السؤال:
كيف نجمع بين حديث: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين))، وحديث: ((ولكنهم أقوام إذا خلوا بحرمات الله انتهكوها))؟
الجواب:
أولاً: ينبغي أن نعتقد أن كل شي ثبت عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقع بينه تعارض، والله تعالى يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}سورة النساء: الآية 82.، ولكن قد يتوهم الإنسان التعارض، ويتبادر إلى ذهنه، وأما النصوص القرآنية والنبوية فلا تعارُض بينها.
ثانيًا: أما بخصوص ما سأل عنه السائل، فحديث: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين» ـ وهو في الصحيحينرواه البخاري (6069)، ومسلم (2990). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ـ فيخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن العفو حاصل لكل أحد إلا المجاهر، وهو من يبيت يستره الله تعالى ثم يصبح فيهتك ستر الله عليه، بأن يقول: فعلت وفعلت على وجه المفاخرة! وأما حديث: ((أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)) فهو في سنن ابن ماجه من حديث ثوبان رضي الله عنه أخرجه ابن ماجة في السنن (4245)، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 246)، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3534): رواته ثقات ، وهذا الحديث من العلماء من ضعَّفه، وعلى القول بصحته فهو لا يعارض حديث أبي هريرة؛ لأن هذا فيه التحذير من ضعف قَدْر الرب في القلوب، وليس المقصود إذا أردت أن تعصي معصية أن تذهب إلى أبرز مكان في البلد وتفعل فيه المعصية؛ لأن هذا لا يمكن أن يأمر الله تعالى به، ولا يمكن أن يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأما حديث أبي هريرة فهو في بيان سوء حال من يستره الله تعالى ثم يأتي فيهتك ستر الله، ويكشف ما أخفاه الله تعالى من عيبه عن الناس، والله أعلم.