأخلاق وزكيِّها، وعلى النشاط، وعلى القيام بالواجبات وأداء الحقوق، وهو بطاعته لله ـ تعالى ـ في صيامه أعظم أجرًا من طاعته لله ـ تعالى ـ في غير الصيام؛ وذلك أن مشقة الصوم تؤثر على الإنسان ضعفًا، فإذا حمل نفسه على طاعة الله ـ تعالى ـ كان ذلك من أسباب الأجر، كما في الصحيح من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لها: «أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ وَنَصَبِكِ»صحيح البخاري (1787). يعني: على قدر ما تنفقين من المال، وعلى قدر نصَبه؛ وهو الجهد والتعب الذي يُبذل في تحقيق طاعة الله جل وعلا.

فهذه جملة من الخصال التي ينبغي ألَّا تغيب عن الإنسان في يوم صومه، وخلاصتها: ينبغي أن يكون يوم الصوم مختلفًا عن يوم الفطر؛ لا اختلاف نزول، بل اختلاف زكاء ونماء وصلاح وتقوى وإيمان.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80482 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74767 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61836 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53355 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50920 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50645 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46026 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45573 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف