السؤال:
ما حكم استعمال دواء لتعجيل الدورة؟
الجواب:
أنا لا أشير عليها بالإنزال؛ لأنها لو أنزلته فقد يمتدُّ، لكن إن تمكَّنت من تأخيره فيجوز بشرط: أن لا يضرَّها، وأن يكون ذلك بمشورة طبيبٍ مختصٍّ بهذا الأمر؛ لأنَّ بعض الحبوب لها آثار على المرأة، وأيضًا بعض الحبوب لا تمنع منعًا كليًّا، بمعنى: أنها قد تمنع ولكنه يبقى يتسرَّب منها شيءٌ يُعكِّر عليها عبادتها ويُدخِلها في حرج: هل أنا طاهرةٌ أو لست بطاهرة؟ هل أنا حائض أو لست بحائض؟ ففي هذه الحال لابدَّ من مراجعة طبيبة حتى تأخذ الجرعة الكافية التي لا يلحقها بها ضرر.
أما إذا كان عليها ضرر أو كان عليها لخبطة في العادة، فينبغي لها أن تترك هذه الحبوب، وإذا نزل الحيض فالحمد لله، فعائشة أمُّ المؤمنين زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حجَّت وجاءها الحيض بسرف - وهو مكان بين مكة والمدينة - فبكت ودخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال لها: «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟». قالت: نَعَمْ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» يعني: أمر لستِ الوحيدة فيه، وهذا مما يخفِّف المصاب، فقال لها: «فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» صحيح البخاري (294)، وصحيح مسلم (1211) ، فهي ممنوعةٌ من الطَّواف فقط، وأما سائر الأعمال فيجوز لها أن تأتي بها، من الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، وسائر الأعمال تقومُ بها، إلا ما يتعلَّق بالطَّواف والسَّعي لأنه تابعٌ للطواف؛ فإنها تمهَل حتى تطهُر ثم تطوف بعد ذلك.
وبعض النساء تتوهَّم أنه إذا جاءها الحيضُ، أنها لا تستطيع أن تُحرم من الميقات، وليس هناك إشكالٌ أن تحرم من الميقات، فأسماء بنت عميس رضي الله عنها -كما في حديث جابر في صحيح مسلم - وَلَدَت في الميقات، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تستثفر بثوبٍ وتغتسل، وأذِن لها صلى الله عليه وسلم بالحج صحيح مسلم (1209).
وهنا مسألة يكثر السؤال عنها: هل من لوازم الأضحية، أن تمتنع المرأةُ من تمشيط شعرها؟
ليس من لوازم الأضحية أن تمتنع المرأةُ من تمشيط شعرها، فبعضهنَّ يقلن: يسقط شعري إذا مشطت، فنقول: لا مانع من المشط، امشطي، فأنتِ ممنوعة من الأخذ الاختياري، وهو بالقصِّ أو الحلق أو النَّتف، أمَّا ما يكون من جرَّاء تسريح الشَّعر، فلم يأت في النص أنه إذا أراد أحدكم أن يضحِّي فلا يمشط شعره، بل إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر عائشة بالامتشاط لما كانت محرمةً، كما في صحيح البخاري ومسلم من حديثها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي» صحيح البخاري (316)، وصحيح مسلم (1211) ، والمشط قد يرافقه تساقطُ بعض الشعر، فلا مانع من المشط، حتى الاستشوار وسائر ما يكون من وسائل التجميل، لا حرج فيها ولا يؤثر على الأضحية.
وبعض الناس يمتنع عن التضحية لأجل هذه الأمور، وأنا أقول لإخواني: ما هي إلا أيام وتنقضي وتزول وتذهب، فينبغي لنا أن نستشعرَ معنى التعبد في هذه الأيام، وأن نحتسب الأجر عند الله تعالى، في منع أمور يمكن تمر علينا أسابيع أو يمر على بعض الناس شهر أو أكثر، وهو لم يفكر أن يأخذ من شعره شيئًا، ولا من بشره شيئًا، لكن لما جاء المنع كثر السؤال: نفعل أو لا نفعل.
أولًا: السؤال فيما يتعلق بالرمي، فكثيرًا ما يرد السؤال: هل يجوز الرجم أو رجمت؟ ليس في السنة أن رمي الجمار يسمى رجمًا، بل الاستعمال الشرعي والذي في كتب أهل العلم هو الرَّمي، والرجم لا يكون إلا للزاني المحصن. وكان شيخنا رحمه الله إذا سئل يُنبه على هذا، فإذا قال له: رجمت يقول له: "رجمت زاني؟".
وأما بالنسبة لمن رمى قبل الزوال فليس عليه شيء.
الذي يظهر لي أنه حيلةٌ على لبس النِّقاب، والنَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ» صحيح البخاري (1741) ، وأنا أشبِّهه بمسألة واضحة: لو أن الرجل لبس سراويل وفنيلةً، ووضع الإحرام على لباسه الداخليِّ، لقلنا له: لا يجوز لك هذا، تجرَّد من المخيط، تجرَّد من اللباس من السراويلات والفنايل وغيرها، فكذلك المرأة إذا لبست النقاب أو لبست قفازين وأدخلتها في العباءة فلا يكفيها هذا، نقول: ليس المقصود أن لا يظهر القفازان، إنما المقصود أن لا تلبسيها واستري يديكِ بأي ساتر، وكذلك النقاب لا تلبسه، بل تستر وجهها بأي ساتر آخر، ولا يغنيكِ أن تضعي على النِّقاب ساترًا، فهو كما لو لبس الرَّجل الثياب ووضع الإحرام عليه.
المسح على الجوربين للعلماء فيه قولان: منهم من يقول: يبتدئ المسح من أول الحدث، فإذا لبس الجورب الآن وأحدث بعد ساعة فيحتسب اليوم والليلة من بعد ساعة.
والقول الثاني: أنه يحتسبه من أول مسح بعد الحدث، ومعنى هذا: أنك إذا لبست الجورب الآن ثم صليت المغرب وصليت العشاء ثم نمت واستيقظت الفجر ومسحت فهذه أول مسحة فاحسب من الفجر إلى الفجر الآخر، لكن -على القول الثَّاني- أنه لو أحدث الساعة التاسعة بعد العشاء -مثلاً- بحدثٍ غير النوم فإن له أن يمسح من التَّاسعة من الليلة إلى السَّاعة التَّاسعة من غد.
والصحيح من هذين القولين فيما يظهر -والعلم عند الله- هو القول الثاني، وهو أن المسح يبتدئ من أول مسح بعد الحدث.