×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / ثبت الأجر / الحلقة (2) الحكمة من فرضية صيام رمضان.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6456
(الحَلْقَةُ الثَّانِيَةُ )
 الحِكْمَةُ مِنْ فَرْضِيَّةِ صِيامِ رَمَضانَ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، أَحْمَدُهُ جَلَّ في عُلاهُ، وَأُثْنَي عَلَيْهِ الخيْرَ كُلَّهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَحيَّاكُمُ اللهُ وَمَرْحَباً بِكُمْ أَيُّها الإِخْوَةُ وَالأَخَواتُ
اللهُ جلَّ في عُلاهُ فَرَضَ عَلَىَ المؤْمِنينَ أَنْواعاً مِنَ العِباداتِ وَأَلْواناً مِنَ الطَّاعاتِ هِيَ في نَظَرِ كثيرٍ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لا يُدْرِكُونَ المعانِي وَلا يَفْهَمُونَ المقاصِدَ قَدْ يَرَوْنَها نَوْعاً مِنَ الحُدُودِ وَالقُيودِ وَالتَّكالِيفِ الَّتِي تَحْجِزُهُمْ عَنْ ما يُحِبُّونَ دُونَ أَنْ يَفْهَمُوا أَنَّ جَمِيعَ ما فرَضَهُ اللهُ تَعالَى عَلَى عِبادِهِ، وَأَنَّ كُلَّ ما جاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ إِنَّما هُوَ لإِصْلاحِ المعاشِ وَالمعادِ، هَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهِمَّةٌ وَهِيَ مِنْ أَهَمِّ ما يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَبِهَ إِلَيْهِ الإِنْسانُ لِيَنْشَطَ، لأَنَّهُ لما نَفْهَمُ لماذا أَمَرَنا اللهُ بِالصَّلاةِ؟ لماذا أَمَرَنا اللهُ بِالزَّكاةِ؟ لماذا فَرَضَ اللهُ عَلَيْنا الصَّوْمَ؟ لماذا شَرَعَ اللهُ تَعالَى قَصْدَ مَكَّةَ البَلَدَ الحرامَ الحَجَّ؟ يَكُونُ هَذا عَوْناً لَنا عَلَى المبادَرَةِ إِلَى امْتِثالِ طاعَةِ اللهِ تَعالَى، لأَنَّ الإِنْسانَ بِطَبِيعَتِهِ يُحِبُّ النَّفْعَ الحاضِرَ، وَيَنْظُرُ إِلَى النَّتِيجَةِ القَرِيبةِ ما في شَكٍ أَنَّ هَذِهِ الأَعْمالَ الصَّالِحةِ كُلَّها تُؤَدِّي إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُها السَّماواتُ وَالأَرْضُ بِلا شَكٍّ، فَإِنَّ جَزاءَ الصَّلاةِ جَنَّةٌ، جَزاءُ الزَّكاةِ جَنَّةٌ، جَزاءُ الصَّوْمِ جَنَّةٌ، جَزاءُ الحَجِّ جَنَّةٌ.. وَهَكَذا كُلُّ طاعَةٍ أَمَرَ اللهُ تَعالَى بِها عِبادَهُ إِذا قامُوا بِها فَإِنَّهُمْ يُجْزَوْنَ عَلَيْها هَذا العَطاءَ بِذَلِكَ المنِّ الكَرِيمِ الكَبِيرِ الَّذِي يُعْطِيهِ اللهُ جَلَّ في عُلاهِ.
لكنْ هَذا قَدْ لا يَكُونُ حاضِرُ النَّاسِ لا يُفَكِّرُونَ فِيما يَسْتَقْبِلُونَ أَكْثَرَ النَّاسِ أَقْصِدُ أَنَّهُ لا يُفَكِّرُ فِيما يُسْتَقْبَلُ، إِنَّما تَفْكِيرُهُ في الفائِدَةِ القَرِيبَةِ، كُلُّ الطَّاعاتِ بِلا اسْتِثْناءٍ نَفْعُها حاضِرٌ قَبْلَ الآخِرَةِ حاضِرٌ في الدُّنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَلِهذا يَقُولُ اللهُ تعالَى: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾[الانفطار:13] , ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾[الانفطار:14].
والمتبادَرُ لِلسَّامعِ وَذِهْنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ: أَنَّ النَّعِيمَ هُوَ الجنَّةُ، وَالجَحِيمُ هُوَ النَّارُ، وَهَذا صَحِيحٌ، لَكِنْ هَذا شَيْءٌ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي وَعَدَهُ الأَبْرارَ، وَشَيْءٌ مِنَ الجَحِيمِ الَّذِي وَعْدَهُ الفُجَّارَ، وَبِالتَّالي هُناكَ نَعِيمٌ قَرِيبٌ وَجَحِيمٌ قَرِيبٌ وَهُوَ ما يُدْرِكُهُ النَّاسُ مِنْ لَذَّةِ الطَّاعَةِ وَانْشِراحِ الصَّدْرِ وَهَناءِ المعِيشَةِ في الدُّنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ وَلِهَذا: ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾[الانفطار:13]في الدُّنْيا، وَإِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ في البَرْزَخِ، وَإِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ في الآخِرَةِ.
كَذَلِكَ الجَحِيمُ: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾[الانفطار:14] في الدُّنْيا، وَفِي جَحِيمٍ في البَرْزَخِ، وَفي جَحِيمٍ في الآخِرَةِ، وَالنَّعِيمِ الأُخْرَوِيِّ هُوَ أَكْبَرُ ما يَكُونُ؛ لأَنَّهُ يَقْتَرِنُ كَمالُ الاجْتِماعِ في مَلَذَّاتِ الأَرْواحِ وَالأَجْسادِ عِنْدَ ذلِكَ المقامِ العظيمِ الَّذِي يُجْزىَ فِيهِ النَّاسُ عَلَى أَعْمالِهِمْ فَرِيقُ في الجنَّةِ وَفَرِيقٌ في السَّعِيرِ.
لماذا نَصُومُ؟ وَلماذا فَرَضَ اللهُ الصَّوْمَ؟ إِنَّ اللهَ تَعالَى فَرَضَ الصَّوْمَ لِفوائِدَ دُنْيَوِيَّةٍ وَفَوائِدَ أُخْرَوِيَّةٍ ما في شَكٌّ أَنَّ مَنْ صامَ رَمَضانَ إِيماناً وَاحْتِساباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، هَذهِ فائِدَةٌ وَأَجْرٌ أُخْرَوِيٌّ فِيما يَظْهَرُ لِلنَّاسِ، وَلَكِنَّهُ أَيْضاً فَضْلٌ وَأَجْرٌ دُنْيَوِيٌّ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أُخْرَوِيًا، وَذَلِكَ أَنَّ في الدُّنْيا نَعِيماً لِلطَّاعَةِ وَالإِحْسانِ، وَفِيها شَقاءٌ لِلمَعْصِيَةِ وَالإِساءَةِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ في الآخِرَةِ، إِنَّ المؤْمِنَ يُدْرِكُ بِطاعَةِ اللهِ تَعالَى بِالصَّوْمِ خُصُوصاً فَهُوَ الموْضُوعُ الَّذِي ضَرَبْناهُ مِثالاً فِيما يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَةِ وَجَزائِها في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ يُدْرِكُ فَضائِلَ أَوَّلاً: إِذا خَفَّفَ عَنْهُ ذَنْبَهُ هَذا الحَدِيثُ: «مَنْ صامَ رَمَضانَ إِيماناً وَاحْتِساباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ما فائِدَةُ مَغْفِرَةِ الذَّنْبِ في الدُّنْيا؟ إِنَّ فائِدَةَ مَغْفِرَةِ الذَّنْبِ في الدُّنْيا: أَنْ يَخِفَّ الحِمْلُ عَنِ الظَّهْرِ، قَدْ يَقُولُ قائِلٌ: وَاللهِ ما نشُوف عَلَىَ النَّاسِ أثْقال إِنَّها أَثْقالٌ حقِيقيَّةٌ أَثْقالُ مَوْجُودَةٌ لَكِنَّها لا تُبْصَرُ، إِنَّها وِزْرُ الأَعْمالِ الَّتِي تَنُوءُ بِهِا الظُّهُورُ، اللهُ تَعالَى يَقُولُ لِرسُولِهِ: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾[الشرح:1]* ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾[الشرح:2] * ﴿الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾[الشرح:3] إذاً هُوَ حِمْلٌ ثَقِيلٌ يَنْقُضُ الظَّهْرَ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ في غايَةِ الاسْتِقامَةِ في بَعْثَتِهِ وَبَعْدَ الرِّسالَةِ الَّتِي مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَكُنْ حالُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَىَ فَجُورٍ وَإِساءَةٍ، بَلْ كانَ اللهُ قَدْ هَيَّأَهُ وَزكَّاهُ وَأَعَدَّهُ لِتَحَمُّلِ هَذِهِ الرِّسالَةِ فَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْتَرِفاً لِلرَّزايا وَلا مُتَوَرِّطاً في الأَوْحالِ، بَلْ كانَ عَلَى سِيرَةٍ حَسَنَةٍ حَتَّى إِنَّ قَوْمَهُ عَرَفُوهُ بِالصَّادِقِ الأَمِينِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ هَذا يَقُولُ اللهُ لَهُ: ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾[الشرح:2]* ﴿الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾[الشرح:3].
