السبت 29 رمضان 1446 هـ - 29 مارس 2025
×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو
السبت 29 رمضان 1446 هـ - 29 مارس 2025

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / ثبت الأجر / الحلقة(7)مفطرات الصيام المختلف فيها.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6925
(الحلقةُ السابعةُ)
مفطراتُ الصيامِ المختلفُ فِيها
 
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدهُ جلَّ في علاهُ، وأُثني عليهِ الخيرَ كلَّهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشْهدُ أنَّ محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وعليه وعلَى آلهِ وصحبهِ، ومنِ اتبعَ سنتهُ بإِحْسانٍ إلَى يومِ الدينِ.
أمَّا بعدُ:
فالصومُ أيُّها الإخوةُ والأخواتُ شعيرةٌ وفرضٌ منْ فرائضِ الإسلامِ الَّتي ينبغِي للمؤمنِ أنْ يتعلَّمَ أحكامَها، وأَنْ يأْتِي بِها علَى الوجْهِ الذي يرضىَ اللهُ تعالىَ بهِ عنهُ، فإنَّ اللهَ تعالَى لا يقبلُ منَ العملِ إِلا ما كانَ صالِحاً وابتُغِيَ بهِ وجههُ، ولا يمكنُ أنْ يتحققَّ الصلاحُ في العملِ إِلَّا إذا علمَ الإنسانُ ما كانَ عليهِ هدْيُ خيرِ الأنامِ صَلَّى اللهُ وعليْهِ وعَلَى آلهِ وسلَّمَ.
لهذا يحتاجُ المسلمُ إلَى أنْ يعرِفَ أَحكامِ الصيامِ كَما يَحتاجُ أنْ يعرِفَ سائرَ أَحْكامِ العباداتِ، فإنَّهُ لا يعبدُ اللهَ جلَّ وعَلا إِلَّا بعلمٍ وبصِيرةً، والإنسانُ إِذا اسْتطاعَ أنْ يصلَ إِلَى العلمِ بنفسهِ فذاكَ هُوَ المطلوبُ منْ خِلالِ المطالعةِ والبحثِ والقراءةِ ومراجعةِ الوَسائلِ الَّتي يُتوصلُ بِها إِلَى المعلومةِ، فإذا حيلَ بينهُ وبينَ ذلكَ ولَم يتمكَّنْ منَ الوُصولِ إلَى المعلومةِ الَّتي يحْتاجُها والَّتي لا يَستقيمُ دينُهُ وَلا يصلحُ إلا بِها، عندَ ذلكَ يَحتاجُ إِلَى أنْ يسألُ، ولذلكَ يقولُ اللهُ تَعالَى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[النحل:43]
وإنَّ مِمَّا يُسألُ عنهُ كَثيراً المفطراتِ المختلفِ فِيها، وَالمفطراتِ المختلفِ فِيها ليستْ محددةً بواحدةٍ واثنينِ أو ثلاثةٍ، هِيَ مجمُوعةٌ منَ المفطراتِ تقدمَّ أنَّ اللهَ تعالَى بينَ لَنا المفطراتِ بَياناً واضِحاً جلِياً في آياتِ الصِّيامِ فقالَ جلَّ في عُلاهُ: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[البقرة:187]، فبيَّنَ اللهُ تعالَى أنَّ هذا مِمَّا أحلَّهُ في ليلِ الصِّيامِ، وذاكَ مِمَّا يُمنعُ منهُ في نهارهِ، فالممنوعُ في نهارِ الصيامِ هوَ فِيما ذكرَ أهلُ العلمِ منَ المتفقِ عليهِ: الجماعُ، والأكلُ، والشربُ، وهذا يمنعُ منهُ الصائمُ، وأَيْضاً الاستقاءُ وهوَ إخراجُ ما في الجوفِ، ثمَّ هُناكَ مفطراتٌ ليستْ باختيارِ الإنسانِ كالحيضِ والنفاسِ بالنسبةِ للمرأةِ، فإنهُ لا يصحُّ الصومُ معَ جرَيانِ دمِ الحيضِ أو النِّفاسِ والرِّدَّة منَ المفسداتِ التي يبطلُ بِها. هَذهِ المفطراتُ المتَّفقُ علَيْها.
