السؤال:
قال خليل الله إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}سورة إبراهيم: الآية 40.، وبعض الناس يقول: الواجب أن تقول: رب اجعلني مقيم الصلاة وذريتي، وليس من ذريتي، لأن (من) تفيد التبعيض، فما رأيكم؟
الشيخ:
هذا الدعاء الذي ذكره الله تعالى في محكم كتابه، يبين عظيم عناية إبراهيم عليه السلام بالصلاة، واهتمامه أيضًا بذريته، حيث جعلهم مشمولين بهذا الدعاء، وإقامة الصلاة هي أن يأتي بها على الوجه الذي شرع الله تعالى، في شروطها وأركانها وواجباتها وحقوقها، وسائر مكملاتها، وموطن الإشكال أن إبراهيم عليه السلام لم يقل: وذريتي، إنما قال: ومن ذريتي، أي: اجعل بعض ذريتي يقيم الصلاة، هكذا قال بعض أهل العلم، وليس المقصود الذرية القريبة، بل الأبناء ومن تفرع منهم، والبنات ومن تفرع عنهن، فعلم إبراهيم عليه السلام أنه لن يقيم الصلاة جميع ذريته، فسأل الله تعالى أن يكون مقيمًا للصلاة هو وبعض ذريته، هكذا قال بعض العلماء.
ومن أهل العلم من قال: إنها لابتداء الغاية: أي اجعلني مقيم الصلاة، وابتداء من ذريتي، أي: اجعلهم مقيمي الصلاة، فالدعاء بهذا اللفظ له وجه صحيح، ولا يلزم منه أن يكون ذلك لبعضهم دون بعض، ومنه أخذ العلماء أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يلزم أن تكون كل دعواتهم مجابة، بل الله تعالى يعطي لحكمة، ويمنع لحكمة، والله أعلم.