السؤال:
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»؟
الجواب:
هذا ورد في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»رواه أحمد (2803)، الطبراني في المعجم الكبير (11560)، والحاكم (6303)، انظر: جامع العلوم والحكم (1/460).، وفيه أنه ينبغي لابن آدم أن يكون عبدًا لله تعالى في السراء والضراء، في اليسر والعسر، في المنشط والمكره، فيما تنجذب إليه نفسه، وفيما تنفر عنه، وبه يحقق العبودية لله جل وعلا، وعلى كل مؤمن أن يسعى أن يكون من القريبين إلى الله جل وعلا في كل أحواله، والقرب إلى الله ليس أمرًا عسيرًا، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو داعٍ، وهذان الحالان ذَكَرَ الله فيهما قربه حتى يحثنا، كلنا نستطيع أن ندعو وكلنا نسجد لله تعالى، فلماذا لا نستشعر هذا القرب وننزل به الحاجة حتى إذا أصبنا بمصيبة وجدنا ملاذًا ومفزعًا ومنجاةً من رب العالمين؛ فإنه جل وعلا لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، فمن عرفه في الرخاء لم يهمله جل وعلا أو ينساه في شدته، سواء أكانت الشدة عامة أم كانت الشدة خاصة، على أن المضطر الذي مُلِئَ قلبه بالانجذاب إلى الله تعالى ولم يكن في قلبه إلا الله لا يخيبه الله؛ ولذلك يقول الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }سورة النمل: الآية 62.، فحال الضرورة ينبغي أن يستشعر فيها، متى يكون الإنسان مضطرًّا؟ إن انقطعت الأسباب، وليس هناك مدد إلا من رب العالمين، ولا عون ولا توفيق ولا ظهور إلا به جل وعلا؛ ولهذا الذين كانوا في الفلك مع أنهم مشركون لكنهم كانوا إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فهنا انقطع كل تعلق بغير الله فنجاهم الله تعالى وأنقذهم.