أما ما يتعلقُ بالمفطراتِ المختلَفِ فِيها فهيَ كثيرةٌ، ومنها ما هُوَ معاصرُ، ومنِها ما هُوَ قديمٌ، كثيرٌ منَ المفطراتِ المعاصرَةِ إِذا أرادَ العُلماءُ التوصلَّ إِلَى أَحكامِها إِنَّما يتوصلُّونَ إِلَى أحْكامِها منْ خِلالِ النظرِ في ما ذكرهُ العلماءُ منْ مسائلِ المفطراتِ المختلفِ فِيها، وَهَذا أقولُ يا إخواني الأَقوالٍ فيهِ مختلفةٌ، والآراءُ فيهِ مُتباينةٌ فتسمعُ عالماً يقولُ في هذهِ المسْألةِ: إنَّهُ يُفطرُ بِالحجامةِ علَى سبيلِ المثالِ، وتَسمعُ عالِماً يقولُ: إنَّهُ لا يفطرُ الصائمُ بِالحجامةِ، هُنا نحْتاجُ أوَّلاً: إِلَى معرفةِ هذهِ الأُمُورِ علَى وجْهِ الإجماعِ، وتَعرفُ أنَّها مِمَّا يتنازعُها العُلماءُ قولاً: فمنهمْ منْ يقولُ بِكَذا، ومنهم منْ يقولُ بِكَذا.
وأيضاً عندَما تعرفُ النزاعَ فهُنا تحتاجُ إِلَى أنْ تذْهبَ إلَى أحَدِ القوْلينِ، لأنهُ لا يمكنُ أَنْ تأخُذَ بقولٍ دُونَ قولٍ، إِنَّما في هذهِ الحالِ قدْ تكونُ لابدَّ أنْ تأْخُذَ منَ القوْلينِ: إِمَّا أنهُ مفطرٌ فتجتنبهُ، وإما أنهُ ليسَ بمفطرٍ فَلا تجتنبهُ، فمَثَلاً الحجامةُ: جُمْهورُ العُلماءِ علَى أنَّها ليستْ منَ المفطراتِ، وأنَّ الصائمَ يٌكْرَهُ لهُ الحجامةُ.
وذهبَ طائفةٌ منْ أهلِ العلمِ إلَى أنَّ الحجامةَ مفطرةٌ، وذكرتُ الحجامةَ لأنَّ لَها امتداداتٍ في مسائلَ تتعلَّقُ بعصرِ الناسِ اليومَ.
طيِّبْ هؤلاءِ الَّذِينَ اخْتلفُوا كيفَ اخْتلفُوا؟ وهُنا نقولُ: إنَّهُ منَ المفيدِ أمامَ هَذا التزاحمِ للأَقْوالِ الَّتِي يسمعُها الناسُ فَلا يسترشدُونَ إِلَى أَيُّها الراجحُ، مِنَ المفيدِ أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ هَذا الخلافَ في غالبهِ إِذا كانَ مِنْ أهلهِ يَعْنِي منَ العُلماءِ لابدَّ لهُ منْ مُسوِّغٍ، هَذا المسوغُ إِمَّا أنْ يرجعَ إِلَى العلمِ بالدليلِ تصحيحُ الدليلِ، فهْمُ الدَّليلِ، وما إِلَى ذلكَ منَ الأشْياءِ الَّتي ذكرَها العلماءُ رحمهمُ اللهُ في أَسْبابِ اختِلافِ العلماءِ، ومنَ المهمِّ أنَّ نْستحْضِرَ مِنَ هذا الخلافِ ليسَ ناشِئاً عنْ ذوْقٍ، وإنَّما هُوَ عنْ فهْمٍ وعنِ اسْتدْلالٍ، وعنْ دليلٍ، هلْ ثبتَ أوْ لمْ يثبتْ.
