السؤال:
ما هي أنواع النفاق؟
الجواب:
النفاق قضيةٌ كبرى اعتنى بها القرآنُ الكريم، وكان من عنايته بها أن خصَّ سورة من سور الكتاب الحكيم باسم المنافقون: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}سورة المنافقون: الآية 1 ، كما أنزل الله تعالى سورة التوبة كشف الله تعالى فيها عن خِلال المنافقين وصفاتهم، ولذلك سُمِّيت بالفاضحة.
وهو نوعان:
الأول: نفاق اعتقادي، وصاحبه يُظْهِر الإسلام، ويُبْطِن الكفر، كحال أولئك الذين تكلم الله عنهم في سورة المنافقون، وفي سورة براءة. وفي أصحابه قال الله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}سورة النساء: الآية 145
الثاني: وهو الذي ينتشر كثيرًا في الناس وهم عنه غافلون، وهو تَسرُّب بعض خصال وشعب النفاق إلى قلوب بعض المسلمين، وهو النفاق العملي، بأن يكون كاذبًا، أو أن يخلف الوعد، أو إذا خاصم فجر، أو إذا عاهد غدر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر خلالًا عَدَّها من النفاق، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»البخاري (33)، ومسلم (59).، وفيهما أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»رواه البخاري (34)، ومسلم (58)، وإذا تأملت هذه الأربع خصال -وإن اختلفت صورها- وجدتها تدور على معنى واحد، وهو أنه يخالف القول العمل، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}سورة الصف: الآية 2 ، وهذا من أكبر ما يوجب غضب الله {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}سورة الصف: الآية 3 ، ولذلك أحذر إخواني من خصال النفاق، ولا يلزم أن الإنسان المصلي المزكِّي الصائم في منأى عنه، ففي رواية مسلم في حديث أبي هريرة زيادة «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ»، فيجب على المؤمن أن يبتعد عن هذه الخصال، والأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، واللفظ لمسلم.
ثم إنَّ النفاق الاعتقادي لا يحصل مباشرة، بل يتدرج إليه الإنسان خطوة خطوة، فيجب الحذر من خصال النفاق، والله أعلم.