المقدم:صاحب الفضيلة حديثنا في مستهل هذه الحلقة أجزم بأنه يعني لدى الكثيرين الشيء الكثير، حديثنا يا شيخ عن نظام يعني يمكن أن أقول بأنه هو أصبح شريكًا للناس في أموالهم، وفي قوت يومهم، وفي أرزاقهم، يجب أن نقف يا شيخ مع نظام ساهر يعني هذا النظام نظام ساهر مروري هل هو نظام توعوي وإرشادي وتنظيمي، أما ذا نريد أن نقف يا شيخ مع بعض النقاط المهمة.
أولًا:يا شيخ قضية مضاعفة لمخالفات وحكمها الشرعي، التحايل على ساهر يا شيخ بعض الذين يتحايلون أيضًا عليه ويخفون أرقام لوحاتهم، ثم أيضًا ما يفعله بعض رجالات هذا النظام من التخفي يا شيخ وترصد الناس، هل هذا من الشرع أيضًا في شيء؟
الشيخ:الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد...
فلا ريب أن حفظ أنفس الناس وأموالهم من مقاصد الشريعة الكبرى التي تدور عليها أحكام كثيرة، فكل ما يعزز هذا الحفظ لأنفس الناس وأموالهم هو مما تقره الشريعة، وتأمر به، وتعززه، ومشروعيته ثابتة. نظام ساهر نظام آلي في الأصل ليعمد أو يهدف منه ويقصد منه ضبط السير، وضبط المخالفات التي تعيق مسير الناس وتوقعهم في أخطار أو يترتب عليها اختلال في حياة الناس، هذا هو الأصل والمبدأ الذي تنطلق منه فكرة هذا النظام سواء أن في هذه البلاد أو في غيرها من البلاد.
هو نظام آلي لضبط المرور، وحمل الناس على التزامه، وبالتأكيد أن أصل هذه الفكرة لا أظن أن عاقلًا يعارضها، ما أعرف أحدًا لا من أهل الفكرة، ولا من أهل العلم، ولا من أهل الرأي، ولا من عامة الناس يرفض مثل هذا من حيث المبدأ والأصل بل الجميع يريد هذا؛ لأن المصلحة ستعود إلى الناس في حفظ أموالهم وحفظ أنفسهم وسلاسة سيرهم ودفع ما يمكن أن يكون من اختناقات وأذية تحصل لهم في طرقاتهم، فالعوامل أو المصالح التي يجريها الناس والإيجابيات التي تترتب على مثل هذا النظام الآلي الذي من خلاله يتم مراقبة السير ومخالفة ومعاقبة المخالفين هو نظام بالتأكيد مطلوب.
الخطأ الذي أورد إشكالية في هذا النظام في تطبيق النظام في بلادنا لعل هناك عدة عوامل، يعني بالتأكيد أنه هناك نسب تصدر من جهات تذكر أنه النسب الحوادث قلت، نسب الوفيات التي تنتج عن الحوادث قلت بالتالي، وما إلى ذلك من الأشياء الكثيرة الانضباط في مواطن الزحام واضح وهذا بين، يعني الآن تجد الإنسان في الإشارات التي فيها كاميرات المراقبة الرقمية يلتزم في موقفه ليس فقط في تخطي في الغالب، دعك من المستهترين الذي لا يبالون في شيء، أتكلم عن السواد الأعظم تجد أنهم يحافظون على النظام.
كل هذا حسن وجيد لكن الإشكالية في تطبيق هذا النظام، لما طُبق هذا النظام ما طُبق على وجه يعني حقق نوع من التقبل والفهم والوعي لدى الناس في أهمية هذا النظام، وأنه النظام يعود إلى مصلحتهم، هذا من جهة. من جهة ثانية هو ما يتعلق بممارسات الشركات القائمة على هذا النظام من جهة ما ذكرت التخفي، من جهة عدم الوضوح، عدم وضع لوحات إعلانية وإرشادية لمواطن ينبغي الحذر وتخفيف السرعة؛ لأنه ليس المقصود معاقبة الناس ولا مشاركتهم في أرزاقهم وأموالهم، المقصود هو حفظهم، حفظ مالهم لا استنزاف أموالهم بهذه الطريقة التي تجعل الناس يشعرون بأن هذا لص متخفي يترصد هفوتك أو غفلتك حتى ليس الهفوة قد يغفل الإنسان، لأنه تعرف أثناء القيادة قد يتمادى السير مع السائق فيما إذا كان المسير لا زحام فيه والطريق ممهد، والأمور حسنة قد يغفل ويتجاوز.
لكن عندما تنبهه وتضع إرشادات فأنت تذكره بأنه قد خالف, فيرجع إلى السرعة النظامية أو إلى الحالة التي ينبغي عليها في سيره فيكف عن المخالفة، لكن لما تأتي وتضعه بين شجر ولا تضع تنبيه أو تضع الكاميرات الرقمية بصورة خداعية هي إن كانت تصور سيارة متعطلة, وتضع أمامها كاميرات سامر، هذا بالتأكيد يعني مؤذي، ويجعل الناس يشعرون بأن النظام ليس لخدمتهم إنما هو لاستنزاف أموالهم.
وهنا مكمن الخطر عندما يشعر الناس أن النظام ليس لمصلحتهم، نظام المراقبة الآلية لا يخدمهم إنما يقتطع من قوتهم، ومن كدهم، ومن عنائهم، ومن تعبهم، عند ذلك يشعر الناس أنهم مغبونون، وأنهم ليسوا مخدومين، ولابد أن يوضح للناس أن مقصود النظام الخدمة. نحن بين طرفين: بين طرف يقول: لا طيب هذا النظام قلل الوفيات، طيب هذا حسن، وهذا إيجابيات لكن الذي يرفض هذا النظام، أو الذي يتكلم عن سلبيات هذا النظام لا يقول: الغوا هذا النظام إنما عالجوا الأخطاء التي تتصل بالنظام لأجل أن يحقق المصالح بأقل قدر ممكن من السلبيات والمفاسد.
وهذه دعوة أنا أرى أنها دعوة عادلة وتحقق للناس طمأنينة، وتشعرهم بأن هذه الكاميرات إنما هي لخدمتهم حتى إذا هم أبصروا من يعتدي على هذه الكاميرات بأي نوع من الاعتداء هم سيوقفونه عند حده؛ لأن هذه الكاميرات تخدمهم لا تأكلهم، تنصرهم لا تظلمهم، تحفظ أموالهم وأنفسهم لا تستنزف أموالهم وتحرق أعصابهم وتدخلهم في مضايق، المهم أنه يعني هناك ممارسات غير صحيحة يجب أن تُعالج.
أيضًا يعني ما يشاع ويقال: أن هذه الأموال التي تؤخذ تذهب لأفراد وأناس لا هم لهم في مصلحة المرور إنما همهم ما كثر من دخل حتى يستعيدوا أكبر قدر ممكن قبل انتهاء مدة عمل هذه الشركات التي منحت لجراء تطبيق هذا النظام، هذا أيضًا الحقيقة يحتاج إلى أن يقوم عليه جهات رقمية؛ لأنه ترك الأمر هكذا بدون حسيب ولا رقيب للشركات التي هي في الأصل تجارية يعني الذي سلك هذه الكاميرات وبثها في الطرقات لا يقصد ليس هدفه فقط الشركات تتكلم، ليس المقصود فقط هو حفظ أموال الناس وحفظ أنفسهم، لا هو له مصلحة بالتأكيد كلما كثرة المخالفات كان ذلك أنفع له.
ولذلك ينبغي أن تكون هناك جهات رقابية على الشركات المشغلة لهذه الكاميرات حتى لا تستنزف جيوب الناس، وحتى لا تمارس الممارسات التي تجعل الناس يرفضون مثل هذه الأنظمة، ويشعرون أنهم هم مظلومون. ولعل المستقبل القريب إذا عادت هذه الشركات بأن يكون العائد الداخل لهذه الشركات من أموال إنما هو لمصلحة المواطنين ولتعزيز أمنهم ولإصلاح طرقهم، ولتقديم خدمات يلمسها الناس في مسيرهم بتوفير ما يحتاجون إليه، كان ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ من دواعي تخفيف الاحتقان الذي نلمسه من عامة الناس تجاه هذا النظام.
النظام من حيث فكرته أنا لا أشك أنه نحن بحاجة إليه، ولهذا تجد يعني كثير من أبنائنا وإخواننا إذا كان في هذه البلاد لا ينتظم ولا يلتزم بالأنظمة لأنه ما هناك رقابة، ولا يمكن أن نضع رجل مرور على كل سيارة يراقبها، هل نفذت النظام أو لا؟
هناك نظام آلي لابد أن يُفعل، وتحفظ به المسيرة المرورية ويحفظ به أموال الناس وأنفسهم. لكن هؤلاء إذا خرجوا هذا الشخص الذي يخالف هنا إذا خرج إلى بلد يُطبق فيها النظام تجده يلتزم حتى في حال الخلوة، ما فيه أحد تجده يلتزم؛ لأنه يعرف أنه سيخالف إما على عدم ربط حزام الأمان، إما على السرعة، أما على... وما إلى ذلك من أوجه المخالفات التي يخالف قائد المركبات على ضوئها.
أنا أقول: هذا الاحتقان لابد من الجهات المشرفة على تطبيق النظام أن تتلمس مواطن السلبيات فيه، وأن تسعى إلى إقناع الناس بجدواه، وأنه لمصلحتهم، وأن الأموال التي تؤخذ ليست مقصودة لذاتها إنما هي مقصودة لحملهم على التزام النظام، وإبعادهم عن مواطن الإشكال في اختناقات مرورية أو حوادث تذهب ضحيتها أموال وأنفس.
فيما يتصل بما ذكرت من ممارسات لتخصي هذا النظام إما بستر أرقام السيارات أو ما أشبه ذلك هذا هو ثمرة للمقدمة، فإذا أردنا أن تنعدم هذه النتيجة وهي قضية التحايل على تجاز هذا النظام، أقول: المعالجة النافعة والأكيدة هو أن يعدل سلبيات النظام، إذا عدلنا سلبيات النظام لن نجد من يغطي هذه اللوحات بل إذا كان هناك من يغطي اللوحات سنجد من الناس من يقول: أنت مخالف، ليس من رجال المرور فحسب ولا من الدوريات المراقبة للسير بل حتى من الناس ينبذون هذا التصرف، يرون أن هذا التصرف غير لائق ولا حسن.
ولهذا يعني أنا فيما أعرف من البلدان التي يطبق فيها النظام ما أذكر أن هذه ظاهرة، قد يوجد كل بلد يوجد فيه لكن ليست ظاهرة، الإشكالية لما تكون محاولة إخفاء الأرقام، ومحاولة التخلص من تبعة هذا النظام واضحة وظاهرة وعامة هنا تقع إشكالية. إذًا إذا كان هذا موجود فأنا أقول: هذه ظاهرة، ليست كـ...
المقدم:هو موجود يا شيخ.
الشيخ:لن يكون الحل أنا أقول: لن يكون الحل أن نقول: حرام، إنما الحل الحقيقي والمقنع والذي سيحمل الناس على التزام النظام أن نعدل سلبياته، فمذهب هذا التخفي والترصد للناس في مواطن إنزالهم ودون تبيين المواطن التي من خلالها يتم رصد المخالفات وما إلى ذلك من السلبيات الأخرى. وأنا أجزم أن هناك جهات يمكن أن تقوم بدارسة ميدانية على هذه الكاميرات الرقمية التي تعنى بضبط النظام ومن خلالها تستخلص الإيجابيات، وتستخلص السلبيات، وتتلافى السلبيات بالتأكيد عندما نقلل السلبيات سيكثر قناعة الناس بهذا النظام والتزامهم به.
هذه نتيجة طبيعية، فنحن ينبغي أن لا نجعل فقط الأمور في مساق حلال وحرام دون أن نعالج القضايا بمقدماتها، وأسهل طريقة لمحاصرة المخالفة هو أن أقنع الناس بجدوى النظام، وعند ذلك بالتأكيد سيكون هناك تجاوب من الناس لا يلزم جميع الناس؛ لكن السواد الأعظم يكفي السواد الأعظم أن يتجاوب مع النظام.
ما يتعلق بهذه الغرامات المترتبة على هذه المخالفات هي من باب التعذير بالمال، والتعذير فقهيًا يعني ترتبط بقضية التعذير بالمال، بعضهم يذكر يقول: هذه مكوس، هذا التكييف الفقهي غير صحيح، المكس هو ما يؤخذ من الأموال بغير حق، وبدون سبب واضح، وليس هناك ربط لهذا إلا أنه ظلم وأكل المال بالباطل. هذه المخالفات محددة وواضحة وأسبابها بينة، فمن وقع في المخالفة عوقب عليها بهذا التعذير بالمال.
التعذير المالي من حيث نظر الفقهاء إليه لهم فيه قولان في الجملة:
- القول الأول: إنه لا يجوز التعذير بالمال، يعذر بشيء آخر غير المال، ينظر في ذلك إلى أي نوع من أنواع التعذير التي تردع الناس دون التعذير بالمال، سواء أن في هذه القضية أو غيرها، وهذا مذهب أكثر الفقهاء وهو مذهب الجمهور، وهو المشهور في المذاهب الفقهية الأربعة.
- القول الثاني: إنه يجوز التعذير بالمال لأن المقصود بالتعذير بالمال الإصلاح وتحقيق المصلحة، وما كان محققًا للمصلحة فلا حرج فيه وضربوا لذلك أمثلة في الشريعة أذن فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتعذير بالمال كقوله: "إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا"سنن النسائي (2444)،وسنن الدارمي (1719)، وسنن أبي داود (1575) فيمن منع الزكاة، وما إلى ذلك من الأدلة الأخرى التي استدل بها القائلون بالجواز هي قول أفراد من العلماء في المذاهب الفقهية. ومن أبرز القائلين بها شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وابن القيم، وكذلك جماعة من المالكية وغيرهم.
المقصود أن التعذير بالمال مسألة خلافية للعلماء فيها قولان، والصحيح من هذين القولين أنه يجوز التعذير بالمال، يجوز لولي الأمر أن يعذر بالمال؛ لكن بشرط أن يكون هذا على وجه يحقق العدالة، على وجه تحقق به المصالح التي من أجلها شُرع هذا التعذير لا يكون في ذلك ظلم، ولا يكون في ذلك اعتداء.
فيما يتعلق بالجزئية الأخيرة مضاعفة هذه الغرامة عند التأخر في السداد، هل هذا من الربا؟
بعض الفقهاء يقول: هذا من الربا؛ لأنه حق ثبت فإذا تأخرت فيه زاد فيكون هذا من الزيادة في الدين، والزيادة في الدين أو في الواجب في الذمة يكون ربا. والذي يظهر لي أن هذا التكييف غير دقيق؛ لأنه هذا ليس قرضًا إنما هذه عقوبة مالية مدرجة أي مرتبة على درجات"
- الدرجة الأولى هي أن يسدد في فترة كذا ويكون عليه المبلغ الفولاني، فإذا تأخر في السداد، فإنه ينتقل إلى فئة أخرى في العقوبة، لكن لوجود هذه الشبهة عند الناس ويمكن هذا النظر الفقهي لا يتميز عند كثير من الناس، لا يفهم إلا أنه هذا مبلغ قيد عليه بكذا وبسبب تأخيره زاد عليه، وبالتالي الخروج بحل آخر غير هذا الحل أرى أنه أحكم وأعدل، وأسلم من أن يشعر الناس بأنهم ذا يعني أنهم يؤخذ منهم مال مقابل التأخير يعني يأخذ زيادة ربا مقابل التأخير.
لكن من حيث النظر الفقهي فيما أرى ـ والله أعلم ـ أنه ليس ذلك من الربا، لكن لكون جماعة من العلماء يقولون بأنه ربا، ولأنه هذا هو المتبادر في أذهان كثير من الناس أقول: الخروج من هذا بحل آخر إما بزيادة نوع آخر من العقوبة بالنقاط أو بغير ذلك بسبب التأخير أو بتعطيل مصالحة وحبس أي نوع من أنواع المعاملات التي يحتاجها، بحيث يحمله على السداد أولى من أن تزاد في قدر العقوبة المالية لأمرين:
- أولًا لأن أصلًا العقوبة المالية التعذير بالمال مسألة خلافية وأكثر العلماء على تحريمها.
- والثاني هذه الطريقة توحي للناس بأن أخذ هذه الزيادة هو نوع من الربا.
فلأجل هذين المحظورين أقترح وأقول للقائمين على هذا النظام أنه يجب أن يبحث عن طريق آخر يبعد الناس عن شبهة الربا أو ظن الربا ويحقق المقصود من هذا النظام. هذه ما أثير من قضايا حول هذا الموضوع، نسأل الله أن يرزقنا السداد والصواب وأن يحفظ أموالنا وأنفسنا، وأن يعيننا على تطبيق النظام على الوجه الذي يحقق مصلحة الجميع.
المقدم:اللهم آمين، أحسن الله إليكم يا شيخ وجزاكم خيرًا.