فالَّذينَ قالُوا: بأنَّ الحجامةَ غيرُ مفطرةٌ استدلُّوا بأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ احتجمَ وهُوَ صائمٌ. والحديث في الصحيح من حديثِ ابْنِ عباسٍ.
الَّذينَ قالُوا: إِنَّ الحجامةَ تفطرُ، استدلُّوا بحديثِ ثوْبانَ وأنسٍ، وجماعةٌ منَ الصحابةِ: أفطرَ الحاجمُ والمحجُومُ.
طَبْعاً لا يُمكنُ أنْ يَكُونَ هُناكَ تعارضٌ لا يمكنُ التوفيقُ بينهُ، إنَّما هَذا التَّعارُضُ والاخْتلافُ بينَ فعلهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبيْنَ قولهِ: منْ أهْلِ العلمِ مَنْ قالَ: بضعفِ الحديثِ، هَذا يتعلَّقُ بطريقِ ثبوتِ الرِّوايةِ، ضعفُ زيادةِ أنهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ احتجَمَ وهُوَ صائمٌ. وقالُوا: الثابتُ أنَّهُ احتجمَ وهُوَ محرمٌ. أَنا أذكرُ هَذا حتَّى نعرفَ أنَّ هَذا الخلافَ الَّذي يقعُ بينَ العُلماءِ لهُ خلفياتٌ وليْسَ أمْراً لا سببَ لهُ، وفهمُ السببِ يُوصلُ الإنسانُ إلَى نوْعٍ منَ الاطْمئِنانِ إلَى أنَّ هَذا الخِلافَ طبيعيٌّ، وأنهُ مقبولٌ، ويُوصلهُ أيْضاً إلَى إِمكانيةِ الترْجِيحِ وأخذَ أحدَ هذهِ الأَقْوالِ بِناءً علَى السَّماعِ للحُججِ، والموازنةِ بيْنَ الأقوالِ وأدلَّتِها.
عندَما ذكرْنا هذهِ المْسْألةَ، ذَكَرْنا أنَّ العُلَماءَ الَّذينَ قالُوا بأَنَّ الحِجامةَ تفطرُ استمْسَكُوا بحديثِ ثوْبانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ، ورأَوا أنَّ الحديثَ الآخرَ حديثٌ غيرُ ثابتٍ، وبِالتَّالِي لا إِشْكالَ عندهُمْ.
أمَّا القائلُونَ بأنَّ الحجامةَ لا تفطرُ قالُوا: لحديثِ ابْنِ عبَّاسٍ في حَجَّةِ الوداعِ، وهِيَ آخرُ الأمْريْنِ عنِ النبيِّ صَلَّى الله عليهِ وسلَّمَ فإنَّهُ احتجمَ وهوَ محرمٌ صائمٌ، وذهبُوا إلَى أنَّ هَذا ناسخٌ، هَكَذا قال بعضهُمْ.
وقال بعضهمْ: إنهُ لا نسْخَ لأنهُ ما نعلمُ التاريخِ مَتَى احتجمَ هلْ هُوَ في حَجَّةِ الوداعِ أوْ في غيرهِ، فليْسَ في الحديثِ ما يُنْبِئُ أنهُ في حَجَّةِ الوداعِ، إِنَّما قالُوا فعلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ معَ قولهِ: «أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ» يُمكنُ الجمعُ لما لَم نعرفْ لما لمْ يكنْ لَنا سبيلٌ إلَى معرفةِ المتأخِّرِ فيُمكنُ الجمعُ، فالنسخُ لا يُصارُ إِلَيْهِ إلا عندَ عدمِ إِمكانيَّةِ الجمْعِ، والجمعُ هُنا ممكنٌ، فحملُوا قولَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ» علَى الكراهيةِ.
وحَملُوا فعلَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الحجامَةَ وهُوَ صائمٌ علَى الإباحةِ، وَهَذا قولُ جماعةٍ منْ أهلِ العلْمِ.
