×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / مقالات / مقال شبكات التواصل تحاصرنا

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:13402
- Aa +

الإنسانُ مَدَنيٌّ بطَبْعِهِ، فلا حَياةَ لَهُ إلَّا بالتَّواصُلِ مَعَ بَنِي جِنْسِهِ، وخِلافُ هَذا هُوَ خُروجٌ عَنِ الطَّبيعَةِ البَشريَّةِ، وقَدْ عَهِدَ الناسُ عَبْرَ تاريخِهِمُ البُشَريِّ أوجُهًا مِنَ التَّواصُلِ بَيْنَهُم عَبْرَ قَنواتٍ عِدَّةٍ، غالِبُها يَعتمِدُ عَلَى المُباشَرَةِ والمَعرِفَةِ الشَّخصيَّةِ الَّتي لها أسبابُها المَعهودَةُ مِنَ الاشتَراكِ في بَلَدٍ أو قَبيلَةٍ أو عِرْقٍ أو عَملٍ أو حِرْفةٍ، أو غَيْرِ ذَلِكَ، وفي كَثيرٍ مِنَ الأحيانِ قَدْ يَفرِضُ ذَلِكَ ألواناً مِنَ التَّواصُلِ الاضْطِراريِّ الَّذي لا يَتمكَّنُ المَرْءُ مِنْ تَفاديهِ والنَّأْيِ عَنْهُ حَتَّى قِيلَ في هَذا النَّوْعِ مِنَ التواصُلِ المَكروهِ المَفروضِ:

وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحُرِّ أَنْ يَرَى      عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ مِنْ شِعْرِ المُتنبِّي  انظُرْ "دَواوينَ الشِّعرِ العَربيِّ عَلَى مَرِّ العُصورِ

وقَدْ أتاحَتِ التَّقنيةُ الحَديثَةُ وثَوْرَةُ الاتِّصالاتِ أنماطًا مِنَ التَّواصُلِ لم يَكُنْ للناسِ بها عَهْدٌ ولا مَعرِفَةٌ، أتاحَتْ  لكُلِّ راغِبٍ أن يُشَكِّلَ ما يشاءُ مِنَ الصِّلَاتِ في عالَمِ افتِراضيٍّ مُتنوِّعٍ، لا يَحُدُّهُ مَكانٌ، ولا زَمانٌ، ولا جِنْسٌ، ولا سِنٌ، في تَواصُلٍ عالَميٍّ واسِعُ الانتِشارِ، استَوعبَ العالَمَ بكُلِّ ما فِيهِ، كما استَوعبَ جَميعَ أوجُهِ التَّواصُلِ، سَواءٌ  أكانَ عَبْرَ الكَلِمَةِ كما في تَويتَر والفِسْبُوك، أم عَبْرَ الصَّوْتِ والصُّورَةِ كما في بَرنامجِ الكيك، أو عَبْرَ الصُّوَرِ الفوتوغرافيَّةِ الَّتي ينتَقيها المُشارِكونَ أو يَلتَقِطونَها كما في بَرنامَجِ إنستِغرامِ، وبهَذا تَكونُ شَبكاتُ التَّواصُلِ الاجتِماعيِّ قَدِ استَوعبَتْ كُلَّ أوجُهِ التَّواصُلِ المُمكِنَةِ بَيْنَ الناسِ.

وكُلُّ هذِهِ الأنواعِ مِنَ التواصُلِ الاجتِماعيِّ أحدَثَتْ نَقلَةً في حَياةِ كَثيرٍ مِنَ الناسِ، فصارَ الاشتِغالُ بهذِهِ الشَّبَكاتِ بأنواعِها في الحَياةِ اليَوميَّةِ لكَثيرٍ مِنَ الناسِ عَلَى اختِلافِ أعمارِهِم واهتِماماتِهِم ومُستوياتِهِمُ التَّعليميةِ.

بَلْ إنَّكَ تَرَى هَذا العالَمَ الافتِراضيَّ يُحاصِرُ العالَمَ الحَقيقيَّ حَتَّى يَخنُقَهُ أو يَكادُ.

وقَدْ تَوالَتِ الدِّراساتُ والتوصياتُ في تَرشيدِ هَذا التَّواصُلِ لجَنْيِ ثِمارِهِ وتَوَقِّي عِثارِهِ، فبَقْدَرِ ما يَحصُلُ فِيهِ مِنْ خَيرٍ ومَنافِعٍ للناسِ بقَدْرِ ما تَتهاوَى فِيهِ قِيَمٌ وتَزِلُّ فِيهِ أقدامٌ، ليسَ في مَزالِقِ الشَّهَواتِ فحَسْبُ، بَلْ فِيما هُوَ أخطَرُ، مِنْ مَهاوِي الشُّبُهاتِ والانحِرافاتِ الفِكْريةِ المُتنوِّعَةِ مِنْ أقصَى اليَمينِ إلى أقصَى اليَسارِ، وبالتَّأكيدِ إنَّ كَثيرينَ يَتواصَلونَ عَبْرَ هذِهِ الشَّبَكاتِ دُونَ هَدَفٍ أو رُؤيَةٍ أو رِسالَةٍ، بَلْ مُتْعةً أو مُحاكاةً أو تَجرِبةً أو استِطلاعًا، لذا كانَ مِنَ المُهِمِّ إشاعَةُ أدَبيَّاتِ التعامُلِ مَعَ هذِهِ الشَّبكاتِ، وإدراكُ مَنافِعِها ومَعرِفَةُ مَخاطِرِها، فإنَّ مَنْ يَدخُلُها دُونَ ذَلِكَ كالَّذي يُبْحِرُ في مُحيطٌ مُتَلاطِمُ الأمواجِ بقارِبٍ صَغيرٍ، فهُوَ بَيْنَ غَرقٍ وعَطَبٍ.

ويَتأكَّدُ ضَرورَةُ العِنايَةِ بتَوعيَةِ المُستَخدمينَ لهذِهِ الصَّفَحاتِ المُتنوِّعةِ لحَداثةِ سِنِّ أكثَرِهِم، وقِلَّةِ تَجربَتِهِم الحَياتيةِ، وكَثرَةِ المُتَربصِينَ الَّذينَ وَجدوا في هذِهِ الصَّفَحاتِ مَنفَذًا وطَريقًا للوُصولِ إلى شَرائحٍ وأذهانٍ يَصعُبُ عَلَيْهِمُ التواصُلُ المُباشِرُ مَعَهُم، ممَّا يَتطلَّبُ رَفْعَ مَستوَى المَناعَةِ الفِكريَّةِ والأخلاقيةِ، والرقابَةِ الذَّاتيَةِ، والقُدرَةِ عَلَى الفَرْزِ والتمْييزِ بَيْنَ الصوابِ والخَطَإِ، والخَيرِ والشرِّ، واللهُ خَيْرٌ حافِظًا وهُوَ أرحَمُ الرَّاحِمينَ.

كتبه

أ.د خالد المصلح

أستاذ الفقه بجامعة القصيم

11 / 2 / 1435هـ

المادة التالية

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات86256 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80692 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74963 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات62202 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56498 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53476 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات51181 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50932 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46183 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45724 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف