السؤال:
تقول السائلة بأنه سقط لها جنين عمره شهران ونصف؛ فما حكم الدم؟ وهل لها أجر؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلِّي وأسلم على البشير النَّذير، نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فمن حيث الأجر لاشكَّ أنَّ كلَّ مصيبة يصاب بها المؤمن، ويصبر عليها، فإنَّ له فيها أجرًا، والله تعالى كريم منَّان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها-: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»صحيح البخاري (5641)، وهذا يدلُّ على أنَّ كلَّ ما يُصاب به الإنسانُ فإنه يؤجر عليه إذا احتسب وصبر.
وأمَّا ما يتعلق بالصَّلاة فالسَّقَط له أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون السقط قبل التخلق، وذلك بأن يكون قبل ثمانين يومًا، فهذا السقط لا حكم له، والدم الخارج هو دم فساد، فلا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام.
وإذا كان السقط بعد تسعين يومًا فإنه في هذه الحال يكون قد تخلق، وإذا كان قد تخلق فإنه يأخذ حكم النفاس، ومعنى هذا أنها لا تصلي ولا تصوم.
ومن واحد وثمانين يومًا إلى التسعين يومًا يحتمل أنه قد تخلق ويحتمل أنه لم يتخلق، وبالتالي فتنظر إلى الخارج، فإذا كان الخارج قد تبين فيه خلق الإنسان فإنه يأخذ حكم النفاس، وإذا كان مضغة غير مخلقة فإنه يأخذ حكم ما قبل الثمانين، فلا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام.
ومستند هذا التقسيم هو حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في ذكر أطوار الخلق: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ»صحيح البخاري (2643)، وصحيح مسلم (3332) ، وهذه المضغةُ قسمها الله تعالى في ذكره لأطوار الخلق: مخلَّقة وغير مخلَّقة. فمناط الحكم على التخلق، فإذا أسقطت ما تبين فيه خلقُ الإنسان ففيه الأحكام المتعلقة بالنفاس، وإذا كان الذي أسقطته ليس فيه خلق الإنسان فحكمه حكم دم الفساد الذي يجري مع المرأة ولا يأخذ حكم النفاس، فلا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام.