السؤال:
كيف نوجه حديث: «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم»؟
الجواب:
هذا الحديث رواه مسلمحديث رقم (2749).عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم»، ولا تعارض بين الأمر بترك المعصية والخبر بأن ابن آدم لا بد أن يذنب، كما في سنن الترمذي من حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»رواه أحمد (13049)، والترمذي (2499)، وابن ماجه (4251)، وصححه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/414). ،ولكن ليس الشأن في أن يقع الذنب، بل الواجب على المسلمين أن يكفوا أنفسهم عن المعاصي والسيئات، وأن يجتهدوا في ذلك، فإذا غلبتهم أهواؤهم وشهواتهم، فوقعوا في شيء من المعاصي فالواجب أن يبادروا إلى التوبة؛ فإن العبد إذا تاب محت توبته ما كان من الخطأ قبله، فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم»، ليس فيه الدعوة إلى مواقعه الذنوب، وإنما فيه الحث إلى المبادرة بالتوبة بعد وقوع الذنب، ومن تاب إلى الله تعالى صادقًا من قلبه، يرجى أن يفوز فوزًا عظيمًا، فالله تعالى يحب التوابين، ويعطي التائب أجرًا عظيمًا، ويفرح بتوبة التائب أشد من فرح رجل أضاع راحلته في صحراء وعليها طعامه وشرابه، فلما أيس منها واستسلم للموت، وجدها فمن شدة الفرح أخطأ فقال: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك»رواه مسلم (2747) عن أنس رضي الله عنه.؛ والمقصود أن هذه الأحاديث ليس فيها إقرار على مواقعة السيئات، وإنما فيها بيان كيفية معالجة السيئات، وذلك بالعودة والإنابة إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار، وقد روى الإمام مسلم في صحيحهحديث رقم (2758).من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: «أذنب عبد ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له رباًّ يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك«، فما دام العبد على هذه الحال، إذا غلبه هواه وشهوته فوقع في شيء من المعاصي، علم أن له ربًّا سيعاقبه إن لم يتب، فيبادر للتوبة والاستغفار، فهو على خير، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه العبد، ولذلك قال الله تعالى في محكم كتابه: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ}سورة الحجر: الآيتين 50- 49،فالذنوب بها يتبين مغفرة الله وبره وإحسانه ورحمته، فينبغي لنا أن نتعرض لرحمة الله تعالى، هذا هو المقصود من هذه الأحاديث، والله أعلم.