كَيفَ وَنَحْنَ قدْ أَسْرَفْنا عَلَى أَنْفُسِنا بِأَلْوانٍ مِنَ الإِسْرافِ، وَالإِسْرافُ لا يَقُولُ قائِلٌ: إِنَّهُ فَقَطْ وَاللهِ الحَمْدُ للهِ أَنا ما أَذْكُرُ أَنِّي زَنَيْتُ الحمْدُ للهِ لَمْ أَذْكُرْ أَنَّ سَرَقْتُ، هَذِهِ هِيَ السَّيِّئاتُ، لَكِنْ هُناكَ سَيِّئاتٌ إِذا عافاكَ اللهُ مِنْها فاحْمَدِ اللهِ، لكنْ هُناكَ سيِّئاتٌ نَغْفُلُ عَنْها وَهِيَ ما يَكُونُ في سِيِّئاتِ القُلُوبِ مِنَ الكِبْرِ، سَيِّئاتُ القُلُوبِ مِنَ الحِقْدِ مِنَ الغِلِّ مِنَ الحَسَدِ مِنْ ضَعْفِ العُبُودِيِّةِ القَلْبِيَّةِ للهِ تعالَى، مِنْ أَلْوانٍ وَأَشْكالٍ مِنَ الآفاتِ الَّتِي تَبْتَلِي القَلْبَ وَالإْنِسانُ عَنْها غافِلٌ، وَجِنْسُ مَعْصِيةِ القَلْبِ أَعْظَمُ مِنْ جِنْسِ مَعْصِيَةِ الجوارِحِ، وَلهذا أَقُولُ: مِنَ المناسِبِ أَنْ نعْرِفَ أَنَّ هَذِه العِباداتِ هِيَ مِمَّا يُخَفِّفُ اللهُ تَعالَى بِهِ عَنِ الإِنْسانِ يَضَعُ عَنْهُ وِزْرَهُ وَلِذَلِكَ يُدْرِكُ فائدتَها في الدُّنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَما أَمَر اللهُ بِأَمْرٍ وَلا نَهْىَ عَنْ نَهْيٍ إِلَّا وَفائِدَتُهُ في الدُّنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: الصَّوْمُ عَلَى سبيلِ المثالِ: فَرَضَهُ اللهُ تعالَى وَذَكَرَ عِلَّةَ فَرْضِيَّتَهُ في أَوَّلِ آيَةٍ ذَكَرَ فِيها وُجُوبُ الصِّيامِ فَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة:183] إِنَّهُ فَرْضٌ فَرَضَهُ اللهُ تَعالَى عَلَى عَبادِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ خَصائِصِ هذِهِ الأُمَّةِ، بَلْ هُوَ مِمَّا فَرَضَهُ اللهُ تَعالَى عَلَى الأُمَمِ السَّابِقَةِ، الصَّوْمُ يُدْرِكُ الصَّائِمَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ العَبادَةِ وَفَضْلِها وَجَمِيلِ عَواقِبِها في الدُّنْيا قَبْلَ الآخرَةِ، فَالصَّوْمُ قُوَّةٌ لِلأَبْدانِ، الصَّوْمُ صِحَّةٌ وَعافِيَةٌ، الصَّوْمُ أَيْضاً سَعادَةٌ وَانْشِراحٌ وَبَهْجَةٌ، وَلِذَلِكَ قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَما في الصَّحِيحضيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ» لأَنَّ هَذِهِ الفَرْحَةَ فَرْحَةٌ يَجِدُها المؤْمِنُ عِنْدما يَقْرُبُ وَقْتُ الفِطْرِ، هَذِهِ الفَرْحَةُ هِيَ عَلاجُ لِلنِّفْسِ هِيَ اسْتِطْبابٌ لِلقَلْبِ هِيَ بَلْسَمٌ لِلفُؤادِ، وَلِذَلِكَ لا يَجِدُها غَيْرُ الصَّائمِ.
إِنَّ هَذِهِ الفَرْحَةَ هِيَ جُزْءٌ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي يُدْركُهُ الإِنْسانُ في هَذِهِ الدُّنْيا، وَكَذَلِكَ سَيُدْرِكُ شَيْئاً كَثِيراً وَفَضْلاً كَبِيراً في آخِرَتِهِ، إِنَّهُ بِالصَّوْمِ يَتَرَبَّى عَلَى تَقْوِيَةِ نَفْسِهِ وَحَجْزِها عَنْ أَلْوانٍ مِنَ القَبائِحِ، عَنْ أَلْوانٍ مِنَ الرَّذائِلِ عَنْ أَلْوانٍ مِنَ الأُمُورِ المسْتَقْبَحَةِ الَّتي لا تُحِبُّها النُّفُوسُ وَلا تَرْضاها الشِّيَمُ وَالأَخْلاقُ العالِيَةُ، وَلِهذا قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» مَعْنَى «جُنَّةٍ» وِقايَةٌ، فَهُوَ كالدِّرْعِ الَّذِي يَتَّقِي الإِنْسانُ بِهِ سَلاحَ الأَعْداءِ، الصَّوْمِ كَذَلِكَ هُوَ في الحَقِيقَةِ وِقايةٌ دِرْعٌ يَتَوَقَّىَ بهِ الإِنْسانُ ما يَكْرَهُهُ مِنَ الرَّذائِلِ، ما يَكْرَهُهُ مِنْ سَيِّئِ الأَخْلاقِ ما يَكْرَهُهُ مِنْ كُلِّ الأُمُورِ الَّتي تَأْنَفَ مِنْها النُّفُوسُ وَتَبْعُدُ عَنْها، فَلِهَذا أَقُولُ: النَّظَرُ إِلَى فَوائِدِ هَذِهِ العِباداتِ الدُّنْيَوِيَّةِ أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حاضِراً في الأَذْهانِ حَتَّى نَفْهَمَ أَنَّهُ لَيْسَ الأَمْرُ فَقَطْ بِما يَكُونُ في الآخِرِةِ لاشَكَّ أَنَّ المؤْمِنَ تَنْفُذُ بَصِيرَتُهُ وَيَنْفُذُ فِكْرُهُ إِلَى ما أَعَدَّهُ اللهُ لأَوْلِيائِهِ وَعِبادِهِ الصَّالِحينَ: «أَعْدَدْتُ لِعِبادِيَ الصَّالحينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَىَ قَلْبِ بَشَرٍ» لَكِنَّ هَذا لا يَعْنِي أَلَّا نَتَأَمَّلَ وَنَتَلَمَّسَ ما أَعَدَّهُ اللهُ لأَوْلِيائِهِ في هَذِهِ الدُّنْيا مِنَ الحياةِ الطَّيِّبةِ الَّتِي يُدْرِكُونَ بِها نَعِيماً وَبَهْجَةً وَسُرُوراً لا يُدْرِكُهُ بِقَيِّةُ النَّاسِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ أَمْرِ اللهِ وَعَنْ أَمْرِ رَسُولِهِ، وَقَدْ قالَ الحسَنُ: إِنَّا لَفِي سَعادَةٍ لَوْ عَلِمَ بِها الملُوكُ وَأَبْناءُ الملُوكِ لجالَدُونا عَلَيْها بِالسُّيوفِ، هَذِهِ السَّعادَةُ لَيْسَتْ مُكْتَسَبَةً مِنْ جَمِيلِ مَلْبَسٍ، وَلا مِنْ بَهاءِ مَنْظَرٍ، وَلا مِنْ كَثْرَةِ خَوَلٍ وَمالٍ وَخَدَمٍ، وَلا مِنْ كَثْرَةِ عَرَضٍ، إِنَّها سَعادَةٌ ناشِئَةٌ عَنْ صِدْقِ الإِقْبالِ عَلَىَ اللهِ تَعالَى وَالتَّعَبُّدِ لَهُ.
أَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ الكَريمِ أَنْ يُذِيقَنا طَعْمَ العُبُودِيَّةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنا مِنْ أَوْلِيائِهِ وَعِبادِهِ المتَّقِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَنا مِنْ حِزْبِهِ المفْلِحينَ، وَأَنْ يَسْلُكَ بِنا الصِّراطَ المسْتَقِيمَ، وَأَنْ يَرْزُقَنا الفِقْهَ في الدِّينِ، وَأَنْ يُعَلِّمَنا التَّأْوِيلَ، تَقْبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنَّكُمْ.
وَصَلَّىَ اللهُ وَسَلَّمَ عَلَىَ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94600 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90287 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف