السؤال:
ما تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖفَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}سورة فاطر: الآية 32؟
الجواب:
هذه الآية في أهل الإسلام، فالله تبارك وتعالى يخبر أنه أورث الكتاب الذين اصطفاهم من عباده، وكل أهل الإسلام مَنَّ الله تعالى عليهم بالإسلام واصطفاهم له، وجعلهم من خير الأمم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون الأولون يوم القيامة»رواه البخاري (876)، ومسلم (855) ـ واللفظ له ـ عن أبي هريرة رضى الله عنه، فنحن في الترتيب الزمني آخر الأمم مجيئًا، ولكننا في الفضل والأجر والعطاء والبر والإحسان في مقدم الأمم، وهذا فضل الله، كما قال سبحانه: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}رواه البخاري (876)، ومسلم (855) ـ واللفظ له ـ عن أبي هريرة رضى الله عنه.، وهذا الاصطفاء لكل أهل الإسلام على مراتبهم، ولذلك قال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}، فالله تعالى جعل الظالم لنفسه من المصطفين؛ لأنه من أهل الإسلام، وظلم النفس يكون إما بترك ما أمر به الله جل وعلا من الواجبات والحقوق، وإما بانتهاك ما حرم الله جل في علاه من المحظورات والممنوعات، وأما المقتصد فهو الذي أدى الواجبات، وامتنع عن المحرمات، ولم يزد على ذلك، وأما السابق بالخيرات فهو مسارع ومجتهد في كل خير، حتى سبق غيره، وهو المؤدي للفرائض، المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه، قد تعلقت نفسه بالخير، وهفت نفسه إليه، فهو مبادر إليه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، هذه مراتب أهل الإسلام، والجميع من أهل الاصطفاء، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المصطفين الأبرار، والله أعلم.