إذاً ينبغِي عندَما نسمعُ الخِلافَ، ويطرقُ أذانَنا الخلافُ ونحنُ في شهرِ صيامٍ وقيامٍ وعباداتٍ تكثرُ تلْكَ الأقوالُ وتتعدَّدُ تلْكَ الآراءُ أنْ نعرِفَ أنَّ كَثيراً منْ هذهِ الأقوالِ ليستنَّ، طيبْ أنا العاملُ غيرُ المتخصِّصِ ما هُوَ موقْفِي منْ هَذا الخلافِ؟ موقفِي أَنا أبحثُ عنِ الرَّاجحِ حسْبَ طاقِتي وإمكانيَّاتِي، إذا كنتُ أستطيعُ أنْ أُرَجِّحَ بِأيِّ نوْعٍ أوْ أيِّ معيارٍ منْ معاييرِ التَّرْجِيحِ فإنَّنِي أصِلُ إليهِ، فَيُمْكِنُ أَنْ أُرَجِّحَ مَثلاً منْ خِلالِ هَذا عالمٌ ذكرَ لِي دَلِيلاً، وهَذا عالمٌ لمْ يذكرْ لِي دلِيلاً، وبالتَّالِي فآخذُ بِقوْلِ مَنْ ذَكَرَ الدَّلِيلَ، هَذا واحدٌ، يمكنُ أن يُرجِّحَ منْ خلالِ ثقَتِي بالعالمِ ومكانتهِ العلميَّةِ ومنزلتِهِ الفقهيَّةِ، وهَذا وسِيلَةٌ منْ وَسائلِ الترْجيحِ، يُمكنُ أن يرجِّحَ بِالنظرِ إِلَى القائِلينَ بِهذا القولِ منهمْ؟ فما كانَ مَعَ الجمْهُورِ فالغالبُ أنهُ أقربُ إِلَى الصَّوابِ، هَذهِ كُلُّها معاييرُ يصيرُ إِلَيْهِ الإِنْسانُ عِنْدما لا يتمكَّنُ مِنَ الترْجِيحِ عِنْدما تَتَساوَى عندهُ المسائِلُ وَلا يتمَّكَنُ منَ  الترجيحِ، هَذا ما يتصِلُ بقضيَّةِ المسائلِ الخلافيَّةِ.
نحنُ نستطيعُ أنْ ندخُلَ وَنتكلَّمَ عنِ الحجامةِ ونَتَكَلَّمَ عنِ الكحلِ هلْ يفطرُ أوْ لا، شمُّ البُخُورِ هلْ يُفطرُ أوْ لا، وندخلُ في تفاصيلَ فقهيةٍ في هذهِ المسائِلِ، ويمكنُ أنْ أقُولَ في هذهِ المسألَةُ: إِنَّ الراجحَ كَذا، وفي المسألةِ الثَّانيةِ إنَّ الراجحَ كَذا، ولكنْ يبْقَى المهمُّ هُوَ أنْ نُحْسِنَ التعاوُنَ معَ هذهِ المسائلِ، ليسَ المهمُّ النتائجَ، لأنَّ كُلَّ أحدٍ يمكنُ أنْ يصلَ إلَى النتائجِ، لكنْ أنْ نفهمَ هذهِ الخلفيَّاتِ الَّتي وراءَ هذا الخلافِ الَّذي نشهدهُ في وسائلِ الإِعْلامِ والخِلافِ في وَسائِلِ التعليمِ مِنْ خلالِ الكتبِ والأشْرِطَةِ أوْ غيرِ ذلكَ أنَّ لهُ ما يسوِّغُهُ.
هَذا ما يتَّصِلُ بنبذةٍ مختصرةٍ حولَ مسائلِ الخلافِ والمفطراتِ المختلَفِ فِيها، وأختمُ القولَ بأنهُ لا يُحْكَمُ في مسألَةٍ منَ المسائلِ بأنَّ مَنْ فَعَلَها أفطرَ إِلَّا بِدَلِيلٍ وبُرْهانٍ.
أسألُ اللهَ تعالَى أنْ يَرْزُقَني وإِيَّاكمُ العِلْمَ النافِعَ والعَمَلَ الصَّالحَ.
وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ علَى نبيِّنا محمدٍ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94604 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90288 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف