×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / ثبت الأجر / الحلقة (9) من وقع في المفطرات بغير قصد.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:9568
(الحلقةُ التاسعةُ)
 منْ وقعَ في المفطراتِ بغيرِ قَصْدٍ
 
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدهُ جلَّ في عُلاهُ، وأُثْنِي عليهِ الخيرَ كُلَّهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ العالمينَ، وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وأَصحابهِ، وَمنِ اهْتدَى بهديهِ واتبعَ سنتهُ بإِحْسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: 
فمرْحباً بكمْ وأهْلاً وسَهْلاً أيها الإخوةُ والأخواتُ أسألُ اللهَ  العظيمَ ربَّ العرْشِ الكريمِ أنْ يتقبَّلَ مِنَّا ومنكمْ، وأنْ يجعلَ صِيامَنا مَقْبُولاً، وأَنْ يجعلَ قِيامَنا موفورَ الأجرِ والثوابِ منْ ربٍ يعطي علَى القليلِ الكثيرَ.
أَيُّها الإخوةُ والأخواتُ إنَّ اللهَ تعالَى فرضَ علَى المؤمنينَ صِيامَ هَذا الشَّهْرَ، وبيَّنَ لهمُ الأَحْكامَ المتعلِّقَةَ بِهذا الصيامِ، وعرَّفَنا أنَّ الصائمينَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ طعامٍ وشرابٍ وجماعٍ وغيرِ ذلكَ منَ الممْنُوعاتِ الَّتي يُمْنعُ مِنها الصائمُ، إِلا أنهُ ينبغِي أنْ يعْلَمَ أَنَّ تلكَ المفطِّراتِ الَّتِي بيَّنَ اللهُ تعالَى أَحْكامَها، والَّتِي جلَّ في عُلاهُ ما يتصلُ بِها لا تؤثِّرُ إِفْساداً لِلصَّوْمِ إِلَّا في ما إِذا توفَّرَ شُرُوطٌ ثلاثةٌ، بِمعنَى أنَّ الإنْسانَ ممنوعٌ مِنَ الأكْلِ، ممنوعٌ مِنَ الشُّرْبِ، ممنوعٌ مِنَ الجِماعِ في نهارِ رَمضانَ، وهذهِ أُصُولُ المفطراتِ، فإذا وقعَ منهُ أكلٌ أو شربٌ أو جماعٌ وهوَ صائمٌ فإنْ كانَ مُتَعَمِّداً ذاكِراً مُختاراً فلاشكَّ أنهُ يفْسُدُ صومُهُ، ويترتَّبُ عليهِ ما يترتَّبُ عَلَى منْ أَفْسَدَ صوْمَهُ منَ الهلاكِ والعقوبةِ، فَإِذا وقعَ شيْءٌ منْ هذهِ المفطراتِ دُون علمٍ، أوْ دُونَ اخْتيارٍ، أوْ في حالِ النِّسيانِ فَما هوَ الحكمُ؟ الجوابُ: أنهُ لا أَثَر لهذا الفعلِ علَى صحةِ الصيامِ، فلوْ أكلَ وهوَ ناسٍ أوْ جامعَ وهوَ ناسٍ أو شرِبَ وهوَ ناسٍ، فإنَّ هَذا لا يؤثرُ علَى صحةِ صومهِ، تقولُ: ما الدليلُ علَى هَذا؟ الصومُ اختلَّ، لأنَّ الصَّوْمَ حقيقتهُ الإمساكُ عنِ المفطراتِ منْ طلوعِ الفجرِ إلَى غروبِ الشمسِ، وهُنا منْ أكلَ في هذهِ المدةِ فإنهُ لَيْسَ بصائمٍ لأنهُ لم يمسكْ صحَّ أنهُ ناسِي، لكنهُ لم يمسكْ حقيقةً، الجوابُ: أنَّ اللهَ تعالَى منْ رحمتهِ لم يرتِّبِ الحكمَ بالفطرِ علَى النَّاسِي بمعْنَى: أنهُ إِذا أتىَ الإنسانُ وهُوَ ناسِي إذا شربَ وهُوَ ناسِي إذا وقعَ منهُ مفطرٌ منَ المفطِّراتِ وهوَ ناسٍ، فإنهُ لا أثرَ في ذلكَ علَى صيامهِ، والدليلُ قولُ اللهِ جلَّ في علاهُ: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة:286] فإِنَّهُ إذا فعلَ ذلكَ مُخطئاً لا مؤاخذةَ، وليسَ عليهِ ذنبٌ فيما وقعَ منْ أكْلٍ أو شربٍ، وهذا نصٌّ عامٌّ يشملُ كلَّ أحكامِ الشريعةِ، سواءٌ كانَ ذلكَ في الصومِ أوْ في غيرِهِ منَ الأعمالِ، وفي الصومِ علَى وجهِ الخُصوصِ جاءَ في الصحيحِ منْ حديثِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «مَنْ نسيَ وهُوَ صائِمٌ فأكلَ أوْ شربَ فليُتِمَّ صوْمَهُ، فإنَّما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ».
وهذا يبينُ لَنا أنَّ صومهُ لنْ يتعثَّرَ وَلا إثمَ عليهِ فيما وقعَ منهُ لأنهُ قالَ: «فلْيتمَّ صومهُ» فأمرهُ بالإتمامِ، وأبرزُ وأظهرُ دلالةٍ في أنَّ صومهُ سالمٌ وأنهُ لا مؤاخذةَ عليهِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم أضافَ الفعلَ إلَى اللهِ قالَ: «فإنَّما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ» ومَعْنَى هَذا أنَّهُ لا يُؤاخذُ علَى الفِعْلِ، فهذا الإطعامُ وهذا الشربُ، وهذا السقْيُ الذي حصلَ إنَّما هوَ بتقديرِ اللهِ تَعالَى الَّذي لا يؤاخذُ فيهِ الإنسانَ لأنهُ ناسٍ وقدْ رُفعَ القلمُ عنِ الناسي رُفعتِ المؤاخذةُ عنِ الناسِي، وهُنا لا يؤاخذُ بمعْنَى أنَّهُ لا يأثمُ، وأيْضاً لا يُطالبُ بِالإعادةِ علَى القولِ الراجِحِ وهُوَ قوْلُ الجمهُورِ، هُناكَ قولٌ بأنهُ يجبُ أنْ يُعيدَ، لكنَّ الَّذِي عليهِ الجماهيرُ وعامةُ عُلماءِ الأمةِ أنهُ لا يؤثرُ ذلكَ في الصوم فساداً بل صيامه صحيح، ولهذا لا يؤثر الأكل نسياناً بغضِّ النظرِ عنِ النسيانِ هلْ كانَ قَليلاً أوْ كَثيراً بمعنَى أنهُ أكلَ كثيرا أوْ أكلَ قليلا امتدَّتْ مدَّةُ النسْيانِ أوْ لا، لا أثرَ لهذا فصومهُ صحيحٌ لهذا الحديثِ الذي تكلمَ بهِ منْ لا ينطقُ عنِ الهوَى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
إذاً هذا شرطٌ لحصول الفطر بإتيان أحد المفطرات وهو أن يكون الإنسان ذاكراً، فإن كان ناسياً فإنه لا يؤاخذ.
أيَضاً لابدَّ أنْ يكونَ مُختاراً فلوْ كانَ مكرهاً مدْفوعاً علَى فعلٍ مفُطرٍ منَ المفطراتِ، وهوَ غيرُ مختارٍ ولا راغبٍ فنقولُ لهُ: صومكَ صحيحٌ، وهَذا لهُ صورٌ وأمثلةٌ، لكنْ قبلَ أنْ نذكرَ شيئاً منْ صورهِ نذكرُ الدليلَ علَى أنَّ الإنسانَ إذا أكرِهَ علَى شيءٍ فإنهُ لا يؤاخذ بهِ.
أعظمُ ما هُوَ حرمةٌ علَى الناسِ الكفرُ، فهوَ أعظمُ المحرَّماتِ وأكبرُها، ومعَ ذلكَ يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ﴾[النحل:106] وذكرَ اللهُ تعالَى العُقُوبةَ، فاللهُ تَعالَى استثْنَى منَ المؤاخذةِ والعُقُوبةِ المكرَهَ في أَعْظمِ محرَّمٍ وهُوَ الكفرُ وعليهِ فإنَّ جميعَ المحرَّماتِ الممنوعةَ إِذا وقعتْ حالَ الإكراهِ فإنهُ لا يؤاخذُ بذلكَ وَاللهُ تعالَى مطَّلِعٌ علَى القلوبِ والضَّمائرِ يدري يعلمُ جلَّ في علاهُ ما يدورُ في خواطرِ النَّاسِ مَنْ هَوَ عالم منْ هوَ جاهلٌ منْ هوَ مكرهٌ منْ هوَ ناسٍ فيحكمُ سبحانَهُ وبحمدهِ، لكنْ منْ حيثُ الحكمُ التكليفيُّ نحنْ نقولُ للناسِ: إنَّهُ إذا كانَ هَذا صادرٌ عنْ إكراهٍ فلا شَيءَ عليهِ، وعليهِ فإذا أكرهَ الرَّجُلُ امرأتَهُ مَثلاً علىَ الجِماع ِومنعتْهُ ودفعتْهُ وصدَّتْ عنهُ وأكرهَها إِكراهاً لا اختيارَ لَها فِيهِ فإنهُ لا يؤثِّرُ علَى صحَّةِ صوْمِها هوَ صومُهُ فاسدٌ لكنْ هيَ صيامُها لا فسادَ فيهِ وهُوَ صحيحٌ.
من َالأُمُورِ الَّتي ينبغِي أنْ تُلاحظَ في مسألةِ المفسداتِ ومَتَى يُفسدُ؟ أنْ يكونَ عنْ علْمٍ، فلوْ كانَ جاهِلاً بأنَّهُ مُفطرٌ منَ المفطراتِ فإنهُ لا يَفْسُدُ فمنْ أكلَ يظنُّ أنْ الأكْلِ لا يؤثرُِّ، كَما لو أكلَ مَثلاً البرَدَ أو شرِبَ مِنَ قَطْرِ المطرِ ويظنُّ أنهُ لا يؤثِّرُ ولا يفطرُ هَذا فَلا حرجَ عليهِ، بلْ صيامهُ صحيحٌ، وذلكَ لأنهُ جاهلٌ إما بِالحكمِ، أوْ جاهلٌ بالحالِ، وَلا فرقَ بينهُما فإنَّ التكْلِيفَ وَالأَحْكامَ تتبعُ العلمَ، فإذا ثبتَ العلمُ ثبتَ الحكمُ، إِذا لم يكنْ عَلِمَ فَلا حُكْمَ، وَلِهذا لما وقَعَ مِنْ عدِيّ بْنِ حاتمٍ أنْ أكَلَ حتَّى يتبيَّنَ ويسترَ ويرَى ويميِّزَ العِقالَ الأسودَ منَ العِقالِ الأبيضِ ما أمرهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم بالإعادةِ، بلْ جعلَ ذلكَ جارياً علَى الأَصْلِ وهُوَ صِحَّة الصَّوْم لأنَّهُ جهلٌ بالحكمِ فظنَّ أنَّ الفِطْرَ يمتَدُّ إلَى أنْ يُسْترَ بحيثُ أنهُ يميزُ بينَ الخيطِ الأبيضِ منَ الخيطِ الأسْودِ، مَع أنَّ اللهَ تعالَى أرادَ الخيطَ الأبيضَ منَ الخيطِ الأسودِ منَ الفجرِ كَما جاءَ بعدَ ذلكَ البيانُ في قولهِ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[البقرة:187].
وكذلكَ الحكمُ فِيما إِذا جهلَ الحالَ، وهَذا يكثرُ كَثيراً أنْ يفطرَ الناسُ قبلَ الأذانِ مثلاً ظناً منهمْ أنَّ الشَّمسَ قد غربتْ لِسماعِ مؤذِّنٍ أَخْطأَ في وقتِ أذانهِ وبالتالِي فإنهُ يأكلُ بِناءً علَى هَذا الَّذي ظن أنهُ أذانٌ أو ظنَّ أنَّ الشَّمسَ قدْ غربتْ هؤلاءِ نقولُ: صيامهمْ صحيحٌ، وَلا إعادَةَ عليكمْ، لكنْ مَتَى علمتمْ بأنَّ الوقْتَ لمْ يدخُلْ يجبُ عليكمُ الإمساكُ، ودليلُ ذلكَ ما في صحيحِ البخاريِّ مِنْ حدِيثِ أسماءَ بنتِ أَبِي بكرٍ قالتْ: أفطرْنا علَى عهدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في يومِ غيبٍ ثُمَّ طلعتِ الشَّمسُ. ولمْ يؤمَرُوا بِالقضاءِ كَما جاءَ في بعضِ الأَخْبارِ لم يَذْكُرُوا الأمْرَ بِالقضاءِ وَبالتالِي فإنهُ لا قضاءَ علَى الإنسانِ في حالِ الجهْلِ فِيما إِذا كانَ جَهْلاً بالحكمِ أو جَهْلاً بالحالِ.
هذا خلاصةُ ما يتَّصِلُ بِشُروطِ وُقُوعِ الفِطْرِ بإتيانِ شيءٍ منَ المفطِّراتِ: أَنْ يكونَ الإنسانُ عالماً، أنْ يكونَ الإنسانُ ذاكِراً، أنْ يكونَ الإنسانُ مُختاراً.
اللهمَّ إنا نسألكَ عِلْماً نافِعاً وقلْباً خاشِعاً وعمَلاً صالحاً تقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومنكمْ.
وصلَّى اللهُ وسلَّمَ علَى نبيِّنا محمدٍ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94600 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90287 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف